حافظوا على الرباعي المهم في روشن

معرفة المدربين الأربعة بالثقافة السعودية عامل أساسي في نجاحهم.


حافظوا على الرباعي التدريبي المهم في روشن

نواف العقيّل

مهما أكثرنا محاولات التركيز على جودة النجوم وأهمية كفاءة اللاعبين في دوري روشن وتطوير اللاعبين السعوديين وغيرها من الأمور، والتي تُناقَش بشكل يومي في وسائل التواصل الاجتماعي منذ انطلاق المشروع، إلا أن أهمية المدربين تفوق كل شيء بالدوري. وربما جودة المدربين هي ما تحدد اتجاه الدوري.

بالنظر إلى الموسم الحالي الذي نعيشه، وبعد ختام ثماني جولات في بطولة الدوري، يركز الكثير من المتابعين على الثنائي الذي انطلق بشكل رائع هذا الموسم: نادي التعاون ونادي الخليج. وينسى كثير من المعجبين أن السبب الرئيس وراء كل ذلك هو وجود المدرب الذي يقود الفريق.

نادي التعاون يدربه شاموسكا، المدرب الأكثر انتصارًا في ملاعبنا مع موسمه السابع في دوري روشن، وموسمه الثامن في السعودية مع الموسم الماضي الذي قضاه في دوري يلو مع نادي نيوم. ونادي الخليج يدربه دونيس، والذي يقضي موسمه الثامن مع دوري روشن أيضًا.

معرفة الثنائي الجيدة بكرة القدم السعودية ساعدتهما كثيرًا على بناء فرقهم بهذا الشكل، والوقوف أمام أندية الشركات التي تُعَد أكثر جاهزية من أندية الوزارة. وفي دوري روشن هناك أربعة مدربين يستحقون الاحترام والتقدير لعملهم المتقن والمتراكم منذ سنوات مع أنديتهم التي تملك إمكانيات محدودة، وسنتطرق لهم اليوم.

لأجل صناعة دوري قوي وجذاب نحن بحاجة ماسّة إلى مثل هؤلاء المدربين القادرين على تقليص الفجوات، وصناعة الهويات الفنية في أندية الوسط لمقارعة الأندية في القمة؛ وذلك حتى نجعل كل مباراة في دوري روشن غامضةً لعدم قدرتنا على توقع ما سيحدث. من هنا ينجح الدوري في جذب المتابعين طيلة مباريات الموسم.

بالإضافة إلى دونيس وشاموسكا، يظهر قوميز مدرب الفتح وبيدرو إيمانويل مدرب الفيحاء. يشترك هذا الرباعي بالكثير من الخصائص، ويشكلون الآن أهميةً كبرى لكرة القدم السعودية وتطورها، فكل مدرب يعمل على مشروع مختلف، في مكان مختلف، بكل شغف ورغبة في النجاح.

معرفتهم بالثقافة السعودية

يشترك هذا الرباعي بعامل واحد يُعَد قويًا في التأثير داخل الملعب وخارجه. ومن خلال احتكاكي بالرباعي لسنوات، وكما أسمع من العاملين معهم على مستوى الإدارات أو المساعدين أو اللاعبين أيضًا، يدرك المدربون الأربعة الثقافة السعودية بالكامل، بل إن هذا الأمر أكثر ما يشغلهم في تصرفاتهم اليومية.

في مؤتمر صحفي الموسم الماضي كنت أحد حاضريه، قال قوميز مدرب الفتح مخاطبًا سكان مدينة الأحساء: «اتركوا الاستراحة وتعالوا إلى الملعب وادعموا الفريق في المباريات المقبلة». هذا تصريح لا يصدر إلا من شخص يعرف جيدًا الثقافة المجتمعية التي يعيش فيها. فمتابعة المباريات في الاستراحات إحدى المرتكزات الرئيسة في صناعة كرة القدم السعودية بالنسبة للجماهير.

كذلك فإنّ تواصل الرباعي مع اللاعبين السعوديين -مما أعرفه- رائع وواعٍ لكل شيء. إدراكهم لأهمية الاجتماعات العائلية مثل مناسبات الزواج وواجب العزاء، والاجتماعات الأسرية في يوم الجمعة، وثقافة السهر حتى الثانية بعد منتصف الليل التي أصبحت عادةً في المجتمع السعودي، كل ذلك يدركه المدربون الأربعة جيدًا. لذا يخططون للمباريات ويستعدون لها بناءً على ذلك.

لاعب كرة القدم السعودي جزء من المجتمع؛ فهو يقضي يومه فيه. وفهم المجتمع السعودي أحد أهم الأمور التي ينبغي على أي مدرب يريد البقاء لمدة طويلة في دوري روشن أن يفهمها.

استمر دونيس وشاموسكا هنا ثماني سنوات، واستمر قوميز هنا سبع سنوات، كما استمر بيدرو إيمانويل هنا ست سنوات. لم تأتِ الاستمرارية الطويلة هذه إلا بسبب فهم الثقافة والعمل وفقًا لها. ولذلك الطلب على هذا الرباعي عالٍ في أنديتنا مباشرةً بعد إقالتهم من أي نادٍ. فقد درب كل مدرب من الأربعة ثلاثة أندية أو أكثر في دورينا حتى هذا الوقت.

إنتاجهم للاعبين السعوديين وثقتهم بهم ومنحهم الفرص

يشترك هذا الرباعي أيضًا بالثقة باللاعب السعودي ومنحه إياها كاملةً في أي مركز من مراكز اللعب. فقد استطاع الرباعي أن يعيد لاعبين سعوديين إلى الحياة الكروية من جديد بعد أن فقدوها. واستطاعوا مساعدة هذه الأندية في تمويل الفريق ماليًا من خلال بيع اللاعبين السعوديين.

لن نأخذ مسيرة المدربين الأربعة كاملةً في ملاعبنا ولن نضرب فيها الأمثلة بسبب كثرة ذلك. لكننا سنركز على ما فعلوه الموسم الماضي لمنح أنديتهم فرصةً لتمويل الفرق من داخل الفريق نفسه، وذلك من خلال ثقتهم فقط باللاعبين السعوديين وتطويرهم وتحسينهم بالكامل.

نبدأ من دونيس. فقد منح المدرب نادي الخليج صالح أبو الشامات الموسم الماضي، لينتقل إلى الأهلي الصيف الماضي بعد أن منحه دونيس 30 مباراةً بقميص الخليج، وعمل على تطويره كثيرًا، حتى أصبح صالح اللاعب الحالي الذي نشاهده، اللاعب الذي لا يمكن أن ننكر أنه أشبه بالمنقذ في مسيرة المنتخب السعودي للتأهل إلى المونديال.

بالإضافة إلى صالح أبو الشامات، ساعد دونيس في إظهار عبدالله آل سالم بشكل مختلف. فقد أصبح المهاجم الأول في الكرة السعودية، وذهب إلى المنتخب السعودي في الموسم الماضي، وحقق خلاله أفضل سجل تهديفي في مسيرته.

ذهب عبدالله آل سالم إلى القادسية بعد نهاية عقده مع الخليج، وربما لو كان لديه عقد أطول لحصل الخليج على مبلغ مالي مجزٍ مقابل بيع عقد المهاجم.

منذ الموسم الماضي، ظهر ثلاثة لاعبين سعوديين في قائمة أكثر اللاعبين مشاركةً تحت قيادة المدرب دونيس، الذي يقدم هذا الموسم للكرة السعودية ثلاثيًّا جديدًا عمل عليهم وطورهم. أحد أهم اللاعبين هو مراد هوساوي، لاعب خط الوسط الذي أصبح مطلوبًا بقوة من أندية الشركات.

أعاد دونيس اكتشاف منصور حمزي بعمر 33 سنةً على الطرف الأيمن، ولا أستبعد أن يذهب إلى المنتخب السعودي في كأس العرب كخيار هجومي لرينارد. محمد خبراني أيضًا يلعب في قلب الدفاع، ويُعَد من أبرز المدافعين خلال هذا الموسم. وسعيد آل حمسل الذي أعاد دونيس اكتشافه أيضًا.

أما شاموسكا مدرب نادي التعاون، فلن ننظر إلى موسمه الماضي بسبب وجوده مع نادي نيوم، ولكن لنتذكر الأسماء التي قدمها للتعاون، مثل: عون السلولي، وسعد الناصر، ووليد الأحمد، وحسن كادش، وعبدالملك العييري، والكثير من الأسماء السعودية التي طورها المدرب وعمل عليها في سن مبكرة من مسيرتها، أو حتى في آخر أيام مسيرتها.

في هذا الموسم نشهد تطورًا كبيرًا في أداء سلطان مندش الذي أُعيد إلى المنتخب السعودي. ونشهد بدايةً قويةً لموسم وليد الأحمد الحالي ومحمد محرزي الذي يظهر بشكل أكثر من رائع تحت قيادة شاموسكا.

كما قدّم بيدرو إيمانويل لنادي الفيحاء فارس عابدي الذي بِيع الصيف الماضي ليموّل الفريق خزينته، ومحمد البقعاوي والثقة الكبيرة التي حصل عليها تحت قيادة إيمانويل، بالإضافة إلى منصور البيشي ونواف الحارثي والكثير من اللاعبين السعوديين الذين يعمل عليهم لتطويرهم، أو إعادة مسيرتهم الكروية للحياة من جديد.

أما مدرب الفتح قوميز، فقصة أحمد الجليدان فقط تختصر كل شيء. كان اللاعب يُستبعَد من الفريق الأول قبل وصول المدرب، ثم وصل قوميز ليمنح اللاعب 20 مباراةً ساعدت كثيرًا في تألق اللاعب، وانتهى المطاف بشراء اللاعب بقيمة 40 مليون ريال من نادي الاتحاد. ليصبح أحمد الجليدان قصة نجاح كبرى لأكاديمية الفتح التي أسست اللاعب وجلبته من مدارس الأحساء إلى الفريق الأول، ثم مساعدة الفريق بالبقاء، ثم البيع بربح كامل.

الأكيد أن هذا الرباعي منح لاعبينا كثيرًا من الثقة وكثيرًا من الاحترام حتى أصبح لاعبونا يقاتلون من أجلهم ويحترمونهم طوال مسيرتهم الكروية. وقال لي أحد اللاعبين الذي أشرف عليهم أحد المدربين الأربعة إنه حتى هذا اليوم يستشير المدرب في خطواته الرياضية كلها ويجد نصيحةً صادقةً في كل اتصال يجريه.

إدراكهم للقوانين التي تُسَن في الدوري

يدرك هذا الرباعي القوانين التي يعمل بها الدوري جيدًا حتى إن تجاربهم تطوِّر هذا الجانب. على سبيل المثال، رفض دونيس مدرب الخليج التعاقد مع لاعبين مواليد، وبدلًا من ذلك طلب تسجيل لاعبين سعوديين في قائمة الـ 25 لاعبًا لكي يستفيد منهم بشكل حقيقي.

كما تحدَّث قوميز مدرب الفتح عن نظام جلب الحكام الأجانب بشفافية عالية، وقال: «إن النظام القائم ربما لا يحقق عدالةً كبرى؛ بسبب معرفة الحكم الأجنبي للطرف الذي سيدفع له المبلغ المالي.»

 بعد انتهاء المؤتمر الصحفي حول مواجهة التعاون والفيصلي في كأس الملك، تحدثت مع شاموسكا حول اللاعبين السعوديين وقدراتهم البدنية، وأشار إلى غياب دوري الرديف «الأولمبي» في السنوات الماضية، والذي قسا على اللاعبين الشباب من وجهة نظره.

يناقش هذا الرباعي القوانين الجديدة ويفسرها في المكاتب مع إدارات الأندية، ويقيس مدى تأثيرها على أرضية الملعب. فهذا الرباعي يدرك جيدًا ما يدور حولهم، حتى بانغماسهم في كرة القدم السعودية، وليس مثل بعض المدربين المنعزلين تمامًا عنا.

التواضع والرغبة في مساعدة الجميع

هذا الأمر ليس موجهًا فقط للاعبين والمدربين، بل حتى للصحفيين. فقد شاهدت الكثير من مواقف هذا الرباعي في المؤتمرات الصحفية، أهمها التواضع واحترام الحضور في القاعة مهما كانت نتيجة المباراة.

في عادتي الشخصية أطرح الأسئلة أو بعض الاستفسارات على المدربين بعد نهاية المؤتمرات، فأجد من هذا الرباعي تواضعًا استثنائيًا في شرح الموضوع والإجابة بصدق، وهم يستطيعون رفض الأمر بكل بساطة.

هذا التواضع تجاه الصحفيين يشمل الجميع ولا يقتصر عليّ أنا فحسب. فقد طلب أحد مدربي الرباعي ذات مرة من صحفي أن يجيب عليه خارج القاعة بسبب أن السؤال لا يخص المباراة بعد مقاطعة المنسق. وبالفعل بعد نهاية المؤتمر تحدث مباشرةً مع الصحفي لمدة عشر دقائق ليجيب عن سؤاله.

وفي مرة غاب أحد الأصدقاء عن مؤتمر صحفي بسبب المرض، ولاحظ المدرب ذلك وسأل عنه. وعندما عرف أنه مريض، ذهب المدرب إلى منزل هذا الصحفي مع مدير المركز الإعلامي للاطمئنان على صحته.

هذا الرباعي ليس بسيطًا، هذا الرباعي منّا نحن وعلينا احترامهم أكثر وأكثر. بعد فوز شاموسكا أمام قوميز في مواجهة التعاون والفتح، ذهبت لشاموسكا بعد المؤتمر وقلت له: «هل تعلم أنك حققت رقمًا قياسيًا اليوم في دورينا؟»، انبهر وأراد معرفة الرقم، وطلب المترجم لكي يترجم إجابتي للبرتغالية بشكل أفضل. قلت له: «أصبحت أكثر مدرب تحقيقًا للنقاط في تاريخ دورينا»، وقال: «لم أعرف ذلك، شكرًا لك. سأغرد بهذه المعلومة اليوم لا تنشر ذلك.»

بعد ساعتين غرد بها، ثم وصلتني رسالة من رقم مجهول على الواتس آب يشكرني على هذه المعلومة، ممن هذه الرسالة؟ نعم من المتواضع جدًّا شاموسكا.

أربعة ينقصهم خامس 

إن لم تكن تعرف ذلك، الرباعي الذي نتحدث عنه هم مدربون فائزون بالألقاب في ملاعبنا. كل المدربين الأربعة سبق لهم حمل كأس في أقل تقدير. فاز دونيس مدرب الخليج بثلاثة ألقاب مع الهلال: كأس الملك، وكأس ولي العهد، وكأس السوبر السعودي. وفاز قوميز مدرب الفتح بكأس السوبر السعودي مع نادي الأهلي.

وحقق شاموسكا كأس الملك مع نادي الفيصلي في إنجاز تاريخي في كرة القدم السعودية، بالإضافة إلى دوري يلو الموسم الماضي مع نادي نيوم. وحقق بيدرو إيمانويل كأس الملك مع نادي التعاون، في إنجاز تاريخي أيضًا في كرة القدم السعودية.

ينقص هذا الرباعي مدرب خامس شبيه بهم، وقد نشاهده في دورينا أية لحظة. وهذا المدرب هو الآن في الدوري الإماراتي الممتاز. أتحدث عن مدرب الفيحاء السابق الفائز بكأس الملك، الصربي فوك رازوفتش.

 ومن هنا ننطلق لأمر مهم.

كيف نحافظ على هذا الرباعي في دورينا؟ ومن يشكل أكبر خطر علينا في أخذهم؟ الإجابة بكل بساطة أندية الجوار، أندية الدوري القطري وأندية الدوري الإماراتي وثنائي مصر الأهلي والزمالك.

تتغذى هذه الأندية كثيرًا على دورينا. ومنح المدربين الأربعة عقودًا مقاربةً لما يمنح هناك سيكون الحل. لا يوجد أي شيء مغرٍ في هذه الدوريات والأندية مقارنةً بما لدينا في دورينا إلا المال الذي يعد عاملًا مهمًا في تحريك المدربين.

لذلك علينا الحذر من هذا الأمر والاستمرار بجلب أفضل المدربين إلى دورينا مع الحفاظ على مكتسبات دورينا بوجود هذا الرباعي، الذي لا نستطيع قياس مدى تأثيرهم على كرة القدم السعودية ببساطة ودقة. وذلك لأنَّ تأثيرهم لا يقاس نهائيًا، فخلف الأبواب يفعل هذا الرباعي أمورًا عديدة لا تظهر لنا بالكامل. لذلك يدرك صناع القرار جيدًا قيمة هذا الرباعي الغالي على كرة القدم السعودية.


البيت الذي تظنّه بعيد المنال صار بين يديك، وبخيارات متنوعة.
لأن «سكني» حوّلت مخطط البيت الذي يشغل ذهنك كل يوم إلى واقع،
وجمعت جميع المشاريع في منصة واحدة، وسهّلت عليك البحث، والمقارنة، والاختيار.
تصفّح الوحدات السكنية الآن ولا تضيّع فرصة العمر


  • 📺 استديو الجماهير «مباراة الاتحاد والأهلي»: ليلة ديربي خضراء في جدة! الأهلي يحسم القمة بهدف ثمين لرياض محرز، معيدًا الفرح لجماهيره، فيما يواصل الاتحاد معاناته في فترة صعبة. في هذه الحلقة، نتابع أجواء الانتصار الأهلاوي وردود الفعل الحماسية التي أشعلت المنافسة في دوري روشن.

  • 📹 خارج التغطية مع شرقي «كواليس ديربي الأهلي والاتحاد»: في ديربي أسطوري لا يُنسى، يأخذنا شرقي في جولة حماسية خلف كواليس ملعب الاتحاد، لنعيش لحظات الفرح، الانتصار، والتوتر! في هذه الحلقة، لقاءات مميزة مع رئيس نادي الأهلي أحمد الثبيتي، وأسطورة الاتحاد شيكو، وعدد من نجوم الأهلي، في أجواء مشتعلة تعكس كل تفاصيل الديربي من قلب الحدث.


مصدر مطّلع
مصدر مطّلع
يومية منثمانيةثمانية

نشرة صباحية تقدِّم أهم خبر في الكرة السعودية وتحلّله من جميع الزوايا. مع قصص حصرية من شخصيات مُطّلعة تبقيك على اطلاع دائم بعالم الكرة أولًا بأول.

+120 متابع في آخر 7 أيام