«الرسالة واضحة: أنتم تعرفون لماذا أتيتم إلى هذه البطولة، وعلينا أن نحقق هدفنا معًا.» هذا ما قاله مدرب المنتخب السعودي هيرفي رينارد. وخلال هذه البطولة تحدث المدرب واللاعبون بشكل صريح جدًا وبشجاعة أمام وسائل الإعلام حول رغبتهم في الفوز باللقب والاستهداف المباشر والصريح له.

هذه الثقافة التي تدخل يومًا بعد يوم على المنتخب السعودي، والتي تدور حول الحديث الصادق مع وسائل الإعلام، مهمة جدًا لوصول الرسائل وتحويل التصريحات من مجرد تصريحات عابرة إلى أفعال حقيقية داخل أرضية الملعب. أتفهم جيدًا نقد من يرغب بمشاهدة المنتخب السعودي يقدم كرة قدم أفضل وسرعة أكبر ويحقق انتصارات بنتائج عريضة، ولكن هذا الحال ليس قريبًا أو ممكنًا بتغيير الجهاز الفني، وربما نتحدث عن هذا الأمر في وقت لاحق.

بالعودة إلى لقاء الأردن اليوم، سينتظر الجميع من اللاعبين الظهور بالشكل المطلوب فيما يخص القتالية وإظهار الرغبة بتحقيق الفوز داخل أرضية الملعب، وهي اللغة الأفضل في كرة القدم، لغة الأفعال وليست الأقوال.

لن تكون ليلةً سهلةً ولا أتوقع أن المباراة بالسهولة التي يتخيلها البعض. ستكون ليلةً صعبةً مليئةً بالتحديات والاختبارات، وربما ما يفصل اللقاء الشخصية التي سيظهرها اللاعبون داخل أرضية الملعب، وهذا ما نطلبه من لاعبي الأخضر.

ملعب ممتلئ ونصف نهائي كأس طال انتظاره و22 سنةً من الصبر أصبحت على مقربة من النهاية. وعليكم أيها اللاعبون تقديم كل شيء داخل أرضية الملعب لتحقيق هدفكم والعبور إلى نهائي البطولة والعودة إلى لوسيل الخميس المقبل.

ماذا قال هيرفي رينارد في المؤتمر الصحفي ؟

يصل هيرفي رينارد إلى قاعة المؤتمرات الصحفية في مركز قطر الوطني للمؤتمرات. وهذه المرة الأولى التي يواجه بها المدرب وسائل الإعلام بالبطولة بدون سؤال من وسائل الإعلام العربية عن غياب مشاركة اللاعب السعودي في الدوري.

قال في بداية مؤتمره عن استعداداتهم لمواجهة منتخب الأردن: «بعد أن تأهلنا إلى نصف النهائي الأهم أن نرتاح جيدًا، ونتعافى جيدًا، وننام جيدًا، ونأكل جيدًا، ونحضِّر جيدًا لمواجهة نصف النهائي. لذلك من وجهة نظر فنية وعلمية، اللاعبون مستعدون للمباراة.»

يضيف: «نحن متأكدون من أن المقاعد ستمتلئ غدًا، سألت نواف حول إسهاماته في ذلك بجلب المشجعين من الأحساء وقال نعم "يضحك". يجب علينا أن نشكر المشجعين الذي يأتون من المملكة على هذا الجو الذي يصنعونه بالملاعب. كان المشجعون السعوديون في آخر مباراة رائعين في المدرجات، ونحن ننتظر منهم مستوى الدعم نفسه. نعرف أنهم يأتون من أماكن بعيدة، ويقودون السيارات ويدفعون المال لدخول الملاعب، ونأمل أن نقدم لهم بالمقابل، ونتأهل إلى النهائي من أجلهم.»

عن علاقته بمدرب الأردن جمال السلامي الذي عمل معه في منتخب المغرب، قال: «هذا لا يفاجئني، لأن جمال السلامي صديق مقرب لي. هو أخ مغربي وأمضينا وقتًا طويلًا مع بعضنا، وكان مسؤولًا عن الفريق الأولمبي عندما كنت أدرب المغرب، ولديه عين ثاقبة في اختيار اللاعبين. وأنا مسرور جدًا من نجاحه في توصيل الأردن إلى كأس العالم ونصف نهائي كأس العرب، وعليه أن يتوقف الآن هنا في هذه البطولة "يضحك". أحبه كثيرًا وهو من أكثر الأشخاص المحترمين في المغرب، وأنتم تعرفون كل شيء عن علاقتنا.»

وعن غياب يزن النعيمات، قال: «متأسف للاعب وإصابته في المباراة السابقة، للأسف هذه كرة القدم، وقد يحصل ذلك مع أي لاعب، وحصل معنا سابقًا مع سلمان الفرج منذ عام. أتمنى له تعافيًا سريعًا ويجب علينا الحفاظ على اللاعبين الآخرين.»

وحول الطريقة التي أعدها لتحقيق الفوز قال: «نعرف جيدًا ما هو نموذج اللعب في المنتخب الأردني، هم يريدون الانتقال بسرعة إلى الهجمات المرتدة وهم سريعون وأقوياء على خطوط الدفاع، وهذا ما أثبتوه خلال البطولة وعبر نجاحهم في التصفيات. هم لا يترددون بمواجهة الخصم وعلينا الحذر، ولكن حضرنا مباراتنا بفضل مهاراتنا.»

وعن رسالته للإعلام السعودي الذي يتحدث بالتلفاز عن نقد التشكيلة ونظام اللعب، قال: «عندما تكون في عالم كرة القدم عليك تقبُّل النقد، فهو جزء من عملنا. ولكي أصدقك القول، هم يهدرون وقتهم لأننا لا نصغي إليهم، ونعمل بأفضل ما لدينا بنقاط قوتنا وضعفنا.»

يكمل: «أحاول تقديم أفضل ما لدي يوميًا، وبعد ذلك أحاول تحسين الأمور بقدر الإمكان مع اللاعبين. ولطالما قلت ذلك: إذا كنت لاعبًا سابقًا من السهل دائمًا أن تصبح بالاستديو بدلًا من أرض الملعب.»

قال: «عندما نحضر لمختلف المباريات هذا أمر نفعله منذ زمن، لا يوجد شيء يخيفنا. نذهب إلى الملعب بثقة عالية لأنك إذا شعرت بالخوف لن تتمكن من خوض نصف النهائي، وما يزودني بالثقة سلوك اللاعبين وكيف يحضّرون أنفسهم ويركزون على تحقيق الأهداف في البطولة وهو الأهم. في النهاية عندما ندخل الملعب وهو ممتلئ يملؤنا الشعور بالأدرينالين، لا أعرف إذا اختبرته أو لا، لكنه هو أمر رائع.»

وعن التواصل مع مدرب الأردن، قال: «بطبيعة الحال هو قادر على تقديم خدماته كمدرب لمنتخبات وطنية كبرى وهو ما أثبته مع الأردن القوي. وبطبيعة الحال لا نتواصل خلال البطولة، الكل يركز على فريقه لتحقيق أفضل نتيجة ممكنة. وقد تشاركنا بعض اللحظات عندما كنا بالمغرب، فشغف كرة القدم يجمعنا. جمال مؤهّل، وكما قلت، هو أنجز تصفيات مميزة جدًا وقاد الأردن إلى نهائيات كأس العالم.»

أما عن الوعد الذي يقدمه للجماهير قال: «نعرف ما هي توقعات المشجعين ونعرف ما هي توقعات السعودية، ويمكننا أن نعدهم أننا سنفعل ما بوسعنا من أجل رفع راية السعودية.»

قال: «لم نأت إلى البطولة من أجل الخروج في نصف النهائي، جئنا هنا لتحقيق شيء مع اللاعبين والموظفين والمشجعين في السعودية، ولهذا السبب لا أفكر إلا بالتأهل إلى النهائي. ولكن كرة القدم هي كرة القدم ولهذا نحبها، لا شيء معروف فيها.»

يكمل: «لن تكون المباراة سهلةً، ولكن سنبذل ما بوسعنا من أجل التأهل.»

حول ردود أفعاله أمام الجماهير وخاصةً بعد الهدف الثاني للأخضر أمام فلسطين، قال: «لم أشعر أنني في حالة نرفزة أبدًا، حينها كنا قد حققنا هدفًا ولهذا السبب أرسلت أحد المساعدين إلى عبدالإله العمري ليجلبه كي يشارك. وقبل نهاية المباراة لا يمكننا التأكد من أي شيء، وعلينا التركيز على المباراة. اللاعبون مسرورون بالنتيجة، وعلينا تذكيرهم بالبقاء والتركيز، لا يمكن لشيء أن ينتهي قبل الصافرة.»

وعن رسالته الأخيرة للاعبين قبل مواجهة الأردن قال: «الرسالة بسيطة: أنتم تعرفون لماذا أتيتم إلى هذه البطولة ويجب علينا أن نحقق هدفنا معًا.»

وعن عدم تحقيقه للفوز بسهولة خلال البطولة قال: «نعم هذه البطولة صعبة، ونعرف أنه عندما نصل إلى ربع النهائي ونصف النهائي لن يتأهل إلا فريق واحد وتصبح المباريات أصعب. الكل يريد الفوز والوصول إلى أبعد مستوى، والكل يقاتل، والمباراة في بعض الأحيان متقاربة من بعضها البعض، ويبدأ اللاعبون بإتاحة بعض المساحات، ولهذا السبب لم نحرز هدفًا مبكرًا ولم نتمكن من إحداث الفارق إلا في نهاية المباراة بعد الدقائق التسعين. وعلى أية حال تأهلنا وهذا المهم. وكما قلت قبل المباراة، كنا نعرف أن مواجهتنا أمام فلسطين لن تكون سهلةً.»

ماذا قال نواف بوشل في المؤتمر الصحفي ؟

يجلس بجانب هيرفي رينارد أحد أبرز اللاعبين الذين استغلوا الفرصة في السنة الحالية ليتحول من لاعب مهمش إلى لاعب أساسي في ناديه وفي المنتخب السعودي. يتحدث نواف بوشل في مركز قطر للمؤتمرات بكل هدوء.

يبدأ حديثه: «استعداداتنا قوية للمباراة القادمة أمام خصم محترم جدًا وإن شاء الله نحقق التأهل.» ويضيف: «بالنسبة لجمهورنا يعطيكم العافية، دعمهم غير محدود لنا وبإذن الله نفرحهم بالتأهل.»

حول حديث هيرفي رينارد عن حاجة اللاعبين إلى مشاركة أكبر في الدوري قال: «طبيعي يحتاج اللاعب مشاركة أكبر، أكثر اللاعبين يرهقون ويتعرضون للتعب والإصابات بسبب عدم المشاركة، وهذه المشكلة كما ذكر المدرب ستُحَل إن شاء الله.»

وحول الاستفزاز الممكن حدوثه في الملعب قال: «الاستفزاز طبيعي في مجالنا وهذا شيء لا نركز عليه.» أما عن الرسالة التي يوجهها للجماهير السعودية قال: «الله يعطيكم العافية، احنا معكم أقوى وإن شاء الله نحقق إنجاز للبلد.»

يختصر نواف بوشل في إجابته ويجيب بشكل سريع بدون الدخول في تفاصيل أكثر، وهي حالة متكررة في لاعبينا بالمؤتمرات الصحفية.

منتخب تحت 23 سنة يعبر إلى نهائي الخليجية

بين مؤتمر هيرفي رينارد والحصة التدريبية للمنتخب السعودي، لُعِب لقاء على ملاعب أسباير للمنتخب السعودي تحت 23 سنة في نصف نهائي كأس الخليج، وهي محاكاة لما سيحدث للأخضر الكبير الموسم المقبل عندما يلعب كأس الخليج قبل الدخول إلى كأس أمم آسيا. فالأخضر الشاب يستعد للبطولة الآسيوية الشهر المقبل في بلادنا.

وقد نجح الأخضر بالعبور إلى نهائي البطولة الخليجية بالفوز بنتيجة (2-0).

عندما تابعت الأخضر من مقاعد الإعلاميين دار التفكير حول هؤلاء اللاعبين الذين يمثلون مستقبل المنتخب السعودي الأول، وربما يقترب الكثير منهم من فرقة هيرفي رينارد. وأنا أنظر إليهم كان السؤال الأكبر: هل هيرفي رينارد مهتم؟ هل يعرف شيئًا عن قدرات اللاعبين؟

وفجأةً يظهر هيرفي رينارد لمتابعة اللقاء عند الدقيقة 20 حتى نهاية الشوط الأول ثم ذهب مع بداية الشوط الثاني للاستعداد للتدريب. يعاني المنتخب السعودي من نقص في بعض المراكز، وقد يوفر منتخب تحت 23 سنة الحل الأكثر منطقيةً للمنتخب السعودي الأول قريبًا

هناك مواهب عديدة في هذا المنتخب وستصبح قريبًا غير مؤهلة للَّعب مع منتخب تحت 23 سنة، أبرزها لاعب نيوم وقائد الأخضر الشاب: عبدالملك العييري، الذي يقدم إضافةً مختلفةً ومرونةً في قدرته على اللعب في أكثر من مركز.

ربما خط الهجوم هو أكثر الخطوط المقلقة في الأخضر، ولكن عند النظر إلى الإمكانيات والفرص الممكنة، يستطيع عبدالله رديف وثامر الخيبري الذهاب بعيدًا إلى قيادة هجوم المنتخب السعودي. ولكنهم بحاجة إلى مكان يلعبون فيه بشكل مستمر، بخاصة عبدالله رديف الذي يحتاج إلى المشاركة المستمرة إذا أراد أن يصبح المهاجم الأول في كرة القدم السعودية، ولديه فرصة لتحقيق ذلك.

وثامر الخيبري أيضًا لديه إمكانيات رائعة وقابلة للتطور، ولديه بنية جسدية ضخمة مع مرونة وسرعة، وهذا أمر سيساعد اللاعب كثيرًا على التأقلم مع اختلاف أساليب اللعب. ولكن عليه أن يلعب أكثر وأكثر وأكثر.

سيغذي هذا المنتخب الشاب -قريبًا- المنتخب الأول، وهو منتخب زاخر بالمواهب التي تستطيع الذهاب بعيدًا، ولكن العائق الأبرز والمشكلة الكبرى التي تواجه كرة القدم السعودية، كيف سيشاركون بشكل أسبوعي؟ كيف يتعاملون مع أنديتهم الحالية؟ وماذا عن الاحتراف الخارجي؟ كيف يُعزَّز دوري يلو ليصبح قاعدةً أساسيةً للمنتخب؟ 

نحتاج حلولًا خاصةً للمهاجمين الذين نملكهم في المنتخبات، ونساعدهم في عملية التطور المستمر ليصبح خط إنتاج المهاجمين عالي الجودة في كرة القدم السعودية.

الأطراف رهان المنتخب السعودي اليوم

أذهب إلى صديقي محمد البريكي كاتب نشرة بين الخطوط؛ لأتحدث معه حول اللقاء من الجانب الفني، وأطرح عليه بعض الأسئلة التي تشغل تفكيري قبل مواجهة المنتخب السعودي والأردني. وعلى الصعيد الشخصي أعتقد أن لقاء اليوم معقد والتفاصيل الصغيرة فيه هي العلامة الفارقة.

يقول محمد عن إصابة يزن النعيمات: «إصابة يزن من صالحنا بسبب كونه نقطة قوة للمنتخب الأردني من ناحيتين، كما أن منتخب الأردن يعتمد عليه بالتحولات وهو الهداف. ومتوقع أن تقل التحولات بسبب غياب يزن النعيمات.»

عن نقاط ضعف المنتخب الأردني قال محمد: «يعتمد المنتخب الأردني على الضغط العالي والضغط المتوسط ويكثف الضغط وتظهر أحيانًا مساحات في الأطراف ونستطيع استغلالها بوجود سالم الدوسري. وقد يبدأ هيرفي رينارد بعبدالرحمن العبود وليس صالح أبو الشامات لهذا السبب، ليصبح لديك سرعات في الأطراف؛ وهذا سيصنع فارقًا كبيرًا، وهي نقطة ضعف رئيسة.»

وعن ماذا نتجنب أمام منتخب الأردن قال: «توضح الإحصائيات أن الأردن أكثر فريق يحصل على ركلات الجزاء وغالبًا ما تأتي من الأطراف إلى العمق، ويخلقون كثافةً عدديةً في منطقة الجزاء، وأي خطأ يتسبب بركلة جزاء. كما يجب إغلاق الأطراف بشكل جيد، ولدينا مشكلة في الجهة اليسرى يجب الحذر منها وإبطال أي فعالية لمنتخب الأردن في الأطراف. والأمر الآخر هو الكرات الثابتة؛ هم متمكنون منها جدًا، ويجب ألّا نتسبب بركلات ركنية أو حرة كثيرة حول المنطقة.»

وختامًا، حول الرهان الكبير في المنتخب السعودي قال: «لدينا الضغط العكسي وهم بطيئون نوعًا ما بالبناء، ومن الممكن هنا خلق فرص من الضغط العكسي. اللاعب الذي سيصنع الفارق هو سالم الدوسري بكل تأكيد ومحمد كنو، ولكن لعب عبدالرحمن العبود قد يسبب مشاكل للمنتخب الأردني على الأطراف. سأراهن على الثلاثة: سالم ثم كنو ثم العبود.»

انتهى الحديث.. حان وقت الأفعال في استاد البيت.. يرتفع الزخم.. ويعلم لاعبونا جيدًا أهمية اللقاء.. موفقين يا رب.