كنت مستاءة، وهذا الاستياء حفّز دوامة من المشاعر والمخاوف الدفينة. وهكذا، في طريقي إلى سيارتي، كتبت تغريدة: «ضمن آلاف القرارات الفاشلة اللي أخذتها في حياتي، أكثر قرار ناجح أخذته أني ما تزوجت ولا أنجبت، كنت سأظلمهم وأظلم حالي.» ونشرتها.
وأتفق معك تمامًا، نشرها لم يكن قرارًا حكيمًا.
أصبحت ظاهرة «استعراض الهشاشة النفسية» سمة من سمات التفاعل في وسائل التواصل الاجتماعي. وربما التصقت وصمتها بجيل الألفية المتأخر وجيل زد، حيث تطغى مفاهيم العناية بالذات وحمايتها من «سميّة» الآخرين والحياة، من قبيل: «إذا صعبت الوظيفة استقل، إذا العلاقة لا تريحك اقطعها.»
لكن بصفتي أنتمي إلى جيل الطيبين الشهير «بقوة عزيمته»، فالهشاشة لا تقتصر على الجيل الحالي الذي يصغرني بعشرين عامًا، بل قد نكون نحن أكثر هشاشة. فنحن قضينا نصف عمرنا الأول في ظل مجتمع يصم أي علّة تتعلق بالصحة النفسية إما بالجنون أو التلبّس أو الحسد، أو حتى الدلع ونكران النعمة والابتعاد عن الدين، ما يعني أنَّنا الجيل الذي احترف الكبت.
إلا أنَّ مشاركة التجارب الشخصية النفسية في وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دورًا في الانفتاح المجتمعي على النقاش، وشجعتنا على تقبل فكرة العلاج النفسي. لكنها أيضًا منحتنا مساحة تفاعلية تؤلبنا أحيانًا على أنفسنا، وتشجعنا على «استعراض الهشاشة النفسيّة» أمام الغريب قبل القريب.
الهدف بالطبع نيل التعاطف، تبرير حزنك في تلك اللحظة وعدم إنكاره، تفادي اكتشاف مبالغتك في تقدير هذا الحزن، كما الأطفال. فالنضج يتطلب منك ألا تنجرف في الدوامات العاطفية دونما تمحيص في جذورها، وهو ما تفعله في عزلة المساحة الآمنة لدى المعالج النفسي.
إن ذهبت يومًا إلى معالج نفسي، ستلاحظ أنك مهما كنت منفعلًا، ومهما بدا كلامك غير منطقي، الملامح على وجهه خاوية من أي ردة فعل. لن يبكي معك، لن يغضب عليك، لن يتفاجأ، لن يستنكر ولن يؤيد. هذا الحياد العاطفي يجبرك على التعامل فقط مع عواطفك دونما علاقة بعواطف الآخر، مما سيسمح لك باستكشافها. وبعد أن تفرغ من الإفصاح عن مكنون النفس، بنبرة هادئة ومحايدة سيطرح المعالج عليك سؤالًا، متوقعًا جوابًا ناضجًا بعد أن انتزعت الدوامة العاطفية من صدرك.
ما يجعل تغريدتي «استعراضًا لهشاشة لحظيّة» وليس مشاركة عقلانية وعميقة لتجربة نفسية أنّها كُتبت في لحظة ممزوجة من الضعف والغضب، وبالإفصاح عنها ثبّتها بمسمار. فتحت الباب للآلاف -من ضمنهم عائلتي وأصدقائي ورفاق عملي- على مساحة كان يفترض بها أن تكون آمنة مع معالجي النفسي، ويسترقوا النظر إليّ في لحظة هشاشتي العابرة.
مقالات أخرى من نشرة أها!
تصنُّع لنكدإن لا يُطاق
حتى لو كانت لنكدإن مكانًا آمنًا للمهنية، لن أرجع إلى تصفحها؛ فهي تفتقر إلى أهم عنصر لأي منصة تواصل اجتماعي.
رويحة عبدالربما يتمناه المثقف من إيلون ماسك
إن كان إيلون ماسك مصرًا على تركيب الشرائح في أدمغتنا، أتمنى أن تكون الترجمة الفورية سمعًا وبصرًا وكلامًا هي التطور التقني القادم.
حسين الإسماعيلأبل باي تحرمك «الكنسلة»
يكمن سر تميّز أبل باي في توفيرها ميزتيْ الأمان والسرعة في آن واحد. فهل كنت تتخيل خروجك من المنزل دون حملك النقود أو بطاقة بلاستيكية للدفع؟
تركي القحطانيمعنى الانتماء الطبقي للأبطال الخارقين
أتذكر التعقيب الساخر الذي قرأته في ورقة بحثية حول هيمنة أفلام الأبطال الخارقين على الإيرادات؛ بأنها تعكس رغبة الشعب الأمريكي بإنقاذه.
حسين الإسماعيللسنا مسؤولين عن الشركات اللاأخلاقيّة
علينا معاينة الأمور عن كثب بغية التحقق ما إذا كنا بالفعل مسؤولين أفرادًا، أم أنَّ أنظارنا تُصرف عن الآليات المؤسساتية المبطنة اللاأخلاقية.
حسين الإسماعيلتأملات في الانتقال الآني
ما بين تفكيكك وإعادة تركيبك، هل يُعد موتًا يليه بعث؟ وهل يضمن الانتقال الآني إعادة تكوين الروح؟ أمامنا الكثير حتى يتحقق هذا الخيال العلمي.
أشرف فقيه