نيون: تستحق تقديرًا يوازي (A24)!🎞️

«بمجرد أن تتجاوز حاجز الترجمة، ستتعرف على الكثير من الأفلام المذهلة الأخرى.» بهذه العبارة سوّقت نيون فلم «باراسايت» في أمريكا

تصميم: أحمد عيد
تصميم: أحمد عيد

شاهدتُ هذا الأسبوع فلمين، أحدهما «The Smashing Machine» من إنتاج (A24)، وهو عمل لم تكن توقعاتي بشأنه مرتفعة. وبالفعل، جاء -رغم اجتهاد صنّاعه- باهتًا؛ إذ يترك لديك شعورًا بأن عدم مشاهدته لا يغيّر الكثير. فالقصة غير مهمة، والشخصية الرئيسة لا تحمل أحداثًا مثيرةً بالقدر الكافي لجذب الاهتمام.

أما فلم «The Lost Bus»، فكان بمثابة عودة جيدة -إلى حدٍّ ما- للممثل ماثيو ماكونهي، بعد سنوات من التخبّط في مسيرته المهنية. لكن حتى هذا الفلم بقي متوقعًا، ولم يتجاوز محاولاته للتأثير العاطفي في المشاهد.

يبدو أن «معركة تلو الأخرى» (One Battle After Another) منحنا هذا العام وجبةً سينمائيةً دسمة، وأصبح من الصعب أن يترك أي فلم يأتي بعده أثرًا.

نايف نجر العصيمي


  • يُعرض اليوم الخميس في صالات السينما في السعودية فِلم «Tron: Ares»، من إخراج يواكيم رونينق، وبطولة جارد ليتو وقريتا لي وإيفان بيترز وجودي تورنر سميث. وتدور أحداث الفِلم في عالم رقمي متقدّم، حيث يُكلَّف البرنامج «آريس» بمهمة العبور من الواقع الافتراضي إلى العالم الحقيقي، في أثناء سعي شركات التكنولوجيا للسيطرة على تقنية ثورية قادرة على تحويل الكائنات الرقمية إلى بشر.

  • أعلنت أمازون استحواذها على حقوق تطوير فِلم «Heat 2» للمخرج مايكل مان، في وقت يجري فيه التفاوض مع عدد من نجوم هوليوود البارزين، من بينهم ليوناردو دي كابريو وأوستن بتلر وآدم درايفر وبرادلي كوبر، لأداء أدوار رئيسة في العمل المرتقب.

  • يُتوقّع أن يصدر الإعلان التشويقي الأول لفلم «Michael»، المقتبس من حياة أسطورة البوب مايكل جاكسون، في شهر نوفمبر المقبل، بالتزامن مع طرح فِلم «Wicked: For Good» في دور السينما. 

  • أُصدِر الإعلان التشويقي الرسمي لفِلم «Die, My Love» من بطولة روبرت باتينسون وجينيفر لورنس. يندرج الفِلم ضمن فئة أفلام الإثارة النفسية، ويدور حول أمّ تكافح للحفاظ على اتزانها العقلي وهي تخوض صراعًا قاسيًا مع الذهان. ويُعرض في صالات السينما في 7 نوفمبر.


Perfect Days» (2023)»
Perfect Days» (2023)»

السينما وُجدت لتبقى

متى تنسى الناس السينما؟ إذا كانت مجرد تجربة بحدود الساعتين، حالما ينتهي الفلم، تختفي من ذاكرتك. مبادرة «سينماء» من هيئة الأفلام انطلقت لتضيف للتجربة عمقًا وتأثيرًا يتجاوز قاعة العرض. من خلال مسارات متنوعة تهدف إلى إثراء المشهد السينمائي السعودي، ودعم المواهب النقدية، وصناعة محتوى يليق بتاريخ السينما ومستقبلها.

اعرف أكـثر


«Arrival» (7:25)

«Spencer»
«Spencer»

كل ما في فِلم «Spencer»، الصادر عام 2021، يوحي بأنه ليس سيرة عن الأميرة ديانا بقدر ما هو حالة ذهنية تُرى وتُسمَع. فالفِلم لا يهتم بإعادة سرد الأحداث التي يعرفها الجميع، بل بتجربة العيش داخل عقل امرأة مُحاصَرة يتنازعها صوتان: صوت خارجي يُطالبها بالانصياع، وآخر داخلي يصرخ طلبًا للنجاة. وفي هذا الصراع، أصبحت الموسيقا الوسيلة الأصدق للتعبير. فهي التي تنقل ما لا تستطيع «ديانا» قوله، وتترجم قلقها، وتُظهر التوتر الخفي تحت سطح ابتسامتها.

من الروك إلى المأساة النفسية

كان اختيار جوني قرينوود -عضو فرقة «Radiohead»- لصناعة موسيقا «Spencer» رهانًا جماليًّا من المخرج بابلو لارايان على موسيقيّ يكره القوالب. فلم يكن قرينوود يومًا مجرد فنان روك، بل كان عقلًا موسيقيًّا مهووسًا بتوسيع حدود الصوت. فمن خلال دراسته للكلاسيكيّات الغربية واهتمامه بالموسيقا الإلكترونية والتجريبية، استطاع الجمع بين نُظم التأليف التقليدية وأشكال التأليف الحرّة. وعُرِف منذ بداياته في التأليف السينمائي بقدرته على تحويل التوتّر الداخلي للشخصيات إلى مادة صوتية ملموسة.

واختاره لارايان تحديدًا لأنه لا يصنع «موسيقا تصويرية» بالمعنى المتعارف عليه، بل يخلق عالمًا صوتيًّا موازيًا للفِلم. وكانت مهمته في «Spencer» أن يصوغ لحالة «ديانا» النفسية لغةً تُسمع.

بناء الصوت

اختار قرينوود أن ينسج موسيقاه من نسيجين متناقضين، الأول هو البنية الكلاسيكية المستوحاة من موسيقا «الباروك»، التي تجسّد القصر الملكي بكل ما فيه من طقوس وصلابة وتكرار. والثاني هو «الجاز» الحُرّ، الذي يعتمد على الارتجال وكسر التوقع، ليعكس اضطراب البطلة ورغبتها في الانفلات من قفص «البروتوكول».

وكان هذا المزج وسيلةً لبناء «دراما صوتية» داخل المشهد. فكلما تصاعد ضغط البيئة حول «ديانا»، تعلو النغمة الكلاسيكية في الخلفية، وكلما اقتربنا من لحظة الانهيار، يندفع «الساكسفون» بخطوط غير مستقرة، كأن العقل نفسه بدأ يتشظّى.

اعتمد قرينوود أيضًا على تقنية «التحوير اللحني» (Motivic Transformation)، حيث يعود اللحن نفسه في صور متعددة، مرةً بسيطًا وشفافًا في لحظات الهدوء، ومرةً مشوّهًا ومكسورًا في لحظات القلق. وبهذا يصبح الصوت مرآةً نفسيةً للشخصية، يتغيّر بتغيّر حالتها.

أبرز ثلاث مقطوعات

مقطوعة «Arrival»:

تُستخدم هذه المقطوعة في افتتاحية الفِلم، حين تصل «ديانا» إلى قصر «ساندرينقهام». والموسيقا هنا مقدّمةٌ نفسية لما ينتظر البطلة. تبدأ بأوتار منخفضة تعتمد على بنية «تشيللو» ثقيلة، وإيقاعات متكررة توحي بالثقل و«البروتوكول»، ثم يدخل «الساكسفون» بانحرافات لحنيّة مُرتجلة، وكأن الصوت يرفض النظام. 

مقطوعة «Spencer»: 

هذه المقطوعة هي العمود الفقري -صوتيًّا- للفِلم، وتعود بأشكال مختلفة في لحظات الانعزال والانهيار. تُستخدم مثلًا في مشاهد حديث «ديانا» مع نفسها أو في لقطات سيرها وحيدة في أروقة القصر. وتعتمد المقطوعة على لحن مركزي هادئ يتكرر على البيانو، يتقدّم خطوةً ثم يتراجع أخرى، دون قفزات لحنية حادّة أو تغييرات مفاجئة، بل يتحرك حركة دائرية توحي بالبحث والتيه في آنٍ واحد.

مقطوعة «Press Call»:

ترافق هذه المقطوعة لحظات مواجهة «ديانا» مع الصحافة وضغط العائلة. تبدأ بإيقاع خفيف، ثم تتكدّس الآلات الطبقة تلو الأخرى؛ أوتار عالية النبرة، ونفخ نحاسي متوتّر، وآلات قرع تدخل تدريجيًّا حتى يصل الصوت إلى ذروة تكاد تنفجر. تهدف المقطوعة إلى جعل الخوف والتوتّر مجسّدَين فيزيائيًّا للمشاهد.

عبد العزيز خالد


 فِلم «Pig»
فِلم «Pig»

اليوم نقول «أكشن» مع هذا المشهد من فِلم «Pig» الصادر عام 2021، من إخراج مايكل سارنوسكي.

تدور القصة حول «روب»، طاهٍ أسطوري ترك عالم المطاعم منذ زمنٍ طويل، واختار العزلة والعيش في غابة أوريقون بصحبة خنزير. وعندما يُسرق خنزيره، لا ينطلق في رحلة انتقام دموية كما هو متوقع، بل يبدأ رحلةً هادئةً وحزينة، نحو أعماق ماضيه وحياةٍ تركها خلفه، بحثًا عن ما هو أعمق من مجرد حيوان مفقود.

يأتي هذا المشهد في قلب هذه الرحلة، حيث يدخل «روب» مطعمًا فاخرًا، ويقابل الطاهي «ديريك» الذي كان مساعده قبل سنوات. يجلسان على طاولة في زحمة المكان، ويدور بينهما حوار يبدو عاديًّا في ظاهره، لكنه في جوهره تفكيك لوهم النجاح.

في أثناء حوارهما، يسأل «روب» «ديريك» عن حلمه القديم حول فتح حانة صغيرة تقدّم طعامًا صادقًا وبسيطًا. فيتلعثم «ديريك» ويحاول تبرير اختياره مسارًا آخر في مطبخٍ راقٍ لا يشبهه. لكن «روب» لا يرفع صوته ولا يهدّده، بل ينظر إليه بعينين حزينتين، ويبدأ بتفكيك العالم الذي يعيش فيه «ديريك».

يصف «روب» كل ما يحيط «ديريك» من تقييمات النقاد وآراء الزبائن وحتى مفهوم النجاح الذي يلاحقه، بأنه ليس حقيقيًّا بالمعنى الجوهري، بل هو بنية اجتماعية هشة. فقد يُقاس «النجاح» في المطاعم بالنجوم أو التقييمات، لكنها لا تعكس القيمة الحقيقية للفن أو الذات، وكل هذه المعايير «زائفة» لأنها خارجية ومؤقتّة.

يتحوّل المشهد في هذه اللحظة إلى محاكمة يواجه فيها «ديريك» ماضيه وصورته التي خانها. أما «روب» فيستعيد المعنى الذي فقده هذا العالم التجاري، وهو أن الطبخ ليس عرضًا، بل علاقة إنسانية، ويختبئ خلف كلماته ألم رجل فقد كل شيء، لكنه لا يزال يؤمن أن الصدق أهم من الشهرة.

المشهد مكتوب ومؤدّى بعناية، إذ يبني سارنوسكي التوتر فيه من خلال الحوار والنظرات الطويلة التي لا يقطعها التحرير سريعًا. وتبقى الكاميرا ثابتةً على وجه «ديريك» وهو ينهار ببطء. وفي نهاية المشهد، يشرب «روب» و«ديريك» النبيذ بصمت، ويُسمع بوضوح صوت أنفاس «ديريك» داخل الكأس؛ زفير ثقيل ومتلاحق يكشف توتّره وارتباكه بعد المواجهة.

يعيد هذا المشهد تعريف معنى «الأكشن» في السينما. إذ ليس كل فعل بطولي صراخًا أو دمًا أو مطاردة، فقد تحدث أخطر المواجهات بالكلمات، في مكان مغلق، بين شخصين يعرف كل منهما ما يعنيه أن يخسر نفسه.

عبد العزيز خالد


فقرة حصريّة

آسفين على المقاطعة، هذه الفقرة خصصناها للمشتركين. لتقرأها وتستفيد بوصول
لا محدود للمحتوى، اشترك في ثمانية أو سجل دخولك لو كنت مشتركًا.

اشترك الآن

في مطلع التسعينيّات، تصدّرت قصة المتزلجة الأمريكية تونيا هاردينق عناوين الصحف في واحدة من أكثر الفضائح غرابةً في تاريخ الرياضة. 

ففي عام 1994، وقبل «بطولة الولايات المتحدة للتزلج الفني» بأسابيع قليلة، تعرّضت منافستها نانسي كيريقان لهجومٍ عنيفٍ على ركبتها بهدف إقصائها من المنافسة. وسرعان ما انكشف أن المنفّذ على صلة بزوج هاردينق السابق، جيف قيلولي، وأحد حراسها الشخصيين، ما جعل القصة مزيجًا من الغيرة والطموح والخيانات التي تخطّت حدود الرياضة وأصبحت حدثًا ثقافيًّا بارزًا في أمريكا.

ألهمت هذه الحادثة الكاتب ستيفن روجرز، الذي أجرى مقابلات مطوّلة مع هاردينق وقيلولي، وحوّلها إلى نص سينمائي بأسلوب متعدد الزوايا من إخراج كريق قيليسبي، حيث تتناقض روايات الشخصيات وتتشابك الحقائق مع الأكاذيب.

وفي هذا السياق نستهلّ فقرة «دريت ولّا ما دريت» عن فِلم «I, Tonya» الصادر عام 2017:

  • صُوِّر الفِلم بأكمله في ثلاثين يومًا فقط، وأدّت أليسون جاني دورها، الذي نالت عنه جائزة الأوسكار، خلال ثمانية أيام فقط.

  • على مدار خمسة أشهر، تدرّبت مارقو روبي على التزلج خمسة أيام في الأسبوع بمعدل خمس ساعات يوميًّا، لدرجة أنها أصيبت بانزلاق غضروفي في الرقبة، لكنها لم تستطع أداء قفزة «التريبل أكسل»، فاستُخدمت المؤثرات البصرية لتحقيقها. وقد استخدم صُنّاع الفِلم مزيجًا من البديلات والمؤثرات الرقمية في مشاهد القفزات والدوران، فيما أدّت روبي المقاطع السهلة فقط.

  • اضطرت روبي إلى ارتداء شعر مستعار طوال التصوير لحماية شعرها من التلف، كما استخدم فريق التصفيف «الجعة» بدل منتجات الشعر لإعطاء مظهر «التمويج» الذي اشتهرت به هاردينق.

  • التقت مارقو روبي بتونيا هاردينق الحقيقية قبل التصوير، وأبدت الأخيرة استعدادها لتدريبها بنفسها.

  • عندما علم المغني والكاتب سوفجان ستيفنز بإنتاج الفِلم، أصدر نسخةً نهائيةً من أغنية كتبها في التسعينيّات عن تونيا هاردينق وعرضها على صُنّاع الفِلم لاستخدامها، وقد قبلوا العرض، لكنها لم تُستخدم في النهاية. 

  • أُدرِج النص الذي كتبه روجرز في «القائمة السوداء» لعام 2016 بوصفه أحد أفضل السيناريوهات غير المنتَجة حينها، قبل أن يتحوّل إلى فِلم ترشّح لجوائز الأوسكار وفاز بجوائز عالمية.

  • أرادت نتفليكس شراء حقوق الفِلم قبل أن تفوز شركة «Neon» بتوزيعه.

عبد العزيز خالد

النشرة السينمائية
النشرة السينمائية
أسبوعية، الخميس منثمانيةثمانية

مقالات ومراجعات سينمائية أبسط من فلسفة النقّاد وأعمق من سوالف اليوتيوبرز. وتوصيات موزونة لا تخضع لتحيّز الخوارزميات، مع جديد المنصات والسينما، وأخبار الصناعة محلّيًا وعالميًا.. في نشرة تبدأ بها عطلتك كل خميس.

+10 متابع في آخر 7 أيام
نيون: تستحق تقديرًا يوازي (A24)!🎞️ - ثمانية