اكتب «قبل الحذف» في خانة البحث على يوتيوب، وستجد آلاف النتائج التي لا تزال حتى اليوم تنعم بملايين المشاهدات، والتي ستستمر على الأرجح مرفوعةً ومصانةً بلا حذف. فإدراج هاتين المفردتين كفيل بخلق نوع من الإلحاح يُشعر قارئهما بضرورة ألا يفوت على نفسه ما سيزول قريبًا. وحينما تُضاف إليهما «فضيحة» أو «عاجل»، يصبح العنوان وصفة سحرية لجذب القراء أو المشاهدين.
إن التأمل في هذه الظاهرة كفيل بكشف التلازم بينها وبين الكم الهائل للمحتوى الذي نتعرض له يوميًا. ففيض المحتوى يجعل من المستحيل تخصيص وقت لكل ما فيه، مما يحتم علينا ممارسة الانتقائية في اختيار ما نطالعه ضمن ازدحام جداولنا.
ولذا يتبنى صنّاع المواد مختلف الاستراتيجيات في سبيل نيل تلك الفرصة، سواء أتمثلت في صياغة عناوين جذابة، أم التركيز على الكلمات المفتاحية، أم دراسة عرض المحتوى وتسويقه بمعزل عما ينطوي عليه. ومنتهى الغاية من ذلك أن تنجح المادة في البروز أمام ناظرنا من بين الأخريات.
وفي حين تبدو هذه الاستراتيجيات بديهيةً لي اليوم، فقد كانت غائبة تمامًا عن ذهني قبل بضع سنين، وتشبثت حينها بنصيحة ساذجة مفادها أن «المحتوى الجيد يسوق نفسه بنفسه». آمنت بقدسية الكتابة وضرورة ألا أخضعها لقوانين السوق، وأوليت عالم الأفكار أولويةً تهيمن على الطرح والصياغة والمراجعة.
ليس الأمر أني ما عدت أهتم بتلك الأمور الآن، إنما أصبح هناك أبعادٌ رقمية لا يمكن تجاهلها، أبعادٌ تستحضر أهمية التغيرات الطارئة على الكتابة وأسسها في عالم ما-بعد-السوشال-ميديا.
ولأني أكتب هذه السطور عالمًا أنها ستصل لمشتركي نشرة أها!، فذلك يمنحني مساحة أكبر نسبيًا تعفيني من الإشارة لأي فضائح أو أخبار عاجلة تثير فضول القراء أو رغباتهم الملحة. لكني أدرك أيضًا أن ذلك لا يعني إغفال الدروس التي تعلمتها من ضرورة الممازجة ما بين عنوانٍ جاذب لفتح النشرة وبين المحتوى المقبول.
لكني في الحقيقة سأظل أحسدُ الكتاب الذين عاشوا قبل بضعة قرون، حين كان بإمكانهم اختيار عناوين واضحة تشير لكل ما ستدور حوله كتاباتهم. بالله عليكم، أولن يسهل الأمر على الجميع لو كان عنوان تدوينتي اليوم على غرار العنوان الأصلي لرواية دانييل ديفو!
مقالات أخرى من نشرة أها!
كل مرة تسأل «جي بي تي» أنت تحرق البيئة
تعريضنا البيئة للحرق لأجل طرح سؤال سخيف على شات جي بي تي يعني أننا حوّلنا الذكاء الاصطناعي من أداة تخفض البصمة الكربونية إلى أداة ترفعها.
ياسمين عبداللهالذكاء الاصطناعي شريكك الإبداعي
نحن نتعامل بتشاؤم مع كل خبر عن برامج الذكاء الاصطناعي، وننسى أنَّ الذكاء الاصطناعي في النهاية امتدادٌ لذكائنا البشريّ.
إيمان أسعدتويتر يقلِّد عين حائل
بعد أن كانت وسيطًا محايدًا، تخطو منصات ميتا وتويتر وقوقل نحو تحمُّل مسؤولية مجتمعية، لكن إلى أي حد سيقبل عملاء تلك المنصات بهذا التحوُّل؟
مازن العتيبياقتلني ولا تسبّني
قد تكون هذه القوانين سلاحًا ذا حدين (أو أكثر). فقد تستخدم من أجل تكميم الأفواه وصد محاولات نقد أي من الشخصيات المشهورة أو الشركات.
ثمود بن محفوظالحياة القصيرة السريعة
مع ازدياد انغماسنا في الشبكات الاجتماعية تمر علينا الحياة القصيرة بسرعة، نكاد معها نفوت فرصة منح وقتنا لمن نحب وما نريد أن نحقق.
عبدالرحمن أبومالحمعضلتنا مع الناقد المسرحي المنفجع
يحاول المنفجعون والمتلبسون عباءة النقد أن يسيّروا صناعة كاملة بحسب لحظتهم المعرفية. يتعرَّف إلى لون جديد ويطالب الصناعة بأن تنصاع لفجعته.
حسين الضو