كيف تعوّض عن نقص الخبرة العملية في سيرتك الذاتية
إن كنت حديث التخرج أو خبرتك العملية في سيرتك الذاتية قصيرة، أنصحك بتعزيز خبراتك الشخصية وعدم الوقوف عند نقطة عدد سنوات الخبرة.
كنت جالسًا في أحد المقاهي ليلًا مع مجموعة من الأصدقاء، نتبادل أطراف الحديث. وفجأة اقترب نايف، شاب في العشرينيات، وسألنا باحترام إذا كان لدينا وقت للإجابة عن استبيان.
أسلوبه في الاستئذان وعدم التطفل ولباقته في الحديث جعلنا نرد له الاحترام، ونجيب عن أسئلته كافة. ثم سألت نايف عن هدف الاستبيان: هل الاستبيان لشركته الخاصة، أم أنه موظف وهذا جزء من عمله؟ فأجابني بأنه يتقاضى نسبة مادية على كل استبيان يجيب أحدهم عنه. فاستفسرت منه إن كان يبحث عن عمل بدوام كامل.
ما دفعني إلى مساعدة نايف في الحصول على وظيفة لدى شركة -قبل الاطلاع على سيرته الذاتية ومعرفة مؤهلاته الأكاديمية والعملية- أنه لفت انتباهي بمهاراته الاستثنائية في التواصل. وراهنت أنه سيحقق نجاحًا كبيرًا في هذه الوظيفة التي تتطلب الكثير من مهارات التواصل والذكاء العاطفي. وقد كان، نجح نايف نجاحًا باهرًا؛ ما دفع الشركة إلى ترقيته وإعطائه مسؤولية إدارة القسم بعد فترة وجيزة.
فمن خلال عملي في قطاع الشركات الناشئة، لاحظت أنَّ هناك فرقًا كبيرًا بين طول الخبرة العملية زمنيًّا وبين عمقها. فنحن نبحث عن الموظفين الذين يتمتعون بالإبداع والتميز، إضافةً إلى التمتع بالقدرة على التكيف مع تغيرات العمل، والقدرة على الاندماج في ثقافة الشركة، والتعامل مع أشخاص من ثقافات مختلفة.
إذ تبيّن أنَّ الخبرات الشخصية من أهم العوامل التي تؤثر في مسار حياة الموظف المهنية، وتطوّر مهاراته وقدراته، وتحسّن الوعي الذاتي لديه، وتشكّل الأساس الذي يقوم عليه تحقيق النجاح في وظيفته.
سابقًا كان تأثير الجامعة أو الدرجة العلمية أو معدل التخرج هو العامل الأكبر في قرار التوظيف لدى معظم الشركات، على الأخص حديثي التخرج، وتجري المفاضلة بناء على ذلك. ولا تزال العديد من الشركات تعتمد عليها حتى اليوم، لكنها أقل من أي وقت مضى.
فقد أظهرت دراسة حديثة أن 46% من المهن ذات المهارات المتوسطة ألغت متطلب الحصول على درجة البكالوريوس لاشتراطات الحصول على الوظيفة، وكذلك فعلت 31% من المهن ذات المهارات العالية. ما يؤكد أن تطوير الخبرة المهارية والحياتية، والتعرض إلى تجارب مختلفة في الحياة أصبح له أهميته.
فالتعرض إلى مواقف مختلفة في الحياة يجبر الفرد على تعلّم كيفية التعامل مع المشاعر والتحكم فيها وفهمها لدى الآخرين، مما يطوّر مهارة الذكاء العاطفي لديه. وبحسب دراسة أجراها موقع «تالنت سمارت» (TalentSmartEQ) فإن أجر الموظف يرتبط ارتباطًا كبيرًا بمستوى ذكائه العاطفي، وأنَّ رواتب الأشخاص ذوي الذكاء العاطفي العالي أعلى بمعدل 29 ألف دولار سنويًّا من أقرانهم ذوي الذكاء العاطفي الأقل.
كما يؤكد خبراء العمل وأعضاء مجلس «مدرّبي فوربس» أنَّ الخبرة ليست الصفة الأهم التي ينبغي البحث عنها في مرشحي الوظائف. بل ينبغي التركيز على مجموعة متنوعة من الصفات الأخرى، مثل الوعي الذاتي والتعاطف والذكاء العاطفي والشخصية المناسبة. ومن الصفات الأخرى المهمّة أيضًا القدرة على الابتكار والانضباط والقيادة والمنطق. وينبغي على مديري التوظيف التركيز في البحث على العثور على المرشحين الذين يتمتعون بالصفات التي تساعدهم على النمو في الوظيفة.
فإن كنت حديث التخرج أو خبرتك العملية في سيرتك الذاتية قصيرة، أنصحك بتعزيز خبراتك الشخصية وعدم الوقوف عند نقطة عدد سنوات الخبرة. فالخبرة اليوم تقيسها الشركات بالتجارب أكثر مما تقيسها بالشهادة وعدد السنوات.
نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.