لماذا تفضّل مشاهدة البودكاست على سماعه؟ 📺

زائد: هل جربت تسليك بالوعة دماغك؟

مع نشر العدد اليوم أكون في الرياض الجميلة، لأحضر الاجتماع السنوي «شتاء ثمانية» وألتقي بكامل الفريق الإبداعي الرائع خارج حدود العمل عن بعد. ❄️❤️

لكن لحظة كتابتي هذه الفقرة كان لا يزال لدي يوم قبل السفر، وأحتاج إلى توضيب حقيبتيّ إلى جانب تعزيل غرفتي تمامًا استعدادًا لعمّال الدهان والأرضية وتركيب الأثاث، على أمل عودتي وعثوري على غرفتي جاهزة تمامًا. (أشك في ذلك لأني ببساطة لم أشتر الستائر ولا الإضاءة المعلقة حتى الآن.)

ومثلي مثل الكثيرين، تشكلت لديّ عادة تشغيل البودكاست على التلفاز في غرفتي، شيء أقرب إلى الخلفية الصوتية التي تشتت انتباهي عن قلق التعزيل والتوضيب؛ بجذبها تركيزي بين الفينة والأخرى على معلومة هنا أو تعليق هناك. وهذه الحلقة هي موضوع عددنا اليوم، عن يوتيوب الذي التهم البودكاست!

إيمان أسعد


رسم: الفنان عمران
رسم: الفنان عمران

لماذا تفضّل مشاهدة البودكاست على سماعه؟ 📺

إيمان أسعد

لن أكون الوحيدة إذا قلت أني بتُّ أستمع إلى البودكاست في يوتيوب. ليس هذا فحسب، بل بات الوسيط المفضل لديّ للاستماع. وطبعًا لا تفوتنا المفارقة هنا: أنَّ المحتوى الصوتي ما عاد يكفيه أن يكون صوتيًّا فحسب، بل تحوَّل إلى محتوى مرئي تلفازي. ويوتيوب، عملاقة المحتوى المرئي، تحولت إلى عملاقة المحتوى الصوتي. وهذه العملقة كانت كفيلة بقرار نيويورك تايمز إلغاء تطبيق محتواها الصوتي شهر أكتوبر الماضي الذي كنت مشتركة به، وإعادة دمجه في تطبيقها الأصلي، مع تركيزها على نشر برامج البودكاست كمحتوى مرئي على يوتيوب.

البودكاست الذي شاهدته عرفته من إشعار من «ذ أتلانتك» على الآيفون، عن حلقة جديدة من كاتب المحتوى التقني تشارلي وارزل، الذي تحوَّل إلى «بودكاستر» لدى «ذ أتلانتك» إضافة إلى رئاسته تحرير النشرة التقنية (Galaxy Brain). وذلك لكي يوسّع قاعدة متابعيه من خلال منصة مجانية، وبالتبعية تتوسع قاعدة المشتركين بالمنصة ذات المحتوى الحصري المدفوع. والعنوان كان «كيف التهم يوتيوب البودكاست والمحتوى التلفازي» (How YouTube Ate Podcasts and TV).

الحلقة امتدَّت على ساعة وتضمنت الحديث مع عدة ضيوف، وقد استوقفتني عدة مرات إلى حد الكف عن عملي ومشاهدة الحوار. ولنبدأ من هنا: لماذا أصبح المستمع يفضل المشاهدة على الاكتفاء بالاستماع؟

تجيب راتشيل مارتن -مقدمة بودكاست (Wild Card)- عن السؤال من زاوية «بناء الثقة»، قائلة: 

«أظن أنَّ الناس باتوا في حاجة إلى فهم مقدم البودكاست وضيفه وإبداء الثقة بهما. فإذا ما أردت توسيع قاعدة مستمعيك لا بد أن تمنحهم الشعور بأنهم يعرفونك شخصيًّا ويميزونك من بين مقدمي البودكاست الآخرين. وأهم خطوة نحو تحقيق ذلك أن تكشف لهم وجهك ووجه ضيفك ولغتكما الجسدية». وتكمل قائلة: «نحن نعيش في عالمٍ نضيق فيه من مشاعر الوحدة، وبتنا نحتاج إلى ربط مشاعرنا بالآخرين وتكوين علاقات معهم، حتى إن كان أولئك الآخرون مقدمي بودكاست.»

إجابتها مقنعة، لكن الزاوية الأخرى التي لم تتطرق إليها بقدر تطرقها إلى الثقة هي دور «مقاطع الفيديو القصيرة» في تشكيل علاقتنا بالبودكاست. أنا عن نفسي أعرف البودكاست الذي تقدمه من خلال متابعتي حساب منصة (npr) على إنستقرام.، وأول ما لفتني فيه، قبل أن يلفتني محتواه الممتاز وأسلوبها الشخصي في مقابلاتها مع ضيوفها، هو التصميم المرئي المميز من خلال ألوان الخلفية الساطعة.

غير أنَّ تفاعلي مع بودكاستها لا يتجاوز تفاعلي مع المقاطع القصيرة، وإلى اليوم لم أستمع إلى حلقة كاملة، إذ يأتيني الإحساس أنَّ الزبدة قد حصلت عليها من المقاطع سواء على حساب المنصة الرسمي أو الحسابات الشخصية. تلك المقاطع المرئية القصيرة التي يسهل تحويلها إلى «شورتس» على يوتيوب، تسهِّل على خوارزميات المنصة الترويج للبودكاست.

وترويج خوارزميات يوتيوب يتفوق على بقية الخوارزميات، مع ترجمة ذلك التفوق إلى كون يوتيوب المنصة الأولى للاستماع إلى البودكاست في أمريكا مع استحواذها على نسبة 31% من المستمعين، مقابل 27% لسبوتيفاي و15% لأبل.

وكما يقول وارزل، تلك المقاطع (short video forms) هي اقتصاد محتوى بأسره يقوم على «المحررين» (clippers). وهؤلاء هم أصحاب الحسابات في تك توك ويوتيوب وإنستقرام من يتقنون اقتطاع المقطع الصحيح من حلقة البودكاست الطويلة، ونشرها على حساباتهم القائمة على هذه المهارة.

الضيف الثالث، ديريك تومبسون، استوقفني أكثر من مرة، إذ أثار نقطة مهمة: نحن قد بتنا غارقين في ثقافة التلفزة إلى حد كلنا نريد الآن أن نكون على شاشة التلفاز. وقد يعود الفضل هنا إلى تك توك أكثر من يوتيوب، في تعزيز هذه الرغبة لدى الجميع؛ إذ بتنا نصنع محتوى تلفازيًّا متكاملًا حتى عن أبسط أحداث يومنا.

واستغراقنا في هذا المحتوى من خلال مقاطع الفيديو القصيرة أعاد في أدمغتنا تشكيل تجربتنا في التلقي، إذ بتنا بحاجة ماسة إلى حاسة «الإبصار» لكي نستطيع إدراك ما «نسمعه». أي ما عدنا مرتاحين إلى الاتكال على حاسة واحدة، بات علينا تشغيل كل حواسنا في أي عملية تلقِّي. وربما هذا من العوامل التي أثرت أيضًا في صعوبة اتكالنا على القراءة فحسب، المعتمدة أساسًا على حاسة واحدة هي «الإبصار». أيضًا، كما أشار تومبسون، بتنا عاجزين عن البقاء وحدنا مع أفكارنا فترةً طويلة، والأسهل علينا إغراق تفكيرنا الداخلي بأفكار الآخرين، صوتيًّا ومرئيًّا.

ومع هذا الغرق، أصبحت فوضى الحواس هي علامة العصر الثقافي الذي نعيشه اليوم، حيث ما عاد يكفينا السمع لكي نستمع إلى البودكاست.



جربَّت تسليك بالوعة دماغك؟🪠

اقتنيت قبل فترة كتاب (The Artist's Way) الهادف إلى استعادة قدراتك الإبداعية. وقد بدأت محاولة تطبيق أفكاره، رغم أني لست من المؤمنين بشدة في هذا النوع من الكتب، وهذا النوع من التمارين. لكن لم لا نجرب؟

منذ أسبوعين تقريبًا وأنا أطبق تمرين «صفحات الصباح» (Morning Pages). ويقوم هذا التمرين على إلزامية كتابة ثلاث صفحات قبل فعل أي شيء في يومك، وألا تفوِّت التمرين تحت أي ظرف. الهدف من التمرين ليس أن تتقن الكتابة، بل الهدف ببساطة تسليك البالوعة المسدودة في دماغك!

فالحوض الإبداعي في دماغك -حيث يفترض أن تستمد منه الأفكار وتملأه أنت بالمعرفة والإلهام- يحدث أن يتعرض لانسداد، وغالبًا هذا الانسداد يعود إلى تراكم أفكار سلبية كثيرة رميتها في ذاك الحوض. والطريقة الفعالة لتسليك هذا الانسداد أن تضخ كل الهراء الموجود خارجًا، بكل نتانته. والوسيلة إلى تحقيق ذلك أن تكتب صباحًا ثلاث صفحات كاملة عن أي شيء يخطر على بالك.

الحكمة هي ألا تفكر مسبقًا قبل الكتابة، دع الأفكار تندفق من دماغك إلى الورقة دون تصحيح. غالبًا هي أفكار سخيفة ومشاعر سلبية ومخاوف غير منطقية، المهم ألا تتوقف يدك عن الكتابة (أجل، يجب أن تكون الكتابة بخط اليد لا على شاشة حاسوب.)

بوسعي القول إنَّ التجربة بدأت تؤكل ثمرها. إذ ثمة شعور بأنَّ الحوض بدأ ينظف والأفكار بدأت تصفى. لكن التحدي الآن يكمن في استمراري على التمرين وتحويله إلى عادة يومية، لا مجرد تمرين محدد باحتياجي كلما انسدت البالوعة. 

إعداد 🧶

إيمان أسعد


ادّخر بذكاء من كل عملية شراء 🧠

كل ريال تنفقه يمكن أن يصنع فرقًا في مستقبلك المالي.

«ادخار سمارت» من stc Bank حساب ادّخاري يعطيك 4% أرباح سنوية وتقدر تسحب فلوسك بأي وقت!

ادّخر اليوم، واستثمر في غدك مع «ادخار سمارت».


  • «البدايات الحقيقية تبدأ دومًا بنا، حتى إن كانت الظروف الخارجية هي التي جذبت انتباهنا إليها.» ويليام بريدجز

  • القرية التي تسمي أطفالها بالصفير.

  • لماذا سيصعب علينا تمييز الصور المولدة بالذكاء الاصطناعي؟

  • صباح الخير من أيادي إسطنبول


نشرة أها!
نشرة أها!
يومية، من الأحد إلى الخميس منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+40 متابع في آخر 7 أيام