عندما كسر الـ«ريميك» عقدة مارتن سكورسيزي🎬
مع أنّ مارتن سكورسيزي قدّم عبر مسيرته أعمالًا أصيلة خالدة، كانت المفارقة أنّ تتويجه الأول بالأوسكار لم يأتِ إلا عام 2007 عن فِلم «ريميك»


قبِل ليوناردو دي كابريو دورًا في فِلم «Heat 2»، رغم أنه من أشد المعارضين لفكرة الأجزاء الثانية. وجدت في تويتر تعليقًا أضحكني، يقول إن هالة مايكل مان وهيبته كسرتا تلك القاعدة عند ليوناردو.
كان كريستيان بيل يقول عن عمله مع مان في «أعداء الشعب»: «مايكل مان مثل جنرال عسكري وأنت جندي عنده، لكن جنرال تحترمه بكل عمق.»
في ظني هذا أصدق تبسيط لمفهوم المخرج: أن يمتلك قدرةً على الإقناع بما لا يُقنَع به، وأن يحظى باحترام جميع العاملين معه لدرجة تجعلهم يسعون لتنفيذ رؤيته على أكمل وجه.
نايف نجر العصيمي

يُعرض اليوم الخميس في صالات السينما السعودية فِلم «A Big Bold Beautiful Journey» من إخراج كوقونادا، ومن بطولة مارقوت روبي وكولين فاريل، ويحكي قصة «سارة» و«ديفيد» اللذين يلتقيان مصادفة في حفل زفاف، ثم تقودهما سلسلة من المصادفات إلى الانطلاق في رحلة عبر أبواب غامضة تكشف لهما لحظات من الماضي وقرارات شكّلت حياتهما، وتضعهما أمام مواجهة رغباتهما ومخاوفهما.
أُصدِر العرض التشويقي الأول لفِلم «The Housemaid» من بطولة سيدني سويني وأماندا سيفريد، وتدور أحداثه حول شابّة تعمل خادمة لدى زوجين، لتكتشف أن أسرار العائلة أخطر بكثير من أسرارها، ومن المقرر عرضه في صالات السينما يوم 19 ديسمبر.
سيُطرح فِلم «The Fantastic Four» رقميًّا في 23 سبتمبر، على أن يتبع ذلك إصدار «Blu-ray» و«4K Ultra HD» في 14 أكتوبر.
أعلنت أكاديمية التلفزيون الفائزين بجوائز «Emmy» لعام 2025. وحقّق مسلسل «The Studio» رقمًا قياسيًّا تاريخيًّا بفوزه بثلاث عشرة جائزة، ليصبح أكثر مسلسل كوميدي يُكرَّم في موسم واحد، في حين فاز «The Pitt» بجائزة أفضل مسلسل درامي، إلى جانب جائزة أفضل ممثل درامي لنواه ويل.
يتّجه فِلم «The Conjuring: Last Rites» ليصبح ثالث فِلم رعب في التاريخ يتجاوز حاجز 500 مليون دولار في شباك التذاكر العالمي.

-.jpeg)

«Suspirium» (3:21)


يُعيد فِلم «Suspiria»، الصادر عام 2018، تقديم تحفة الرعب الإيطالية التي أخرجها داريو أرجينتو عام 1977، لكن بروح مختلفة تمامًا. لم يسعَ المُخرج لوكا قوادانينو إلى تكرار النسخة الأصلية، بل أراد إعادة صياغة أجوائها من خلال بناء عالم أكثر قتامة، والتركيز على الرعب النفسي بدلًا من الصدمة البصرية وحدها. وما زالت الحكاية تدور داخل «أكاديميّة رقص» غامضة تخفي طقوسًا شيطانيّة، لكن بعالم بصري ودرامي أكثر تعقيدًا وتوترًا.
هذا التوجه جعل الفِلم بحاجة إلى هوية صوتية مختلفة، خصوصًا مع ارتباط النسخة الأصلية بموسيقا فرقة «Goblin» التي أصبحت جزءًا من سمعة الفِلم. ومن هنا جاء القرار بالاستعانة بالموسيقي البريطاني توم يورك، في أول تجربة له لتأليف موسيقا تصويرية لفِلم سينمائي.
الهروب من ظل «قوبلِن»
يُعرف يورك بأنه المغنّي الرئيس لفرقة «Radiohead»، ودخل المشروع وهو يدرك حجم التحدي. فالمقارنة مع موسيقا «Goblin» أمر حتمي. لكنه اختار أن يبتعد عن أسلوبهم الصاخب، وأن يقدّم بديلًا يقوم على طبقات صوتية حزينة، وآلات مفاتيح بطيئة الإيقاع، وغناء يسجّله بنفسه، إلى جانب لمسات إلكترونية تجريبية.
وأوضح يورك في لقاءات صحفية أنه واجه صعوبةً في خلق موسيقا تخدم الرعب دون أن تكون تقليدية أو مباشرة، فاستلهم أعمال المؤلف البولندي كريستوف بندريشكي في استخدام التنافر الصوتي والفضاءات المظلمة. ونجح في بناء عالم موسيقي يتناغم مع البعد النفسي للفِلم، ويعكس توتر الشخصيات أكثر مما يلاحق الأحداث.
أبرز المقطوعات في الفِلم
مقطوعة «Suspirium»
تُعدّ أكثر المقطوعات ارتباطًا بالهوية العاطفية للفِلم. وهي مبنية على لحن بيانو بسيط ومكرر، يترافق مع صوت يورك الخافت الذي يضيف بُعدًا حميميًّا وسط عالم مُثقل بالتوتر. وتحمل البنية اللحنية الهادئة إحساسًا بالاغتراب والارتباك، وتعكس حالة البطلة «سوزي»، التي تجد نفسها وسط مؤامرات غامضة لا تفهمها بعد.
مقطوعة «Volk»
المقطوعة الأكثر قوةً وحركية، رافقت مشهد الرقصة الطقسية الذي يُعدّ من أبرز لحظات الفِلم. تعتمد على إيقاعات متصاعدة ومتشابكة، تُبنى تدريجيًّا لتخلق حالةً من الاختناق الجسدي والنفسي. يُصعّد هذا الإيقاع التوتر البصري ويُجسّد فكرة الجسد بوصفه أداةً للسيطرة والشعوذة.
مقطوعة «Unmade»
مقطوعة قائمة على مزج صوت يورك مع بيانو ناعم، لتتحول إلى ما يشبه الترنيمة. تُستخدم في مشاهد مواجهة مُشبعة بالرهبة، حيث يمتزج الخوف بالروحانية.
عبد العزيز خالد


اليوم نقول «أكشن» مع هذا المشهد من فِلم «Cape Fear» الصادر عام 1991، من إخراج مارتن سكورسيزي.
تدور القصة حول المحامي «سام بودِن» الذي يعيش مع زوجته وابنته حياةً هادئةً في بلدة صغيرة، قبل أن تنقلب سكينته حين يخرج «ماكس كايدي» من السجن بعد أربعة عشر عامًا قضاها بتهمة اعتداء عنيف. يعتقد «كايدي» أن محاميه «سام» حرمه من محاكمة عادلة بإخفائه تقريرًا قد يخفّف الحكم، فيبدأ رحلةً انتقاميةً منه.
في هذا المشهد، الذي يُعدّ ذروة الفِلم، يتحوّل مركب بحري إلى محكمة رمزية يتولّى فيها «كايدي» دور القاضي والجلّاد. ويفرض هيمنته على «سام» وعائلته ليحاكمه على خطيئته المهنية، وسط عاصفة عاتية.
ويتّخذ الحوار هنا شكل أداة تعذيب نفسي. حيث يمزج «كايدي» بين آيات إنجيليّة ولغة قانونية ليعيد صياغة وقائع محاكمته، ويُجبر «سام» على مواجهة تقصيره أمام محكمة «ضميره». ويكشف المشهد هشاشة القانون عندما ينفصل عن العدالة، ويطرح سؤالًا حادًّا حول مسؤولية المحامي حين يقدّم «الشكليّات» على جوهر الحق.
فالجريمة ارتكبها «ماكس كايدي» بالفعل، لكن لم يؤدِّ «سام بودِن» واجبه كما يجب. حيث أخفى تقريرًا طبيًّا قد يخفّف العقوبة، لأنه لم يرد أن يُعرف في مجتمعه بأنه دافع عن مغتصب. وأسقط بقراره هذا حقّ موكّله في محاكمة عادلة. لم يُطالب «كايدي» بالبراءة التامّة، بل بحق ضائع. ويعبّر هذا المشهد عن فكرة الفِلم التي تدور حول تساؤل ما إن كان المحامي يملك الحق في أن يحكم «أخلاقيًّا» بدلًا من أن يؤدي واجبه القانوني؟ وهل تُختزل العدالة في العقوبة الصارمة؟ أم في ضمان المحاكمة النزيهة؟
يستثمر سكورسيزي ومدير التصوير فريدي فرنسيس تصاعد العاصفة وإضاءة البرق لإبراز هشاشة الشخصيات أكثر من كونها مجرّد مؤثّر بصري. فتقطع كل ومضة برق الظلام لتكشف وجوههم بما تحمله من ارتباك وغضب وجروح. وتعزّز زوايا التصوير المنخفضة شعور تفوّق «كايدي» بصريًّا، فيما يجعل فضاء المركب المغلق التوتر خانقًا، وتؤكّد حركة الماء الهائجة أن الطبيعة ذاتها تشارك في توجيه الاتّهام.
عبد العزيز خالد

فقرة حصريّة
اشترك الآن


حين نفكر في الـ«ريميك» اليوم، قد يخطر في بالنا أنه حيلة تجارية من هوليوود الحديثة. لكن الحقيقة أن إعادة صناعة الأفلام عملية قديمة بقِدم السينما ذاتها. فمنذ البدايات، لم يتردد المخرجون في تكرار أعمالهم، إمّا لمجاراة التقنية الجديدة أو لمخاطبة جمهور مختلف. فالأمر في جوهره أقرب إلى «تجربة وإعادة صياغة» أكثر منه استنساخًا حرفيًّا.
ويُعتقد أن البدايات الحقيقية كانت مع المخرج سيسيل ب. ديميل، الذي أخرج فِلمه «The Squaw Man» ثلاث مرات: نسخة صامتة عام 1914 كانت أول أعماله، ثم نسخة ثانية محسّنة عام 1918 بميزانية أكبر وإخراج أكثر نضجًا، وأخيرًا، نسخة ناطقة عام 1931 مع دخول الصوت إلى السينما.
وبهذه المعلومة نستهلّ فقرة «دريت ولّا ما دريت» عن ظاهرة إعادة صنع الأفلام أو الـ«ريميك»:
مع ظهور الأفلام الناطقة أواخر العشرينيّات، سارعت الاستوديوهات إلى إعادة إنتاج قصص ناجحة من العصر الصامت لتستعرض التقنية الجديدة. ومن النماذج الأولى على ذلك كان فِلم «Broadway Melody» الصادر عام 1929، الذي جمع بين الغناء والرقص والحوار المسجَّل، في تجربة غير مسبوقة نالت جائزة الأوسكار عن أفضل فِلم. ثم جاءت بعدها ثورة الألوان لتفتح موجة جديدة من الـ«ريميك»، إذ بدت الأفلام بالأبيض والأسود قديمةً في نظر الجمهور، فاندفعت الاستوديوهات إلى إحياء الكلاسيكيات بصيغة ملوّنة أكثر جاذبية.
في بعض الحالات، يتحوّل الـ«ريميك» إلى أداة لتسويق النجوم أنفسهم أكثر من القصة، عن طريق إعادة صنع الأعمال المعروفة، لكن ببطولة أسماء لامعة تُضاعف جاذبيتها. وكان المثال الأشهر على ذلك فِلم «A Star is Born»، الذي صُوّر أربع مرات بين عامي 1937 و2018، وارتبطت كل نسخة بأيقونة زمنها، من جودي قارلاند فباربرا سترايسند ثم ليدي قاقا.
في السبعينيّات والثمانينيّات، برز بُعد اقتصادي أوضح، إذ أدركت الاستوديوهات أن مكتباتها القديمة كنز قابل لإعادة التوظيف، فأعادت إنتاج أفلامها بنسخ محدّثة، وظهرت في الوقت نفسه موجة تحويل الأعمال الأجنبية الناجحة إلى نسخ أمريكية موجهة لجمهور لا يفضّل الترجمة أو الدبلجة، مثل الفِلم الياباني «Seven Samurai» الذي أعيد عام 1960، بعنوان «The Magnificent Seven».
ومع بداية الألفية، برز دافع «الحنين» وأصبح الجمهور يرغب في رؤية القصص التي أحبها قديمًا في صورة جديدة. مثل إعادة «Ocean’s Eleven» الصادر عام 2001، الذي حوّل قصة الستينيّات إلى عمل عصري مليء بالنجوم. ومنذ ذلك الوقت تقريبًا أصبح الـ«ريميك» جزءًا من استراتيجية الاستوديوهات الكبرى، ورهانًا آمنًا يجمع بين قصة أثبتت نجاحها من قبل، وتقنيات حديثة أو أسماء جماهيرية.
مع أنّ مارتن سكورسيزي قدّم عبر مسيرته أعمالًا أصيلةً خالدة، كانت المفارقة أنّ تتويجه الأول بالأوسكار لم يأتِ إلا عام 2007 عن فِلم «The Departed»، وهو «ريميك» للفِلم الصيني «Infernal Affairs». وحصد الفِلم حينها أربع جوائز أوسكار: أفضل فِلم وأفضل مخرج وأفضل سيناريو مقتبس وأفضل تحرير. فيما علّق سكورسيزي بنفسه على هذه المفارقة مؤكدًّا أنه لم يتعامل مع العمل بوصفه «ريميك»، بل فرصة لإعادة صياغة القصة في سياق أمريكي.
صنعت ديزني لنفسها ظاهرةً خاصةً في عالم الـ«ريميك» حين شرعت بتحويل كلاسيكياتها الكرتونية إلى أفلام واقعية. فطرحت «The Jungle Book» عام 2016، و«The Lion King» عام 2019، وهي أعمال لم تغيّر حبكة الأصل بقدر ما عرضت قوة المؤثرات الرقمية الحديثة، وقدّمت القصص القديمة بصورة بصرية جديدة للجمهور المعاصر.
تُعد شخصية «Dr. Jekyll and Mr. Hyde» الأكثر إعادةً في تاريخ السينما. إذ قُدّمت بأكثر من عشر نسخ منذ عام 1910، أبرزها نسخة 1920 الصامتة، ونسخة 1931، التي نال بطلها فريدريك مارتش جائزة أوسكار لأدائه المزدوج، قبل أن تتوالى الاقتباسات في عشرات الأفلام والروايات البصرية الأخرى.
عبد العزيز خالد


مقالات ومراجعات سينمائية أبسط من فلسفة النقّاد وأعمق من سوالف اليوتيوبرز. وتوصيات موزونة لا تخضع لتحيّز الخوارزميات، مع جديد المنصات والسينما، وأخبار الصناعة محلّيًا وعالميًا.. في نشرة تبدأ بها عطلتك كل خميس.