بعد غياب امتد لسنوات، عدت قبل فترة إلى «آي بوكس» (iBooks). التطبيق -الخاص بقراءة الكتب الإلكترونية في أجهزة أبل- كان فيما مضى وسيلتي الأولى للقراءة. لكنني عندما استخدمته هذه السنة صدمت بالتغييرات التي طرأت عليه، أهمها أنَّ التطبيق أصبح يتتبع وقت قراءتك وعدد الكتب التي قرأتها.
في أسفل الصفحة الرئيسة، يخبرني «آي بوكس» أني لم أقضِ أي ثانيةٍ في القراءة اليوم، كما يخبرني بأني قرأت صفرًا من الكتب هذه السنة. وتحت كلتا الإحصائيتين زرٌّ لمشاركة «تقدُّمي» مع الآخرين على التواصل الاجتماعي.
يُصنَّف هذا التغيير تحت «التَّلعيب» (Gamification). وهو استخدام التجارب المرتبطة عادةً بالألعاب، مثل التنافس والجوائز، في عملياتٍ توصم بأنها صعبة أو مملة مثل التعلم أو التنظيف، أو القراءة. هذا المفهوم الذي كان «تِرندًا» يتحدث عنه التقنيون قبل عشر سنوات، يحيطنا اليوم دون أن نعي.
«توكَّلنا» مثلًا يعطي المتبرعين بالأعضاء ميداليةً بجانب صورهم، و«وتين» يستعرض أكثر الأشخاص تبرعًا بالدم في قائمة مجتمع وتين. وبينما هذا التلعيب مفهوم في سياق الحث على الأعمال الخيرية، ألا أني أستغرب انتشاره في النشاطات الأخرى.
تطبيق «دوو لينگو» مثلًا كان يقول أني «حريقة» طوال أيام استخدامي له فقط لأني أستخدمه يوميًا. كلما أفتح التطبيق أجد في أعلى الشاشة علامة شعلة نارٍ بجانبها أيام استخدامي المتواصل. بعد شهرٍ ونصف من هذا الاستخدام، أصبحت الشعلة ثقلًا أخشى فقدانه، وتحولت عملية التعليم الممتعة إلى همٍّ ومنافسة لم أردها.
لا يسمح لك التطبيق بإزالة الخاصية، نظرًا لأن بياناتهم تقول إنَّ هذا التلعيب يقود إلى وقت تعلّمٍ أكثر. وهكذا، بعد أن خسرت شعلتي، لم أعد لاستخدام «دوو لينگو».
لا أشك أنَّ دافع زيادة وقت الاستخدام هو نفسه الذي قاد مهندسي «آي بوكس» إلى إضافة تلك الخاصية. وكذا مع برامج الاستماع التي تعرض وقت استماعك، وبرامج الكتابة التي تعرض كم كلمة كتبت اليوم. الكل يتسابق على وقتك، والطريقة الأمثل للاستحواذ عليه هي في إدخالك لعبة سباقٍ لا ينتهي.
يضحكني أنَّ اسم هذه التقنية هو «التلعيب». فهي تحاكي الألعاب في كل شيء تقريبًا، ما عدا المتعة.
مقالات أخرى من نشرة أها!
بنت الحسب ومخابرات واتساب
أتصور أن يصبح تبادل حسابات الشبكات الاجتماعية و«اليوزرات» جزءًا من عادات الخطبة لتكوين صورة أفضل عن ابن الحلال، ولعله يدفع الشباب للتأدب.
ثمود بن محفوظمزاجيَّة التقييم الرقمي
انحسرت الجائحة، وما زلت أفضّل التواصل مع زملائي في العمل عن بعد رغم وجودنا في الشركة. فهل اعتدنا مع التواصل الرقميّ على الانفصال عن بعضنا؟
أنس الرتوعيتحيا الإقطاعيّة الإلكترونية
تطوَّرت الرأسمالية إلى وحشٍ مجهول متعدد الرؤوس يصعب التوقع به حتى في أعين أعتى الرأسماليين. رؤوسه المنصات الرقمية الكبرى، وأشرسها ميتا.
إيمان أسعدنشرة الأخبار على تك توك
تحول تك توك من مجرد تطبيق للرقص والأداء الشفهي للأغاني والمقاطع الضاحكة إلى منصة إخبارية عالميّة توثّق اليوم حدثًا مفصليًّا في تاريخ البشرية.
إيمان أسعدماكينة الخياطة وتطبيق «توكَّلنا»
عملية التعليم متبادلة وتربط بين جيلين؛ الأول يأتي بخلفية ثقافية عريقة ومهارات يدوية، والثاني بمعرفة التقنية الحديثة والأجهزة الذكية.
رويحة عبدالربالحل اليدويّ في زمن التطبيقات
جرّبت العديد من التطبيقات لتساعدني على أتمتة مهمة الترتيب، ووجدتُ في كل منها تحديات. وكان الحل الذي يطلب جهدًا يدويًا مني أفضل.
رويحة عبدالرب