لا أسوأ على الإنسان من الملل

لماذا يستخدم رواد الفضاء في وكالة ناسا الأميركية الصلصة الحارة؟ السبب هو الملل! نعم لقد قرأتها بشكل صحيح، فالبقاء في الفضاء لفترة طويلة يسبب الضجر.

ما العلاقة بين الملل ورواد الفضاء والصلصة الحارة؟ لاحظت وكالة ناسا أن رواد الفضاء يستخدمون الصلصة الحارة بشكل متزايد خلال رحلاتهم الفضائية، وقد كان هذا شيئًا كافيًا لاستدعاء فضولهم. في شرح لأسباب استخدام الصلصة الحارة المتزايد، شرح الخبير ماكس نيستراكت أن عدم وجود جاذبية يؤثر على فاعلية حواس الجسم، فيفقد الرواد بعض حاستهم للتذوق، ويستندون على الصلصة الحارة لإضافة بعض النكهة لطعامهم.

وسبب آخر، أن تواجدهم في مركبة فضائية ضيقة الحجم لمدة طويلة، تولّد رائحة كريهة، فيقومون بتناول الصلصة الحارّة في محاول التغلب على الرائحة. لكن توصل الخبراء أن السبب الأساسي لاستخدام هذا المحفزات التذوقية، هو الملل!

يشعر رواد الفضاء بأن عليهم ألّا يصرحوا بأن عملهم ممل، فالدولة تنفق الملايين لإرسالهم إلى الفضاء، وآلاف الناس يتمنون أن يكونوا في هذه الوظيفة. وفي واقع الأمر، عمل رائد الفضاء، عمل ملل جدًا، فيتوجّب عليهم البقاء في مقصورة صغيرة لمدة أشهر،و التحدث مع الناس ذاتهم لأشهر، والنظر إلى المنظر ذاته، من خارج ذات النافذة، لأشهر، وأكل الوجبات المجمدة ذاتها مرارًا و تكرارًا لمدة أشهر.

تجربة هاواي

تهدف وكالة ناسا أن ترسل في الأعوام القادمة بإرسال رحلة فضائية لاستكشاف المريخ تستغرق الرحلة سنتين.

تجربة هاواي

كِم بنستاد (Kim Benstead) خبيرة في التأثيرات النفسية للرحلات الفضائية على الرواد. تعمل كِم في جامعة هاواي وهي إحدى القائمين على تجربة تجسيد الواقع المريخي الذي سوف يخوضه الرواد. تقام هذه التجربة في جبل بركاني في هاواي يشبه كثيرًا سطح المريخ. ويطلب من الستة المتطوعين خلالها عيش حياة رواد الفضاء بكل حذافيرها:

  1. العيش في المقصورة المعدّة على سطح المريخ

  2. أكل الطعام المجمد

  3. استخدام موارد ماء محدودة

  4. استكشاف كهوف بركانية

  5. وحتى ارتداء زي روّاد الفضاء عند الخروج من المقصورة

كانت كايت قرين صحفية علمية إحدى المتطوعين في هذه التجربة، وقد استغرق تواجدها فيها أربعة أشهر. في شرح لكيت عن تجربتها قالت: أنّه قبل أن تخوض هذه التجربة كانت تعتبر نفسها شخص من المستحيل أن يمل، لكن لاحقًا وجدت نفسها مخطئة. تجربة روّاد الفضاء مملة جدًا، فيها الكثير من القيام بالأعمال نفسها يوميًا والاستيقاظ في المكان ذاته، والتحدث مع الأشخاص ذاتهم، وأكل الأكل ذاته.

في محاولة لتحسين الحالة النفسية للمتطوعين كرواد فضاء، قامت كِم بإدراج مكونات طعام متفرقة عوضًا عن وجبات مسبقة التحضير. مما أتاح للمتطوعين فرصةً للعمل معًا خارج نطاق العمل المعتاد، وإعداد وجبات مختلفة كل مرّة. من نفس المكونات الموجودة في الوجبات المعدة مسبقًا عوضًا عن أكل الوجبة ذاتها كل يوم.

إعطاء الرواد فرصة لتحضير طعامهم له تأثيرات إيجابية كبيرة، بل وساعد على تخفيف وزن المركب. ويطمح الباحثون على أن يتم تطبيق هذه الطريقة، لكن لهذه الطريق أثار جانية أيضًا فسوف تتطلب زيادة استخدام الطاقة ومعدات إضافية.

اقرأ أيضًا: هل توجد مخلوقات فضائية تشاركنا الكون؟

الملل يولّد الشعور بالفراغ

لا يتوجب عليك أن تكون في مركبة فضائية ألاف الأميال بعيدًا عن الأرض، كي يأخذ الملل وطأته عليك. خلال دراسة إيرلندية تم تقسيم مجموعة طلاب جامعيين إلى مجموتين. طُلب من المجموعة الأولى رسم خطوط صغيرة وعدّ مربعات على شاشة الحاسب لمدة مطولة (عمل ممل جدًا).

وقامت المجموعة الثانية بالقيام بالعمل ذاته لمدة أقصر، مدة لا توصلهم إلى درجة الملل التي وصلت إليها المجموعة الأولى. بعد ذلك تم تقديم أفراد المجموعتين بموقف إفتراضي يضرب فيه رجل بريطاني رجلاً إيرلندي ، وتوجب عليهم تحديد مدة عقوبة الرجل البريطاني في السجن. ثم قلب الموقف حتى يكون الرجل الإيرلندي هو الذي قام بضرب الرجل البريطاني.

المجموعة الأولى التي قد أصابها الضجر لمدة طويلة، قامت بإعطاء الرجل البريطاني مدة سجن أطول من الرجل الإيرلندي مع كون الجريمة ذاتها تمامًا في الحالتين. أمّا المجموعة الثانية قد أعطت حكمًا مشابهًا ومنصفًا للرجلين. توصل الباحثون أنّ الشعور بالملل يولد الشعور بالفراغ، مما يؤدي إلى تحيّز الشخص للمجموعة التي ينتمي لها والتهجم ضد المجموعات الأخرى.

الثقافة
مقالات حرة
مقالات حرة
منثمانيةثمانية