في شمال السعودية، وبين الجبلين الأشهر أجا وسلمى، ظهر ديربي حائل للمرة الأولى خلال هذا الموسم في دوري يلو، وسط ترقب محلي كبير للديربي في المدينة. وتوافد 6320 مشجع إلى ملعب مدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد الرياضية ليشهدوا الديربي.

لم يقدم الديربي كرة قدم رائعة وسرعةً في الأداء، وذلك بسبب التوقفات الكثيرة والأخطاء المتكررة، كما أن غياب الأهداف أحبط الجميع. اللحظة الوحيدة التي شهدنا خلالها إثارة المدرجات والملعب هي لحظة طرد لاعب الجبلين.

في المجمل، نتيجة التعادل السلبي (0-0) أشبه بالخسارة للطائي وفقًا لمجريات المباراة، ونقطة مقبولة للجبلين الذي لعب أفضل بكثير بعد حصوله على الطرد واللعب بنقص عددي.

من الصعب جدًا ترشيح الجبلين والطائي للصعود إلى دوري روشن بنهاية الموسم الحالي عند مشاهدة أدائهما؛ وذلك لوجود خمسة إلى ستة أندية أجهز وأفضل بكثير من هذا الثنائي. وربما الفرصة الوحيدة لقطبي حائل هو المركز السادس، ومحاولة القتال على صعود من الملحق الذي قد يقبل بالمفاجآت.

يدرك الجميع هذه الحقيقة عند الحديث مع مشجعي الفريقين أو المسؤولين أيضًا في الناديين، وهي واقع للكثير من أندية يلو التي لا تقترب من أفضل أندية الدوري المتمتعة بلاعبين أفضل وبجاهزية أعلى لأسباب عديدة؛ قد يكون الجانب المالي أهمها. والجانب المالي يشكّل بصورة أو أخرى حاجزًا لتطوّر ثنائي مدينة حائل خلال السنوات الماضية، وسيكون التخصيص الحل الأنسب لهما.

أهمية الديربيات لكرة القدم السعودية

تحتاج كرة القدم السعودية كثيرًا إلى الديربيات الحقيقية  في المدن والمحافظات غير الرئيسة، كما هو الحال مع ديربي مدينة بريدة أو ديربي حائل. فالنجاح المجتمعي لديربي بريدة وديربي حائل درس من الدروس التي تحتاج المحافظات والمدن الأخرى إلى الاستفادة منها وتطبيقها على أرض الواقع.

ففي كرة القدم، وجود العداوة الرياضية والتنافس المحلي وانقسام المحافظات والمدن إلى فريقين أمر مطلوب لرفع المعايير والتحرك إلى أقصى الإمكانيات الموجودة. وديربي حائل بين الطائي والجبلين يكبر موسمًا بعد موسم، وسيصل إلى أقصى مراحله، وربما يحتاج الآن إلى الدخول في مرحلة جديدة مع التخصيص القادم.

لن نصنع دوريًّا ينافس الدوريات الخمس الكبرى بأربعة أندية فقط، ولن نصنع أمة كرة قدم تنافسية من أربعة أندية فقط، بل نحتاج إلى تجارب تشبه ديربي بريدة وديربي حائل في كل منطقة؛ لتعزيز المجتمعات البعيدة عن المناطق الرئيسة وصنع قصص وزخم مستمر حول كرة القدم السعودية.

في الموسم الماضي كان الاتحاد السعودي لكرة القدم قريبًا من إعادة ترتيب هرم كرة القدم السعودية واستحداث الدوري الوطني لأندية الدرجة الرابعة، وهذا قرار يخدم كرة القدم السعودية ومستقبلها ومجتمعاتها، ولكن جرى إيقافه من أندية تفكر على المدى القصير (ما الفائدة من ذهاب نادٍ من شمال السعودية إلى جنوبها أو العكس ليلعب مباراةً بدوري الدرجة الرابعة؟ وفي ظل تحديات تنقّل كبرى في السفر؟)

الفائدة الحقيقية عندما تلعب أندية الشمال معًا وأندية القصيم وأندية الجنوب بتنافس مباشر بينهم على الدوري الوطني. وكرة القدم السعودية تحتاج إلى ذلك، وعلينا التحرك سريعًا في هذا الجانب للمساعدة في صناعة ديربيات ومواجهات مثيرة بين المحافظات المجاورة في أنحاء البلاد أجمع.

الزي السعودي هو الطاغي في مدرجات حائل

عندما تشاهد مدرجات الطائي والجبلين اليوم، ستلاحظ أن الزي السعودي هو الزي الطاغي على المشجعين، شباب أو كبار سن أو أطفال، هذا الأمر ملفت وربما يكون نادرًا جدًا في مدرجات ملاعبنا.

ستشاهدون لاحقًا حلقة برنامج «قابل للنشر» على تطبيق ثمانية وستلاحظون ذلك على المشجعين. هذه ثقافة محلية هنا في حائل وهي قوة ناعمة لنا مستقبلًا بدخول الناديين إلى التخصيص. سيشاهد الجميع تنوعًا في كل شيء حتى في عادات المدرجات، حضور جماهيرهم في الزي السعودي الرسمي هو العادة، فلا يمكن نشر تصميم لتحفيز الجماهير بارتدائهم قميص النادي.

تجاريًّا ربما سيعاني النادي في بيع منتجاته بخاصة قميص الفريق (لم  أجد إجابةً إن كان الناديان يعانيان من ذلك فعلًا في مبيعات متاجرهم)، ولكن هذا المدرج شكلٌ آخر مختلف تمامًا عن المدرجات الأخرى في ملاعبنا. هناك مدرج جدة وهو مختلف عن مدرج الرياض، في الأحساء مدرج آخر، وفي القصيم شكل آخر، واليوم تدخل حائل الخط بقوة بطابع مختلف وأمر مستحدث مع هذه المدرجات، وفي الجوف أيضًا تُشكَّل هوية جديدة.

من يدري، قد نشيد بمدرجات الشمال مستقبلًا.

والآتي؟ جنوب بلادنا.