فلم «الست»: هل ظلمه التريلر؟ 🎶🎵



تصميم: أحمد عيد
تصميم: أحمد عيد

هل الست تستاهل؟

إيمان أسعد

بقيت عالقة في زحمة الرياض الخانقة تحت المطر ساعتين ونيف، وفي تلك الساعتين حجزت أربع تذاكر (VIP) إضافية لمشاهدة فلم «الست» موزعة ما بين داري عرض؛ كلما تأخر وصولي حجزت تذكرة موعد عرض لاحق. هكذا انتقلت من مشاهدة الفلم في موعده المفترض الساعة الرابعة والنصف، إلى مشاهدته الساعة السابعة إلا ربع. مجموع ما دفعته 775 ريالًا، أي 205 دولارًا. مبلغ برأيي لا يستحق أي فلم أوسكاري دفع هذا المال لمشاهدته، فما بالك بفلم عربي بالتأكيد لا يستاهل العَنْوة! (يستاهل العنوة يعني يستحق العناء في الدارجة الكويتية).

بعد دخولي منقطعة الأنفاس دار العرض الفاخرة (وأنا متبهذلة من الزحمة والمطر) جلست على مقعدي الوثير في الصف الأخير وأنا أغلي من الغضب (فأنا لا أتساهل أبدًا مع هدر مالي الذي أشقى في جمعه، والمفترض أن أعتمد عليه في كهولتي وشيخوختي بصفتي امرأة عزباء.) وما أن بدأ عرض الفلم مع المشهد الافتتاحي، لمعجب في باريس عالق في زحمة السير، في طريقه إلى حضور الست أم كلثوم على مسرح الأولمبيا، وجدتني أبكي بحرقة.

تلك كانت نوبة البكاء الأولى من خمس نوبات مماثلة.

الفلم ليس سيرة ذاتية بل حالة شعورية

سبق لي أن شاهدت أفلامًا تتناول السيرة الذاتية لمطربين ومطربات أثَّروا في الحالة الوجدانية لدى جمهورهم وأوطانهم والعالم بأسره، منها «La Vie en Rose» عن إديث بياف، و«Elvis» عن إلفيس بريسلي، و«Walk The Line» عن جوني كاش. ومؤخرًا شاهدت فلم «A Complete Unknown» عن بوب ديلان ولم أستطع من شدة الملل -وميله إلى عرض صورة مثالية لبوب ديلان- إكمال مشاهدته.

إذا استثنينا فلم بوب ديلان، فالأفلام الثلاثة الأولى تتعرَّض للحظات الضعف في حياة أولئك الأساطير أكثر مما تعتمد على لحظات النجاح. وغالبًا ما يبدأ الفلم بالصعود الصاروخي للنجومية من لا شيء ومن ظروف قاسية، غير أننا كمشاهدين نتوقع ونتحيَّن رؤية السقوط أيضًا والذي لا يبخل علينا الفلم بعرض إشاراته الأولى. ليختم الفلم الرحلة بما نريده كجمهور محب للأسطورة: أغنية البعث والانتصار بعد الآلام العظيمة.

هذا القالب القصصي لا يعمد إلى تعريفك بالأسطورة الغنائية، بل يعمد إلى خلق حالة شعورية لديك تجاهها. وهذه الحالة الشعورية تلعب على وترين أساسيين لدى المشاهد: أنسنة الأسطورة وتبيان عنائها وكسر وهم سعادتها المطلقة تحت الأضواء. والوتر الثاني منحك الوهم الشعوريّ بأنك في المسرح أمام الأسطورة وهي تؤدي. وإذا كنت من الجيل الذي لم يحضر أبدًا لها، فهذا الشعور الوهمي يتضاعف لديك، ويسهِّل استغراقك في عالم الفلم. أما إن كنت من الأجيال التي حضرت لها، يصعب على الوهم التغلغل فيك.

فلم «الست» لم يخرج عن هذا القالب الهوليوودي الجاهز، والسيناريو ليس إبداعيًّا على الإطلاق لا من حيث الفكرة ولا المضمون، وإن استطاع إلى حدٍّ ما تطبيقه. لكن الفلم كسر قالب تناول سيرة أساطير الفن العربي التي تعتمد غالبًا على تقديسها بالمطلق، وحبس شخوصها في قالب جامد قد يكون أحيانًا أقرب إلى الكاريكاتوري، على الأخص في المسلسلات التلفازية، ومن ضمنها حتى مسلسل «أم كلثوم» رغم نجاحه الباهر. وبالطبع لا ينسى أحدنا المسلسل الكارثي «السندريلا»!

وبسيرة السندريلا…

ما المشكلة مع منى زكي؟

دعنا نتفق على البديهي: إعلان الفلم كارثيّ ولم يخدم الفلم، وتحديدًا لم يخدم منى زكي. الإعلان جاء مشتتًا، متفاخرًا، يستعرض في المقام الأول كمّ مشاهير الممثلين الذين حشدهم في الفلم. وبالنتيجة لم يكن أمامنا جميعًا سوى التركيز على مدى مطابقة الملامح صوتًا وصورة. ولم يساعد منى زكي أنها منذ إعلان أدائها الدور صعب على الجميع الاقتناع بها. وأوضح الأسباب يعود إلى اختلاف البنية الجسدية والصوتية أساسًا بين المرأتين. وثانيهما فشلها الذريع في «السندريلا».

هذا الهاجس من كوارثية الأداء ممزوجًا بمنشورات السخرية والاستهزاء يسكنك مع بداية الفلم، لكن ما أن شاهدتُ ظهور «الست» الأول، ما أن رأيت تعاملها مع المتعهد الفرنسي، شعورها العالي بالاستحقاق، ما يسمى حقيقةً «احترام النفس» لدى المرأة في أعلى مقاماته والذي أفتقده في نفسي، نسيت منى زكي وصوتي الداخلي صاح «عظمة على عظمة يا ست!».

عزَّز هذه الصيحة فيَّ الموسيقا التصويرية لهشام نزيه، في مزجه بين شدو أم كلثوم «يا حبيبي» وموسيقا شبيهة بموسيقا «بيكي بلايندرز» (وهي الموجودة في الإعلان). هذه الموسيقا القصيرة ستتكرر، وقد يكون أبرز ظهور لها لدى جلوس «الست» على الأريكة في بيتها، في انتظار ذهابها إلى المستشفى لإجراء عملية. تضع ساقًا على ساق، وترفع سيجارتها إلى فمها، في مشهد يذكرك أيضًا بموسيقاه وتصويره وأضوائه بأجواء «بيكي بلايندرز».

«الست» ليست امرأة سهلة الانكسار. وهنا قد تكمن الإشكالية الأساسية.

برأيي نجحت منى زكي في تجاوز إشكالية التطابق في الملامح والصوت، وذلك باعتمادها على قدراتها التمثيلية في تجسيد الانفعالات الداخلية، لا سيما في لغة العين التي تكرَّر التركيز عليها على مدار الفلم، وصنعت بها أقوى المشاهد بنظري.

الإشكالية الأساسية تمثلت في تصوير أم كلثوم امرأةً ليست بالسهلة. ففي النظرة العامة عن المرأة، الناجحة منها خصوصًا، أي تصرف منها في الدفاع عن حقوقها وعن استحقاقها العالي في مالها وعملها الإبداعي، ووضع الحدود أمام الآخرين فيما يخص حياتها الشخصية وقراراتها، الأقربين منهم قبل الأبعدين، ومبادرتها باختيار شريك حياتها، يُنظَر إليه بصفات من قبيل «امرأة طماعة، بخيلة، عصبية، أنانية، مسترجلة». وهي نظرة وتوصيفات لا تنال من الرجل الناجح.

أضف إليها إشكالية أخرى تحملت وزرها منى زكي أيضًا، وهي الإشكالية التي تخص مدى تطابق الفلم مع السيرة الذاتية. إذ يرفع صناع الفلم أياديهم عنها منذ لقطة الاستهلال، بل في الإعلان ذاته، بجملة «مستوحى من أحداث حقيقية». وهذه سقطة تكرِّس التشكيك في طغيان الجانب المتخيَّل على الجانب السيريّ.

الانقسام الحاد حول «الست»

منذ العروض الأولى، استحال على أي مشاهد منا دخول الفلم دون تأثر بحالة الانقسام الحاد الحاصلة في منصات التواصل الاجتماعي. برأيي، الغضبة الكبيرة التي واجهها فلم «الست» من جمهور أم كلثوم، من الجمهور المصري تحديدًا وفي المقام الأول، غضبة مفهومة، وفي أغلبها نابع من غيرة المحب على محبوبه وغيرة شعب على رمز من رموزه. والإشادة الكبيرة التي نالها الفلم من الجانب الآخر أيضًا مفهومة، لأنَّ الفلم يجدد فيك حبَّ أم كلثوم، الأسطورة والإنسانة خلف الأسطورة.

وتستحق أم كلثوم منا إظهار هذا الحب الكبير لها، سواء في الغضبة أو الإشادة. لذا نأتي أخيرًا إلى السؤال:

هل الست تستاهل العنوة؟

تستاهل ❤️. 


السينما وُجدت لتبقى

متى تنسى الناس السينما؟ إذا كانت مجرد تجربة بحدود الساعتين، حالما ينتهي الفلم، تختفي من ذاكرتك. مبادرة «سينماء» من هيئة الأفلام انطلقت لتضيف للتجربة عمقًا وتأثيرًا يتجاوز قاعة العرض. من خلال مسارات متنوعة تهدف إلى إثراء المشهد السينمائي السعودي، ودعم المواهب النقدية، وصناعة محتوى يليق بتاريخ السينما ومستقبلها.

اعرف أكـثر


Ray» (2004)»
Ray» (2004)»

  • يُعرض اليوم الخميس في صالات السينما السعودية فِلم «صوت هند رجب»، من إخراج كوثر بن هنية. يستند الفِلم إلى قصة الطفلة الفلسطينية هند رجب، ويروي لحظات محاصرتها داخل سيارة في غزة بينما يبقى متطوعو الهلال الأحمر على اتصال هاتفي معها.

  • كما يُعرض في اليوم نفسه فِلم «Avatar: Fire and Ash»، من إخراج جيمس كاميرون، وهو الجزء الثالث من سلسلة «Avatar». يستكمل الفِلم أحداث «باندورا» مع تصاعد الصراع بعد مواجهة «جيك سولي» و«نيتيري» قبيلة «نافي» جديدة أكثر عدوانية.

  • أعلنت الأكاديمية انتقال حفل توزيع جوائز الأوسكار إلى البث الرقمي الحصري عبر منصة يوتيوب ابتداءً من عام 2029، منهِيةً شراكة استمرت عقودًا مع شبكة «ABC». ووفق الاتفاق الجديد، سيُبث الحفل مباشرة عبر يوتيوب مع إتاحة المشاهدة عالميًّا.

  • كُشف عن الإعلان الأول لفِلم ستيفن سبيلبرق القادم «Disclosure Day»، وتدور قصته حول إعلان رسمي عالمي يكشف حقيقة غير مسبوقة تتعلّق بوجود كائنات غير بشرية، مع تتبّع مجموعة من الشخصيات التي تتقاطع مساراتها مع هذا الإعلان منذ لحظاته الأولى، وما يتكشّف لاحقًا من معلومات وأحداث مرتبطة به. ومن المقرر طرح الفِلم في صالات السينما في 12 يونيو، 2026.

  • كُشف عن الإعلان التشويقي الأول لإحياء «The Muppet Show» في نسخة جديدة تحتفي بمرور خمسين عامًا على انطلاق البرنامج الأصلي. ومن المقرر عرض هذا الإصدار الخاص في 4 فبراير، 2026 عبر شبكة «ABC» ومنصة «+Disney».


ادّخر بذكاء من كل عملية شراء 🧠

كل ريال تنفقه يمكن أن يصنع فرقًا في مستقبلك المالي. «ادخار سمارت» من stc Bank حساب ادّخاري يعطيك 4% أرباح سنوية وتقدر تسحب فلوسك بأي وقت! ادّخر اليوم، واستثمر في غدك مع

«ادخار سمارت».


«I Walk the Line»(3:20)

Walk the Line
Walk the Line

تتكرر في أفلام السيرة الذاتية الموسيقية مشكلة تعامل الفِلم مع الأغنية بوصفها علامة شهرة لا فعلًا إنسانيًّا، فتكون الموسيقا مجرّد مادة تُستعاد من الذاكرة، لا اختبارًا حقيقيًّا لكيفية تحويل الصوت إلى سرد. لكن فِلم «Walk the Line» الصادر عام 2005 يبتعد عن هذا الفخ؛ فموسيقا الفِلم ليست استرجاعًا لمسيرة جوني كاش فقط، بل أداة لفهمه أيضًا، وصوت يتغيّر كلما تغيّر صاحبه.

يتتبع الفِلم رحلة جوني كاش منذ طفولته المثقلة بالفقد والشعور بالذنب، مرورًا ببداياته المتواضعة في تسجيلات «Sun Records»، ثم صعوده السريع وما تبعه من إدمان وانهيارات، وصولًا إلى إعادة تعريف ذاته فنيًّا وإنسانيًّا. وتُروى هذه الرحلة عبر نبرة صوته وطريقة أدائه، فكل مرحلة من حياة كاش يقابلها تغيّر واضح في الغناء.

موسيقا تُعاد صناعتها لا استعارتها

كان القرار الأكثر حساسية في صناعة موسيقا «Walk the Line» هو رفض استخدام تسجيلات جوني كاش الأصلية داخل الفِلم. فقد أُسند الإشراف الموسيقي والإنتاج إلى تي بون بيرنت، الذي رأى أن إعادة الأداء بصوت الممثلين سيمنح الفِلم صدقًا دراميًّا لا يمكن تحقيقه بالمواد الأرشيفية.

وبناءً على هذا التوجه، أدّى خواكين فينيكس وريس ويذرسبون الغناء بأنفسهما، وسُجّلت الأغاني خصيصًا للفِلم. وصرّح بيرنت في مقابلات له بأن الهدف لم يكن تقليد صوت كاش أو غيره من الفنانين في الفِلم، بل التقاط الإحساس الذي يسبق «الصقل التجاري».

ولم تُصمَّم عملية التسجيل لتبدو قديمة أو مقلِّدة لحقبة الخمسينيَّات، بل استُخدمت تقنيات حديثة مع المحافظة على بساطة التوزيع، بحيث يظل الصوت في الواجهة، وتبقى الآلات خادمة للأغنية لا متزاحمة عليها.

أبرز ثلاث مقطوعات

أغنية «I Walk the Line»

تمثّل هذه المقطوعة العمود الفقري لهوية كاش الموسيقية. وتعتمد على إيقاع متكرر وبنية لحنية صارمة تُعرف بأسلوب «boom-chicka-boom»، حيث يقود الإيقاع (القيتار والباس معًا) اللحن بلا تغيّر يُذكر طوال الأغنية. ويُستخدم هذا الانضباط الصوتي في الفِلم للإشارة إلى المرحلة التي يحاول فيها كاش ضبط حياته والتمسك بصورة ثابتة أمام الجمهور، حتى بينما تتآكل هذه الصورة داخليًّا.

أغنية «Folsom Prison Blues»

تقوم هذه المقطوعة على بساطة حادة تقنيًّا، مثل إيقاع مباشر وقيتار متكرر ومساحة واسعة للصوت كي يحمل العبء العاطفي. في سياق الفِلم، ترتبط الأغنية بعلاقة كاش بالسجن بوصفها فكرة إحساس دائم بالعزلة والذنب. واستخدامها في مشاهد فولسوم يمنح الأغنية بعدًا جديدًا، فتبدو أقل «استعراضًا» وأكثر اعترافًا شخصيًّا.

أغنية «Ring of Fire»

تمثّل هذه المقطوعة التحول العاطفي الأوضح في الفِلم. لحنها أكثر انفتاحًا، وإيقاعها أكثر دفئًا مقارنة بأعمال كاش الأولى، وتعتمد على جملة لحنية واضحة، مع توزيع أكثر «امتلاءً». وتُستخدم للتعبير عن علاقة كاش بجون كارتر بوصفها نارًا مزدوجة، أي مصدر إلهام وخطر في الوقت نفسه.

عبد العزيز خالد


فِلم «Bohemian Rhapsody»
فِلم «Bohemian Rhapsody»

اليوم نقول «أكشن» مع هذا المشهد من فِلم «Bohemian Rhapsody» الصادر عام 2018، من إخراج براين سينقر.

تتبع الحكاية رحلة فريدي ميركوري منذ بداياته مغنيًا مغمورًا يبحث عن صوته ومكانه، مرورًا بصعود فرقة «Queen» عالميًّا، ثم انكساراته الشخصية وصراعاته مع هويته وعلاقته بالفرقة، وصولًا إلى لحظة المصالحة مع ذاته ومع من حوله. وتُبنى هذه الرحلة الطويلة لتهيئة المشاهد نفسيًّا لذروة تُختصر فيها كل التحولات السابقة.

في هذا المشهد، تصعد الفرقة إلى مسرح حفل «Live Aid» أمام جمهور هائل في عام 1985، وفي توقيت يُفترض أنه غير ملائم لفرقة لم تكن في ذروة نشاطها آنذاك. لكن الفِلم يتعامل مع الحدث باعتباره اختبارًا لقدرة «فريدي» على أن يعود كما كان قائدًا ومركز ثقلٍ لمن حوله.

ومع أول تواصل مع الجمهور، يقدّم رامي مالك محاكاة لحركات فريدي ميركوري الشهيرة، بل ويوظّفها بوصفها نتيجة طبيعية لما مرّت به الشخصية. فربما قد شاهدتَ العرض الحقيقي ورأيت تصفيقه مع الإيقاع ورفعه لذراعيه والتفاته وهتافه للجمهور، لكنها محمّلة هنا بدلالة إضافية، لأنها تأتي بعد رحلة «سقوط ونهوض»، فنرى في هذه اللحظات إنسانًا يستعيد صوته ومكانته أمام العالم.

يعمل المشهد بوصفه إعادة تعريف للشخصية؛ «فريدي» الذي رأيناه منغلقًا ومتوترًا وممزقًا في مشاهد سابقة، يقف الآن بلا أقنعة، ليس لأنه تخلّص من أزماته، بل لأنه تعلّم كيف يتحملها. وهذا ما منح إعادة تمثيل الحركات المعروفة وقعًا مختلفًا؛ فكل حركة صارت «نتيجة». 

بعد مشاهدة هذا المشهد ضمن سياق الرحلة كاملة، تختلف تجربة العودة إلى العرض الحقيقي لـ«Live Aid»؛ فقد زرع الفِلم هذه الطبقات النفسية في وعي المشاهد، لتُعاد قراءة الأداء الحقيقي بنظرة أعمق. وينجح المشهد لأنه لا يكتفي بإعادة خلق لحظة شهيرة، بل يعيد شحنها بالمعنى.

تُوّج أداء رامي مالك في دور «فريدي ميركوري» بفوزه بجائزة الأوسكار عن أفضل ممثل في دور رئيس. ولم يكن فوزه مكافأة على التشابه الشكلي أو إعادة تمثيل حركات أيقونية، بل اعترافًا بقدرته على تحويل شخصية معروفة عالميًّا إلى تجربة إنسانية.

عبد العزيز خالد



فقرة حصريّة

آسفين على المقاطعة، هذه الفقرة خصصناها للمشتركين. لتقرأها وتستفيد بوصول
لا محدود للمحتوى، اشترك في ثمانية أو سجل دخولك لو كنت مشتركًا.

اشترك الآن

في عام 2004، بدأت فكرة كتابة عمل يتمحور حول مسيرة الفنان «إيزي إي» بمبادرة من كاتبين، ووُضع النص الأول في ظل اهتمام محدود من الاستوديوهات بمثل هذه القصص. لكن سرعان ما اصطدم المشروع بتعقيدات حقوق الموسيقا وتردّد الشركات في تمويل حكاية فنان أثار جدلًا واسعًا في أغانيه وتصريحاته، ما أدى إلى تعثر المشروع لسنوات دون أن يبلغ مرحلة التنفيذ. 

لاحقًا، تدخل «آيس كيوب» (صديق «إيزي إي») وغيّر مسار الفكرة، رافضًا اختزال القصة في سيرة فردية، ومصرًّا على تحويلها إلى سرد جماعي يحكي تجربة فرقة «N.W.A» ومؤسسها «إيزي إي». وقد أعاد هذا التحول كتابة النص، بل ورفع تكلفته، فتوقف المشروع شبه رسميًّا، قبل أن يجد طريقه أخيرًا مع انضمام إف. قاري قراي للإخراج، وموافقة الفنان «د.دري» على المشاركة إنتاجيًّا مع «آيس كيوب».

وبهذه المعلومة نستهلّ فقرة «دريت ولّا ما دريت» عن فِلم «Straight Outta Compton» الصادر عام 2015:

  • امتدّت النسخة الأولى من الفِلم إلى ثلاث ساعات ونصف، وتضمنت مشاهد حُذفت لاحقًا، من بينها حادثة اعتداء «د.دري» على الصحفية دي بارنز، وإصابته بأربع رصاصات في ساقه. أثارت هذه الاختيارات التحريرية لاحقًا موجة انتقادات، خاصة مع اتّهام الفِلم بتجاهل تاريخ «د.دري» العنيف، وهو ما علّق عليه المخرج إف. قاري قراي بقوله إن هذا المسار «لم يكن الطريق الذي أرادوا سلوكه».

  • خضع ممثلو الفِلم لتجربة غير مألوفة في أثناء التحضير، إذ أعادوا تسجيل ألبوم «Straight Outta Compton» كاملًا بهدف التقاط الإيقاع الصوتي الحقيقي للشخصيات قبل التصوير.

  • قدّم أوشيا جاكسون الابن أوّل ظهور سينمائي له مجسدًا شخصية والده «آيس كيوب»، بعد استعداد امتد قرابة عامين، بطلب من والده الذي أراد تفادي أي شبهة «محاباة». المفارقة أن أحد مشاهد الفِلم تضمن حديث «آيس كيوب» عن «طفل قادم»، في إشارة واقعية إلى ولادة أوشيا نفسه عام 1991.

  • كان «إيزي إي» و«إم سي رين» العضوين الوحيدين في «N.W.A» المرتبطين فعليًّا بالعصابات، إذ انتميا إلى فرع «Kelly Park Compton Crips»، وكانت صداقتهما سابقة لتأسيس الفرقة الموسيقيّة، بما في ذلك الانخراط في تجارة المخدرات. 

  • رغم الدور المحوري لـ«إم سي رين» في الفرقة، خاصة بعد مغادرة «آيس كيوب»، ظهر في الفِلم شخصيةً هامشية، وهو ما أثار امتعاض بعض الجمهور، واستياءه الشخصي، مع تأكيده العلني دعمه للفِلم وصُنّاعه.

  • تجاهل الفِلم أيضًا إسهامات العضو المؤسس للفرقة «أرابيان برنس»، الذي اكتفى بظهور عابر، رغم تأكيده أن نصف مشاهد القصة تقريبًا شهدت وجوده الحقيقي، وأن جزءًا كبيرًا من الإنتاج المبكّر للفرقة قد تم باستخدام معداته الخاصة.

  • حقق الفِلم افتتاحية قياسية لفِلم سيرة موسيقية بإيرادات تجاوزت ستة وخمسين مليون دولار، وظل الأعلى في فئته حتى تجاوزه «Bohemian Rhapsody» عام 2018.

  • رغم الارتباط الوثيق للفِلم بمدينة كومبتون، لم يُعرض فيها لأنها لا تضم صالة سينما.

عبد العزيز خالد

النشرة السينمائية
النشرة السينمائية
أسبوعية، الخميس منثمانيةثمانية

مقالات ومراجعات سينمائية أبسط من فلسفة النقّاد وأعمق من سوالف اليوتيوبرز. وتوصيات موزونة لا تخضع لتحيّز الخوارزميات، مع جديد المنصات والسينما، وأخبار الصناعة محلّيًا وعالميًا.. في نشرة تبدأ بها عطلتك كل خميس.