غردوا قبل أن يُغرد عليكم!

فكر بإيجابية وانظر إلى الجانب المشرق في كل هذا، وهو أنك ستذهب يومًا وتترك الدنيا بمنصاتها وبياناتها، ولن يتذكرك أحد بعد انتهاء أيام العزاء.

بعد احتدام التنافس مؤخرًا بين مارك زوكربيرق وإيلون ماسك وجدت أنه أصبح لزامًا عليّ ألاّ أقف موقف المتفرج، خشية أن يتحول هذا التنافس إلى صراع يؤذيهما ويؤذي غيرهما من ملايين المستخدمين لتطبيقاتهما. بخاصة بعد أن وصل الموضوع إلى الحديث عن الزوجات، بعد تغريدة ماسك التي قال فيها إن زوجة مارك تقود سيارة «تسلا» دون علم زوجها. ونعلم جميعًا أنه «لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى… حتى يُراق على جوانبه الدمُ»، مع التحفظ على مسألة «الشرف» الواردة في البيت السابق؛ لأن للشاعر مفهومًا عن الشرف يختلف عن الشرف في المفهوم اليساري الذي قد يرى أن قمة الشرف أن يطلّق مارك زوجته الأنثى ويتزوج أحد أصدقائه الذكور.

حاولت إنهاء هذا الصراع من باب تهدئة الأنفس، وكانت أولى خطواتي في هذا الاتجاه تحميل تطبيق «ثريدز» الذي أطلقته شركة «متا» المالكة لمنصتي فيسبوك وإنستقرام.

والحقيقة أنه تطبيق غبي، وأرجو ألا يغضب زوكربيرق من رأيي في تطبيقه الجديد، ولكن من الواضح أنه استعجل في إطلاق التطبيق مستغلًا تحول تويتر إلى حقل تجارب يومي لمالك الشركة إيلون ماسك، وامتعاض المستخدمين من تلك التجارب. 

وقد بدا لي منذ استيلاء ماسك على منصة تويتر أنه يتعامل معها بالفكرة نفسها التي كانت تدور في ذهني حين تستبد بي أحلام اليقظة وأتخيل أني ملياردير فاحش الثراء. وحين تتمكن مني فكرة الثراء وأبدأ في اتخاذ قرارات في مخيلتي فإني أفكر بطريقة مؤذية. 

أتخيل مثلًا أني سأستولي على أربعة أندية كرة قدم في السعودية، إضافة إلى ناديين في مدينة مانشستر الإنقليزية، وأحول هذه الأندية الستة إلى مواقف للسيارات ومحلات لبيع ألعاب الأطفال وعربات لبيع الطعام.  

أحيانًا أفكر في شراء شركات كبرى ليس من أجل تعظيم أرباحي ومكاسبي، بل من أجل توظيف كثير من مديريّ ورؤسائي السابقين والحاليين، وبالطبع لن أفصح عن مخططاتي تجاههم خشية أن يقرؤوا هذه التدوينة قبل أن يتحقق حلم الثراء. 

ومنذ أن بدأت استخدام منصة ثريدز انهالت عليّ نصائح الأصدقاء الذين يفهمون خوافي الأمور ودقائقها، فقالوا لي إن مارك زوكربيرق يساري متطرف يدعم كل رذيلة في كل مكان، إضافة إلى أنه يستخدم بيانات ومعلومات المستخدمين بطريقة لا تخلو من «نجاسة» وسوء طوية، أو كما قالوا غفر الله لنا ولهم. 

Giphy 90
أنا ماذا؟ / Giphy

ومع أني لم أعترض على صحة كلامهم إلا أن الحيرة تملّكتني وأنا أسأل: هل هو يساري متطرف ومنتهك للخصوصية في فيسبوك وإنستقرام، ومحافظ مؤتمن في واتساب؟ 

ثم هل كان يُصلى على أطراف ثياب جاك دورسي، مالك تويتر السابق، حين عاش تويتر أفضل أحواله إبّان كان جاك هو من يدير شؤون المغردين؟ 

ثم إني بعد أن أمعنت التفكير قليلًا، ونادرًا ما أفعل ذلك، اقتنعت بأن البحث في التوجهات الفكرية مهم جدًا لو كنت أفكر في التقدم لخطبة تويتر أو فيسبوك. لكن في حال الحديث عن منصتين للكتابة والنشر فإن الاهتمام يجب أن يكون منصبًا على ما تقدمه المنصة وكيف أستفيد منها، وليذهب مالكها وتوجهاته الفكرية إلى الجحيم. 

وبعد أن ترسخت هذه الفكرة في ذهني عدلت عن فكرة إنهاء الصراع بينهما؛ لأن مزيدًا من الصراع يعني مزيدًا من الخيارات للمستخدم. 

أما فيما يتعلق بسرية البيانات والمعلومات الخاصة بي فـ«الشق أكبر من الرقعة»، وكل سكان الكوكب مستباحون وبياناتهم ومعلوماتهم لم تعد شيئًا يمكن إخفاؤه. مجرد امتلاكك هاتفًا ذكيًا يعني ببساطة أنك موافق ضمنًا على أن تكون بياناتك ومعلوماتك وحركاتك وسكناتك مشاعة للشركات التي تقدم لك تطبيقاتها لتسهيل حياتها، من خلال إيهامك بأن حياتك أصبحت أسهل.

ومن باب التفاؤل، فكّر بإيجابية وانظر إلى الجانب المشرق في كل هذا، وهو أنك ستذهب يومًا وتترك الدنيا بمنصاتها وبياناتها، ولن يتذكرك أحد بعد انتهاء أيام العزاء، وستجد أمامك الكثير من البيانات والمعلومات والتغريدات الموثقة والصحيحة التي يجب أن تستعد للتعامل معها قبل رحلة مغادرتك عالم مارك وماسك!

إيلون ماسكالتقنيةتويترالرأي
نشرة الساخر
نشرة الساخر
منثمانيةثمانية

الحياة أقصر من أن تستفزك تغريدة على إكس. هذه النشرة من أجل استفزازك بطريقة أخرى!