قواعد عشق كرة القدم الأربعون
لماذا نعشق كرة القدم لدرجة الجنون أحيانًا؟ أعتقد أن السؤال صعب إجابته في فقرة بسيطة كهذه، لكن ربما يمكننا فهم الأسباب إن ألقينا نظرة على القواعد التالية.
قضيتُ معظم الأوقات الممتعة في حياتي في متابعة كرة القدم، ما بين حضور المباريات أو النقاش برفقة الأصدقاء أو البحث والتقصي بغرض الكتابة. واكتشفت أن عالم كرة القدم مليء بالقصص الماتعة والسحر والدهشة والألم والسعادة، وهذا تحديدًا ما تعلق قلبي به في عالم الكرة على حساب الأرقام والتحليلات والإحصائيات.
وفيما يلي محاولة شرح هذا العشق الكروي في صورة قصص تأتي على شاكلة قواعد الكاتبة إليف شفق في روايتها «قواعد العشق الأربعون». وإن توقفت هذه القصص عند القاعدة الخامسة عشر، تبقى مجرّد مستهلٍّ يجمع بين محبي اللعبة، ربما تقرأها كرواية لا تلتزم بالسرد الخطي، أو تقرأها كمقال آخر عن كرة القدم. وعلى الرغم من جنون تلك القصص حينًا وعذوبتها حينًا آخر، لكنها أحداث واقعية كلّيًا.
القاعدة الأولى: كل شيء يقدم بغرض المتعة لا قاعدة له
لم يكن السيد رومان ريكيلمي أكثر من مجرد زعيم عصابة محلية في الأرجنتين. لذا عندما انتبه مبكّرًا لتعلق مولوده الأول خوان بكرة القدم، قرّر إشراكه في مباريات غير شرعية من أجل عمليات القمار. كان خوان ريكيلمي يتعرض للضرب المبرح إذا توقف عن اللعب وهو في الثامنة من عمره، وكبر ليصبح مارادونا جديدًا. لكنه كان يكره الخضوع لأيّ قاعدة.
بلغ ريكيلمي من المهارة أن يرتدي القميص رقم 10 لفريق برشلونة وبلغ من الحماقة أن يقول أنه لا يؤمن بوجود التكتيك في كرة القدم من الأساس لأنها لعبة بسيطة للغاية لا تحتاج فيها إلا أن تكون أفضل من خصمك لتفوز حتمًا.
القاعدة الثانية: ما تراه بقلبك هو أكثر وضوحًا مما يراه الآخرون بأعينهم
في أحد أيام يناير من عام 1994 توجه البرازيلي روماريو لاعب برشلونة آنذاك نحو مدربه يوهان كرويف طالبًا الإذن في يومي إجازة للعودة إلى البرازيل والمشاركة في كرنفال ريو دي جانيرو الشهير. فوضعه المدرب الهولندي في تحدٍّ مباشر، إذا سجل روماريو هدفين في المباراة القادمة سيمنحه المدرب إجازة يستطيع خلالها الذهاب.
أحرز روماريو في اليوم التالي هدفه الثاني في الدقيقة العشرين من المباراة، ليتقدم بعدها نحو كرويف مطالبًا إياه بإخراجه من الملعب فطائرته ستقلع بعد ساعة!
القاعدة الثالثة: يحتاج البقاء على الأرض من الشراسة ما لا تملكه الملائكة
خلال صيف 2003، عرض أحد الوكلاء على فلورنتينو بيريز رئيس ريال مدريد آنذاك فكرة انتداب الإنقليزي الوسيم ديفيد بيكهام إلى صفوف الفريق. أولع بيريز بفكرة ضم كل نجوم العالم دون أي اعتبار لتكامل الفريق وفكّر مليًا في مدى روعة الفريق بعد ضم بيكهام الوسيم ليجاور زيدان وفيقو ورونالدو.
لم يكن هناك ما ينغص على بيريز أفكاره سوى أنه قد وعد لتوه لاعب خط الوسط المدافع كلود ماكيليلي بتعديل قيمة عقده داخل المجموعة. حسم أمره سريعًا وقرر انتداب بيكهام والاستغناء عن ماكيليلي.
لم يكن كلود ماكيليلي مجرد لاعب وسط مدافع، بل كان النموذج المثالي للاعب المدمر لهجمات الخصم، وكان في استطاعته تأمين الحماية الدائمة للاعبي الهجوم طوال التسعين دقيقة. وبمجرد رحيل ماكيليلي انهار الفريق بأكمله.
عجّ الفريق بالفنانين دون رجل شرس يؤمّن لهم الحماية ليمارسوا تلك الفنون. وبعد رحيل ماكيليلي بعامين فقط، اضطر بيريز للاستقالة من رئاسة الفريق نظرًا لسوء النتائج؛ ثم أطلق زيدان تصريحه الشهير: لماذا تضع طبقة أخرى من الطلاء الذهبي على سيارة بينتلي وقد فقدت المحرك بالكامل؟
القاعدة الرابعة: يقودك ألم الجسد لمعرفة النجاح ويقودك ألم الروح لمعرفة نفسك
لم يلعب الحارس الألماني أوليفر كانْ كرة القدم ليستمتع بل كان ينظر للّعبة كعملٍ شاقٍ بلا راحة. أهوِس كانْ بكرة القدم دون الاستمتاع بها حيث كان يفضل البقاء على أرض الملعب أكثر من أي لاعب آخر في محاولات مستميتة لتحسين مستواه. كما كان يتحول إلى رجل مجنون كليًا إذا ما استقبل هدفًا أو خسر مباراة.
استطاع كانْ أن يصير أفضل حارس في العالم لينهار كل شيء في يوم من الأيام، حين ارتكب خطأً مباشرًا في المباراة النهائية لكأس العالم 2002 بعد أن سقطت الكرة من بين يديه ليودعها البرازيلي رونالدو داخل الشباك معلنًا فوز البرازيل بالكأس.
أدرك كانْ حينئذ أن جانب كرة القدم لا يؤتمن، فقد تحولت كل الإشادات التي كانت تنهال عليه إلى سباب واتهامات بالفشل. لم يغفر له أحد أعوامًا من العرق والمجهود والأعصاب المحترقة. ارتبك كانْ كثيرًا بعد تلك الحادثة، إلا أن هذا الألم أعاده إلى صوابه ليتحول إلى شخص آخر، شخص يقدّر قيمة العائلة والأصدقاء والحياة بجوار كرة القدم.
القاعدة الخامسة: وحده المحب يدرك حقيقة آلام حبيبه
قضي روبيرتو باجيو خمس سنوات في فريق فيورنتينا ينثر السحر أينما حل، واعتُبر ملك فلورنسا المتوج. عشقته جماهير مدينة فلورنسا بجنون لكن المال دومًا ما يتحدث بصوت أعلى من صوت الحب. ترصّدت أعيُن فريق يوفنتوس باجيو لتنقض عليه، وعرضوا عليه أخيرًا عرضًا ماليًا لا يمكن رفضه. لتندلع بعد ذلك ثورة في فلورنسا دفاعًا عن بقائه إلا أن الانتقال تم في النهاية.
بعد عدة أشهر حضر باجيو إلى فلورنسا مرة أخرى بألوان يوفنتوس وأصابه التخوف من لقاء تلك الجماهير التي طالما هتفت باسمه. إلا أن ما حدث كان مغايرًا تمامًا لما توقعه.
احتسب الحكم ضربة جزاء لصالح فريق السيدة العجوز التي كانت من تخصص باجيو، فرفض تسديد الركلة متعللًا بأن الحارس يعرف جيدًا طريقته في التسديد لكن جماهير فيورنتينا كانت تعلم أن باجيو رفض كسر قلوبهم.
استُبدل باجيو خلال المباراة وأثناء توجهه لمقاعد البدلاء تفاجئ بوشاح فيورنتينا يلقى إليه من الجماهير العاشقة. لم يقدر باجيو على تجاهل كل تلك المحبة، فالتقط الوشاح من الأرض وفاضت عيناه بالدموع.
القاعدة السادسة: تبقى أثمن الأوقات هي تلك التي يقضيها الفرد وحيدًا
لم ينعم الهولندي دينيس بيركامب بالكثير من الأصدقاء في طفولته، وربما كان ذاك السبب الرئيس في افتقاده لمهارة المراوغة، إذ لم يجد أحدًا يراوغه بالكرة. لكنه عوضًا عن ذلك أمضى ساعات متواصلة يركل خلالها الكرة إلى الجدار ويراقب ارتدادها. تلخّصت متعة بيركامب في كيفية السيطرة على الكرة بكل الطرق المتاحة.
كمااكتسبت أقدام بيركامب حساسية نادرًا ما عرفتها الملاعب من قبل. كانت كل لمسة من قدمه محسوبة تمامًا وتتعرّف كل تمريرة على طريقها المحدد دون زيادة أو نقصان. درس بيركامب كل الاحتمالات الناتجة عن ارتداد الكرة وهو لا يزال طفلًا لذا كان ما يقدمه كلاعب كرة قدم بمثابة سحر اللمسة الأولى. وأجدُني أعدّ لمسة بيركامب الأولى للكرة الأفضل على الإطلاق.
القاعدة السابعة: بعض الأشياء لا تمنح بل ينتزعها المرء من الحياة وتدوم إلى الأبد
أدرك أندريا بيرلو مبكّرًا أنه أفضل من الجميع. عرف ذلك خلال مباراة للناشئين لصالح فريق بريشيا حين وقف في منتصف الملعب يصيح في زملائه ليمرروا له الكرة ولكن لم يستجب أحد لصراخه. تجاهل زملائه في الفريق وجوده لأنه كان ببساطة أفضل منهم كثيرًا.
إنفجر بيرلو حينئذ بالبكاء أمام الجميع. لكنه فطِن بأنه إذا ما ترك لهم الملعب فسيبكي طوال عمره. لذا انطلق نحو الكرة وحصل عليها بنفسه. راوغ كل من في الملعب، سواء من يرتدون نفس قميصه أو القميص المنافس، وأُجبِر أن يكون أفضل من الجميع لأنه لن ينتظر مساعدة أحد بعد الآن.
بقي الأمر على نفس الحال بعد أن ترك بيرلو فريق الناشئين ولعب مع الفريق الأول وهو في الخامسة عشر فقط. لم يعجب هذا اللاعبين الكبار خاصة بعد تعرض البعض مرارًا للمراوغة من هذا الصغير.
تجرد بيرلو من فكرة الاعتماد على أحدٍ، فصار في المقابل سنَد الجميع. وتحول من لاعب قد يدمره حقد الآخرين إلى أكثر لاعبيّ العالم ثقة بالنفس حتى أنه استيقظ من نومه الهادئ في التاسع من يوليو لعام 2006 ليلعب بعض مباريات البلاي ستيشن ثم ذهب بعد ذلك ليحقق الفوز في كأس العالم برفقة المنتخب الإيطالي في مساء اليوم نفسه.
القاعدة الثامنة: لا تكتفي ببقعة الضوء المسلطة عليك بل حاول منح الضوء للجميع
خلال عام 2005 كان ساحل العاج غارق تمامًا في الحرب الأهلية، أربعة آلاف قتيل وأكثر من مليون مشرّد بداعي محاولة إثبات الهوية الوطنية. استطاع منتخب ساحل العاج خلال تلك الظروف العصيبة التأهّل لنهائيات كأس العالم 2006 للمرة الأولى في تاريخ البلاد. وبضمان تأهل الفريق للبطولة الأهم في كرة القدم في أكتوبر 2005، دُعيت وسائل الإعلام إلى غرفة ملابس اللاعبين حيث وقف ديدييه دروقبا مهاجم المنتخب والرمز الوطني موجهًا حديثه لشعب ساحل العاج بأكمله:
«أوجه حديثي إلى رجال ونساء ساحل العاج. لقد أثبتنا اليوم أنه يمكن لجميع الإيفواريين التعايش. لقد وعدناكم بأن الاحتفال سيوحِّد الناس. واليوم نرجوكم أن تسامحوا. سامحوا، سامحوا. لا يجب أن تنحدر الدولة الوحيدة في إفريقيا التي تملك هذا الكم من الثروات إلى حرب أهلية من هذا القبيل. من فضلكم، ألقوا جميع الأسلحة ليتم إجراء الإنتخابات وسيكون كل شيء على ما يرام..»
صدق أو لا تصدق لكن خطاب دروقبا هذا ساعد في إقناع الحكومة وقوات المعارضة بوقف إطلاق النار واستئناف محادثات السلام. وفي أوائل عام 2007، وقّع الجانبان المتحاربان اتفاق سلام رسميًا.
القاعدة التاسعة: بعض الأمور ليست بالسهولة التي تبدو عليها
من غيرُه البرازيلي رونالدو يستحق لقب الظاهرة. لم يكن هذا اللقب من أجل المهارة والنتائج فقط بل لأن رونالدو كان يسجل ويمتع الجميع رغم كل ظروف الإصابة والحياة الشخصية المضطربة والوزن الزائد.
عانى رونالدو من الوزن الزائد قبيل انطلاق بطولة كوبا أميركا 1999، لكن تعويضه لم يكن ممكنًا، ليحاول المدير الفني فاندرلي لوكسمبورقو بشتى الطرق معالجة الأمر. فلم يجد طبيب الفريق إلا طريقة واحدة وهي تناول رونالدو دواءً للتخسيس. كان الدواء فعالًا للغاية لكنه سرّع أيضًا من حركة أمعاء اللاعب، ومن أجل تجنب أي حوادث غير لطيفة كان على رونالدو ارتداء حفاضات.
استطاع رونالدو أن يحرز اللقب القاري السادس للبرازيل ويتوّج هدّافا للبطولة برصيد خمسة أهداف، هذا لأنه فعلًا ظاهرة.
القاعدة العاشرة: احتفظ دومًا بمخرج طوارئ
لم يكن المهاجم الأرجنتيني مارتن باليرمو مهاجمًا سيئًا على الإطلاق، لكنه كان رجلًا عنيدًا حد الغباء. لا أحد يتذكر الهدّاف التاريخي لفريق بوكاجونيورز سوى بقميص التانقو وتحديدًا أمام المنتخب الكولومبي.
انضم باليرمو لقائمة المنتخب الأرجنتيني المشارك في بطولة كوبا أميركا لعام 1999 كمهاجم المنتخب الأول والأفضل وهو في عمر الخامسة والعشرين، و نجح في قيادة الفريق نحو الفوز الأول محرزًا هدفين في شباك الإكوادور.
ثم دخل منتخب الأرجنتين ثاني مبارياته راغبًا في الفوز لا غير لتجنب مواجهة منتخب البرازيل في الدور التالي. بعد خمس دقائق فقط، سنحت الفرصة لباليرمو كي يريح أعصاب جماهير الأرجنتين بعد احتساب الحكم ركلة جزاء لصالحه. تقدم باليرمو لتنفيذ ركلة الجزاء ولكنه ضيّعها بسذاجة.
انتهى الشوط الأول بتقدم كولومبيا بهدف. وكاد القدر أن يكون رحيمًا بالأرجنتين وباليرمو على حد السواء، حينما احتسب الحكم ركلة جزاء للمرة الثانية للمنتخب الأرجنتيني قبل انتهاء المباراة بخمس عشر دقيقة لولا أن باليرمو الذي تقدّم لإنقاذ الموقف أضاع الهدف مرة أخرى.
استطاع المنتخب الكولومبي مضاعفة حصّة أهدافه خاصة بعد طرد المدافع الشهير خافيير زانيتي. وفي الدقيقة الأخيرة للمباراة استطاع باليرمو التحصّل على ضربة جزاء ثالثة. يمكنك أن تحزّر ما جرى، أجل، أضاع باليرمو الركلة للمرة الثالثة!
أدخلت ركلات الجزاء الثلاث اللاعب العنيد موسوعة قينيس للأرقام القياسية لكنها كانت وصمة عار حاول محوها ما استطاع، عبثًا.
القاعدة الحادية عشر: يفصل بين العبقرية والجنون خيطٌ لا يراه أيٌّ من الغريمين
ربما تتساءل الآن من هذا المدرب المجنون الذي سمح لباليرمو أن يقوم بتنفيذ ركلات الجزاء الثلاث دون إحراز أيٍّ منها، إنه العبقري مارسيلو بيلسا وشهرته اللوكو أي المجنون. بيلسا ملهم بيب قوارديولا وإله التكتيكات في كرة القدم، رجل عبقري حد الجنون.
في عام 1985 قرر بيلسا الذي كان يعمل آنذاك في قطاع الناشئين الخاص بنادي نويلز أولد بويز Newell’s Old Boys الأرجنتيني زيارة عائلة أحد اللاعبين لضمه في الفريق، لزيارة قام بها في الساعة الثانية صباحًا. ولج بيلسا المنزل ثم طلب من والد اللاعب رؤية قدمي ابنه البالغ من العمر ثلاثة عشر عامًا والنائم بطبيعة الحال.
تفحص بيلسا قدمي الطفل ثم قال: يبدو أنه لاعب كرة قدم جيد، وقعوا معه في الحال. لم يكن بيلسا قد شاهد هذا اللاعب يلعب كرة القدم من قبل. لكن عبقريته جعلته يثق في الصبي ماوريسيو بوتشيتينو الذي سيكبر ليلعب لصالح منتخب الأرجنتين ثم يصير مدربًا كبيرًا فيما بعد.
القاعدة الثانية عشر: إذا قررت انتظار نهاية العالم سينتهي عالمك بالفعل
بزغ نجم الحارس الأرجنتيني كارلوس روا بشدة بعد فوزه بجائزة أفضل حارس في الدوري الإسباني لعام 1999 برفقة فريق مايوركا وتنبأ له الجميع بمستقبل أكثر تألقًا خلال السنوات القادمة خاصة مع استعداد فريق مانشستر يونايتد لدفع عشرة ملايين دولار لاستقدام روا وجعله الخليفة الشرعي للحارس الأسطوري بيتر شمايكل. إلا أن روا فاجأ الجميع بقرار اعتزاله كرة القدم بنهاية العام!
قرر روا اعتزال كرة القدم بشكل كامل لأنه كان ببساطة مقتنعًا بزوال العالم بحلول العام 2000. تبرع حارس المرمى بكافّة ممتلكاته الدنيوية وانتقل إلى قرية صغيرة في جبال قرطبة حيث عاش في عزلة مع عائلته.
ربما تفاجأ روا بأن العالم لم ينته كما كان متوقعًا ولذا قرر العودة بعد عام 2000 رافضًا خوض أي مباريات أيام السبت إذ كان من أتباع الكنيسة السبتيّة التي تؤمن بإلزامية التوقف عن العمل أيام السبت. لم يفلح الأمر بالطبع، وانتهى الأمر بروا في الدرجة الثانية من الدوري الأرجنتيني.
القاعدة الثالثة عشر: اتبع أحلامك للنهاية وعليك التأكد أولًا من كيفية تحقيقها
يتمنى كل من يترعرع في البرازيل أن يصبح لاعب كرة قدم. تبقى اللعبة الطريق الفعّال لتسلق السلم الاجتماعي من الهاوية إلى القمة. لكنها لعبة مزاجية، قد تبتسم للبعض وتعبس في وجه البعض الآخر. مارسيلو ماركولينو كان أحد هؤلاء اللاعبين الحالمين.
لم يكن ماركولينو يرى في مستقبله شيئًا سوى كونه سيلعب في البداية لصالح فريق فلامنقو وغدًاعلى عتبات بوابات المجد في أوربا. لم يلعب ماركولينو في صفوف فلامنقو العريق لكنه استطاع أن يلعب كرة قدم احترافية في أوربا بعيدًا عن بوابات المجد.
انتهى الحال بمارسيلو في فريق بي 68 توفتير في جزر الفارو، حيث يتدرب اللاعبون ساعتين فقط مساءً، لأنهم في الصباح يجرون شباك الصيد المحملة بالأسماك من السفن والقوارب إلى السوق كجزء من تجارة رئيس النادي الخاصة.
القاعدة الرابعة عشر: وحده الشغف قادر على جعل حب المخاطرة أقوى من غريزة البقاء
اتفق السيد والسيدة ستاندمان على اللقاء مساءً لمشاهدة مباراة البرازيل وأستراليا المقامة ضمن مباريات كأس العالم 2006 بملعب أليانز أرينا. إلا أن مخطط الزوجين باء بالفشل بعد سرقة محفظة الزوجة وبداخلها تذكرتها الخاصة. حاولت الزوجة ألا تفسد اليوم على زوجها فأقنعته بالذهاب لمشاهدة المباراة وعدم تفويتها بأي حال.
قرر الزوج حضور المباراة بالفعل ليفاجأ باللص جالسًا بجواره في المقعد المخصص لها. ربما كان عليه أن يبيع تلك التذكرة ويفر بفعلته لكنه لم يستطع أيضًا تفويت مباراة مشوّقة كتلك.
القاعدة الخامس عشر: لا ينشغل أحد بالجوهر طالما كان المظهر جيدًا
استطاع البرازيلي كارلوس هنريكي والمعروف باسم كايزر إقناع كبار أندية البرازيل بأنه لاعب كرة قدم محترف دون أن يلعب مباراة واحدة. تمتّع كايزر بقدرة ساحرة على تكوين الصداقات فعقد صداقات مع كبار لاعبي الكرة من أمثال روماريو وبيبتو وكذلك المدربين والصحفيين ورؤساء الأندية.
تحدث مع الجميع بصفة لاعب كرة قدم محترف، واستطاع التحصل على عقده الأول لكنه ادّعى الإصابة العضلية طالبًا من إدارة الفريق إمهاله وقتًا للتعافي. جاب كايزر النادي بشخصية مرحة حتى صار رمزًا لبث روح الدعابة في الفريق. أما في المناسبات القليلة التي تدرب فيها، فقد امتلك قدرة نادرة على عدم الاقتراب من جوهر اللعب، فقد كان يركض في الفراغ دون أن يلاحظه أحد.
تمكّن كايزر من الاستمرار في الملاعب لمدة عشرين عامًا، عشرين عامًا من الإصابات أو المشاكل المفتعلة أو التدريبات الغير مجدية، عشرون عامًا من الخداع دون أن يكتشفه أحد.
ربما يبدو الأمر واضحًا الآن لماذا يقفز أحدهم فرحًا من أجل هدف مسجل، بينما يصرخ الآخر حتى يكاد يمزق حنجرته من الغضب. قد تكون كرة القدم مجرد لعبة لكنها لعشاقها، حياة بأكملها.