مِن أهم ما يربطني بهويتي وجود جدتي. فأنا باكستانية، لكني قضيت حياتي كلها بالخليج، وجدّتي هي مَن علّمتني من ثقافتنا حين زياراتها إلى الرياض، بدءًا من طبخ الحلويات إلى خياطة ملابس «شلوار قميض» بالمنزل.
سعدت بخبر مجيئها في ديسمبر 2021 بعد انقطاع أكثر من عامين. لكن زيارتها جاءت بتحدٍ: قضاء خمسة أيام وحدها في الحجر المؤسسي بعد وصولها إلى الرياض. هناك كانت جدتي محاطة بتقنيات جديدة لم تكن تعرفها: جهاز التحكم الرقمي لتغيير درجة حرارة الغرفة، وهاتف ثابت للتواصل مع الاستقبال، وشبكة واي فاي لجوالها.
لكنَّ أكبر تحدٍّ تقني لجدتي كان استخدام تطبيق «توكلنا». يُعد التطبيق احتياجًا يوميًا للاستعلام عن نتائج فحص كورونا، ولإبراز الهوية أو حالة التحصين عند دخول أي مكان بالسعودية. ولم أُدرك مدى اعتمادنا عليه إلا بعد قضاء بضع ساعات مع جدتي عبر زوم -الذي تعلّمته من أحد أحفادها. إذ رحت أعلّمها كيفية إدخال بياناتها ورؤية نتيجة فحصها السلبية، حتى ينتهي الحجر وتعود إلى المنزل.
لم تكن حالة جدتي صعبة. فلم تتطلب إلا قضاء أيام قليلة في رفقة أحفادها الافتراضيَّة، ثم عادت إلى منزلنا سالمة. لكن التجربة أثارت فيّ فضولًا لأبحث عن تحديات المسنين مع التقنية.
تفاجأتُ بالنتائج. فرغم وجود السعودية في قائمة أكثر الدول استخدامًا للإنترنت، يظل عدد المستخدمين المسنين قليلاً مقارنةً بالتحديات التي يواجهونها في التعامل معه. تجنّب المسنين للتقنية قد يُبعدهم عن التواصل مع أهلهم ويؤدي إلى الشعور بالوحدة، مما يجعلهم أكثر عرضةً للأمراض. وبدأتُ أتساءل إن كان بإمكاننا نحن الأحفاد حلّ هذه المشكلة.
يتطلب تعليم التقنية للمسنين صبرًا وإنصاتًا وتكرارًا؛ وهذا ما اكتسبه بعض اليافعين في ولاية نيومكسيكو خلال مبادرة لتقديم دروس عن التقنية للمسنين.
فعملية التعليم هذه ليست مقتصرة على إعطاء أساسيات التقنية فحسب، بل هي متبادلة وتربط بين جيلين؛ الأول يأتي بخلفية ثقافية عريقة ومهارات يدوية، والثاني بمعرفة التقنية الحديثة والأجهزة الذكية.
أما جدتي فقد عادت إلى باكستان، لكنني بدأتُ التخطيط لزيارتها القادمة. ولعلَّ الفرصة تسنح لي أن أعلّمها تطبيق «فايس تايم» (FaceTime) وأتعلّم منها خياطة «شلوار قميض» باستخدام ماكينة الخياطة، التي لم أُتقنها بعد.
مقالات أخرى من نشرة أها!
هوسك بالكولاجين يحرم الأرض من نضارتها
هاجس الشباب الأبدي حالة إنسانية قديمة، وأخشى أن يفقد الإنسان بقية اللون الأخضر على جنته في الأرض بسبب هوسه بشباب خالد لا يبلى.
ياسمين عبداللهلماذا تشتم الآخرين نيابةً عن المشهور؟
تذكَّر أنك ذاتٌ مستقلة، لا تحتاج إلى مشهور يكون امتدادًا لك، ولست في حاجة إلى أن تكون مجرد مرآة يتأمل فيها النرجسيّ انعكاس قيمته.
ياسمين عبداللهلا تنجرف وراء الاستقالة 🤐
ظاهريًّا، قد تقيك الاستقالة الصامتة من الآثار السلبية للتوتر ومن الإنتاجية السامة، إلا أنَّ لها تأثيرًا سلبيًّا عليك.
بثينة الهذلولأين المشكلة في إعلان الخطوط السعودية
أصبحنا نتحسس من كل ما يظهر فيه شبهة حول إمكانياتنا، وذلك لأن المواطن السعودي ظل لسنوات طويلة عرضة للظهور في الإعلانات بصورة غير مرضية.
أنس الرتوعيهل تتذكّر شعور الدهشة؟
استحضار الدهشة سيغدو أصعب وأصعب. فماذا لو أصبح بمقدور التقنية أن تشاركك رائحة عطرٍ ما في إعلاناتها؟ أو مذاق طبق في صفحة المطعم؟
فيصل الغامديهل تقلل «الاستراحة المهنية» فرص توظيفك؟
سيتحتم على الشركات في الشرق الأوسط تقبّل مفهوم الاستراحة المهنية وعدم تأويلها «عاطل عن العمل»؛ لأن الموظف هو الركن الأساسي لنجاح أي منظومة.
زياد العجلان