«Bugonia»: ولادة النحل من جثة الثور 🐝🐂
يواصل الفلم مشروع لانثموس في تفكيك الإنسان عبر عدسة باردة ومرآة مشروخة من السخرية والعذاب

تواجه العديد من الأفلام السعودية تحديًا في جذبك من خلال التريلر، حتى إنك في كثير من الأحيان تشعر وكأنك تشاهد إعلانًا تجاريًّا.
في المقابل، ما تراه هنا ليس مشهدًا من فلم، بل إعلان تجاريّ لمارتن سكورسيزي!
نايف العصيمي

«Bugonia»: ولادة النحل من جثة الثور 🐝🐂
فواز العدواني
لطالما وجدت سحرًا في عنونة الأفلام، وأفضل شخصيًّا أن يترك الفلم لي مجالًا للبحث عن رمزية عنوانه. في فلم يورقوس لانثموس الجديد «Bugonia»، يحمل العنوان طاقة رمزية فريدة تليق بمخرج اشتهر بجعل العنوان مفتاحًا لغموض عالمه السردي. وفي أثناء البحث عن معناه، توصلت إلى أن معنى الكلمة يشير في أصلها الإغريقي إلى أسطورة «ولادة النحل من جسد الثور». وهي فكرة تتعلق بالتجدد والخلق بعد الفناء، أي أن الحياة تُستعاد من الموت، أو أن النظام يولد من الفوضى. هذه المفارقة الأسطورية تنعكس على البنية الدرامية للفلم نفسه، إذ يتحول العنف والجنون والارتياب إلى حقل تزدهر فيه أسئلة الوجود والسلطة والمعنى.
سحر العناوين في سينما لانثموس ليس تجميليًّا، بل «بنيوي» إن صح التعبير. فكل عنوان عنده هو نواة فكرية تعيد تشكيل تصورنا للعالم. من «The Favourite» الذي يفضح هوس المكانة، إلى «Poor Things» الذي يعيد خلق الإنسان في مختبر، يأتي «Bugonia» ليعيد إنتاج مفهوم «الولادة» لا من رحم الطبيعة، بل من حمى الشك والمؤامرة والعنف.
لانثموس وجانق جون هوان: اختلاف الرؤية ووحدة الهاجس
مع أن الفلم يُعدّ اقتباسًا من العمل الكوري (Save the Green Planet 2003) للمخرج جانق جون هوان، فإن لانثموس لا يكتفي بإعادة سرد الحكاية، بل يعيد هندسة رؤيتها الأخلاقية والنفسية.
في النسخة الكورية، يسود الطابع الهزلي الفوضوي الذي يخفي وراءه نقدًا سياسيًّا للمجتمع الصناعي وتهافت الإنسان المعاصر. أما لانثموس، فينقل السرد من فضاء الجنون الجماعي إلى مختبر أخلاقي مروع، يجعل من الاعتقاد نفسه موضوعًا للتحقيق. بمعنى: كيف يتحول الإيمان بالخلاص إلى أداة قمع؟ وكيف يصبح الوهم ضرورة نفسية في عالم يفتقر إلى المعنى؟
وبينما كان الفلم الكوري يحتفي بالنزعة العبثية بوصفها محركًا دراميًّا، يقدم لانثموس نسخة أكثر برودة وتأملًا، حيث تسكن السخرية في قلب المأساة، ويتحول العنف إلى لغة ميتافيزيقية تشرح هشاشة الإنسان أمام فكرة «الآخر».
ولاحظت أن لانثموس قرر تغيير جنس البطل. ففي النسخة الكورية، نشاهد رئيسًا يُخطف ويُحلق رأسه. أما هنا، فنشاهد أنثى تُخطف ويُحلق شعرها. لعل في هذا إسقاطًا على مفهوم ملكة النحل؟ ربما.
المستوى الدرامي والأداء التمثيلي
يقدّم الفلم ثنائيةً متفجرةً بين إيما ستون وجيسي بليمنز، في أدوار تتجاوز البناء الواقعي إلى فضاء نفسي متشظٍ.
تؤدي ستون شخصية «ميشيل فولر»، المديرة التنفيذية التي تُختطف بتهمة أنها «كائن فضائي يخطط لتدمير الأرض»، فتنقلب من سلطة مطلقة إلى أسيرة تتعرى طبقاتها النفسية واحدة تلو الأخرى. يقوم أداؤها على توازن بالغ الدقة بين البرود العقلي والهشاشة الوجودية، وهو ما يجعل حضورها مغناطيسيًّا ومقلقًا في آن واحد.
أما بليمنز فيقدم شخصية المتآمر «تيدي قاتز» بإيمان مرعب بحد ذاته. ليس مجنونًا تمامًا، بل مؤمن مصدوم بالعالم إلى حد أنه يخلق لنفسه نظامًا بديلًا من الهلوسة. هنا تتجلى عبقرية لانثموس في نزع ثنائية «الخير والشر» وترك الشخصيات تتخبط في منطقة رمادية، حيث لا يدان أحد بقدر ما يُعرّى الجميع أمام هشاشتهم، حرفيًّا، حتى من شعر رؤوسهم.
إيما ستون المنتجة والممثلة وشريكة الرؤية
في «Bugonia» لا تكتفي إيما ستون بأن تكون وجه الفلم أو بطلته، بل تتقدم لتصبح شريكة في صياغة رؤية لانثيموس بوصفها منتجة تنفيذية. هذا التحول من الأداء إلى الإنتاج ليس تفصيلًا مهنيًّا فحسب، بل امتداد طبيعي لعلاقتها الإبداعية مع لانثموس. لقد باتت ستون جزءًا من «آلة التفكير» التي تحرك عالمه السينمائي. فهي لا تنتظر التوجيه، بل تساهم في خلق البنية من الداخل، وفي اختيار اللهجة الإيقاعية للمشهد، وفي تلوين المزاج العام بين القسوة والحنان.
وجودها بوصفها منتجة يعكس نضجًا فنيًّا نادرًا، إذ لم تعد تبحث عن أدوار تثبت قدراتها، بل عن أعمال تعيد مساءلة الفن ذاته. بهذا المعنى، فإن «Bugonia» ليس رابع تعاون بين لانثموس وستون فحسب، بل هو أيضًا إعلان عن ولادة كيان إبداعي مزدوج.
الأسلوب البصري والموسيقي
من الناحية البصرية، يحتفظ لانثموس بتوقيعه المعروف في تكوينات الصورة؛ زوايا منخفضة تشعرنا بالاختناق، وعدسات واسعة تلتهم المسافة بين العنف والجمود. يتنقل مدير التصوير روبي رايان بين بيئات متنافرة، ومختبرات معقمة، وبيوت رطبة، ومشاهد حلمية شبه عضوية، كل ذلك ليخلق تضادًّا بصريًّا يعكس اضطراب الشخصيات الداخلي.
أما الموسيقا التصويرية، التي وضعها جيرسكين فندريكس، فهي امتداد لحس لانثموس بالتنافر الجمالي. ألحان إلكترونية ونبرات وترية تهمس كأزيز نحل داخل الرأس، لتذكرنا دومًا بعنوان الفلم وأصله البيولوجي الميتافيزيقي في آن واحد. إن حضور «النحل» هنا ليس رمزًا جماليًّا فقط، بل منظومة دلالية تحيل إلى فكرة الجماعة والنظام، مقابل فوضى الفرد واضطرابه الوجودي.
المعنى الفلسفي: الإيمان تعويضًا عن العدم
لا يكتفي لانثموس بطرح أسئلة الهوية والسلطة، بل يتوغل في جوهر «الإيمان» نفسه. «Bugonia» في بنيته العميقة فلم عن الحاجة إلى معنى، عن الكيفية التي يحوّل بها الإنسان فوضى العالم إلى حكاية قابلة للتصديق كي ينجو. يتعامل لانثموس مع نظرية المؤامرة لا بوصفها جنونًا، بل عرَضًا نفسيًّا لحالة وجودية؛ حين يخذلك العالم، تصنع كذبته الخاصة لتظل حيًّا. بذلك يتحول الفلم إلى دراسة مأساوية عن هشاشة الحقيقة أمام رغبة الإنسان في اليقين، مهما كان زائفًا أو عنيفًا.
الإيمان بالمؤامرة أو وهم السيطرة على الفوضى
ما يفعله «Bugonia» بذكاء لافت هو أنه لا يسخر من المؤمنين بنظريات المؤامرة بقدر ما يفضح حاجتهم الإنسانية إلى الإيمان بها. فالمؤمن بالمؤامرة في جوهره ليس مجنونًا، بل إنسان عاجز عن احتمال عبث الواقع، فيلجأ إلى نسج نظام خفي يمنحه شعورًا بالسيطرة والمعنى.
شخصية «تيدي قاتز»، الذي يختطف «ميشيل» معتقدًا أنها كائن فضائي، تجسّد هذه النزعة بعمق مذهل. هو لا يبحث عن الحقيقة، بل عن عزاء منظم وسط فوضى العالم. المؤامرة هنا ليست خرافة بقدر ما هي ملاذ نفسي، إنها طريقة لمداواة جرح ناتج عن الشعور بالعجز والخذلان من المجتمع.
بهذا المعنى، يصبح الفلم دراسة وجودية عن الاحتياج إلى الكذب الجميل؛ عن كيف يمكن للعقل الإنساني أن يخلق قصصًا غريبة كي يظل متماسكًا. إن لانثموس لا يدين المؤمن بالمؤامرة، بل ينظر إليه بوصفه مرآة لنا. فكل منا في لحظة ما، يختلق رواية صغيرة لينجو من ثقل الحقيقة.
خلاصة
على المستوى الفني، يمكن القول إن «Bugonia» يواصل مشروع لانثموس في تفكيك الإنسان عبر عدسة باردة ومرآة مشروخة من السخرية والعذاب. غير أن الفلم، رغم نضجه البصري وعمقه الرمزي، يعاني من بطء سردي في منتصفه، إذ تتكرر المشاهد الحوارية دون تصعيد كافٍ، مما يضعف الإيقاع العام ويثقل التجربة على المشاهد.
ومع ذلك، يبقى الفلم عملًا فكريًّا بنكهة فريدة، يستحق التقدير أكثر من الإعجاب. تجربتي الشخصية معه كانت متوسطة بعض الشيء. أعجبتني صرامة بنائه وجرأة رموزه، لكني لم أنخرط عاطفيًّا كما في أعمال لانثموس السابقة. باختصار، فلم ذكي، مبهر في فكرته، لكنه يفتقر أحيانًا إلى حرارة التجربة التي تحوّل الجمال البارد إلى إنسانية حقيقية.

السينما وُجدت لتبقى
متى تنسى الناس السينما؟ إذا كانت مجرد تجربة بحدود الساعتين، حالما ينتهي الفلم، تختفي من ذاكرتك. مبادرة «سينماء» من هيئة الأفلام انطلقت لتضيف للتجربة عمقًا وتأثيرًا يتجاوز قاعة العرض. من خلال مسارات متنوعة تهدف إلى إثراء المشهد السينمائي السعودي، ودعم المواهب النقدية، وصناعة محتوى يليق بتاريخ السينما ومستقبلها.



بدأت نتفليكس رسميًّا دراسة احتمال الاستحواذ على شركة «.Warner Bros». وبحسب تقارير مالية، استعانت نتفليكس بالمصرف الاستثماري نفسه الذي أشرف على صفقة استحواذ «Skydance» على «Paramount»، في إشارة واضحة إلى جديّة التوجّه نحو الصفقة.
أُطلِق العرض الدعائي الجديد لفِلم «Five Nights at Freddy’s 2»، والمقرر طرحه في صالات السينما في 5 ديسمبر المقبل. تدور أحداث الجزء الجديد بعد عام من الكابوس الذي وقع في مطعم «فريدي فازبيرز بيتزا». فبعد أن نجا الحارس السابق «مايك» من الرعب الذي خلّفته الشخصيات الآلية، يُحاول إخفاء الحقيقة عن شقيقته الصغيرة «آبي».
كُشف عن الإعلان التشويقي الأول للجزء الجديد من سلسلة «Godzilla Minus One»، الذي سيحمل عنوان «Godzilla Minus Zero».
أصدرت نتفليكس العرض الدعائي الأخير لفِلم «Frankenstein» من إخراج قييرمو ديل تورو، والمقرر عرضه في 7 نوفمبر المقبل. يقدّم ديل تورو في الفِلم رؤيته الخاصة للقصة الكلاسيكية، بإطار بصري قاتم ومشحون بالأسئلة الوجودية حول الحياة والموت.
.png)
ادّخر بذكاء من كل عملية شراء 🧠
كل ريال تنفقه يمكن أن يصنع فرقًا في مستقبلك المالي. «ادخار سمارت» من stc Bank حساب ادّخاري يعطيك 4% أرباح سنوية وتقدر تسحب فلوسك بأي وقت! ادّخر اليوم، واستثمر في غدك مع
«ادخار سمارت».

«Way Out There (Main Title)»(1:55)


لم يكن فِلم «Raising Arizona» مجرّد كوميديا عبثية عن مجرمٍ يختطف رضيعًا، بل حكاية عن الحنين إلى حياةٍ مستقرة في عالمٍ فوضوي. إذ يختطف «هاي» و«إد» طفلًا لأنهما يؤمنان أن «الحظّ» لم يمنحهما ما يستحقان.
وهذا التناقض بين النيّة الطيبة والفعل الكارثي هو جوهر الفِلم. حيث يبدو كل شيء فيه مشرقًا ومجنونًا في آنٍ واحد، وهنا تأتي الموسيقا لتخلق توازنًا بين السخرية والعاطفة.
رحلة البحث عن نغمة لا تشبه غيرها
استعان الأخوان كوين بالمؤلّف كارتر بورويل في أول تعاونٍ بينهما، وهو تعاون استمر لعقود لاحقة. لكن في «Raising Arizona» وضع بورويل أول بصمة موسيقيّة تعرّف أسلوبهما في المزج بين الجدية والهزل.
اعتمد بورويل على مجموعة محدودة من الآلات الشعبيّة وإيقاعات غربية مقتبسة من موسيقا الكونتري، بهدف بناء هوية صوتية تعكس العبث الجاد الذي يسكن شخصيات الفِلم؛ موسيقا تُذكّرك بالتراث الأمريكي لكن بإيقاع مختلّ.
أبرز ثلاث مقطوعات
مقطوعة «Way Out There (Main Title)»
المقطوعة الافتتاحية. تمزج بين البانجو والصفير واليودل بإيقاع سريع أشبه بتصاعد فوضوي. تفتتح عالم الفِلم بنغمة تهكّمية، وتُشعرنا أننا في مغامرة كرتونية.
مقطوعة «Dream of the Future»
تُستخدم هذه المقطوعة في القسم الذي يحلم فيه «هاي» بمستقبلٍ مختلف، حيث تتراجع كل الفوضى لصالح لحن بسيط وهادئ على القيتار. تُجسّد المقطوعة الحنين في قلب الفوضى، وتذكّر أن الفِلم -رغم كوميديّته- يتحدّث عن الخوف من الوحدة أكثر من الجريمة.
مقطوعة «Return to the Nursery»
تُستخدم المقطوعة في مشهد المطاردة. تأخذ الآلات الشعبيّة بنية لحنٍ متهوّر، بضربات إيقاعية واهتزازات بانجو متكرّرة وصوت بشري متناوب. وهذا المزج يجعل الموسيقا تتحكّم بإيقاع الكوميديا، فتتحوّل من عنصرٍ مكمّل إلى محرّك سرديّ، وترفع التوتر وتبقيك متيقظًا.
عبد العزيز خالد


اليوم نقول «أكشن» مع هذا المشهد من فِلم «Split»، الصادر عام 2016 من إخراج إم نايت شياملان.
يحكي الفِلم قصة «كيفن ويندل كرامب»، رجل مصاب باضطراب الهوية الانفصامية، تتناوب داخله ثلاث وعشرون شخصية مختلفة ومتناقضة في العمر والجنس والمعتقد. بعد أن يختطف «كيفن» ثلاث فتيات مراهقات، تبدأ كل شخصية له بالظهور على حدة، لتكشف شيئًا من تاريخه المظلم وصراعه الداخلي، وصولًا إلى ولادة شخصيته الرابعة والعشرين، «الوحش»، التي تمثّل أقصى تحوّلاته النفسية والجسدية.
في هذا المشهد، نرى أول ظهور لشخصية «هِدويق». إذ تواجه الفتيات «كيفن» وهو يُعرّف بنفسه بثقة مرتجفة على أنه طفل بعمر التاسعة، اسمه «هِدويق»، حركاته غير متزنة، وضحكته قصيرة تنتهي بتوتر واضح، ودائمًا ما يحاول التظاهر بالقوة والذكاء.
تكمن أهمية هذا المشهد في أنه لحظة انتقال الفِلم من الخوف الغريزي إلى الخوف الإنساني. فلا نرى «الوحش» أو «المختطف»، ولا العنف، بل نواجه البراءة المكسورة. ويُظهر شياملان عبر «هِدويق» أن الرعب الحقيقي ليس في التهديد المادّي، بل في الطفولة المشوّهة التي صارت تُعيد تمثيل آلامها على الآخرين. ويعرّف هذا المشهد جوهر الفِلم، فالشخصيات المتعددة ما هي إلا محاولات بائسة للحماية.
لماذا «هِدويق»؟
ظهور «هِدويق» في هذا التوقيت تحديدًا يفيد سردية الفِلم. مع أنه أصغر الشخصيات عمرًا وأكثرهم هشاشة، لكنه الوحيد الذي يسمح بالتواصل الإنساني. فبينما شخصيات مثل «دينيس» و«باتريشيا» تفرض النظام والهيمنة، يفتح «هِدويق» الباب.
ويمثّل «هِدويق» الطفل الذي ظلّ حبيس الخوف منذ صغره، فلم ينضج ولم يُشفَ، وتحوّل إلى جسر بين الضحية والجاني. ومن خلاله، نستطيع أن نفهم «كيفن» لا بوصفه مجرمًا، بل طفلًا انقسمت روحه لتنجو.
عبد العزيز خالد

في الرياض
بين 7 و9 نوفمبر 2025، تلتقي العيون التي ترى السينما من زواياها المختلفة.
هيئة الأفلام تطلق مؤتمر النقد السينمائي الدولي تحت شعار «السينما.. فنّ المكان».
مساحة تجمع النقاد والباحثين وصنّاع الأفلام من العالم كله، لحوار يعيد التفكير في علاقة السينما بالمكان والزمان، والخيال بالواقع.

فقرة حصريّة
اشترك الآن


بعد نجاح فِلم «Stand by Me» عام 1986، تحمَّس المخرج روب راينر لإخراج عمل آخر مقتبس من روايات سيتفن كينق. وبالفعل، بدأ يتلقى نصوصًا جديدة مقتبسة من رواياته، إلى أن وقعت عيناه على نص من كتابة ويليم قولدمان، مقتبس من رواية «Misery». لكن كينق تردد في البداية بشأن بيع الحقوق، إذ لم يثق أن هوليوود قادرة على الحفاظ على روحه الأدبية، خصوصًا بعد تجربته السابقة مع «The Shining». لكنه وافق بعد مشاهدة «Stand by Me»، وأضاف شرط أن يكون راينر هو منتج الفِلم أو مخرجه.
بهذه المعلومة نستهلّ فقرة «دريت ولّا ما دريت» عن فِلم «Misery» الصادر عام 1990:
أُعجب ستيفن كينق بأداء كاثي بيتس في دور «آني ويلكس»، إلى درجة أنه كتب لاحقًا دورين خصيصًا لها: «دولوريس كلايبورن» عام 1995، وشخصية «راي فلاورز» في مسلسل «The Stand»، التي حوّلها من رجل إلى امرأة لتؤديها بيتس.
استلهم كينق شخصية «آني» من أحد معجبيه الحقيقيين، ورآها تجسيدًا رمزيًّا لإدمانه الشخصي على الكتابة، وإدمان «بول شيلدن» على الكحول. لكن المخرج خفف من جانب إدمان «بول» الموجود في الرواية، إذ رأى أن التركيز يجب أن يكون على الصراع النفسي لا على معاناة الإدمان.
تضاربت أساليب التمثيل بين جيمس كان وكاثي بيتس، إذ بينما يعتمد جيمس على الارتجال ويرفض البروفات، اعتادت بيتس على التدريب المسرحي المكثّف. وسبّب هذا التناقض توترًا بينهما، لكنه جعل العلاقة بين الشخصيتين أكثر صدقًا وحدّةً على الشاشة.
لاحظ راينر عزلة بيتس خلال توقّف التصوير، فنصحها بترك شخصية «آني» مع نهاية كل يوم عمل حتى لا تستنزفها نفسيًّا.
عُرض دور «بول شيلدن» على عدد كبير من النجوم، مثل جاك نيكلسون ووارن بيتي وآل باتشينو وميل قيبسون وهاريسون فورد، لكنّ أغلبهم رفض الدور خوفًا من الظهور بمظهر «الضحية أمام امرأة». وهو ما صرّح به كاتب السيناريو ويليام قولدمان بقوله: «كل رجال هوليوود تقريبًا رفضوا الدور لهذا السبب.»
قولدمان هو من اقترح اسم كاثي بيتس للدور، مؤكدًا أنها «الخيار الأول والأخير»، مع أنها لم تكن معروفة آنذاك. وقد فازت بجائزة الأوسكار عن أفضل ممثلة عام 1991، لتصبح أول امرأة تنال الجائزة عن دور في فِلم رعب أو تشويق.
وُصفت «آني ويلكس» طبيًّا بأنها «كتالوج للأمراض النفسية»؛ لما أظهرته من سمات اضطرابات متعددة: ثنائية القطب والوسواس القهري واضطراب الشخصية الحدّية، وربما الفصام.
بعد صدور الفِلم، أشاد كينق بأداء بيتس وعدّه الأفضل بين جميع الممثلين الذين جسّدوا شخصيات رواياته، مؤكدًا أن أداءها هو ما منح «Misery» عمرًا أطول من النص نفسه.
أضاف راينر شخصية الشرطي «باستر» التي لم تكن موجودة في الرواية، ليجعل الأحداث أكثر حركةً واستقصاء.
عبد العزيز خالد

مقالات ومراجعات سينمائية أبسط من فلسفة النقّاد وأعمق من سوالف اليوتيوبرز. وتوصيات موزونة لا تخضع لتحيّز الخوارزميات، مع جديد المنصات والسينما، وأخبار الصناعة محلّيًا وعالميًا.. في نشرة تبدأ بها عطلتك كل خميس.