لماذا يشعر جيل زد بالخجل التقني؟

ترهقني الوتيرة السريعة التي تركض بها التقنية من حولي، فأنا أنتمي إلى جيل شهد تطور التقنية الرقمية، لكنه لم يتخيل هذا التسارع في نموها.

تجاوزت السادسة والثلاثين قبل أسابيع، إلا أنني في كل مرة أصطدم بمصطلح تقني لا أفهمه أو تطبيق يعتمد عليه آلاف البشر ولا أعرف عنه شيئًا. فيصيبني التوتر وأشعر كأنني تجاوزت السبعين وأعيش بالكاد مرحلة «حُسن الخِتام».

ترهقني الوتيرة السريعة التي تركض بها التقنية من حولي، فأنا أنتمي إلى جيل شهد تطور التقنية الرقمية، لكنه لم يتخيل هذا التسارع في نموها؛ لذا يبذل مجهودًا إضافيًا في ملاحقتها حتى لا يجد نفسه فجأة خارج الزمن.

يجعلني كل ذلك أغبط أبناء جيل زد، فقد وُلِدوا وسط هذه الوتيرة و اعتادوها فلا ترهقهم أبدًا.

فأنا أتعامل كل يوم مع زملاء عمل ينتمون إلى جيل زد وأشهد لهم بأنهم أشد جرأة وانفتاحًا على التعلم في محيط العمل، وكنت أحسب أن التقنية هي مصدر قوّتهم الأساسي في ذلك، إلا أنني اكتشفت مؤخرًا أن ربط سنوات عمرهم بإجادة التقنية عامل ضغط عليهم وليس مزية أبدًا.

فبينما أمتلك عذرًا، وإن كان واهيًا، في عدم معرفة بعض التقنيات الحديثة، يتوقع الجميع من جيل زد فهم كل شيء يتعلق بالتقنية سواء أكانت متقدمة أم بدائية. لذا فإن اتهامهم بعدم الكفاءة التقنية بخاصة في الأمور البسيطة يشعرهم بما يسمى «الخجل التقني».

هذا المصطلح، «الخجل التقني»، أطلقته شركة «إتش بي» (HP) للتعبير عن شعور أبناء جيل زد بالخجل من فشلهم في استعمال التقنيات المادية البسيطة، وهذا يُشعرهم بالحرَج مِن طلب المساعدة.

يرجع السبب إلى أن الواحد فيهم يتقن تمامًا التقنية الرقمية من خلال تعلقه الشخصي بالأجهزة اللوحية بمختلف أنواعها، لكنه يشعر بالارتباك في محيط العمل المكتبي أمام الطابعة التقليدية أو الماسح الضوئي، حيث لا تتوافر شاشات لمس ولا أوامر صوتية.

ربما تعتقد الآن أن من واجبهم تعلم مهارات التقنية المكتبية البسيطة كما تعلموا مهارات التقنية الرقمية، هذا لا يبدو افتراضًا صحيحًا؛ فهم لم يتعلموا التقنية الرقمية من الأساس! فقد أجرت شركة «دِل» (Dell) استطلاعًا خاصًا راوحت أعمار المشاركين فيه بين الثامنة عشرة والسادسة والعشرين ووجدَت أن 56% من المشاركين لم يتلقوا أي تعليم في المهارات الرقمية، كما أكد ثلث المشاركين أن كل ما يعرفونه يأتي من التطبيقات التي يستخدمونها في وقتهم الخاص فقط.

سيطاول التطور الأجهزة التقنية المكتبية في القريب العاجل، وبعد وقت ليس بالبعيد ستختفي الطابعة والماسح الضوئي بشكلهما التقليدي إلى غير رجعة. يمكنك البحث في تِك توك وستجد عشرات المقاطع التي تتناول نُسخًا متطورة من تِلك الأجهزة، وهذا يعني أن الأمر كله مسألة وقت. ولأنني أخاف على نفسي من مصير الطابعة والماسح الضوئي لا أفوت فرصة لتعلم شيء جديد يخص التقنية، سواء أكان مرتبطًا بمجال عملي أم لا.

لكن هذا لا يمنع أنني على أتم استعداد للتعاون مع زملائي من جيل زد في محيط العمل. يمكنني تنظيم دورات قصيرة الأجل لشرح أنظمة الطابعة والماسح الضوئي الشديدي التعقيد! والمقابل بسيط للغاية: أن تمدوني بخمسة تطبيقات من تلك التي تجعلكم تنجزون العمل دون أي مجهود، ولا تقنعوني بأن تلك التطبيقات لا وجود لها. 

أرجوكم لا تستغلوا أنني رجل تجاوز السادسة والثلاثين وأعيش مرحلة «حُسن الختام».

الإنسانالتطورالتقنيةالرأي
نشرة أها!
نشرة أها!
يومية، من الأحد إلى الخميس منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+390 متابع في آخر 7 أيام