التقيت بزميلة لي لم أرها منذ مدة طويلة، وتطرقنا إلى الحديث عن الوظيفة. توقعت أنّي سأسمع تذمّر الموظفين من ضغوط العمل؛ لكن زميلتي اشتكت من قلة العمل في منشأة خاصة.
كانت تقضي ثمان ساعات يوميًّا، ولا تعمل منها سوى ثلاث ساعات. قد تكون مشكلة قلة العمل مغرية بالنسبة لك؛ لكن، وكما وصفت صديقتي حالها الوظيفي، قضاء ساعات طويلة في مكان العمل، دون مهام تشغلها، هو أشبه بحلقة مفرغة من «البطالة الخفيّة» (Invisible Unemployment).
وتُعد «البطالة الخفيّة» فرعًا من فروع «البطالة المقنّعة»، فبينما يُقصد بالبطالة المقنعة وجود موظفين زائدين على حاجة مكان العمل، والمرتبط غالبًا بالمؤسسات الحكوميّة، فالبطالة الخفية يُقصد بها وجود موظفين يعملون في وظائف أقل من مؤهلاتهم ومهاراتهم؛ ما يعني انخفاض إنتاجيتهم الحقيقية.
وتتعدد الأسباب التي تجبر الموظف على العمل في وظيفة أقل من مؤهلاته، ومن أهم تلك الأسباب فترات الكساد والركود الاقتصادي، إذ يتناقص عدد الوظائف الشاغرة في سوق العمل. أمَّا اليوم، يساهم التقدم التقني، في الأتمتة والتطبيقات، في انكماش عدد الوظائف الأوليّة المخصصة لحديثي التخرج، مثل موظفي الصرافة في البنوك، والتي كانت مدخلًا لاكتساب الخبرة، وللارتقاء في السلم الوظيفي.
فإن كنت تعيش حالة «البطالة الخفيّة» فانتبه إلى تأثيرها السلبيّ عليك، وأشدّها عدم وجود الفرصة لتطوير مهاراتك. وستشعر بهذا التأثير حين تتقدم إلى وظائف أخرى، فتظهر قلة مهامك وخبرتك العمليّة، وعدم استخدامك لمؤهلاتك في وظيفتك الحاليّة بشكلٍ كافٍ. وحتى تتغلب على هذه العقبة، إليك بعض الاستراتيجيات.
أضف المهارات التي تدرّبت عليها مسبقًا، أو لديك خبرة بها، في سيرتك الذاتية، حتى وإن كنت لا تستخدمها في وظيفتك الحالية. عزّز كذلك فرص توظيفك في منشآت مختلفة تحتاجك حقًّا. قد يكون ذلك بالحصول على شهادات مهنية، إذ توفر جامعات مختلفة من العالم دورات تدريبية عن بعد من في عدد من المجالات. فإذا رغبت مثلًا في تطوير مهاراتك في البرمجة، يوفر لك موقع «أوداسيتي» (Udacity) العديد من دورات البرمجة والتطوير.
ومن المهم كذلك تسويق نفسك في سوق العمل عن طريق الشبكات الاجتماعيّة، مثل لنكدإن، وحتى في تويتر وإنستقرام، حتى تُتاح لك الفرصة لتعزيز شبكة العلاقات المهنية.
كل تلك الساعات المهدرة والطاقة المكبوتة في الوظيفة استغلّها في التحرّر من حلقة «البطالة الخفيّة» المفرغة، حتى يأتي اليوم الذي تشتكي فيه إلى أصدقائك -ما إن تلتقيهم- من كثرة العمل.
مقالات أخرى من نشرة أها!
البحث عن صديق في زمن التواصل الاجتماعي
في زمن يدفعنا للبحث عن متابعين أكثر من الأصدقاء، ربما يجدر بنا أولًا معرفة الحاجة لكِلا الاثنين ودورهما في حياتنا.
أحمد مشرفوما الحياة سوى سعرات حرارية
العامل الرئيس في تحسين أسلوب حياتي عمومًا كان مُدركات الدائرة الحمراء في ساعة أبل والسعرات المستترة من حولي.
حسين الإسماعيلأبواب الفشل تقودك إلى النجاح
في عدد اليوم، نشارك تجربة القارئين سارة الجريسي ومهند السروجي مع الفشل، لأنَّ قصص الفشل تستحق أن تروى. كما قالت رويحة عبد الرب.
إيمان أسعدمحفل ثقافي أم ترزّز اجتماعي؟
في المحافل الثقافية مثل معرض الكتاب ومهرجان الأفلام، يكون الموضوع الرئيس -الكتاب أو الفلم- مجرد قناة ومعبر للحديث عن رأس المال الاجتماعي.
حسين الضوشهادتك الجامعية لا تنفعك
تروِّج الكثير من منصات التعليم التقنية إلى قيمة شهادتها العالية في التوظيف مقارنةً بالشهادة الجامعية، والمشكلة أنَّ ترويجها قد يكون صحيحًا.
ثمود بن محفوظ«إيرتاق» والوجه المظلم للتقنية
أصبح من واجبنا -نحن الأفراد- إدراكُ الاحتمالية الدائمة بتضمُّن كل تقنية جديدة تخدمنا أبعادًا قد تغيب عن أغراضها المباشرة.
حسين الإسماعيل