نهاية اقتصاد ألمانيا
ألمانيا التي كانت نموذجًا اقتصاديًّا يُحتذى، تواجه اليوم أزمات تضرب قلب صناعتها. فما الذي جعل أقوى اقتصاد أوربي يتراجع؟


إذا كانت هناك دولة تمثّل الحلم الصناعي في العالم، فهي ألمانيا. البلد الذي نهض من ركام الحرب، وبنى اقتصادًا يُضرب به المثل، حتى صارت عبارة «صُنع في ألمانيا» كفيلة بأن تعطيك ثقة بأي منتج.
لكن فجأة، بدأت العناوين تتغير..
تراجعت أرقام النمو، وواجهت الصناعة الألمانية رياحًا قوية، وظهر السؤال الذي ما كان يخطر على بال أحد: هل ينهار الاقتصاد الألماني؟
في هذه الحلقة من بودكاست «آل جادي»، نعود إلى قرارات مصيرية اتخذتها ألمانيا خلال العقد الأخير: شراكات ثقيلة مع الصين، وتباطؤ تقني واضح، واعتماد مزمن على صناعات تقليدية؛ كلها اليوم تضرب العمق الصناعي الألماني.
مع محمد آل جابر وهادي فقيهي، نوثق هذه الحقبة التاريخية في ألمانيا.


ليش ما فيه أحد يحب يشتغل في المقاهي في ألمانيا؟ 🇩🇪☕️
لفترة طويلة، كانت ألمانيا واحدة من أصعب الأماكن في أوربا للعمل من المقاهي أو الأماكن العامة باستخدام الـ«واي فاي». والسبب لم يكن تقنيًّا، بل قانونيًّا. إذ كان هناك مبدأ قانوني يُعرف باسم «مسؤولية المتدخّل» (Störerhaftung)، ينص على أن الشخص الذي يوفّر شبكة إنترنت مفتوحة يتحمل المسؤولية القانونية عن أي استخدام غير قانوني يتم عبر هذه الشبكة، حتى لو لم يكن له أي علاقة مباشرة بالانتهاك.
هذا يعني ببساطة أن صاحب المقهى قد يتحمّل غرامات إذا حمّل أحد الزبائن، مثلًا، فلمًا بطريقة غير قانونية في أثناء استخدام الشبكة. وبسبب هذا الخطر، فضّلت غالبية المقاهي والمحال التجارية في ألمانيا الامتناع عن تقديم الإنترنت للزبائن، ما جعل تجربة العمل أو التصفّح من الأماكن العامة أمرًا غير شائع، على عكس ما هو مألوف في دول كثيرة حول العالم.
ورغم الأصوات المطالِبة بإلغاء هذا المبدأ القانوني منذ سنوات، لم يحدث تغيير فعلي إلا في عام 2017، عندما أصدرت المحكمة العليا قرارًا يُخفّف من هذه المسؤولية، ويمهّد الطريق لتوسيع نطاق الشبكات العامة دون تحميل مقدّمي الخدمة مسؤولية أفعال المستخدمين. شكلّ هذا التعديل نقطة تحوّل، لكنه جاء بعد سنوات طويلة من خلق بيئة لم تكن مشجّعة على الابتكار الرقمي أو العمل عن بُعد.

«برق» محفظة تقنيّة ماليّة💸
الخدمات، البطاقات، والمنتجات ما عليها أي رسوم.
والكاش باك، على الحوالات الدولية وتحويل رواتب العمالة، وبطاقة فيزا ومدى!
محفظة .. تعطيك ما تأخذ منك!

كيف تبني صناعة... وتخسرها؟
ألمانيا، دولة لا تملك نفطًا ولا غازًا، لكنها كانت تملك شغفًا وطنيًّا للطاقة النظيفة. فدفعت بكل قوتها نحو الطاقة الشمسية، عبر استثمارات ضخمة وحوافز مغرية ونظام دعم يمكّن المواطن من الربح وهو يولّد الكهرباء لبيته.
فقد أطلقت الحكومة برنامج دعم يقوم على أن تشتري شركة الكهرباء الفائضَ من أي مواطن يركّب ألواحًا شمسية على منزله، بل وبسعر مضاعف. وبذلك وجد المواطن نفسه ينتج الكهرباء ويكسب منها، فصار يفكر: «لماذا أدفع فاتورة وأنا أستطيع أن أصبح مولِّدًا للطاقة وأربح؟»
وفعلًا، تسابق الناس إلى تركيب الألواح. وعملت المصانع على مدار الساعة، وظهرت في شرق ألمانيا منطقة جديدة اسمها «وادي الطاقة الشمسية»، صارت أشبه بوادي السيليكون في أمريكا، لكنها مخصصة للطاقة. وبحلول 2008، كان كل لوح شمسي يُباع في العالم -تقريبًا- يُنتَج في مصنع ألماني.
انفجر الطلب، وبدأت المصانع داخل ألمانيا تصل إلى حدود طاقتها. حينها، كان القرار الذي غيّر مجرى القصة بالكامل: بدأت الشركات تصنّع في الصين، لأن الإنتاج هناك كان أرخص وأسرع. ولأجل إنجاح هذه الشراكات، نقلت الشركات الألمانية خبراتها وتقنياتها إلى المصانع الصينية.
لم تنتظر الصين طويلًا؛ أخذت المعرفة، وضاعفت الإنتاج، وقدمت دعمًا حكوميًّا ضخمًا لمصانعها. وخلال فترة قصيرة، بدأت الشركات الصينية تطرح ألواحًا أرخص في السوق، وبالجودة نفسها تقريبًا.
لكن المشكلة الكبرى ظهرت من داخل النظام الألماني نفسه. إذ بينما كان الدعم الحكومي مستمرًا، صار المواطن الألماني يستخدم ألواحًا صينية أرخص، ويحصل على المزايا نفسها. وفجأة، تحوّل الدعم الذي كان مصمَّمًا لتحفيز الإنتاج المحلي إلى دعم للمصانع الصينية.
وخلال أربع سنوات فقط، بدأت الشركات الألمانية تنهار. ثم في 2012، أعلنت أربع من أكبر شركات الطاقة الشمسية في ألمانيا إفلاسها. وخرجت ألمانيا من السوق التي كانت تتحكم فيها بالكامل، دون حتى فرصة للدفاع.

كيف تتخيّل بيت العمر؟ 💭
مسكن متكامل ومريح، موقعه قريب من كل شي، وفيه كل شي 🏡✨
موقفك الخاص، مصلى، مقهى،بقالة، صالة رياضية، وترفيهية!
هذي هي تجربة السكن في صفا 🔗
التجربة اللي تسبق الحاضر وتنبض بالحياة 🖼️🥁


كلّ أربعاء يقدم محمد آل جابر وهادي فقيهي تحليلات وإجابات مبسطة للأسئلة الاقتصادية المحيرة، ومع كل حلقة تصلك رسالة بريدية بمصادر ومعلومات ووجهات نظر مختلفة لم يتسع لها وقت الحلقة.