يوتيوب ترميك من الطائرة
ما يزعجني حقًّا النظرة العامة إلى من يقدم على رمي نفسه من طائرة على أنه شخص مغامر وجريء. وفي المقابل، يصبح من لا يجرب ذلك شخصًا مملًا.
زرت مع زملائي في العمل مدينة الملاهي «ونتر وندرلاند» (Winter Wonderland) ضمن فعاليات موسم الرياض. من اللحظة الأولى توزع زملائي على الألعاب، فمنهم من وقف في طابور القطار الأفعواني السريع، ومنهم من صعد للعبة ترفعك عاليًا جدًا حتى تدوخ! أما أنا، فبقيت مع صديقي زياد، الذي شاركني متعة البقاء على الأرض وعدم الرغبة في القفز عاليًا والشعور بالدوار!
جرب بعض أصدقائي القفز المظلي، ويتمنى آخرون أن تتاح لهم الفرصة لرمي نفسه حقيقةً من طائرة! لا أتفهم هذه التجارب التي تدفع بالإنسان نحو القيام بأشياء لا تتوافق مع معايير السلامة، وما يزعجني حقًّا النظرة العامة إلى من يقدم على مثل هذه التجارب (برمي نفسه من طائرة) على أنه شخص مغامر وجريء. وفي المقابل، يصبح من لا يجرب ذلك شخصًا مملًا لا يتمتع بروح التحدي!
لو بحثت في يوتيوب لوجدت مقاطع أمريكية كثيرة تشرح روعة التجارب الخطرة، مثل القفز المظلي والألعاب السريعة، وكيف أنها تجلب السعادة من خلال رفع الأدرينالين في الجسم. وفي المقابل، لن تجد مقاطع تتضمن تفسيرات واضحة حول اجتنابي أنا وأمثالي لمثل هذه التجارب!
ففي أمريكا وحدها، توجد أكثر من 230 نقطة للقفز المظلي، وعدد مهول من الألعاب السريعة والخطرة، لأنها من التجارب المألوفة لدى المواطن الأمريكي.
هذا التحيّز الطاغي نحو نشر المألوف في الثقافة الأمريكية ليس من قبيل الصدفة. فهنا يتحدث مدون الطعام «وليام سونبوشنر» عن معاناته مع خوارزمية يوتيوب عند نشر أي حلقة يصوّر بها الطهي الإثنيّ غير الأمريكي: «يصنف يوتيوب أي محتوى ليس مألوفًا في أمريكا على أنه ليس مألوفًا أو منطقيًا في العالم كله.» ولهذا لا تنشر خوارزمية يوتيوب مقاطعه، ولا تقترحها على المستخدمين. وقس ذلك على معظم المواقع الأمريكية الأصل مثل قوقل.
لذلك لو شعرت أنك مثلي لا تحب هذه التجارب، ولا تنوي رمي نفسك عن طائرة، فأنت شخص طبيعي جدًا. المسألة وحسب أنك لا تشبه المواطن الأمريكي الذي يسوّق لنا يوتيوب ما يسعده هو، وليس بالضرورة ما يسعدنا نحن!
نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.