كيف يتعامل دماغك مع المال
رحلة في الاقتصاد السلوكي لفهم قراراتنا المالية، من المحاسبة الذهنية إلى تأثير بطاقات الدفع وحِيَل التسويق

هل مرّة شفت شيء عليه خصم 50% واشتريته بدون تفكير؟ أو حجزت تذكرة وما حسّيت إنها غالية إلا بعدين؟
غالبًا، حصل لك هذا الموقف. والسبب مو لأنك غير حريص، لكن لأنك إنسان! عقلنا أحيانًا يتصرف بطريقة غير منطقية أبدًا لما نجي نصرف، سواء بالبطاقات أو حتى بالكاش.
في هذه الحلقة من «آل جادي»، بنغوص في عالم الاقتصاد السلوكي والمالية الشخصية، وبنفهم كيف ولماذا نتخذ قرارات شرائية غريبة. ليش لمّا تدفع بالكاش تحس بـ«الألم» أكثر؟ وأيش سالفة المحاسبة الذهنية؟ وكيف العروض التسويقية تستغل ضعفنا البشري؟
كالعادة، مع محمد آل جابر وهادي فقيهي، في حلقة تمسّ حياتك المالية اليومية من أقرب زاوية ممكنة.


في عام 2025، نُشرت دراسة بعنوان (Spendception) قدّم فيها باحثان من جامعة شنقهاي مفهومًا جديدًا لفهم كيفية إنفاق الناس في ظل الدفع الرقمي. وكان السؤال الرئيس: هل المحافظ الرقمية تغيّر سلوك الشراء فقط؟ أم تغيّر حتى إدراك الشخص بأنه أنفق مالًا؟
للإجابة عن هذا السؤال، أجرى الباحثون استطلاعًا شمل 1162 شخصًا من شنقهاي، واستخدموا فيه استبيانات تقيس وعي الشخص بمصاريفه ومدى ارتباطه النفسي بالمال، وقارنوا بين من يدفعون «نقدًا» ومن يستخدمون بطاقات أو محافظ رقمية مثل «Apple Pay».
كانت النتائج لافتة: الأشخاص الذين يدفعون رقميًّا كانوا أقل شعورًا بإنفاق المال، وكانت قابليتهم للشراء العشوائي أو الاندفاعي أكبر، كما ظهر هذا التأثير أوضح لدى النساء. ما حدث فعليًّا هو أن الدفع الرقمي خلق نوعًا من «الانفصال العاطفي» بين الشخص وماله، وكأن النقود لم تعد تُستشعر حقيقة.

«برق» محفظة تقنيّة ماليّة💸
الخدمات، البطاقات، والمنتجات ما عليها أي رسوم.
والكاش باك، على الحوالات الدولية وتحويل رواتب العمالة، وبطاقة فيزا ومدى!
محفظة .. تعطيك ما تأخذ منك!

الناس لا تتعامل مع المال كرقم واحد
من أحمد الهلالي ✍🏼
لا يتعامل الناس مع المال بوصفه رقمًا موحدًّا. إذ إن ثمة ما يُسمى «المحاسبة الذهنية» التي تجعل لكل نوع من الصرف خانة خاصة في العقل. فصرفك على وجبة غداء يختلف عن صرفك المبلغ نفسه على منتج كمالي، مع أن الرقم لم يتغير، لكن الشعور بالخسارة يختلف من حالة لأخرى.
يظهر هذا بوضوح حين نقارن الدفع نقدًا مع الدفع بالبطاقة. فالدفع نقدًا يترك أثرًا نفسيًّا لحظيًّا؛ ترى المال يخرج من يدك وتشعر به. أما بالبطاقة، خصوصًا «Apple Pay»، فأنت تستطيع الشراء دون أن تمر بأي إحساس بالخسارة؛ مجرد لمسة على الشاشة وينتهي كل شيء.
هذا التغيير في الإحساس ينعكس على السلوك، إذ حين يختفي الألم المرتبط بالدفع ينفق الناس أكثر. ففي تجربة أُجريت على عشاء «عيد الشكر»، ظهر أن العائلات التي استخدمت بطاقات للدفع صرفت في المتوسط 21% أكثر من الذين دفعوا نقدًا. لم يكن الفرق في الأساسيات، بل في الكماليات: زينة، وشوكولاتة، وأشياء تمر دون مقاومة حين لا تذكّرك وسيلة الدفع بحقيقة أنك تفقد مالًا.
تعرف المتاجر هذه النقطة وتستغلها جيدًا، فتضع المنتجات غير الضرورية عند «الكاشير»، لأنهم يعرفون أنك في نهاية مشوارك داخل المتجر، بعدما قاومت كثيرًا وضعفت قدرتك على قول «لا». وهو ما يسمونه بـ«الإعياء الذهني»؛ ليست مكافأة، بل لحظة استسلام.
الأمر نفسه ينطبق على طريقة تسعير المنتجات، إذ لا يرتفع السعر، لكن تقل الكمية. فمثلًا علب المناديل كانت تحتوي على 100 منديل، ثم أصبحت تحتوي على 75، وأحيانًا 68. تصبح الأرقام غريبة حتى تصعب عليك المقارنة واتخاذ قرار واضح.
الناس لا يقيسون التوفير أو الخسارة بطريقة واحدة؛ فتوفير 5 ريالات في منتج سعره 15 يبدو فرقًا كبيرًا، والتوفير نفسه في منتج سعره 125 يعد بسيطًا، لأن العقل ينشغل بالنسب أكثر من الأرقام الثابتة.

كيف تتخيّل بيت العمر؟ 💭
مسكن متكامل ومريح، موقعه قريب من كل شي، وفيه كل شي 🏡✨
موقفك الخاص، مصلى، مقهى،بقالة، صالة رياضية، وترفيهية!
هذي هي تجربة السكن في صفا 🔗
التجربة اللي تسبق الحاضر وتنبض بالحياة 🖼️🥁

كلّ أربعاء يقدم محمد آل جابر وهادي فقيهي تحليلات وإجابات مبسطة للأسئلة الاقتصادية المحيرة، ومع كل حلقة تصلك رسالة بريدية بمصادر ومعلومات ووجهات نظر مختلفة لم يتسع لها وقت الحلقة.