طبول الحرب بين المستهلك وتطبيقات التوصيل

بين جدال التطبيقات والمطاعم، نجد العميل يتصفح الردود والتعليقات هنا وهناك. ولعل هذا من أسباب تغيُّر نظرة المستهلك تجاه جدوى هذه التقنيات.

مع ازدياد موجات التضخم عالميًا وارتداد ذلك على جميع الأسواق، ومن ضمنها سوقنا المحلية، ظهرت نبرة جديدة للمستهلك هي أشدّ حدّة مع التاجر، وفيها روح عدم التكلُّف بالكماليات والتحوّط لتأمين أفضل مستقبل. ولعل ما يدُل على هذا التغيير لدى المستهلكين الأصوات التي بدأت تنتقد الجدوى من بعض الشركات التقنية المحلية، التي كانت حتى زمن قريب شكلًا من أشكال الرفاهية العصرية التي يبحث الجميع عنها، وتقدم نفسها بأنها ترتكز على خليط من الرضا المتكامل بين مقدّم الخدمة والوسيط وطالب الخدمة. 

ولنأخذ اللغط الجاري حول كلفة تطبيقات توصيل المطاعم في الأيام الأخيرة كمثال واضح للتأمل، الذي جاء بعد نشر تقرير الاقتصادية في 3 أبريل، والذي كان له صدًى مختلف. فالتقرير يحمّل التطبيقات أسباب ارتفاع قيمة بعض الطلبات، وذلك برفعها قيمة بعض الوجبات بنسب تصل إلى 24%. وتطبيقات التوصيل ألقت باللائمة على أصحاب المطاعم؛ لكون هذه الزيادة ليست ضمن صلاحيات التطبيق، وبرر بعض المراقبين وأصحاب المطاعم هذه الزيادة في أسعار التطبيقات بأسباب خلاصتها «ارتفاع التكاليف على نحو ينقص صافي الأرباح». 

وبين جدال التطبيقات والمطاعم، نجد الطرف النهائي الذي يسعى الجميع لإقناعه (العميل) يتصفح الردود والتعليقات هنا وهناك. ولعل هذا من أسباب تغيُّر نظرة المستهلك تجاه جدوى هذه التقنيات، فهو يشعر أنه الحلقة الأضعف دومًا ولا يوجد من يمثّله، حتى لو ادّعت الأطراف الأخرى ذلك. بل إنه مع كل قرار يجد أنه أمام سبب جديد لرفع الأسعار، ويجب التعامل معه على أنّه فرض واقع وأسلوب حياة. 

مع بداية عام 2023، ارتفع التصعيد بين المستهلك والتاجر بسبب التضخم، ووجدت تطبيقات التوصيل نفسها أمام مأزق. فأسلوب العمل (B2B2C) الذي انتشر مع ظهور تطبيقات التوصيل -والذي يعني أن التطبيق يؤدي دور الوسيط لمنح المستهلك والتاجر تجربة أفضل- يواجه تحديًا جديدًا، بعد ضبط العمليات والجودة وتجربة المستخدم. وإنْ تفاقَمَ التصعيد أكثر فالخاسر الأكبر هو التطبيق! وليس أي طرف آخر.

وفي الوقت الذي لا تزال التطبيقات تبحث فيه عن حلول لهذه المشكلة الطارئة يبدو أن الحرب تتصاعد بنحو غير مسبوق بين المطاعم والمستهلكين والخسائر الجانبية كبيرة بين الطرفين. فالأرباح التي أُعلنت لبعض أكبر المطاعم مثل هرفي والأكثر نموًا مثل برغرايزر تشير إلى أن «الشق أكبر من الرقعة»، وأن سفينة الوسيط التي كانوا يعومون عليها بدأت الغرق بهم، وهذا ما يثبته هبوط أرباح أحد أهم التطبيقات المحلية «جاهز» إلى 50% في العام الماضي 2022 رغم ارتفاع إيراداته بنسبة 38% عن العام 2021.

التطبيقات لا تعلم هل سفينتها مخروقة أم الأمواج عاتية؟ وللحد من هذه المخاطر يخوضون حربًا للموازنة بين العروض التي تُقدم للأفراد وبين تخفيف الشروط ونسبة الفوائد على المطاعم، فهل يمكن تحقيق المهمة المستحيلة؟ 

فالأخبار تتوارد بفرض زيادة جديدة للفائدة على الدولار، الذي تشير الأحداث إلى أنه سيكون قاصمة ظهر، وعاصفةً إن مرّت فلن يكون بعدها على السفينة المبحرة سوا اثنين، هما غالبًا أصدقاء الأمس (المستهلك والتاجر). فالأحلام الكبيرة لدى المستهلك تجعله أشدّ حزمًا تجاه التكاليف الضائعة التي من شأنها أن تحدث فرقًا، ليس بعد عشر سنوات، بل خلال سنة واحدة فقط. 

تخيّل إن اعتقد المستهلك أنَّ تكاليف الاستفادة من خدمات تطبيقات التوصيل (الوسيط) ستساوي يومًا قسط سيارة جديدة شهريًّا لشاب يشق طريق حياته نحو أحلامه الوردية. 

في غمرة التضخم الحالي لا تستطيع كلمات المستشارين تخفيف وطأة المشهد على الوسيط (تطبيق التوصيل). فكما بدأنا حديثنا يبدو أنها الحرب إذن، والحلول منطقيًا محصورة بين «أدع ربّك وخفف تكاليف وامسك زبون». 

فهل «تضبط» معهم؟ أو سيواصل المستهلك قرع طبول الحرب؟ هذا ما سنرى نتائجه من خلال القوائم المالية للعام الجاري 2023 الذي انتهى الربع الأول منه.

التضخمالتطبيقاتالمطاعمالرأي
نشرة أها!
نشرة أها!
منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+640 مشترك في آخر 7 أيام