لا تلغ متابعة من تختلف معه!
لا أريد لوجودي في تويتر أن يكون أشبه بالفقاعة، لذا عدت إلى بعض الحسابات التي ألغيتها، والتي تحتوي على المعلومات التي لا تتوافق مع أفكاري.
قبل عدة أيام، وكما أفعل من حين لآخر، ألغيت متابعة بعض الحسابات في تويتر بعد أن تبيّن لي أنَّ آراء أصحابها لا تعجبني. لكن هذه المرة طرحتُ على نفسي هذا السؤال: هل بإبقائي على الحسابات التي تشاركني آرائي وتؤكد معتقداتي وقناعاتي فقط، أكون قد وقعت ضحية للانحياز التوكيدي؟
الانحياز التوكيدي هو انتقاءُ المعلومات بطريقة تؤكد معتقداتك وأفكارك الحالية، في حين لا تولي الانتباه للمعلومات التي تناقض تلك المعتقدات والأفكار. ويعود التعريف إلى ما قبل عصر تويتر وخوارزميات التواصل الاجتماعي. ففي الستينيات من القرن الماضي، أجرى عالم النفس المعرفي بيتر واسون العديد من التجارب التي أظهرت أن الأفراد يميلون إلى البحث عن المعلومات التي تؤكد معتقداتهم الحالية. فمثلًا، يميل الناس إلى البحث عن المعلومات الإيجابية للمرشح المفضل، في حين يبحثون عن المعلومات السلبية للمرشح المعارض.
هناك صورٌ مختلفة من الانحياز التوكيدي، منها: «البحث المتحيز» (Biased Search)، الذي تعتمد عليه محركات البحث. جرّب طرح سؤال مفاضلة بين القهوة والشاي في صياغتين مختلفتين: «هل القهوة أفضل من الشاي؟» و«هل الشاي أفضل من القهوة؟» قد تبدو النتائج من الوهلة الأولى متشابهة، لكن إن قارنتها ستجد انحيازًا في الصياغة الأولى نحو تفضيل القهوة من خلال تقديم المقالات التي تدعمها على المقالات التي تدعم الشاي، والعكس بالعكس.
«التفسير المتحيز» (Biased Interpretation) صورةٌ أخرى من الانحياز التوكيدي، إذ تفسّر المعلومات والتغريدات تفسيرًا يدعم أفكارك ومعتقداتك، وبناءً عليه يكون تلقيك لها إما سلبيًّا وإما إيجابيًّا. كمثال، خذ جولة في حسابك وتأمّل ردودك على التغريدات التي تطرح فكرة تدعمها مسبقًا، وردودك على تغريدات تطرح فكرة أنت معارضٌ لها من الأساس.
لكن لماذا نميل إلى الانحياز التوكيدي؟
أحد التفسيرات يتمثل في «تقليل التنافر المعرفي»، الذي يحثك على تجاهل المعلومات التي تتعارض مع أفكارك ومعتقداتك، حتى لا تتحدى افتراضاتك المسبقة وتكتشف احتمالية خطئك.
لا أريد لوجودي في تويتر أن يكون أشبه بالفقاعة، لذا عدت إلى بعض الحسابات التي ألغيتها، والتي تحتوي على تلك المعلومات التي لا تتوافق مع أفكاري وقناعاتي. إذ حتى إن كانت قراءة العبارات التي تعارض أفكاري وقناعاتي غير مريحة لي، لكنها تساعدني على فتح مداركي أمام الاحتمالات الأخرى، وأن أطرح على نفسي هذا السؤال: ما الذي يجعلني حقًّا أميل إلى تصديق احتمال وتكذيب آخر؟
نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.