أمرُّ هذه الأيام بالأزمة السنوية التي تعقب انتهاء معرض الرياض للكتاب، وتفقّدي رصيدي البنكي. وما إن ينفطر قلبي على الفارق الكبير بين ميزانيّتي الأوليّة ومشترياتي، أبدأ التفكير مجددًا بالحل البسيط ظاهريًا: الرضوخ للقراءة الإلكترونية.
لكني بمجرد التأمل في تجاربي السابقة الفاشلة، أجدني أتساءل عن جدوى هذا الحل. فلو كان هدفي تختيم الكتب وحسب، لما ترددت لحظة في الانتقال كليًا للقراءة من على الشاشة. لكن بما أنَّ القراءة تمثّل لي لبنة بناءٍ تتعدى غايتها الكتب، فمن الضروري محاولة جعل البناء متينًا بكل وسيلة ممكنة، وهو الأمر الذي يصعب عليّ القيام به إذا ما اقتصرتُ على قراءةٍ سرعان ما أنسى حيثياتها.
فأنا نشأت على الطريقة التقليدية في التعلُّم الورقيّ، وبالتالي اعتدتُ على ربط التركيز بالقراءة والكتابة باستخدام الورقة والقلم. وعلى الغرار نفسه، ارتبطت الشاشات منذ صغري بالمتعة المؤقتة السريعة. ولم تفلح محاولاتي في إقناع دماغي بأنَّ القراءة من على الشاشة ليست مؤقتة وسريعة.
وحتى وقت قريب، تمثَّل الخيار لديّ بين اقتناء جهاز صغير شاشته كالورق، أو جهاز بشاشة (LCD) أكبر حجمًا. أي الاختيار بين سهولة التنقل بجهاز ذي بطارية طويلة الأمد لكن لا يتيح لي رؤية الصفحات كاملة، وجهازٍ يمثل النقيض من كل ذلك لكن على حساب صحة عينيّ وحاجتي لشحنه يوميًا.
أقول «حتى وقتٍ قريب» عطفًا على نزول أجهزة قراءة لوحية استطاعت الممازجة بين الشعور الورقي للشاشة والحجم المناسب، إضافةً إلى تقديمها قلم حبر إلكتروني، مثل أجهزة «ريماركبل» (reMarkable) و«سوبرنوت» (Supernote)، واقتحام أمازون مؤخرًا هذا السوق بجهازها «كندل سكرايب» (Kindle Scribe).
أعترف أن تجربتي مع الريماركبل جيدة، وصرت أرى الانتقال للقراءة الإلكترو-ورقية ممكنًا جدًا. لا سيما مع انتشار مواقع مثل «أرشيف» (Archive) و«قوتنبرق» (Project Gutenberg) التي توفر مئات الآلاف من الكتب المتاحة على النطاق العام، وسهولة نقل الملفات والملاحظات من الجهاز وإليه.
مع ذلك، ثمة مشكلة لا تزال عصية على الحل. وليست المشكلة أنَّ القراءة الإلكترو-ورقية أفقدتني الإحساس بالورق وروائح الكتب وغيرها من خرابيط الرَّمنسة، بل أنها حتى الآن لا تصلح لجميع أنواع القراءة. ففي حين لا أعاني عمومًا من مشاكل في قراءة الأبحاث أو النصوص الأدبية، أجدني أنزعج متى اضطررت بين الحين والآخر للخروج من الصفحة التي أقرؤها إلى صفحة المراجع.
لا يزال الوقت مبكرًا للحكم على آثار القراءة الإلكترو-ورقية قياسًا على القراءة الورقية، لكنّي للمرة الأولى قادرٌ على التعاطي مع القراءة اللوحية بشكل حقيقي متكامل مع قراءاتي، وبشكلٍ قد ينقذ رصيدي البنكي بعد معارض الكتاب.
مقالات أخرى من نشرة أها!
التطوُّر يزداد والاكتئاب يزداد
نعيش عصرًا تصبح فيه الحياة أسهل كلَّ يوم، مع ذلك نشهد ارتفاعًا غير مسبوق في نسب الاكتئاب. وكأنَّ الإنسان ضاقت به الحياة بكلِّ تقنياتها.
تركي القحطانينازيّون بطبعنا!
اللاجئون والمشردون الذين حرمتهم الحروب من حياتهم، لم يشاركوا في قرار الحرب، لا يريدونها ولا يتمنونها، لكنهم وحدهم من يدفع ثمنها.
عبدالله المزهرالتجلي لا يحقق الأمنيات
لا أُنكر أن بعض مفاهيم تطوير الذات فعّالة، مثل تغيير عاداتنا للأفضل. لكن ذلك لا يعني أن مجرد تفكّري في سيارة سيجعلها تتجلَّى.
رويحة عبدالربهل حياتك قائمة مهام؟
ظلّت عادة كتابة القائمة تلازمني حتى بعد تخرجي واستكمال وظيفتي في مقر الشركة، حيث زاد عدد الطلبات التي كنتُ أستقبلها يوميًا.
رويحة عبدالربحتى تواصل أدمغتنا الجري
عادت أدمغتنا للتعلُّم المستمر، لا التعلُّم فقط عن البتكوين وتسلا، بل حتى التعلُّم الاجتماعي، والتعلُّم المهاريّ لاستخدام التطبيقات. كأننا عدنا إلى المدرسة!
إيمان أسعد«المنيماليزم» ترفٌ لا يمتلكه الجميع
في حين يدرك المتخففون مدى تغلغل الاستهلاكية في كل تفاصيل حياتنا، تتوجه أصابع اللوم دائمًا لمن لا يستطيع مقاومة المد الاستهلاكي.
حسين الإسماعيل