ما إن قلب اليابانيون الطاولة على الألمان في مستهل مشوارهما بكأس العالم، حتى دوّرت حسابات التواصل الاجتماعي مختلف «الميمز» والتغريدات التي تحمل صورة احتجاج المنتخب الألماني، متهكمةً بأن الهزيمة جزاء من يُهمل التركيز على اللعب لصالح السياسة، أو بأن الصورة تمثل لسان حال الألمان إذا ما سُئلوا عن مستواهم بالمباراة.
ما يهمني هنا هو الموقف العام في تلك التغريدات من ازدواجية المعايير في الموقف الأخلاقي المزعوم للمنتخب الألماني. أعني الاحتجاج بالصمت مقارنةً بعواقب الرأي الألماني العام عقب بيان مسعود أوزيل عن العنصرية التي يواجهها، أو عمّا حدث له عقب موقفه من الإيقور، أو ذهاب منتخب ألمانيا الشاب إلى الكيان الصهيوني في 2013 مرتدين قمصانًا تقول إنهم يشعرون وكأنهم في وطنهم.
كانت أغلب التغريدات تشير إلى استخدام الثقافة الغربية «حقوق الإنسان» سلاحًا لترسيخ هيمنتها، حالها حال الخطابات الهوياتية الغربية الأخرى.
على ضوء هذا التسليح، لا يقتصر الأمر على إفراغ حقوق الإنسان من مضامينها، ولا على ملئها بتصورات وتنظيرات غربية تقرر أحقية «قضية ما» في تصدر الصحف العالمية وحشد الأصوات في إلحاحيتها وأولويتها على بقية القضايا الإنسانية. ما يحدث فعلًا هو أن القضايا تُصاغ داخل إطارٍ غربي فيما يتعلق بالمفردات المستخدمة في الحديث عن القضية أو منهجية تحليل معانيها. بعبارة أخرى، لا يصبح للقضية أي قيمة إلا إذا أمكن صياغتها ضمن هرمية أولويات الغرب سياسيًا واقتصاديًا.
وعليه، فإن اختزال احتجاج المنتخب الألماني بكونه يكشف ازدواجية المعايير فقط يعني التسليم ضمنيًّا بمعنى القضية حسب المفاهيم الغربية؛ أي اختزالها بكونها قضية حقيقية (مع أن هذه “الحقيقية” ليست إلا صياغة غربية). ويعني الاختزال أيضًا نسيان أن هنالك أوجهًا أخرى للتفكير بالقضايا خارج النطاق الغربي.
وفي حين شطح البعض بالموضوع قائلين إن فوز اليابان -المستلهم جزئيًّا من انتصار الصقور الخضر– ليس إلا إثباتًا لكون عالم اليوم قد تجاوز أحادية المركزية الغربية، وبات متعدد الأقطاب، إلا أن ذلك يجب ألا يجعلنا نتخلى تمامًا عن حقيقة وجود أوجه متعددة اليوم لفرض حضور الثقافات وتباينها، دون الارتكان لمنظور الغرب الشمولي وتعريفاته عن الحياة الفاضلة.
مقالات أخرى من نشرة أها!
الجديّون هم الخاسرون في كأس العالم
أدعوكم أيها الجديّون إلى متابعة مباريات كأس العالم، ولا تقلقوا، فأنتم لستم بحاجة لفعل أي شيء سوى الجلوس والاستمتاع بالمشاهدة.
أنس الرتوعيلا تعرّف نفسك بإنجازات أصدقائك
أعتقد أن تعريف الأشخاص باهتماماتهم أولى من تعريفهم بمناصبهم الوظيفية التي قد لا تُفيد الآخرين كما نعتقد، أو لربما استقالوا منها البارحة.
أحمد مشرفأنا أنام إذن أنا أفكّر
تعلمت أيضًا درسًا لن أنساه: حين تستفحل المعضلة وتستغلق أبوابها، فالنوم جزءٌ رئيس من أي محاولة لإدراك خيوط حلها.
حسين الإسماعيللا تلغ متابعة من تختلف معه!
لا أريد لوجودي في تويتر أن يكون أشبه بالفقاعة، لذا عدت إلى بعض الحسابات التي ألغيتها، والتي تحتوي على المعلومات التي لا تتوافق مع أفكاري.
بثينة الهذلولكيف تحوِّل تك توك الطيبين الأغراب إلى ضحايا
التدخلات الصغيرة اليومية من الغرباء، مثل تقديم المساعدة، لها تأثير إيجابي. وتذكرنا بأن الطيبين الأغراب لا يزال لهم وجود في حياتنا.
سحر الهاشميضوضاء المقهى تحفّز تفكيرك الإبداعي
يجد البعض تركيزه وزيادة إنتاجيته بالعمل في مستوى معين من الضوضاء. فإذا كنت تنتمي إلى هؤلاء، فأجواء المقهى هي البيئة الإبداعية الأفضل لك.
بثينة الهذلول