لا أحسن وصف الوجوه بدقة. هذا العائق الإبداعي، والذي بإمكاني «التفلسف» وتبريره برغبتي في إدخال القارئ إلى غرف معتمة لا يتبين فيها أشكال الشخصيات، هو في الواقع عيبٌ أعانيه شخصيًّا. فأنا لا أحسن تذكّر الوجوه، ولا وصفها.
خطر لي هذا العائق وأنا أقرأ تحسّر العزيز ثمود على استطاعتي إيجاد عمل كمنتجة أفلام حتى لو سيطر الذكاء الاصطناعي على العملية الإنتاجية بأكملها، لأنَّ دالي و«ميك أ فيديو» (Make-A-Video) وغيرها من برامج توليد الصور الثابتة والمتحركة تحتاج في النهاية إلى «نص» تنطلق منه. والخاطر: لماذا لا أستفيد من الذكاء الاصطناعي في رؤية شخصياتي، وبالتالي وصفها؟
فنحن نتعامل بتشاؤم مع كل خبر عن برامج الذكاء الاصطناعي المولدة للنصوص والصور؛ أنها ستطرد الإنسان من ملكوته الإبداعي. وننسى أنَّ الذكاء الاصطناعي في النهاية امتدادٌ لذكائنا البشريّ، ومحدودٌ بما يعرفه عنّا.
خذ مثالًا هذه التجربة البشريّة للطاهية بريا كرشنا مع أحدث منتجات الذكاء الاصطناعي من شركة «أوبن إيه آي» (OpenAI) -ذاتها صاحبة «دالي»- في إعداد وليمة «يوم الشكر» (Thanks Giving). فالشركة تدرّب نموذج (GPT-3) يكتب لك وصفات طهي جديدة. بل ويؤلف -نيابةً عنك- قصص مختلقة عن كل وصفة، حتى تعيش دور «وصفة الجدّات»، أو تتقمص الطاهي القصصي أنتوني بوردين حتى لو لم تسافر يومًا في حياتك.
كل ما كان على الطاهية فعله، إدخال نص يتضمن معلومات شخصية عنها، والمكونات والأطعمة التي تفضّلها، ومناسبة الوليمة. واعتمادًا على النص، سيولّد البرنامج عدة وصفات جديدة اعتمادًا على قاعدة البيانات التي جمعها من ملايين الوصفات في عالم الإنترنت. من أبرز نتائج هذه التجربة، أنَّ البرنامج التقط من النص هويتها «الهنديّة» وأغرق الوصفات بالبهارات الحارة والزنجبيل من غير داعٍ، واعتمد في وصفة «الحشو» على خبز النان.
كان واضحًا مع نهاية التجربة افتقاد الذكاء الاصطناعي إلى «الخبرة البشريّة» في عالم المطبخ، وأنَّ هناك حدودًا لمخيلته الشاسعة، كما ثبت في انطلاقه من نص «أنا هنديّة». لكن في الوقت ذاته، لا تنكر الطاهية أنَّ بعضًا من تلك المقترحات ما كانت لتخطر على بالها، ما يفتح مسارًا إبداعيًّا جديدًا.
لن يأخذ الذكاء الاصطناعي مكاننا كمبدعين، لكن سيكون شريكنا الذي يساعدنا على بلوغ درجة أعلى من الإبداع. لهذا لن أمانع الاستعانة بدالي في كتابة روايتي القادمة، لنفوز أنا وهو مناصفةً بجائزة البوكر للرواية، ونقهر ثمود 😁.
مقالات أخرى من نشرة أها!
الحل اليدويّ في زمن التطبيقات
جرّبت العديد من التطبيقات لتساعدني على أتمتة مهمة الترتيب، ووجدتُ في كل منها تحديات. وكان الحل الذي يطلب جهدًا يدويًا مني أفضل.
رويحة عبدالربكيف نتعامل مع أخبار الكوارث المفجعة
حتى نلتقط أنفاسنا من دوامة الأخبار السلبية، ينبغي لنا أولًا أن نقنن من تعرضنا لها ونطبق ما يُعرف بـ«حمية منصات التواصل».
أنس الرتوعيلا تنجرف وراء الاستقالة 🤐
ظاهريًّا، قد تقيك الاستقالة الصامتة من الآثار السلبية للتوتر ومن الإنتاجية السامة، إلا أنَّ لها تأثيرًا سلبيًّا عليك.
بثينة الهذلولتجرأ وكن سيئًا
حكاية الهاكاثون قصة فشل لن يذكرها أحد غيري، ورغم ذلك فقد تعلّمت الكثير من هذه المشاركة التي كانت بعيدة جدًا عمّا اعتدته.
رويحة عبدالرب«المنيماليزم» ترفٌ لا يمتلكه الجميع
في حين يدرك المتخففون مدى تغلغل الاستهلاكية في كل تفاصيل حياتنا، تتوجه أصابع اللوم دائمًا لمن لا يستطيع مقاومة المد الاستهلاكي.
حسين الإسماعيلكيف تميز القارئ المبتدئ من بين ألف قارئ؟
مثلما أن القراءة عن تاريخ رياضة السباحة لن يجعلك سباحًا ماهرًا، فإن القراءة عن الفلسفة والفكر لن تجعلك فيلسوفًا.
حسين الإسماعيل