كل تقنيات المستقبل التي بشّر بها الخيال العلمي تحققت أو ستتحقق قريبًا.. باستثناء «الانتقال الآني».
فنحن نتواصل بلمح البصر، إنترنت الأشياء سيربط كل شيء بما فيه البشر بعضه ببعض. الآلات الذكية تتحكم بنا. قريبًا سنستعمر القمر أو المريخ. السيارة الطائرة؟ صارت. مسدس الليزر؟ تم. التعديل الجيني للأجنة؟ تمام يا معلم. قارئ الأفكار؟ ما أقدمك عزيزي القارئ!
كله سيتحقق إلا «الانتقال الآني» الذي سيفكك ذراتك إلى عدم مؤقت، ثم ينقلها عبر الأثير ليعاد إظهارك في بقعة أخرى على نمط «ستار تريك» (Star Trek).
مبرِّر الاستحالة في رأيي فيزيائي وكذلك ميتافيزيقي. إذ يتكون جسم الإنسان في المعدل من 37 تريليون خلية. وثمة تقديرات أخرى تصل بالرقم إلى 100 تريليون. وإذا حوَّلنا هذه الخلايا -أو المكونات المادية- إلى بيانات، سنحتاج إذن إلى سعة تخزينية تتراوح بين خمسة عشر وخمسة وثلاثين زيتابايت للإنسان الواحد (الزيتابايت = ألف مليار گيگابايت).
هذه كلها حسابات تقديرية. تليها حسابات متعلقة بفيزياء الكم حول خلق نسخة لكل واحدة من هذه «البتات» على شكل فوتونات ضوئية ثم بثّها إلى محطة الوصول. وتتعلق المعوقات الفيزيائية فيها بقياس حالة كل «بت» بدون تغيير أو شوشرة، وإعادة تركيبه مجددًا بالدقة نفسها.
لكن ماذا لو «فُقد» جزء من هذه البيانات لسبب أو لآخر؟ ما مقدار الطاقة اللازم لنقل هذا الكم الهائل من البيانات لاسلكيًا؟ إننا نتكلم هنا عن الجسد المادي، لكن ماذا عن محتويات الدماغ من ذاكرة وأفكار؟ فنحن لا نعرف كل شيء عن آلية التخزين في هذا العضو الرخو المعقد. هل تصير نسختك المنقولة آليًا فاقدة الذاكرة؟ وأخيرًا، فما بين تفكيكك وإعادة تركيبك، هل يُعد ذلك موتًا يليه بعث؟ هل يضمن الانتقال الآني إعادة تكوين الروح؟
لا يزال أمامنا الكثير. فلنستمتع بالمستحيل الذي يجابهنا به الخيال العلمي.
مقالات أخرى من نشرة أها!
هل شبّه شكسبير النساء بالصحف؟
سهَّل الإنترنت وتطوراته نقل المعلومات، إلا أنه جلب معه شكلًا جديدًا من الفوضى المعلوماتية وأصبح الكل يغرق في معلومات لا أساس لها من الصحة.
ثمود بن محفوظ«المنيماليزم» ترفٌ لا يمتلكه الجميع
في حين يدرك المتخففون مدى تغلغل الاستهلاكية في كل تفاصيل حياتنا، تتوجه أصابع اللوم دائمًا لمن لا يستطيع مقاومة المد الاستهلاكي.
حسين الإسماعيل«إيرتاگ» والوجه المظلم للتقنية
أصبح من واجبنا -نحن الأفراد- إدراكُ الاحتمالية الدائمة بتضمُّن كل تقنية جديدة تخدمنا أبعادًا قد تغيب عن أغراضها المباشرة.
حسين الإسماعيللسنا مسؤولين عن الشركات اللاأخلاقيّة
علينا معاينة الأمور عن كثب بغية التحقق ما إذا كنا بالفعل مسؤولين أفرادًا، أم أنَّ أنظارنا تُصرف عن الآليات المؤسساتية المبطنة اللاأخلاقية.
حسين الإسماعيلتحيا الإقطاعيّة الإلكترونية
تطوَّرت الرأسمالية إلى وحشٍ مجهول متعدد الرؤوس يصعب التوقع به حتى في أعين أعتى الرأسماليين. رؤوسه المنصات الرقمية الكبرى، وأشرسها ميتا.
إيمان أسعدأرح عقلك من عجلة الإنجاز
بسبب كمية المحتوى المتاحة اليوم تشكَّلت لدينا رغبة ملحة بضرورة تحقيق الاستفادة القصوى من كل لحظة عابرة في حياتنا. ومعها بدأت عقولنا تتعب.
أنس الرتوعي