منذ انقضى آخر أيام رمضان، بدأت رحلتي السنوية الشاقة في استعادة روتيني الذي كنت عليه قبيل حلول الشهر الكريم.
تبدأ محاولة الاستعادة بضبط ساعات النوم وفق الدوام الصباحي بعدما اضطررت لمزاولة مناوبة عمل رمضانية تبدأ مع المغرب وتنتهي بطلوع الشمس، عطفًا على ما تنطوي عليه المحاولة من تقليل ساعات النوم وجرعات الكافيين وتحمُّل نوبات الصداع المتذبذبة. فيصبح لزامًا عليّ موازنة مخزون طاقتي المتوفرة مع الذهاب للنادي والقراءة والكتابة وغيرها من الممارسات والمسؤوليات.
ما إن تستقيم الأمور مجددًا حتى أجد نفسي ممتنًا للروتين وللجدول المنتظم (نسبيًا)، ومعاديًا لأي اختلال جذري في طريقة ترتّب أموري.
لو مرت السطور أعلاه عليّ قبل عشرة أعوام لاستنكرت هذه الرتابة هازئًا، ولأسهبت في مدح التغيير بوصفه أصل الحياة ونكتارها، ولأطنبت في تعداد ميزات الانعتاق من قيود الروتين. إذ بدا لي التغيير آنذاك مضادًا للعادة، وكان ثمة تلازم في ذهني بين الجديد والأفضل.
لذا لم يكن من الصعب علي أن أجد نفسي أمارس هوايات جديدة كليًا وأتعلم مهاراتها من الصفر، سواء كانت العزف على البيانو أو الكلارينت، أو الرسم الرقمي، أو الطبخ، أو حتى البرمجة.
لكنني إذ أستحضر هذه الهوايات أجدها قد أصبحت جميعها طي النسيان، فلست اليوم أعزف ولا أرسم ولا أطبخ -تقريبًا- ولا أبرمج. لكن في قبال ذلك، أجدني أمارس بانتظام هوايات أخرى لم تكن لتستمر إلا لأنها باتت جزءًا من روتيني على مدى أعوام. بل أن شرط تحسّني وتطوري في ممارستها مناطٌ بكونها باتت في حكم العادة.
ولذا، بدل استنفاد طاقتي في تعلم ممارسة الهواية وكيفيتها، صارت ممارستها بديهية بما يتيح لي بذل جهدي في التأمل فيما أفعله أساسًا، وهو الأمر الذي يفضي بدوره إلى تقويم الأسس والممارسة. ومن هنا تجلت لنفسي فكرة جديدة: ليس كل تكرار استنساخ.
لهذا أنا اليوم مناصرٌ للروتين والرتابة، أي لكل ما يتيح لي تصوُّر مختلف المسؤوليات والهوايات في علاقتها بساعات أيامي وتعاقبها دون انقطاعات أو تغيرات فجائية. ولهذا أيضًا ما عادت خطوتي الأولى في مزاولة هواية جديدة متمثلة في إغراق نفسي في طياتها، بل متمثلة في تخيلها ضمن جدولي ومحاولة تعويد نفسي على ممارستها دون القلق بشأن إتقاني لها بأسرع وقت حتى أنتقل لغيرها.
مقالات أخرى من نشرة أها!
الشركات تتعمّد تعطيل أجهزتك
يحارب مفهوم «التقادم المخطَّط» حق العميل في صيانة أجهزته، إذ يصعّب عليه الحصول على قطع الغيار، أو يجعل ثمنها قريبًا من ثمن الجهاز الجديد.
أنس الرتوعيأريد لأجهزتي أن ترعاني
من جوال نوكيا إلى اليوم، تطورت أجهزتي وتعددت مهامها وازدادت ذكاءً. لكنّها عقّدت عليّ مهمة واحدة: الاعتناء بها.
أنس الرتوعيأن تكون نادرًا أمرٌ في غاية الصعوبة
حتى تكون «نادرًا» فاعلم أنَّ النُدرة لا تتطلب فقط مهارات استثنائية، بل جهودًا استثنائية تفوق ما يستطيع معظم الناس تحقيقه.
أحمد مشرفالعواقب الحقيقية للزائفات
في حين ينادي البعض بضرورة تحرّي الدقة في نقل الأخبار والمرئيات، فإنهم يتناسون أنَّ الحقيقة ليست هي المُنى هنا، بل المنى إحداث أثرٍ ما.
حسين الإسماعيلأشتهي طبق فول بالبستاشيو
غيَّر الإنترنت، وإنستقرام بالذات، من علاقتنا مع الطعام. فمع هوسنا بالتصوير، تحوَّل الطعام إلى نوع من الفنون البصرية التي تمتِّع الناظرين.
ثمود بن محفوظأطفالك ضحية «فرط المشاركة الأبويّة»
نشأ مصطلح «فرط المشاركة الأبويّة» (Sharenting) لوصف مشاركة الآباء والأمهات المفرطة أخبار أطفالهم وصورهم عبر منصات التواصل الاجتماعي.
رويحة عبدالرب