أنا الآن في الطائرة، عائدٌ إلى الرياض بعد إجازتي السنوية التي حاولت فيها أن أبتعد عن كل ما هو روتيني. وأثناء تخطيطي لهذه الرحلة، رأيت مئات الصور للوجهات التي سأذهب إليها. وفي كل يوم كنت أختار مسبقًا مطعمًا للفطور أو العشاء بعد استشارة خرائط قوقل ورؤية الانطباعات والتقييمات والتفاصيل.
هكذا، كلما زرت مكانًا -أو رأيت طبقًا- لأول مرة فإنها لا تكون أول مرة، لأني غالبًا رأيته أثناء بحثي. وهنا أسأل نفسي: كيف ستكون التجربة لو أنني فعلًا لم أره إلا تلك المرة؟
أعلم أنه لولا التقنية لما كانت رحلتي بهذا التنظيم والتنوع، لكني في المقابل أشعر بخسارتي لجزء من عمق التجربة. فمن طبيعة الدهشة أنها تتطلب قدرًا من الجهل، من الغيبية، من عدم الوضوح، حتى إذا تجلّى أمامك ما كنتَ تتطلع إلى رؤيته، اندهشت.
تخيّل معي الآن لو أنَّ كل شيء غامض تجهله يكون على بعد ثوانٍ من البحث فقط. حينها سيتبخر فينا شعور الدهشة الحقيقي والكامل.
يقول كافكا «من يحتفظ بالقدرة على مشاهدة الجمال، لا يشيخ أبدًا.» وهذا يدفعني إلى التساؤل إن كان بيدنا أيضًا المحافظة على فعل الدهشة ليكون إراديًا مقصودًا لذاته. بمعنى أن نستحضر أبعاد ما نراه بوعي عالٍ حتى نعيش شعور الدهشة هذا.
لكن أليس هذا مناقضًا لشعور الدهشة المفاجئ والعفويّ في طبيعته؟ربما، غير أنّي لم أجد حلًّا آخرًا بعد.
استحضار الدهشة هذا سيغدو أصعب وأصعب. فماذا لو أصبح بمقدور التقنية أن تشاركك رائحة عطرٍ ما في إعلاناتها؟ أو مذاق طبق في صفحة المطعم الجديد الذي تود زيارته؟ ماذا لو تسارع تطوّر متافيرس لترى كل ما ستراه في برشلونة دون الحاجة إلى السفر حقيقة إليها؟
بل ماذا لو خلقت متافيرس مدينة هي أجمل وأنسب لاحتياجاتك من كل المدن الحقيقية التي لن تخلو من العيوب والسلبيات.
بدون شعور الدهشة لن نرى ما خلف السور، لن نعيش لحظاتنا الطفولية في تجربة شيء ما لأول مرة. إذ كيف تبحث في قوقل عن شعور المشي مع الجموع في تقاطعات منهاتن؟ أو انزعاجك من خطئك في رحلة مترو؟ أو تفويتك رحلة طيران وأنت في قمة إرهاقك وتضجرك؟
من غير شعور الدهشة الخالص لا نعيش حياةً كاملة، فمن سيحفظ حقنا المشروع في الدهشة من يد التقنية؟
مقالات أخرى من نشرة أها!
رتّب مكانك خارج التطبيقات
من يحرص على ترتيب مكانه أكثر جدوى في تنظيمه لمشاعره وأفكاره وأعماله. وهذا النوع من التنظيم لا يحتاج إلى تطبيقات إلكترونية خارقة.
أحمد مشرفضوضاء المقهى تحفّز تفكيرك الإبداعي
يجد البعض تركيزه وزيادة إنتاجيته بالعمل في مستوى معين من الضوضاء. فإذا كنت تنتمي إلى هؤلاء، فأجواء المقهى هي البيئة الإبداعية الأفضل لك.
بثينة الهذلولترصّد أصدقائك في إنستقرام لا ينفعك
تشير دراسات إلى أن الاستخدام السلبي لمنصات التواصل الاجتماعي قد يؤدّي إلى ارتفاع خطر الاكتئاب، إضافةً إلى «الخوف من التفويت» (FOMO).
رويحة عبدالربلماذا تبدأ يومك بخبر سيء؟
الرسائل السلبية في وسائل التواصل تجلب انتباهًا أكبر ومشاهدات أكثر من الرسائل الإيجابية، فعقولنا تلتفت للمعاناة أكثر من الفرح.
تركي القحطانيرصيدي البنكي يحوّلني للقراءة الإلكترو-ورقيّة
أنا نشأت على الطريقة التقليدية في التعلُّم الورقيّ، ولم تفلح محاولاتي في إقناع دماغي بأنَّ القراءة من على الشاشة ليست مؤقتة وسريعة.
حسين الإسماعيلعجوز عشرينية أمام لغة جيل زد
كنتُ أرى سنوات العشرينات ريعان الشباب من عمر أي شخص، لكن حضور الجيل زد الإنترنتيّ غيّر من ذلك. وجعلنا نحن مسنين مقارنةً بهم.
رويحة عبدالرب