الحرب النووية كما روتها الأفلام
خوف أنتج موجة أفلام تبحث في العلاقة بين الحرب والتقنية


لم يقدّم فِلم «A House of Dynamite» طرحًا جديدًا بقدر ما ذكّرنا بأننا نعيش في عالم يشبه «بيتًا محشورًا بالمتفجّرات»، يكفيه خبر واحد ليظهر مقدار هشاشته.
لكن قوّة الفِلم ليست في الحدث، بل في المعنى الذي يلاحقه. فهو لا يرفع راية وطنية ولا يتظاهر بالقوة، بل يلتفت إلى ما هو أثمن من ذلك كلّه؛ إلى الناس الذين يتحمّلون تبعات القرارات قبل صنّاعها.
ولأن الفِلم منحاز إلى الإنسان، فإنه يكرر رموزًا مثل امرأة حامل، أو صورة عائلية على مكتب أحد المسؤولين، أو لعبة طفل؛ كونها عناصر تُرجع كل صراع جيوسياسي إلى حجمه الطبيعي، وتربطه بحيوات تنتظر من «يعود». وهذا صدى لفكرة رأيتها سابقًا في أفلام مثل «Civil War» مثلًا.
بعد مشاهدتي الفِلم، لم أتوقف عند توتّر الأحداث بقدر ما توقفت عند الفكرة التي ظلّ الفِلم يدور حولها: هشاشة هذا العالم لم تعد طارئة علينا، بل أصبحت جزءًا من يومياتنا.
عبدالعزيز خالد

يُعرض اليوم الخميس في صالات السينما السعودية فِلم «Wicked: For Good» من إخراج جون إم. تشو، وبطولة سينثيا إريفو وأريانا قراندي، ليقدّم الخاتمة التي طال انتظارها لقصة «إلفابا» و«قليندا» في أرض «أوز». تدور الأحداث بعد سنوات من التحوّل الكبير، إذ أصبحت «إلفابا» مطاردة وتُوصَف بـ«الساحِرة الشريرة للغرب»، في حين تعيش «قليندا» في الضوء بصفتها «الساحِرة الطيبة». لكن الاستقرار الظاهري في «أوز» يتشقّق مع تكشّف أسرارٍ سياسية قديمة، لتعود الصداقة المتصدّعة بينهما إلى الواجهة.
كما يُعرض في اليوم نفسه فِلم «Now You See Me: Now You Don’t»، مع عودة «الفرسان الأربعة» إلى مواجهة جديدة تعيد بناء عالم الخدع على نطاق أوسع. يحكي الفِلم قصة الفرسان بعد دخولهم في مواجهة مع خصم يعرف أسرارهم، ويضعهم أمام تهديد لا يمكن الهروب منه. فيبدأ الخصم بسحب الستار عن الخدع التي اشتهروا بها، ويدفعهم إلى ابتكار ألعاب جديدة.
صدر إعلان دعائي جديد لفِلم «Project Hail Mary» من إخراج فيل لورد وكريس ميلر، وبطولة رايان قوسلينق. يحكي الفِلم قصة معلّم يُرسَل في مهمة تبعد اثنتي عشرة سنة ضوئية عن الأرض، لإنقاذ البشرية بعد بدء تآكل الشمس. ويُعرض الفِلم في صالات السينما يوم 20 مارس، 2026.
صدر إعلان دعائي جديد لفِلم «Wake Up Dead Man: A Knives Out Mystery»؛ الجزء الثالث من سلسلة التحقيقات التي يتولّاها المحقّق «بِنوا بلانك». يحكي الفِلم عن جريمة غريبة تتمثل في وفاة «راعٍ كنسي» داخل صندوق خرساني أمام الحضور، فيُستدعى المحقق «بلانك» ليجد نفسه أمام مجموعة من الشخصيات التي تُخفي علاقات متشابكة وأسرارًا مرتبطة بالكنيسة والسلطة داخل المجتمع المحلي.
حقق فِلم «One Battle After Another» إنجازًا جديدًا في مسيرة بول توماس أندرسون، بعدما تجاوزت إيراداته العالمية حاجز 200 مليون دولار، ليصبح أول فِلم في تاريخ المخرج يصل إلى هذا الرقم.
تأكدت رسميًّا مشاركة ليوناردو دي كابريو وكريستيان بيل في فِلم «Heat 2» للمخرج مايكل مان، مع ترشيح كلّ من آل باتشينو وأوستن بتلر وآدم درايفر وبرادلي كوبر وتشانينق تيتوم. ولا يزال الاستوديو يعمل على إغلاق بقية الاتفاقات قبل بدء الإنتاج.

ادّخر بذكاء من كل عملية شراء 🧠
كل ريال تنفقه يمكن أن يصنع فرقًا في مستقبلك المالي.
«ادخار سمارت» من stc Bank حساب ادّخاري يعطيك 4% أرباح سنوية وتقدر تسحب فلوسك بأي وقت!
ادّخر اليوم، واستثمر في غدك مع «ادخار سمارت».



السينما وُجدت لتبقى
متى تنسى الناس السينما؟ إذا كانت مجرد تجربة بحدود الساعتين، حالما ينتهي الفلم، تختفي من ذاكرتك. مبادرة «سينماء» من هيئة الأفلام انطلقت لتضيف للتجربة عمقًا وتأثيرًا يتجاوز قاعة العرض. من خلال مسارات متنوعة تهدف إلى إثراء المشهد السينمائي السعودي، ودعم المواهب النقدية، وصناعة محتوى يليق بتاريخ السينما ومستقبلها.

«Main Title» (2:01)

.jpeg)
يُعدّ فِلم الخيال العلمي «Independence Day»، الصادر عام 1996، من أكثر أفلام التسعينيّات اعتمادًا على الموسيقا بوصفها العمود الفقري لإيقاعه. فرغم ضخامته البصرية ومشاهد الكوارث، يستمدّ الفِلم قوّته من الصوت الذي صمّمه المؤلف البريطاني ديفيد آرنولد؛ موسيقا ضخمة ووطنية النبرة، وتُؤدِّي دورًا أكبر من مرافقة الصورة.
يحكي الفِلم حكاية غزوٍ فضائي يبدأ بظهور سفن هائلة فوق مدن العالم، ثم يتحوّل إلى مواجهة بين حضارة بشرية وقوة فضائية لا تُظهر أي نوايا للتفاوض أو التفاهم. وتتقاطع خطوط الشخصيات -من طيارين وباحثين وسياسيين- في سباقٍ لالتقاط الخيط الوحيد الذي يمكن أن يغيّر مسار الصراع.
الأسلوب الذي أدار به آرنولد توتر الفِلم
بين ضخامة الحدث وتفاصيل الشخصيات، تتكفّل موسيقا آرنولد بتثبيت الجوهر العاطفي للفِلم. فهي تعطي الغزو الفضائي صوتًا صلبًا ذا نَفَسٍ عسكري، وتعطي المقاومة البشرية لحظة نهوضها لحنًا يُشبه النشيد.
المهم أن موسيقا «Independence Day» لم تُكتب على عجل أو لتكون مكوّنًا تجميليًّا. إذ أمضى آرنولد أشهرًا في بناء «هوية صوتية» للفِلم، تُوازن بين الخوف من المجهول -مثل السفن الفضائية- وبين شعور المقاومة الوطنية الذي أراد المخرج رولاند إمريش إبرازه.
ورغم أن آرنولد جاء من خلفية معروفة في موسيقا الأكشن، صاغ في الفِلم مزيجًا بين الأسلوب السيمفوني التقليدي والملمس الإلكتروني الخفيف، مستخدمًا السِنث لإبراز لحظات الرهبة ولحظات التوقّف قبل الانفجار. وعندما تهبط سفن الفضائيين أو تبدأ العدّ التنازلي، يعتمد آرنولد على جمل موسيقية قصيرة ومتوترة ومتكررة، لتُذكّر بأن الخطر موجود ولا يمكن الهروب منه.
أبرز ثلاث مقطوعات
مقطوعة «Main Title»:
تبدأ الافتتاحية بشعور قاتم يسبق الانفجار. وتدخل النغمات النحاسية تدريجيًّا، ثم تتوسع الأوركسترا لتخلق الإحساس بأننا أمام تهديد، وأن الصورة بحاجة إلى صوت يملأ فراغها. كما تُحدّد المقطوعة العلاقة بين البشر والفضائيين؛ علاقة خوف ثم مقاومة.
مقطوعة «The President’s Speech»:
تُستخدم هذه المقطوعة في مشهد خطاب الرئيس، أحد أشهر مقاطع الفِلم. لكن قوته تأتي من الموسيقا، إذ يترك آرنولد مساحة للصوت البشري، ثم يرفع اللحن تدريجيًّا مع جوقة تعلو ببطء، حتى يتحول المشهد من خطابٍ إلى إعلان معركة.
مقطوعة «The Darkest Day»:
من أوضح الأمثلة على طريقة آرنولد في بناء التهديد. وتحمل المقطوعة عنوان اليوم الذي تضرب فيه السفن الفضائية المدن، وتتحرك موسيقاها بين جُمَل نحاسية ثقيلة وإيقاعات تتصاعد تدريجيًّا، لتخلق شعورًا بالانهيار القادم لا محالة.
عبد العزيز خالد


اليوم نقول أكشن مع هذا المشهد من فِلم «Crimson Tide» الصادر عام 1995.
تتبع القصة الغواصةَ النوويّة «ألاباما» خلال مهمة طارئة بعد تهديد روسي. وفي قلب المهمة، ينكشف صراع حاد بين القائد «رامزي» ونائبه «هانتر» حول قرار إطلاق صاروخ نووي وصل أمره من القيادة برسالة مكتملة، ثم ظهرت رسالة ثانية لم تكتمل بسبب الهجوم.
في هذا المشهد تصل الأزمة إلى أعلى مستوى من التوتر. إذ يتمسّك «رامزي» -التقليدي- بالأمر الأول، ويرى أن الجيش يقوم على التنفيذ الفوري، وأن التردد قد يكلّف البلاد ضربة نووية حقيقية. في حين يقف «هانتر» على الجهة الأخرى ويطالب بالتأكّد من الرسالة الثانية قبل اتخاذ أي خطوة، لأن إطلاق صاروخ بهذه القوة دون معلومة كاملة قد يعني بداية حرب لا رجعة فيها.
يوضّح هذا المشهد معنى الفِلم كله؛ فالخلل لا يأتي دائمًا من العدو، بل من اختلاف تأويل القانون بين رجلين يملكان سلطة إطلاق حرب نووية. إذ يرى «رامزي» أن التأخير قد يقتل ملايين، ويرى «هانتر» أن التسرّع قد يقتل ملايين أيضًا. فالمعركة هنا ليست بين شخص شجاع وشخص جبان، بل بين رجلين يمثّل كل منهما مبدأ مختلفًا، في لحظة لا تحتمل الخطأ.
ويمثّل الحوار في هذا المشهد أداة تفكيك «نفسيّة» للشخصيتين. إذ بينما يستخدم «رامزي» لغة اللوائح العسكرية وصرامتها ليعيد تعريف «الواجب»، يواجهه «هانتر» بفكرة أن القانون لا يصبح قانونًا ما لم يكن كاملًا وواضحًا، ويقطع بعبارته «أنا لا أوافق» سلسلةً كانت مستقرة منذ عقود. بعدها، يكشف المشهد حدود السلطة عندما تقف أمام سلاح نووي، ويطرح سؤالًا حادًّا حول قيمة الطاعة حين يكون ثمنها كارثيًّا.
عبد العزيز خالد

فقرة حصريّة
اشترك الآن


حين بثّت (BBC) فِلم «Threads»، لم يتلقَّ المخرج ميك جاكسون أي اتصال للتهنئة أو النقاش. وبدلًا من ذلك، حلّ صمت ثقيل لا علاقة له بعدم الاهتمام، بل بالصدمة التي جعلت الناس عاجزين عن أي فعل. فقد جلس المشاهدون في أماكنهم، وكثيرٌ منهم قضى الليل بلا نوم.
حينها أدرك جاكسون أنّ الفِلم أصاب منطقة في الوعي لا تتطرّق لها الدراما عادة. إذ لم يُستقبل «Threads» بوصفه حكاية عن الحرب، بل اختبارًا نفسيًّا يُجبرك على مواجهة المجهول بدل الاستمتاع بالمشاهدة، فنهض الناس عن شاشاتهم وهم يتأمّلون سيناريو لم يرغبوا حتى في تخيُّله.
بهذا السياق نستهلّ فقرة «دريت ولّا ما دريت» عن فِلم «Threads»؛ أحد أكثر الأفلام السياسيّة الحربيّة رعبًا، والصادر عام 1984:
الدقّة العلمية كانت السلاح الأول في الفِلم. فقد بنى جاكسون تقديرات الدمار على تدريبٍ حكومي بريطاني أُقيم عام 1980 بعنوان «Square Leg»، قدّر أن هجومًا نوويًّا سيقتل تسعة وعشرين مليونًا ويصيب سبعة ملايين آخرين بجروح خطيرة. كما اعتمد جاكسون على أبحاث كارل ساقان وجيمس بولاك حول «الشتاء النووي»، وكتاب دنكان كامبل «War Plan UK» الذي فضح هشاشة خطط الحكومة بعد الحرب.
وللحصول على هذه الدقّة، دخل جاكسون إلى قلب المؤسسة، ووافق على عرض الفِلم مسبقًا لمسؤولي وزارة الداخلية مقابل السماح له بالمشاركة في تدريبٍ آخر مشابه. وقد وصف المسؤولون العمل بأنه «مبالغ فيه»، لكن جاكسون دافع عنه مستشهدًا بأبحاثه. فقد أمضى أسابيع يسافر بين بريطانيا وأمريكا ويستشير علماء وأطباء وخبراء دفاع لصنع نظرة أقرب ما يمكن إلى الواقع.
صُوّر الفِلم خلال سبعة عشر يومًا بميزانية 250 ألف جنيه إسترليني فقط، في حي «مدان بالهدم» في شيفيلد، حيث كانت السرقات تحدث ليلًا وطالت العديد من الإكسسوارات ومعدّات التصوير.
خلال التصوير، تسبّب «Threads» في حالتي ذعر حقيقيتين في شيفيلد. الأولى حين فجّر الطاقم قنبلة دخانية ضخمة لمحاكاة الانفجار النووي، فاعتقد السكّان أن كارثة حقيقية وقعت، وفتحت الشرطة تحقيقًا رسميًّا لأن أحدًا لم يُبلَّغ بوجود تصوير. والثانية حين عثر الجيران على الجثث المزيّفة داخل أحد المنازل المستخدمة للتصوير، فاتصلوا بالشرطة ظنًّا منهم أنها جثث لضحايا حقيقيين.
حين علم جاكسون بوجود الفِلم الأمريكي «The Day After»، فكّر في إلغاء المشروع كونه يناقش فكرة مشابهة. لكنه بعد أن شاهد الفِلم وجده «ضعيفًا وغير دقيق»، فزاد ذلك من تصميمه على صنع نسخة بريطانية أشد واقعية.
اختيرت شيفيلد لتصوير الفِلم عن قصد. فهي مصنّفة على أنها مدينة «خالية من السلاح النووي»، ويحظى التصوير فيها بدعم مجلسها البلدي. وفي الوقت نفسه هي مدينة صناعية كبرى، ما يجعلها هدفًا محتملًا لأي ضربة سوفييتية.
عبد العزيز خالد

مقالات ومراجعات سينمائية أبسط من فلسفة النقّاد وأعمق من سوالف اليوتيوبرز. وتوصيات موزونة لا تخضع لتحيّز الخوارزميات، مع جديد المنصات والسينما، وأخبار الصناعة محلّيًا وعالميًا.. في نشرة تبدأ بها عطلتك كل خميس.