أين الجدوى في مشاريع البنية التحتية
تُقدم الحلقة خارطة طريق لتقييم الجدوى الاقتصادية الحقيقية لمشاريع البنية التحتية العملاقة

من أعقد القرارات اللي تواجه أي دولة: متى تبني مشروع بنية تحتية؟ ومن يموّله؟ وأيش الجدوى الحقيقية منه؟
الطرق والمطارات والجسور وحتى القطارات... كلها مشاريع تراها بعينك، لكنك لا ترى بسهولة عائدها على الاقتصاد. تجد مشاريع تكلف المليارات، بس ما تقدر تحط عليها رسوم دخول، ومع ذلك تُعد ضرورية! طيب كيف نحسب جدواها؟ وكيف نقرّر البدء فيها من الأساس؟
في حلقتنا اليوم مع محمد آل جابر وهادي فقيهي، نتعمق في هذه الأسئلة ونناقش كيف تتخذ الدول قرارات مصيرية بهذا الحجم، ومتى تكون المجازفة محسوبة اقتصاديًّا.
نقاش يكشف لك البنية التحتية من منظور اقتصادي بديع جدًّا.


في عام 2003، قررت حكومة لندن تطبيق فكرة غريبة نوعًا ما في ذلك الوقت، إذ فرضت رسومًا على السيارات التي تدخل وسط المدينة خلال أوقات الذروة. واجه القرار هجومًا واسعًا، ووصفه البعض بأنه ضريبة ضد الفقراء، أو محاولة للتضييق على الناس في تنقلهم اليومي.
لكن ما بدا حينها إجراء إداريًّا قاسيًّا، تحول خلال سنوات قليلة إلى تجربة عالمية في فهم قيمة الوقت. فخلال السنوات الأولى من تطبيق القرار، انخفض الازدحام المروري في وسط لندن بنحو 30%، وارتفعت السرعات المتوسطة داخل المنطقة بما يترواح بين الربع والثلث تقريبًا، وزاد استخدام الدراجات، وتحسن أداء النقل العام بصورة لافتة.
الأثر الاقتصادي
عندما قدّرت الحكومة قيمة الوقت الذي جرى توفيره بناءً على عدد الرحلات، والدقائق التي اختُصرت يوميًّا، ومتوسط قيمة وقت المسافرين، وجدت أن المنافع السنوية الناتجة عن تقليل الوقت المهدَر في الزحام تُقدَّر بنحو 200 مليون جنيه إسترليني في المنطقة الأصلية للرسوم. لم تكن القيمة من الرسوم نفسها، بل من الزمن الذي لم يعُد يُهدر في الاختناقات.

«برق» محفظة تقنيّة ماليّة💸
الخدمات، البطاقات، والمنتجات ما عليها أي رسوم.
والكاش باك، على الحوالات الدولية وتحويل رواتب العمالة، وبطاقة فيزا ومدى!
محفظة .. تعطيك ما تأخذ منك!

لا يُقاس كل شيء بالريال فقط
من أحمد الهلالي ✍🏼
في كل مرة يُطرح فيها مشروع بنية تحتية ضخم، سواء كان مطارًا أو ميناء أو شبكة قطارات، يتكرّر سؤال: هل يستحق هذا المشروع كل هذا الإنفاق؟ وفي خلفية هذا السؤال، تنشأ جدلية معقدة تتعلق بكيفية قياس الجدوى الاقتصادية لمشاريع غالبًا لا تعود أرباحها بشكل مباشر، ولا تُقاس بكم تذكرة بيعت أو رسوم جمعت. في الواقع، معظم مشاريع البنية التحتية هي استثمارات في المستقبل، وفي الإنتاجية، وفي اختصار الوقت، وفي فتح مناطق جديدة للحياة والنمو، لكنها لا تتيح دائمًا عائدًا ماليًّا سريعًا أو مباشرًا.
العوائد في هذه المشاريع غالبًا ما تكون غير ملموسة، لكنها قابلة للحساب. على سبيل المثال، الجسر (الكوبري) الذي يختصر إشارة واحدة قد لا يبدو مشروعًا استثماريًّا تقليديًّا، لكن إذا حسبنا عدد السيارات التي تمر يوميًّا، وضربناها في عدد الدقائق التي جرى توفيرها، وضربنا هذه القيمة في متوسط الأجر، سنكتشف أننا أمام مشروع له عائد اقتصادي ملموس، حتى لو لم يُجمع منه أي ريال بصورة مباشرة.
حتى إن دراسات حديثة استخدمت بيانات من تطبيقات التنقل لتقدير حجم الوقت المهدر في الشوارع الرديئة أو المزدحمة، وخلصت إلى أن الخسائر قد تصل إلى 43% من وقت المستخدمين مقارنة بالوضع المثالي. هذا الوقت الضائع هو تكلفة اقتصادية حقيقية، يدفعها الأفراد يوميًّا من حياتهم، وتدفعها الدولة على شكل إنتاجية مهدرة.
لكن حين تكون التكلفة خاصة والمنفعة عامة، يتردد القطاع الخاص في الدخول. هنا يظهر دور الدولة في تمويل ما لا يمكن خصخصته، وفي المقابل تنشأ فرص لشراكات ذكية. أحد هذه النماذج هو نظام البناء والتشغيل والتحويل (BOT)، حيث تتولى شركة خاصة تنفيذ المشروع وتشغيله لفترة طويلة، ثم تعيده للدولة بعد أن تسترد استثمارها. ومطار المدينة المنورة كان مثالًا على نجاح هذا النموذج، فقد بنته شركة خاصة بطاقة ثمانية ملايين مسافر، وتمكنت من تشغيله بنجاح، الأمر الذي شجع على توسعته لاحقًا.
وثمة نماذج أخرى أكثر تكاملًا، مثل التصميم والبناء والتشغيل (DBO) الذي تُعطى فيه مسؤوليات متكاملة لشركة واحدة، ما يضمن أن تكون الجودة من مصلحة المُنفّذ، لأن من سيتحمل نتائج التشغيل لاحقًا هو ذاته من نفّذ المشروع. حتى إن بعض الحكومات لجأت إلى نموذج «البيع ثم التأجير»، فتبيع أصولًا قائمة كالموانئ لشركة خاصة، ثم تستأجرها لتستمر بتقديم الخدمة، وتستخدم الأموال المتحصلة من البيع للاستثمار في مشاريع أسرع أثرًا.
الدرس الأبرز يأتي من الصين التي تملك اليوم أكثر من 70% من إجمالي مسافات القطارات السريعة في العالم. هذا استثمار ضخم، لكنه لم يُبْنَ من أجل الربحية المباشرة فقط. فبعض الخطوط رابحة، وبعضها خاسر، ومع ذلك تستمر الدولة في التوسع، لأنها تدرك أن شبكة النقل نفسها تصنع سوقًا جديدة وتعيد توزيع النشاط الاقتصادي بشكل أذكى.
أما حين تغيب الرؤية، فإن أكبر الدول يمكن أن تفشل. مثلًا احتاج مطار برلين إلى ثلاثين سنة ليُنجز، وتضخمت تكلفته إلى أكثر من الضعف بسبب سوء التنظيم والتخطيط. وفي إسبانيا، بُنيت مطارات في مدن بلا كثافة سكانية كافية، فأُغلقت خلال عامين من تشغيلها.

كيف تتخيّل بيت العمر؟ 💭
مسكن متكامل ومريح، موقعه قريب من كل شي، وفيه كل شي 🏡✨
موقفك الخاص، مصلى، مقهى،بقالة، صالة رياضية، وترفيهية!
هذي هي تجربة السكن في صفا 🔗
التجربة اللي تسبق الحاضر وتنبض بالحياة 🖼️🥁

كلّ أربعاء يقدم محمد آل جابر وهادي فقيهي تحليلات وإجابات مبسطة للأسئلة الاقتصادية المحيرة، ومع كل حلقة تصلك رسالة بريدية بمصادر ومعلومات ووجهات نظر مختلفة لم يتسع لها وقت الحلقة.