لماذا يتفوق المدربون البرتغاليون في دورينا؟

أسباب تفوق المدربين البرتغاليين في الدوري السعودي وكيف أثّروا على الأساليب التكتيكية فيه


لماذا يتفوق المدربون البرتغاليون في دورينا؟

محمد البريكي

ظهرت المدرسة البرتغالية كأحد أبرز القوى التدريبية في الدوري السعودي للمحترفين، حيث حقق المدربون البرتغاليون نجاحات لافتة خلال السنوات الأخيرة.

ففي آخر 10 سنوات (2015-2025)، تُوِّج أربعة مدربين برتغاليين بلقب الدوري السعودي، وهم: روي فيتوريا (2018/ 2019 مع النصر)، ليوناردو قارديم (2021/ 2022 مع الهلال)، نونو إسبيريتو سانتو (2022/ 2023 مع الاتحاد)، وخورخي خيسوس (2023/ 2024 مع الهلال).

يمثل هذا التميز البرتغالي 36.4% من إجمالي البطولات في هذه الفترة، متقدمين بذلك على جميع الجنسيات الأخرى بما فيها الجنسية الأرجنتينية التي حصدت ثلاثة ألقاب 27.3%.

ففي الموسم الحالي يوجد سبعة مدربين برتغاليين يديرون فرق الدوري السعودي، مقارنةً بموسم 2015/ 2016 الذي شارك فيه مدرب برتغالي واحد فقط.

سنتحدث هنا عن أسباب بحث الأندية السعودية عن المدربين البرتغاليين، ولماذا تتناسب شخصياتهم مع طبيعة الدوري السعودي وكيف كان تأثيرهم التكتيكي على الكرة السعودية.

التاريخ المختصر لكرة القدم البرتغالية

وصلت كرة القدم إلى البرتغال في أواخر القرن التاسع عشر على يد الطلاب البرتغاليين العائدين من إنقلترا. وأقيمت أول مباراة كرة قدم في البرتغال عام 1875 في جزيرة ماديرا بتنظيم من هاري هينتون. وتطورت اللعبة سريعًا عندما وزّع إخوة بنتو باستو البرتغاليون كرات القدم على الوحدات العسكرية المختلفة لتسريع انتشار اللعبة. ثم تأسس أول نادٍ كروي برتغالي وهو نادي لشبونة (Club Lisbonense) عام 1892.

قليرمي بنتو باستو مؤسس نادي لشبونة
قليرمي بنتو باستو مؤسس نادي لشبونة

تأسس الاتحاد البرتغالي لكرة القدم عام ،1914 وانضم للاتحاد الدولي (فيفا) عام 1923، كما انضم للاتحاد الأوربي (UEFA) عام 1954. وفي العام 1999 أطلق الاتحاد البرتغالي البرنامج الوطني لتكوين المدربين، وضمَّ برامج تدريبية نظرية وعملية وشهادات احترافية معترف بها دوليًا.

كان البرنامج الوطني لتكوين المدربين نقطة تحول في تاريخ تكوين المدربين البرتغاليين، حيث انتقلت الدولة من نموذجين سابقين فاشلين: اعتمد الأول على تولي الدولة مسؤولية التكوين بالكامل، ونقل النموذج الثاني المسؤولية كاملةً للاتحادات الرياضية. وقد أثبت كلا النموذجين عدم فعاليتهما. وجاء البرنامج الوطني رائدًا على المستوى الأوربي من ناحية الشمولية والمرونة والجودة والاستدامة كذلك.

تعود جذور هذا البرنامج إلى الثمانينيات، إذ لعب كارلوس كيروش المدرب البرتغالي الشهير دورًا محوريًّا في تأسيس منهجية تدريبية متكاملة. بدأت الرحلة من خلال «مكتب كرة القدم» في المعهد العالي للتربية البدنية (ISEF) الذي أصبح لاحقًا كلية الحركة البشرية (FMH) تحت قيادة ميرانديلا دا كوستا وجيسوالدو فيريرا. ويعد كيروش -الذي كان طالبًا ثم مدرسًا في المعهد- من أبرز المساهمين في تطوير منهجية تدريبية ثورية خرجت عن السائد في تلك الحقبة.

تطور هذا النظام ليصبح عبارةً عن أربع مراحل تتطوّر تدريجيًا:

  • الدرجة الأولى: الأساس في التأهيل المهني كمدرب رياضي، وتُمنَح الكفاءات دورًا لتوجيه المبتدئين في الرياضة.

  • الدرجة الثانية: المستوى المتوسط، ويوجِّه الممارسين في المراحل الأولية والمتوسطة ويساعد المدربين في التخطيط والتقييم.

  • الدرجة الثالثة: المستوى العالي، ويوجه الممارسين أصحاب الخبرات الأعلى.

  • الدرجة الرابعة: المستوى الأعلى، ويحصل فيه المدرب على شهادة (UEFA Pro)،التي تسمح له بقيادة الفرق في أعلى المستويات التنافسية.

كما تشمل كل درجة ثلاثة مكونات رئيسة:

  • المكون العام: يتضمن المعرفة الأساسية من العلوم الرياضية «علم وظائف الأعضاء، علم النفس الرياضي، التربية، المنهجيات، الأخلاقيات، الإسعافات الأولية، التغذية، الرياضات المكيفة».

  • المكون الخاص: المعرفة الخاصة بالرياضة المحددة «المنهجية التدريبية، التكتيك والتقنية، المهارات الحركية، علم النفس التطبيقي، قوانين اللعبة، الإدارة».

  • التدريب الميداني: فترة ربط المعرفة بالكفاءة في مواقف التدريب الحقيقية، تحت الإشراف والتوجيه.

هذا التنظيم هو أحد أسباب بروز المنهجية التدريبية في البرتغال مع التعليم المستمر الإلزامي وتجديد الرخصة كل ثلاث سنوات. لكن الأهم - والذي ميّز هذا النظام عن أقرانه في أوربا- هو دور الجامعات التي باتت تشارك فيه من خلال كليات عدّة، مثل: كلية الحركة البشرية بجامعة لشبونة، وكلية الرياضة بجامعة بورتو، اللتان تمنحان درجتي البكالوريوس والماجستير، مما سمح للعديد من الأشخاص -حتى من غير الممارسين للعبة- الدخول وتطوير مهاراتهم وإدخال أفكار جديدة على كرة القدم البرتغالية.

أوجه التشابه بين نشأة الكرة في البرتغال وفي السعودية

أبرز أوجه التشابه أن كلا البلدين تلقيا اللعبة من البريطانيين. ففي البرتغال، وصلت كرة القدم عام 1875 عن طريق التجار البريطانيين والطلاب البرتغاليين العائدين من إنقلترا، إذ جاءت البارجة البريطانية الأولى إلى لشبونة مع موظفين بريطانيين من محطة التلقراف. وأُقيمَت أول مباراة رسمية بين البرتغاليين والبريطانيين في يناير 1889 في العاصمة لشبونة.

وبحسب مشروع توثيق تاريخ كرة القدم الذي أصدره الاتحاد السعودي لكرة القدم، فقد دخلت كرة القدم إلى السعودية أيضًا عن طريق البحارة والموظفين البريطانيين على السفن البريطانية. وجاءت أول إشارة موثَّقة للعبة من البارجة البريطانية «لاما» التي وصلت ميناء ينبع في نوفمبر 1916، ثم توالت السفن البريطانية حتى 1921 حاملةً معها موظفين مارسوا كرة القدم في موانئ رابغ وينبع وجدة. وبرزت مكة المكرمة أيضًا نظرًا لكونها ملتقىً للعديد من الجنسيات، ومارس فيها الكثير من أبناء الجنسيات الآسيوية​ كرة القدم ونشروها بشكلٍ كبير.

أما عن وجه الشبه الآخر فإن المدن الساحلية هي نقطة البداية في البلدين كليهما. ففي البرتغال، بدأت اللعبة في موانئ مدن مثل لشبونة وبورتو وماديرا، ومحطة التلقراف البريطانية في كاركافيلوش -خارج لشبونة- المركز الحقيقي لنشر اللعبة.

وفي السعودية، بدأت اللعبة من مدن ساحلية مثل رابغ وجدة وينبع. فكانت المدن التجارية والموانئ هي المراكز الأولى لممارسة اللعبة؛ لاتصالها بالحركة التجارية البريطانية.

السمات التكتيكية للمدرسة البرتغالية

تجمع المدرسة البرتغالية بين التنظيم الدفاعي القوي والهجوم الفعال، فغالبًا ما يستخدم المدربون البرتغاليون أنظمة دفاعية مدمجة ومنضبطة يمكن أن تتحول بسرعة إلى تحولات هجومية حادة وفعالة.

وترتكز المدرسة التدريبية البرتغالية على ثلاثة عناصر أساسية في بنائها التكتيكي:​ 

1- الضغط المنظم والعالي: يُطبّق الضغط خلال (8-10 ثوانٍ) من فقدان الكرة، مع تركيز على قطع خطوط التمرير بدلًا من الضغط العشوائي.

2- التقارب بين الخطوط: إذ تُركّز على الحفاظ على تقارب شديد بين الخطوط (25-30 مترًا) فقط، مما يصعّب على الخصم إيجاد مساحات للعب بين الخطوط، حيث يُقلل ذلك من فاعلية الهجمات المركزية ويجبر الخصم على اللعب في الأطراف.​

3- التحولات السريعة والهجمات المرتدة: عندما يفقد الفريق الكرة، يتحرك كل لاعب لأقرب خصم ثم يتحركون للهجوم السريع. يتطلب هذا التحول لاعبين بقدرات بدنية عالية واستجابة ذهنية سريعة.

منهجية التخطيط التكتيكي - Tactical Periodization

يعد التخطيط التكتيكي (Tactical Periodization) أحد أهم أسرار نجاح المدربين البرتغاليين. وقد طُوّرت هذه المنهجية التدريبية عبر البروفيسور فيتور فرادي من جامعة بورتو منذ أكثر من 35 عامًا، وتقوم على مبدأ رئيس وهو دمج الجوانب التكتيكية والفنية والبدنية والنفسية في تدريب موحد بدلًا من فصلها.​

جوزيه مورينيو من أوائل المدافعين عن هذه المنهجية، إذ قال في مؤتمر صحفي عام 2005: «تُجري العديد من الأندية تدريبات بدنية منفصلة لمدة 45 دقيقةً مع مدرب لياقة، لكنني لا أؤمن بهذا. لا أؤمن بممارسة المهارات بشكل منفصل. عليك أن تجمع كل هذه الجوانب في موقف مباراة.»

أسهمت منهجية التخطيط التكتيكي في إكساب المدربين البرتغاليين درجةً عاليةً من المرونة والقدرة على التعامل مع الظروف والمباريات. وذلك على عكس المنهجية الإسبانية التي بُنِيَت على أفكار تكتيكية محدّدة. فقد تبنّت المدرسة البرتغالية مبدأ براقماتيًا يُركّز على تحقيق النتائج عبر الحلول الواقعية مما هو متاحٌ لديها، كما أنها ركّزت على أهمية الجودة الفردية العالية للّاعب، إذ لم تُهمِل قيمة المهارة الفردية واتخاذ اللاعبين لقراراتهم بناءً على معطيات المباراة وما يروه، وليست أوامر مبرمجة مسبقًا من المدرب.

صورة: نموذج تقسيم الحصص التدريبية في منهجية التخطيط التكتيكي
صورة: نموذج تقسيم الحصص التدريبية في منهجية التخطيط التكتيكي

تطابق هذا الأمر -بالتحديد- مع أسلوب كرة القدم البرازيلية مثلًا، لنجد نجاحات كبيرة يحققها المدربون البرتغاليون في البرازيل منهم خورخي خيسوس وأبيل فيريرا وأرتور جورج، الذين تمكنوا من تحقيق الدوري البرازيلي وكوبا ليبرتادوريس مع أنديتهم.

المدربون البرتغاليون الذين طبقوا هذه المنهجية نجحوا بتطبيقها في السعودية أيضًا، منهم خورخي خيسوس، ونونو إسبيريتو سانتو، وليوناردو جارديم، وفيتور بيريرا وروي فيتوريا، وغيرهم.

لم يكن نجاحهم في البلدين مصادفةً، فالمنهجية أثبتت فعاليتها كثيرًا حيث إنها:​

1- تدمج التدريب البدني مع التكتيكي: فبدلًا من جلسات لياقية منفصلة، تُطوّر اللياقة من خلال تمارين كروية محددة.​

2- تركز على نموذج لعب واضح: تخدم كل جلسة تدريبية طريقة اللعب المرغوبة، مما يخلق تماسكًا تكتيكيًا.​

3- تتكيف مع الفروقات الفردية: تسمح المنهجية بتطوير اللاعبين بناءً على أدوارهم المحددة في الفريق، وتمنحهم حرية كبيرة، وهو ما يتناسب كثيرًا مع عقلية اللاعب البرازيلي كما اللاعب السعودي.

4- تحافظ على كثافة عالية منذ اليوم الأول: خلافًا للطرق التقليدية، التخطيط التكتيكي يبدأ بكثافة عالية منذ بداية الإعداد.​

إذا كان المدربون البرتغاليون بهذه الجودة لماذا مدرب منتخبهم الوطني ليس برتغاليًا؟

طوال تاريخ الكرة البرتغالية، مرت جنسيتان فقط على تدريب المنتخب الأول، بدايةً مع البرازيلي أوتا قلوريا الذي درّب المنتخب على فترتين لم تجتز في مجملها ثلاث سنوات، ثم البرازيلي الآخر لويس فليبي سكولاري الذي استمر لنحو خمس سنوات، وأخيرًا الإسباني روبيرتو مارتينيز الذي بدأ مهمته قبل عامين، مما يوضّح الثقة بالمدربين البرتغاليين بشكلٍ عام.

لكن ظروف تعيين هؤلاء المدربين جاءت في سياقات مختلفة نوعًا ما، إذ تعيّن سكولاري بعد نجاحه في الفوز بكأس العالم 2002 مع البرازيل والفشل الذريع لمنتخب البرتغال في البطولة ذاتها بخروجه من الدور الأول. ورأى الاتحاد البرتغالي أنهم في تلك المرحلة بحاجة إلى مدرب أكثر خبرة. كذلك الأمر بالنسبة لروبيرتو مارتينيز الذي عُيّن خلفًا للبرتغالي فيرناندو سانتوس بعد الخروج من كأس العالم 2022 الذي - بالمناسبة - حققت معه البرتغال كل بطولاتها عبر تاريخها حتى الآن.

إضافةً إلى ذلك، عادةً ما يُفضِّل المدربون البرتغاليون مشاريع الأندية بسبب رغبتهم في العمل اليومي المستمر وبناء إرثهم الخاص مع الاستقرار طويل الأمد، كما حدث عندما رفض مورينيو تدريب المنتخب الوطني من أجل روما.

تأثير المدرسة البرتغالية على الدوري السعودي

يُمكن قياس تأثير المدرسة البرتغالية على الدوري السعودي من خلال أمرين رئيسين، هما:

1- التشكيلات التكتيكية.

2- الضغط العالي.

  • التشكيلات التكتيكية

تعتمد المدرسة البرتغالية على تشكيل رئيس (4231) مع بديل ثانوي (433) أو (343) حسب الحاجة.

هذه المرونة جزء من فلسفة التدريب البرتغالي الذي يركز على التكيف بدل الجمود الأيديولوجي.

في الدوري السعودي، ارتفع الاعتماد على رسم (4231) و(433) خلال المواسم العشر الأخيرة بشكلٍ ملحوظ بعد أن اعتمد في غالبه على (442). فقد نمى بشكلٍ متزايد رسم (433) من معدل 27.3% في موسم 2015/ 2016 إلى 36.6% في الموسم الماضي، في حين ارتفع الاعتماد على رسم (4231) من 22.2% إلى 41.5% في الموسم الماضي. وفي هذا الموسم ارتفع الاعتماد على رسم (4231) إلى  61.1%  مقابل 22.2%  لرسم (433)، وتوزعت النسبة المتبقية بين رسم (442) و(343) وغيرها.

تتيح تشكيلتي (4231) و(433) مستويات ضغط عالية ومنظمة وتحكم مركزي قوي. فمع استخدام الضغط العكسي أو الضغط العالي تحافظ الفرق على مساحات ضيقة جدًّا بين خطوطها (25-30 مترًا) مما يجبر الخصم على اللعب في الأطراف حيث تقل الخطورة، كما أنها توفر تأمينًا دفاعيًّا مناسبًا، بوجود ثلاثة لاعبي وسط أو محوري ارتكاز أمام قلوب الدفاع.

  • الضغط العالي

يمثل الضغط العالي (High Press) أحد أهم المقاييس التكتيكية الحديثة في كرة القدم. وأبرز المقاييس التي توضِّح شدة الضغط هو مقياس (PPDA) «عدد التمريرات المسموح بها لكل إجراء دفاعي»،  أي عدد التمريرات التي يسمح بها الفريق لخصمه إجراءها قبل أن يبدأ بالدفاع «كلما قل الرقم زادت جودة الضغط».

يمكن بسهولة ملاحظة ارتفاع جودة مقياس (PPDA) مقارنةً بحضور المدربين البرتغاليين في الدوري السعودي الذي شهد تحوّلًا واضحًا في المنهجية الدفاعية.

فبين عامي 2015 - 2018، لم يُعرَف الدوري السعودي بثقافة الضغط العالي، فكان متوسط مقياس (PPDA) نحو 10.9، ما يعني أن الفريق الواحد يسمح بنحو 11 تمريرةً قبل أن يقوم بالضغط.

في الممارسة العملية، يترجم هذا إلى:

  • دفاع منخفض منظم (Low Block).

  • تركيز على الدفاع المكثف داخل منطقة الجزاء.

  • فرق قليلة جدًّا تحاول الضغط العالي.

تطور هذا الأمر بشكلٍ واضح مع دخول المدرسة البرتغالية، وبعد أن كانت نسبة فوز الفرق التي تعتمد على الضغط المنخفض أعلى من نسبة فوز الفرق التي تعتمد على الضغط العالي، زادت نسبة فوز الفرق التي تعتمد على الضغط العالي بشكلٍ واضح ابتداءً من موسم 2018/ 2019

يمكن ملاحظة ازدياد عدد الفرق التي تضغط بشكلٍ عالٍ في الدوري السعودي في العقد الأخير مع وجود المدربين البرتغاليين، وبعد أن كان هنالك فريق أو فريقان فقط يعتمدان على الضغط العالي، ارتفع هذا الرقم إلى أربعة فرق مع بداية دخول المدربين البرتغاليين, ثم حقق ازديادًا واضحًا ليصل إلى 14 فريقًا في الموسم الماضي.

لماذا تبدو المدرسة البرتغالية قريبةً لطبيعة الدوري السعودي ؟

هنالك ثلاثة أمور رئيسة تقرّب المدرسة البرتغالية لطبيعة الدوري السعودي:

  • البراقماتية والمرونة التكتيكية

تتميز المدرسة البرتغالية بالتفكير البراقماتي «التركيز على النتائج العملية بدلًا من الاعتماد على المبادئ النظرية المجردة» والمرونة التكتيكية العالية، وهي خصائص مثالية لطبيعة الدوري السعودي.

فعلى عكس المدارس الأيديولوجية الصارمة مثل المدرسة الإسبانية أو الأرجنتينية، يتميز المدربون البرتغاليون بقدرتهم على التكيّف مع الظروف المختلفة والموارد المتاحة، فالمدربون البرتغاليون يحبون النظر إلى جميع المواقف والاحتمالات المختلفة ولا يحصرون أنفسهم في خيارات قليلة.

  • إدارة النجوم والشخصيات القوية

يمتلك المدربون البرتغاليون مهارات استثنائية في التعامل مع اللاعبين النجوم والشخصيات الكبيرة، حيث يبرعون في فهم سيكولوجية الأفراد مع احترام للاعبين الكبار دون خضوع أو تهاون، مع وضوح في الأدوار الموكلة لكل لاعب ونظام جماعي يحمي الفرد وفي الوقت ذاته لا يسمحون للنجوم بتدمير الفريق.

قد يُعرّضهم هذا الأمر لصدامات مع اللاعبين أو الإدارات، إذ يبحث المدرب البرتغالي دائمًا عن فرض شخصيته، وهو ما قد يتسبب في بعض المشاكل أحيانًا.

  • التعلم التجريبي والتكيف السريع

تركز المدرسة البرتغالية على التعلم من خلال الخبرة والممارسة أكثر من النظريات المجردة.

وقد أظهرت دراسة أكاديمية عن المدربين البرتغاليين أنهم يفضلون مصادر المعرفة التجريبية مثل العمل مع الخبراء، والتعلم بالممارسة، والتفاعل مع أقرانهم من المدربين أكثر من التعليم الرسمي الممنهج. ويسمح لهم هذا النهج بالتكيف السريع مع بيئات جديدة، كما حدث عندما نجح أبيل فيريرا في الدوري البرازيلي سريعًا وقبله خورخي خيسوس الذي حقق لقب الدوري هناك خلال أشهر قليلة ثم في الدوري السعودي كذلك وحقق لقب الدوري في موسمه الأول، كما حققه نونو سانتو وروي فيتوريا في موسمهما الأول كذلك.

  • تركيبة الشخصية البرتغالية

تتميّز الشخصية البرتغالية بالدفء والضيافة والقدرة على بناء العلاقات، وهي صفات تساعد في الاندماج في المجتمع السعودي. والبرتغاليون معروفون بودهم واستعدادهم للمساعدة، خاصةً عندما يرون شخصًا يبذل جهدًا للتكيّف.

هذا التوافق الثقافي يسهل عملهم مع البيئة السعودية، كما أن الثقافة البرتغالية تضع قيمةً عاليةً للتواضع والاحترام للتراث والتقاليد، وهذه القيمة تتماشى مع الثقافة السعودية التي تقدر ذلك.

كما أن المجتمع البرتغالي يميل إلى الجماعية أكثر من الفردية، مع التركيز على العلاقات القوية طويلة الأمد. ويتجلى هذا في نهجهم الأسري للعمل، مع أنشطة بناء الفريق والمسؤوليات المشتركة.​ إضافةً لذلك، يملك البرتغاليون مهارة التعرف على الفرص المهنية وخلقها واستخدامها، ولديهم توجه يظهر ارتباطًا إيجابيًا مع التكيّف النشط، وهذا يفسر نجاحهم في التكيف مع بيئات مختلفة تمامًا مثل السعودية.

الخلاصة

أثبت المدربون البرتغاليون نجاحهم في الدوري السعودي في السنوات الأخيرة بشكلٍ واضح.

فبعيدًا عن الألقاب، وجدت الكثير من الأندية استقرارًا جيدًا وحققت نتائج إيجابية مع مدربين برتغاليين، مثل: فيلبي قوفيا الذي تمكن من الصعود مع نادي الحزم لدوري روشن، وكذلك خورخي ميندوزا الذي صعد أيضًا مع الأخدود، كما استطاع جوزيه قوميز إنقاذ نادي الفتح من معركة الهبوط الموسم الماضي بعد أن كان الفريق في المركز الأخير بستّ نقاط فقط بعد 13 جولة.

تأثير المدرسة البرتغالية في الكرة السعودية واضح من الناحية التكتيكية على مستوى الضغط وأسلوب اللعب بشكلٍ عام، ومع الازدياد الواضح بعدد المدربين البرتغاليين في السنوات الأخيرة في الدوري السعودي وتأثير هذه المدرسة مباشرةً على الكرة في العالم، سيصبح بمقدور الدوري السعودي أن يواكب التغييرات التي تحدث في كرة القدم ما سيسهم في تطوّره خلال السنوات القادمة.


بين الخطوط
بين الخطوط
أسبوعية، كل اثنين منثمانيةثمانية

نشرة أسبوعية تجيب عن الأسئلة الكروية بلغة الأرقام والإحصاءات، وتناقش قضايا تتجاوز أحداث الجولة، وتغوص في تفاصيل الفرق والمدربين. سؤال واحد في كل عدد، وإجابات تكشف الصورة الكاملة.

+10 متابع في آخر 7 أيام
لماذا يتفوق المدربون البرتغاليون في دورينا؟ - ثمانية