أحب أن أتخيل نهاية يومي بروتين هادئ قبل النوم: أغيّر ملابسي، وأقرأ كتابًا، وأشرب كوبًا من شاي البابونج، ثم أخلد إلى النوم. لكن ما يحدث في الواقع يختلف عن هذه الصورة المتخيلة في عقلي، فأغلب أيامي تنتهي بتصفحي على إنستقرام أو يوتيوب.
كنت أظن أن مشاهدة ما فاتني خلال اليوم استرخاءٌ أكافئ به نفسي، فالتصفح غير الواعي مجرّد تحريك إصبع وتلقٍّ خامل. فأشعر بأني خصصتُ وقتًا لي أنا بعد أن أعطيته لغيري طوال اليوم، لأستمتع بشيء من حرية الاختيار، وإن كان ذلك على حساب نومي.
لكن ما يحدث بالفعل ليس استرخاء، بل ظاهرة سُمّيت «المماطلة في وقت النوم للانتقام» (revenge bedtime procrastination). ظهر هذا المصطلح لأول مرة عام 2014 لوصف من يماطلون وقت النوم وهم واعون لآثارها، ويقضون الوقت في التصفح على أجهزتهم. وأضيفت كلمة «الانتقام» إلى المصطلح لاحقًا من عبارة صينية ذُكرت في تغريدة عام 2020 لتعيد إلقاء الضوء على الظاهرة وتثير نقاشات جديدة حولها.
قد تبدو مماطلة النوم انتقامًا لاستعادة الوقت الذي «ضاع» خلال اليوم، لكنه في الحقيقة فشل في التنظيم الذاتي. فبدلًا من إدارة وقتي أثناء اليوم، أجد أني اخترتُ ساعات أقل من النوم طوعًا رغم معرفتي لأضرار ذلك.
فنتيجةً لـ«مماطلتي الانتقامية» للنوم، كنت أستيقظ وما رأيته على إنستقرام لا يزال متطايرًا في مخيلتي. كما كنت أجد تركيزي منخفضًا خلال اليوم، كأن أنسى طبخة على النار فتحترق، أو أشعر بالنعاس أثناء محاضراتي. كانت الصعوبة في إدارة مشاعري من الأضرار أيضًا، فكنت أشعر بانزعاج وغضب حتى تجاه أمور تافهة.
لكن مجرّد معرفتي تلك الحقائق لم تكن كافية لكسر عادة مماطلة النوم، فقد احتجتُ إلى إعادة النظر في روتيني اليومي، وتخصيص وقت أقضيه مع نفسي نهارًا لأستمتع بما أحب بعيدًا عن وقت النوم. كما كان «تفريغ الدماغ» (brain dump) أحد الحلول التي ساعدتني في تهدئة جسدي وذهني قبل النوم، حيث آخذ دفترًا وقلمًا وأكتب كل ما تحمله جعبتي من أفكار لكي لا آخذها معي إلى السرير.
بعد التزامي بتدوين أفكاري المبعثرة والنظر في آثار ليلة منتهية بتصفح الجوال، اكتشفت أن مماطلة النوم لا يُكسبني اليوم الذي ضاع مني، وليس فيه انتقام من عملي أو دراستي أو عائلتي التي «سلبت» وقتي مني. فأنا المتضررة الأولى من هذا الانتقام، إذ سمحت لإنستقرام ويوتيوب أن يسلبا من نومي ظنًا بأن ذلك استرخاء.
وباستعادة نومي أستطيع الاستيقاظ بذهن صاف مستعد لمواجهة يوم جديد، فيكون نومي انتقامًا مستحقًّا من تصفّح الجوال.
مقالات أخرى من نشرة أها!
نشرة أها! ترحّب بانضمام أوكتافيو الاصطناعي
«جي بي تي» لا يكتب بالفطرة، ولا يكتب انطلاقًا من تجربة شخصية. هو يتغذى على مجموع ما كتبناه نحن البشر في الإنترنت.
إيمان أسعدأخلاقيات الآلة المقاتلة
يظلُّ السؤال عن إطار الآلة المقاتلة الأخلاقي في زمن الحرب قائمًا. هل ستهدم كل المستشفيات؟ هل ستفرق بين الرجال والنساء؟ هل ستستهدف المدارس؟
أشرف فقيهفلنزرع الأرض بيكمن
في إعلان لعبة «بيكمن»، يظهر اللاعبون وهم يتجولون بنشاط في الأرجاء يزرعون بذور نباتات جميلة ويتعرفون على أصدقاء جدد. لكن الواقع غير هذا.
مازن العتيبيالخير في استئجارك البيت أم التملّك؟
في صراعات تويتر والمجالس، الكل يطرح السؤال المحيّر والكل يفتي بالجواب: أيهما أفضل؛ استئجار البيت أو تملّكه؟
تركي القحطانيأنا أفكِّر خارج الصندوق، إذن أنا تيس
إن كنت يومًا «التيس الغريب» في مجموعتك فأنت تعرف تمامًا أنَّ الحافز الحقيقي هنا هو إثبات جدارتك أمام مجموعة لا تراك تنتمي إليها.
إيمان أسعدكيف تخسر كل مالك في الأسهم؟
الأصل في الربح السريع هو الزوال السريع، فالأشياء العظيمة تستغرق وقتًا. لهذا إذا تداولت، فتداول بمالك ولو قل، وعليك بالصبر ثم الصبر.
تركي القحطاني