الأفكار رزق فلا تطيِّرها من يدك
للأفكار حياة خاصة بها، وعندما نرحِّب بها ونعمل عليها فهي تكبر وتنضج. في المقابل، إذا استقبلناها بالتأجيل والتسويف ستذهب إلى من يقدِّرها.
خلال اجتماع عمل، ولدى تعقيبي على مشروعٍ ما، أجابني أحد الزملاء في الفريق: «الأفكار رزق!». وبالفعل، لطالما تعجبت من مصدر الأفكار التي تدور في رؤوسنا وتبعاتها، وكيف تُوجِد تلك الأفكار حياتَها الخاصة. وخطر لي سؤال: لماذا يوجد أناس أقدر من غيرهم على اقتناص الأفكار والتحوُّل إلى مبدعين؟
قبل عدة سنوات قرأت كتاب «السحر الكبير: الحياة الإبداعية المتحررة من الخوف» (Big Magic: Creative Living Beyond Fear) للكاتبة إليزابيث قلبيرت. وجدت غرابةً في وصف قلبيرت الأفكار بقولها إنَّ «الأفكار تقضي مدة أبدية وهي تطوف حولنا بانتظار الشريك المناسب لاحتوائها.»
تناقش قلبيرت كيف أنَّ للأفكار حياة خاصة بها، وعندما نرحِّب بها ونأخذها على محمل الجد ونعمل عليها فهي تكبر وتنضج. في المقابل، إذا استقبلناها بالتأجيل والتسويف ستذهب إلى من يقدِّرها. المختصر المفيد: «الأفكار لها مشاعر، ومثلها مثل البشر، تحتاج إلى اهتمامنا وأكثر!».
من منظور علمي يحلل جوناثان سكولر، متخصص في العلوم النفسية والدماغية، كيفية الوصول إلى فكرة إبداعية من خلال نظرية «نشوء الأفكار العظيمة من الشرود» (Mind Wandering). نجد تطبيقًا لنظرية سكولر في ممارسات موزارت وهو يصف الوصول إلى أعظم معزوفاته في لحظات الشرود الذهني، إذ يقول:
«عندما أكون مع نفسي تمامًا، وحدي تمامًا، وأكون سعيدًا، إما عند السفر في عربة أو المشي بعد تناول وجبة جيدة أو في أثناء الليل عندما لا أستطيع النوم، في مثل هذه المناسبات تتدفق أفكاري بشكل أفضل وأوفر.»
لربما ترى موزارت مثالًا بعيدًا بعض الشيء، لكن استرجع معي لحظات إيجادك الحلول عند بحثك عنها. هل كانت «في جولة حول المكتب» أو «نقاش عابر مع زميل» أو «عند التمعن في سقف الغرفة» أو «عند الشعور بالملل والابتعاد قليلًا عنها»؟
ما يجمع هذه اللحظات أننا نرحِّب فيها بـ«اللاوعي» ولا نجتهد في الوصول إلى الحل. فجزءٌ من العمل يكمن في الاستعداد للفكرة والبحث عنها، والجزء الآخر يكمن في الاسترخاء. فإذا أردنا اختصار معادلة استقبال الفكرة فهي: البحث + الشرود + التجوال = أفكارًا إبداعية.
لكن دعنا لا ننسى: الأفكار رزق! فإذا وصلت إليك الفكرة «لا تسحب عليها»، وإلا ستطير وتذهب لغيرك!
نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.