كيف تتقبل المجتمعات التغيير
تبنّت العديد من المنظّمات والشّركات نموذج كيوبلر لمساعدتها على فهم التّغيير. وفي هذا المقال سنلقي نظرة عن قرب على كيفية تقبّل المجتمعات لهذه الفكرة.
نشرت عالمة النفس السويسرية إليزابيث كيوبلر روس (Elisabeth Kübler-Ross) كتابها الشهير “On Death and Dying” في عام 1969. تحدثت كيوبلر في كتابها عن التغيير الذي يصيب الإنسان من خلال تجربتها مع المرضى الذين يواجهون أمراضًا عضالًا لا علاج لها، وعن المصاعب النفسية التي يواجهونها والأعراض التي يظهرونها.
اقترحت كيوبلر في هذا الكتاب في مراحل الحزن الخمسة الشهيرة. والتي سمعنا عنها في الكثير من الأفلام والمسلسلات. في كل مرة تسمع فيها إحدى الشخصيات بأنها مصابة بمرض خبيث لا علاج له.
لاحظت كيوبلر أن الشخص المصاب بمرض عضال يمر بخمس مراحل: النكران والغضب ثم المساومة، يأتي بعدها الاكتئاب وتنتهي بالقبول.
لاحظ بعض الأطباء أن هذه المراحل قد لا تأتي بالترتيب، وقد لا تظهر جميع هذه الأعراض على الأشخاص الذين يواجهون الأمراض المستعصية، ولكن هذا الشيء لم يمنع نموذج كيوبلر من الانتشار. حين انتشر نموذج كيوبلر روس الشهير، عارضه العديد من الأطباء بحجة أنه مجرد ملاحظات تفتقر للدقة العلمية. وقد أجرى بعض العلماء عدّة تجارب للتأكد من دقة ملاحظة كيوبلر ووجدوا تباينًا في النتائج ما بين المتوافق مع طرح كوبلر والمختلف عنه.
تبنّت العديد من المنظّمات والشّركات نموذج كيوبلر لمساعدتها على فهم التّغيير. ولوحظ أن هذا النموذج يظهر كثيرًا حين تقوم الشركات بنقلةٍ نوعية أو تغيير جذريّ. وتوجد بعض النماذج الجديدة التي تقتبس من نموذج كيوبلر مثل ADKAR الذي يختص بالتغيير على المستوى الشخصي.
بعد انتشار مراحل الحزن الخمسة على نطاق واسع، لاحظ البعض أن هذه المراحل النفسية بالإمكان تطبيقها على من يواجهون تغييرًا كبيرًا سواءً على الصعيد الشخصي أو على صعيد المجتمع ككل، وهو أمر نستطيع أن نلاحظه في مجتمعاتنا الحالية.
وحينها يدخل المجتمع في المرحلتين الأخيرتين: الاكتئاب والقبول
لو نظرنا إلى مجتمعاتنا الحالية فسوف نلاحظ أنه بإمكاننا ربط ردات الفعل على القضايا الاجتماعية الجديدة بنموذج كيوبلر للتغيير. من يذكر بداية دخول القنوات الفضائية في مطلع التسعينات وكيف تعرضت للكثير من النقد والمعارضة، ولو أخذنا عمل المرأة كمثال معاصر سنجد أن نموذج كيوبلر حاضر. ففي بداية الأمر لم يتقبله المجتمع وكانت هناك بعض الآراء التي رأت تحريم عمل المرأة ولكن في أقل من 10 سنوات أصبح عمل المرأة مقبولاً ولم يعد يسبب الامتعاض كما سبق.
إنّ طبيعة المجتمع البشري هي رفض كل ما هو جديد، والنظر له بنوع من الريبة. لذلك صار إدخال الأفكار الجديدة للمجتمع من أصعب الأمور، ما لم تحظَ الأفكار بدعم قوي من قبل الحكومة أو رغبة أغلبية المجتمع (مثل قضية الفضائيات). وقد يكون هذا هو السبب في انتشار وتقبل بعض الأمور الجديدة في حين تفشل بعض الأمور الأخرى، فوجود قوة تدفع التغيير وتدعمه باستمرار هي مايجعل المجتمع يتجاوز أول مرحلتين ويصل إلى المرحلة الثالثة (المساومة) وما بعدها. وحينها يدخل المجتمع في المرحلتين الأخيرتين: الاكتئاب والقبول.
يا ترى… هل ينطبق علي هذا النموذج؟
سيطرح بعضنا سؤالًا على نفسه، “يا ترى… هل ينطبق علي هذا النموذج؟” وأظن أنك تعرف الإجابة، انظر إلى تاريخ قناعتك خلال السنين الماضية، ياترى هل كنت عارضت شيئًا تجد نفسك تتقبله اليوم بكل أريحية؟ لا تكذب على نفسك… فكر قليلًا… لا تقلق سأنتظر… هل انتهيت؟… هل تبتسم الآن؟
لا تحزن لأنك تغيرت؛ التغيير سنة الحياة ومن لم يتغير لم يتعلم.