الاستقالة المؤجلة وإعادة البدايات⏳

زائد: تشتري كتبك من «شي إن»؟

هل ستشتري كتبك المرة المقبلة من «شي إن»؟

أعلاه عنوان الخبر على «نيويورك ماقازين»، والإعلان ليس طعمًا للفت انتباهك فحسب بل إعلان خبريّ حقيقي. فقد تعاقدت «شي إن» مع موقع (Alibres) المتخصص في بيع الكتب المستعملة، وستبدأ مع مئة ألف عنوان.

بضمّ فئة الكتب إلى منتجاتها، تلبي «شي إن» طلب زبائنها المهتمين بالقراءة لكن ترهقهم أسعار الكتب الغالية؛ فزبون «شي إن» يقرأ ما بين كتاب إلى ثلاثة كتب شهريًّا. وأكدت «شي إن» أنَّ القراءة ليست «هبّة» بل «أسلوب حياة».

سبق لي أن اشتريت من مواقع كتب مستعملة، وفي تلك المرات القليلة أجد أنَّ الكتاب الذي وصلني كتاب جديد لم يقرأه القارئ، ومن هنا قد تنجح «شي إن» في تنشيط سوق الكتب المستعملة وتحويلها إلى تجارة ناجحة للغاية. إذ يكفي أن تأخذ نظرة على مكتبتك وإدراك عدد الكتب التي لم تقرأها من كل رحلات الشراء الحماسية في معارض الكتاب، وقابلة للبيع! 😬

في عددنا اليوم، يتأملَّ محمد الأحمدي في عاقبة لا نلتفت إليها حين نؤجل قرار الاستقالة من الوظيفة. وفي «شباك منور» أحدثك عن أحداث الجمعة الطياريَّة لعلِّي أشجعك عليها. وفي «لمحات من الويب» نودعك مع اقتباس من جيمس كلير عن أفضل مخاطرة ممكن أن تأخذها، وما الفائدة من المشي لدى شروق الشمس ومغيبها. 🌞

إيمان أسعد


رسم: الفنان عمران
رسم: الفنان عمران

الاستقالة المؤجلة وإعادة البدايات⏳

محمد الأحمدي

«حينما أكتب أشعر أني رجلٌ بلا يدين ولا قدمين، يحمل في فمه علبة ألوان.» هذا اقتباس للكاتب الأمريكي كورت فونيقت دُفِن في عقلي منذ قرأته قبل زمن، ولم أتوقع إطلاقًا أن يفاجئني بظهوره في سياقٍ آخر عندما قررت مغادرة وظيفتي.

عزمتُ على الاستقالة مطلع هذا العام، حُسِم القرار بسبب رغبتي في البحث عن مكانٍ لا تضيع نفسي فيه، حالي حال كثيرٍ من الموظفين. ففي الوظيفة وجدت نفسي أبعد وأبعد عما يشبهها، حتى هجرت العديد من العادات وفقدت بوصلة الأحلام.

إلا أنني واجهت معضلةً في التوقيت؛ الشركة في منتصف مشروعٍ ضخم بقي على نهايته المدة نفسها التي مضت من بدايته، وهكذا قررت البقاء: مستوعبًا ضرورة بدء صفحة جديدة في حياتي ومؤجلًا إياها إلى موعدٍ غير قريب.

كبر حجم هذه البداية مع مرور كل يوم، ولم يحدث ما يحدث عادةً حينما نؤجل الحياة. فمنذ البداية أدركت احتمالية الوقوع في فخ تعطيل الحياة لخاطر البداية المؤجلة. وهكذا ظن الفتى الغر أنه خدع دنياه، مغترًّا بروتينه الذي لم يوقف أو يغيِّر أي شيء فيه: فاستمر يقرأ ويكتب ويشاهد الأفلام.

أما ما لم يحسب حسابه هو ما اختبأ في قلب هذا الاستمرار؛ اكتساب عادة بدء أمورٍ جديدة لا أنهيها. عادةٌ راحت ضحاياها كتب توقفت في صفحتها الخمسين، مسلسلات شاهدت حلقاتها الأولى بحماسة مفرطة حتى فقدت القصة جدّتها وأصبح مصير البطل غير مهم، ومشاريع شخصية أتوقف عنها بعد أن تتلاشى الرائحة الجديدة منها وتُفتَح من قراطيسها.

في فترةٍ ما خلال تلك الشهور الستة بدأت قراءة رواية «خط الدم أو حمرة الغسق في الغرب» وهي رواية كنت أريد الشروع في قراءتها منذ سنتين، ووصل حماسي لها إزعاج معظم أصدقائي عنها. بدت السلاح المثالي لكسر لعنة البدايات هذه. ثم حدث ما يخطر ببالك الآن بعد وصولك إلى هذا السطر من المقالة.

رغم اندهاشي بأسلوب الكاتب الغريب وإعجابي بشخصياته المعقدة، إلا أن في لحظة تجاوزي المقدمة تسللت إلى صفحات الكتاب الغمامة نفسها التي ستفقده سحره بعد جلسةٍ أو اثنتين.

وقتها عجزت عن تحديد السبب، وسيطر عليّ الشعور الذي يصفه كورت فونيقت، إلا أني الآن أدرك أن توقي وتلهفي إلى البداية الضخمة المؤجلة التي تحمل على كاهلها إيجادي لنفسي كما قلت، وهذا ضغطٌ عظيم، جعلني أدمن البدايات الصغيرة التي تحوَّلت إلى مخدرٍ يمد صبري حتى يأتي الموعد الموعود.

بوصولك إلى النهاية، قد تنتظر لحظة اكتشافٍ لحلٍ عظيم ستستخدمه في حال حصل معك هذا الموقف، أو قد تكون تمر به الآن، لكنّي آسف فأنا لا أملك جوابًا.

كل ما أعرفه حقًا أن تحديدي للمشكلة ومعرفة أسبابها بدقة يطمئنني إلى أني اكتشفت نمطًا، وأن المرحلة السابقة لم تكن معاناةً عبثيةً لا معنى لها. فيكفي سيزيف معرفة أن حمله الصخرة هذه المرة لم يكن اعتباطًا.



 عِشْ جمعة طياريَّة! ✈️

أقضي الآن آخر نصف ساعة من أربعين ساعة قضيتها في عمَّان قبل التوجه إلى بوابة الإقلاع، في أقصر إجازة سفر عشتها في حياتي. أكتب لك على اللابتوب بيدي اليمنى، حاملة في اليسرى فطيرة جبن عكاوي حيث غلب الجوع منطق احتمالات العدوى العالية من أكل المطارات. (ومناعتي مش هالقد أساسًا 🙂).

الهدف من الإجازة فعل شيء أفعله أيضًا لأول مرة في حياتي: حضور عرض ستاند أب كوميدي! عرض «لفّي بينا يا دنيا» للثلاثي اللبناني محمد الدايخ وحسين قاووق وحسين الدايخ. وانتهى بي الحال بأن قضيت الجمعة أفعل شيئًا لم أفعله منذ سنوات: احترام يوم الجمعة بصفته يوم راحة أسبوعي، من أوله إلى آخره.

بدأت الصباح مع قهوة في «رومي كافيه» في وسط البلد. وبعد القراءة وتصوير ستوري لإنستقرام، فطرت على سندويتش تركي وشاي زهورات الخزامى. كنت قد وصلت باب المقهى الساعة السابعة صباحًا بالضبط لأني خشيت ألا أجد طاولة، فأجواء المقهى رائعة وفي العادة يحتشد بالزبائن بسرعة. لكني كنت الأولى والطاولات كلها متاحة، جلست على طاولتي واستمتعت مدة ساعتين (ساعة قبل أن يحتشد المقهى، وساعة بعدما احتشد).

وفي لحظة، بينما كنت أنهض عن الطاولة، أوقفتني سيدة أنيقة من السعودية وظننتُ أني ربما نسيت شيئًا، لكنها تعرفت عليّ من تويتر وإنستقرام. كم سعدت للغاية وانتعشت روحي من حديثي الموجز معها، هي أيضًا كانت تقضي إجازتها في عمّان. ثم مشيت إلى «دار نعمة»، واشتريت لوحة صغيرة لعمّان أنوي تعليقها على حائط غرفتي التي حان الوقت لتجديدها وتعزيزها حدَّ النخاع في مشروع مؤجل منذ عام.

بعدها توجهت إلى «فن وشاي»، واستقبلتني صاحبة المقهى، الفنانة والمصورة ليندا خوري،  استقبالًا جميلًا ما أن رأتني، وتحادثنا عن إجازتي القصيرة التي شجعتني على تكرارها، كما شجعتني على الاشتراك في الفعاليات والورشات في عمَّان، واقترحت عليّ إحداها.

كذلك، ولحظة دخولي المقهى، التقيت بالرائعة لما رباح، زميلتي في ثمانية من بودكاست أصوات. لم نلتق منذ ثلاث سنوات وها التقينا صدفة في يوم الجمعة هذا. جمعتنا الطاولة وتحادثنا عن طموحنا ومشاريعنا.

وفي المساء، قضيت السهرة في حضور العرض الكوميدي، وسأترك تجربتي معه إلى تدوينة مفصلة عنه.

كل هذه الأحداث عشتها في يوم جمعة غالبًا أقضيه بإرهاق يشوبه الكسل والثقل والبلادة؛ عشتها في جمعة خفيفة طياريَّة ✈️.

أسمع نداء التوجه إلى البوابة، وإذا لم أنتكس صحيًّا من فطيرة العكاوي التي التهمتها توًا، بإذن الله سأعيد هذه الإجازة عن قريب😁.

إعداد 🧶

إيمان أسعد


ادّخر بذكاء من كل عملية شراء 🧠

كل ريال تنفقه يمكن أن يصنع فرقًا في مستقبلك المالي.

«ادخار سمارت» من stc Bank حساب ادّخاري يعطيك 4% أرباح سنوية وتقدر تسحب فلوسك بأي وقت!

ادّخر اليوم، واستثمر في غدك مع «ادخار سمارت».



نشرة أها!
نشرة أها!
يومية، من الأحد إلى الخميس منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+30 متابع في آخر 7 أيام