هل يمكن تفسير الموسيقا؟ 🎶
زائد: الإيكونومست اختارت كلمة عام 2025!
إذا سألوك ما الكلمة التي تلخِّص لك 2025، ماذا ستختار؟
الإيكونومست اختارت كلمة (slop) أي «الهراء». وقد انبثقت هذه الكلمة للشهرة بعد دخول الذكاء الاصطناعي مجال إنتاج مقاطع الفيديو القصيرة على منصات التواصل الاجتماعي -لا سيما برنامج «سورا» من «أوبن إيه آي»- لتصبح مرادفًا للحالة الإبداعية المتردية والفائض الإنتاجي المتدني المستوى.
وفي خبر آخر، أعلنت نتفلكس صفقة شرائها «وورنر بروذرز»، وبالتبعية «أتش بي أو». 🤷🏻♀️
في عددنا اليوم، يبحث محمود عصام في قدرة الموسيقا المصاحبة للمسلسلات والأفلام على تجسيد جوهر العمل الفني. وفي «شباك منور» أستعير فكرة من الروائية جيني إربنبيك حول اختفاء تفاصيل من حياتنا متى اختفت منها الأشياء. وفي «لمحات من الويب» نودعك مع اقتباس من عبدالرزاق قرنح عن الغضب، وعن الحزن في استغراقنا وقتًا طويلًا كي نجعل أمهاتنا فخورات بنا.🏅
إيمان أسعد

هل يمكن تفسير الموسيقا؟ 🎶
محمود عصام
لاحظتُ منذ الحلقة الأولى من مسلسل «كارثة طبيعية» أن الموسيقا التصويرية مختلفة بعض الشيء؛ إذ تظهر أصواتٌ بشرية تعيد تشكيل التيمة الأساسية لموسيقا المسلسل. ولم يطل استغرابي هذا، إذ أوضح المؤلف الموسيقي خالد الكمار أنّه نظرًا إلى كون المسلسل يتناول موضوع الإنجاب، فقد قرَّر أن يجعل التيمة الأساسية للموسيقا مُؤداة بصوت «جيش من الأطفال» يرد عليه «صراخ الأم».
الطريف أنَّ هذه التيمة الموسيقية، كلما عُزفَت خلال أحداث المسلسل، حتى من دون الأصوات البشرية، أشعر أنها بالفعل حوارٌ بين أطفالٍ وأمّهم. ولهذا تذكرت على الفور التحليل الاستثنائي للموسيقار هاني شنوده، الذي تناول فيه سيمفونية موتسارت الأربعين بصفتها حوارًا بين شخصين: الأول يسأل والثاني يجيب.
يؤكد شنوده أنَّ للموسيقا لغة: سؤالًا وجوابًا، جملة فعلية وأخرى اسمية، وهكذا. وكنت أظنُّ أن هذا مجرد تصوُّر شخصي لرجل يُعرَف عنه التجديد الموسيقي. غير أن التطبيق العملي لتتر «كارثة طبيعية» دفعني إلى البحث عن إجابة سؤال بسيط: هل يمكن تفسير الموسيقا على أنها محادثة حقيقية؟
تشير كاثرين هامبريدج، أستاذة علم الموسيقا، إلى أنَّ جذور هذا التصوُّر تعود إلى القرن الثامن عشر، حين ارتبطت الموسيقا بالحياة الاجتماعية إلى حدّ جعل الناس يتعاملون معها كأنها شكل من أشكال الحوار. وقد دفع هذا الملحنين إلى إطلاق أسماء دالّة على بعض مؤلفاتهم، مثل «قطعة موسيقية في صورة حوار» (pièce dialogué) أو «حوار بين ثلاث آلات موسيقية» (conversazioni a tre).
أكثر الأشكال التي رسّخت فكرة الموسيقا بوصفها محادثة كانت «موسيقا الحجرة»، والتي تُعرَّف بوصفها أحد أشكال الموسيقا الكلاسيكية. تُؤلَّف هذه الموسيقا بمجموعة صغيرة من الآلات، ومجموعة من الموسيقيين تكفيهم «حجرة» واحدة كما كان الحال قديمًا في قصور أوربا. وتمتاز بأن لكل آلة خطًّا موسيقيًّا مستقلًا، بخلاف الموسيقا الأوركسترالية التي يتقاسم فيها عدد من العازفين الخط نفسه.
وقد وصف الكاتب العظيم يوهان قوته موسيقا الحجرة (وتحديدًا موسيقا الرباعيات الوترية) بأنها «أربعة أشخاصٍ عقلانيين يتحاورون». فكل آلة تقدّم جملة أو لحنًا، ثم تأتي أخرى لتجيب أو تطوّر، في حركةٍ تشبه بنية الحديث البشري: طرحٌ واستجابة، فكرةٌ تُقدَّم وأخرى تتشكل من صداها.
يضيف الباحث والعازف إدوارد كلورمان أنَّ فكرة المحادثة الموسيقية لا تظهر فقط عند الاستماع أو التحليل، بل يعيشها العازفون أنفسهم أثناء الأداء. فالعازف لا يقدِّم جملة لحنية فحسب، بل يشعر بدوره أنه داخل «الحوار»: آلة تمهِّد، وأخرى تقاطع، وثالثة تمسك نغمة واحدة طويلة قد تمنع الانسجام الهارموني من التقدّم، كأنها شخصٌ في الغرفة يعرف ما يجب قوله ليحرّك النقاش، لكنه يختار تأجيله. بهذا تصبح المحادثة الموسيقية ليست مجرّد تعبير مجازي بل تجربة جسدية ونفسية داخل لحظة العزف.
الأمر لا يقتصر على الموسيقا الكلاسيكية، فهناك أسلوب موسيقي يُعرَف بـ«النداء والإجابة» يُستخدم في أنماط مختلفة مثل الروك والبوب. في هذا الأسلوب، تمثل جملة موسيقية النداء، فتأتي جملة أخرى لترد عليها مباشرة، سواء كانت صوتية أو آلية أو كلاهما، بما يجعل الموسيقا تشبه حوارًا حيًّا بين شخصين.
يشير أستاذ الموسيقا من جامعة كولومبيا ماريوس كوزاك إلى أنّ الموسيقا غالبًا ما تُعد توأم اللغة؛ فبينما تنقل الكلماتُ الأفكارَ والمعرفة، تنقل الموسيقا المشاعر. ربما هذا ما يفسِّر تحليل هاني شنوده لفكرة الحوار الموسيقي، بصفته حوارًا بلا كلمات، بل تفاعلًا بين مشاعر مختلفة تتبادل التعبير فيما بينها، وهي مشاعر يراها ضرورية لخلق الموسيقا حتى لو لم يدركها المستمع.
ومن هذا الفهم تحديدًا انطلق شنوده في تأليف الموسيقا التصويرية لفيلم المشبوه. إذ بينما يروي الفيلم قصة مجرم هارب، راحت الموسيقا تعبّر عن حيرته وصراعاته الداخلية، فتطرح أسئلة دون إجابات: هل سيتوب؟ هل يمكن أن يغيّره الحب؟ وهل يتركه الضابط الذي يلاحقه؟ وهكذا جاءت موسيقاه مرآةً لحالة التردد واللايقين التي يعيشها البطل.
والآن أستطيع، وأخيرًا، فهم سبب كون مقطوعة «لونجا 79» التي ألَّفها هاني شنوده قبل أكثر من أربعين عامًا مقطوعة مثالية تمامًا كموسيقا تصويرية لمسلسل «رامي»، عن قصة شاب أمريكي لأبوين مصريين مهاجرين، وبداخله عشرات الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات.


حياتك التي تختفي مع الأشياء!
إلى جانب قوائم المهام والأهداف، تنتابنا أيضًا رغبة جامحة في دخول العام الجديد متخففين من الزائد من الأغراض. وفي فورة تعزيل غرفتي وجدت شريط فيديو مكتوب عليه بخط يدي «ممنوع الشطب منعًا باتًا»؛ الخط نفسه يصيح التهديد والثبور لمن يجرؤ ويفعلها!
ليس لديّ جهاز فيديو، لكني أعرف أنَّ الشريط يحوي إما حلقة من مسلسل كنت أتابعه بشغف، أو مجموعة أغاني سجلتها من برامج القناة الفضائية المصرية، أو «ما يطلبه المشاهدون» على «أم بي سي»، أو لاحقًا «أم تي في» الأمريكية والهندية.
أتذكر ذاك الخوف من أنَّ المساحة المتبقية في الشريط قد لا تكون كافية للتسجيل القادم، فينقطع العرض ويفسد. أتذكر القرارات الصعبة حيال أي شريط نعود للتسجيل عليه، لنحكم بالإعدام على المحتوى الأسبق. كنا نسجل حينها لأنَّ الاسترجاع لم يكن سهلًا أو متاحًا، وإذا لم تحتفظ بأرشيفك التلفازي الخاص في بيتك فمن أين ستحظى بإعادة المشاهدة؟
هذا كله اختفى الآن، تفاصيل حياتية اختفت بالكامل لمجرد اختفاء شريط الفيديو. هذه الفكرة عن الاختفاء ليست من بنات أفكاري الأصيلة، بل تعود إلى الروائية جيني إربينبك إذ كتبت في عام 2009:
«تختفي الأشياء حين تُحرَم من أسباب وجودها، كما لو أنها هي الأخرى تجوع إلى الأسباب التي تدفعها إلى مواصلة الحياة، وهذا الجوع لا بد أن يُشبَع...وحين يختفي شيء من حياتنا اليومية فالكثير يختفي معه، أكثر من الشيء ذاته - طريقتنا في التفكير التي تواءمت مع وجوده تختفي معه، مشاعرنا حيال أسباب وجوده، اعتقادنا عما هو صائب وغير صائب، قدرتنا المالية على تحمل كلفة وجوده وكلفة افتقارنا إليه. الخيط هذا الذي كنا نرتق به ملابسنا ما عاد موجودًا في حياتنا على الإطلاق! ولماذا؟ لأنَّ الناس ما عادت ترتق ثيابها، تكتفي فحسب بشراء ملابس جديدة!»
إعداد 🧶
إيمان أسعد

ادّخر بذكاء من كل عملية شراء 🧠
كل ريال تنفقه يمكن أن يصنع فرقًا في مستقبلك المالي.
«ادخار سمارت» من stc Bank حساب ادّخاري يعطيك 4% أرباح سنوية وتقدر تسحب فلوسك بأي وقت!
ادّخر اليوم، واستثمر في غدك مع «ادخار سمارت».

«لا تخشَ الأماكن المظلمة في عقلك، وإلا سيُعمِي الغضب بصيرتك.» عبدالرزاق قرنح
في حال ما مرَّت عليك هذه الصفحة في حياتك!
إلى أي حد كانت أمك ستفتخر بك بعد فوزك بجائزة نوبل؟
أنا قد التحدي.


نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.