هل نبالغ في دفع أطفالنا للمنافسة؟ 🏅

زائد: هل تعيش حالة العناق الوظيفي؟

قبل نزولك على الدوام، هل تشعر برغبة في البكاء؟

قد يكون هذا عرض من أعراض «العناق الوظيفي» (job hugging) -كما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال- وهي حالة يضطر فيها الموظف أن يعانق وظيفته التي ما عاد يحبها أو ما عاد يرتاح فيها أو ما عاد فيها من مجال لترقيات أعلى. 

في هذه الحالة، ننصحك بأن تعانقها «شوي أطول»، وفي الوقت نفسه تبحث عن وظيفة أخرى تقفز إليها، أو تجمع منها ما يكفي لتأمينك ماليًّا على فترة جيدة بعد الاستقالة منها. وكن مطمئنًا أنَّ أحدهم الآن يعيش حالة العناق الوظيفي مع وظيفتك المستقبلية التي تريدها، وسرعان ما سيقفز منها وتُتاح إليك. 😁🫂

في عددنا اليوم، يبحث محمود عصام بعين الأب عن تأثير البيئة التنافسية نفسيًّا على ابنتيه، ويستمد من ذاكرته في أحد الملاعب المعنى الحقيقي للتنافس. ونشاركك اليوم فقرة «بريد رئيس التحرير»، وهي مساحة تبادلية للرسائل بيننا وبينك. وفي «لمحات من الويب» نودعك مع اقتباس من ماركوس أوريليوس عن تأمل النعم، ولماذا المبالغة في الاعتذار في بيئة العمل تضرك. 🙆🏻‍♂️

إيمان أسعد


رسم: الفنان عمران
رسم: الفنان عمران

هل نبالغ في دفع أطفالنا للمنافسة؟ 🏅

محمود عصام

لعبت كرة القدم في الشارع لسنوات قبل أن أنضم إلى نادٍ صغير يشارك في بطولات الناشئين. في أول مباراة لي هناك، دهستُ قدم لاعب منافس عن طريق الخطأ، فاعتذرت وتوقّفت عن اللعب. فجأة دوّت صفارة المدرب الغاضبة، وركض نحوي صارخًا:«هنا لا نلعب كرة شارع! لا تتوقّف عن اللعب إلا بصافرة الحكم، وإذا لم تقاتل على كل كرة فلا مكان لك في الملعب!»

منذ تلك اللحظة عرفت معنى البيئة التنافسية، ولم يتغير الأمر حين كبرت؛ بل وجدت المنافسة أشد حضورًا في مجالات العمل. ومع إنجابي طفلتين، أدركت أنهما بصدد منافسة أكثر شراسة، في ظل قلق الآباء المتزايد على مستقبل أبنائهم.

تخيّل أنك مع تسعة أشخاص آخرين في لعبة بسيطة: كل واحد منكم يملك بالونًا ودبوسًا، والقاعدة تقول إن من يحتفظ ببالونه سليمًا حتى نهاية اللعبة يفوز. غالبًا أول ما تفكر فيه هو تفجير بالونات الآخرين لتضمن الفوز لنفسك، وهكذا سيفعل معظم الناس، رغم أن القاعدة لم تشترط وجود فائز وحيد. لو أنكم اكتفيتم بالحفاظ على بالوناتكم بدل مهاجمة الآخرين، لفاز الجميع معًا. وهذا بالضبط ما نفعله في الحياة؛ فقد تربّينا على أن هناك دائمًا فائزًا واحدًا ومنافسة لا تنتهي.

طبقًا لآلفي كون، الكاتب في مجالات التربية والتعليم، تكمن المشكلة في مبدأ التنافس نفسه؛ ففي أغلب المواجهات يخسر معظم الناس، مما يترك أثره في ثقتهم بأنفسهم. وحتى الفوز لا يصنع شخصيةً قوية، بل يمنح شعورًا عابرًا بالفخر. يذكر كون في كتابه «لا منافسة: لماذا نخسر في سباقنا للفوز» (No Contest: The Case Against Competition) أن الكثير من الدراسات تشير إلى أن كثرة التنافس تربط تقدير الطفل لذاته بعوامل خارجية، فيقيس قيمته بما أنجزه وبعدد من تغلّب عليهم. وهنا يتحوّل الأمر إلى نمط ثقافي كامل: يُقال للطفل إن كونه جيدًا لا يكفي، بل يجب أن يهزم الآخرين. 

هكذا يصبح النجاح مرادفًا للانتصار على الآخرين، مع أنهما أمران مختلفان تمامًا. ومع الوقت يدخل الطفل في حلقة مفرغة: كلما انتصر شعر بحاجة إلى منافسة جديدة كي يثبت لنفسه أنه يستحق التقدير.

قد يبدو رأي كون متطرفًا للبعض، فالمنافسة تُقدَّم دائمًا كعامل أساسي لتحفيز الناس على بذل جهد أكبر. لكن عالم النفس ساندر فان دير ليندن يوضّح أن الاعتماد على المنافسة كمصدر رئيس للدافعية يجعل الحافز يختفي بمجرد انتهاء المنافسة. تؤكّد ذلك دراسة شارك فيها طلاب جامعيون تنافسوا على تقليل استهلاك الطاقة في الحرم الجامعي؛ فخلال فترة المنافسة انخفض الاستهلاك بشكل ملحوظ، لكنّه عاد تقريبًا إلى مستواه السابق فور انتهاء التحدي. ما يعني أن التغيير الحقيقي يحتاج دافعًا أعمق من مجرد الرغبة في الفوز.

ومع ذلك، يتفق كثير من الباحثين على أن المنافسة جزء أساسي ومتجذّر في حياتنا، وأن الخطر الحقيقي يكمن في الإفراط فيها. وتُعرَّف «التنافسية المفرطة» على أنها حاجة مُلحّة للفوز وتجنّب الخسارة بأي ثمن، مما يدفع الأشخاص لتحمّل أدوار ومهام تفوق طاقتهم، لينتهي بهم الأمر عاجزين عن تحقيق أهدافهم، بالإضافة إلى ميلهم لبناء علاقات شخصية ضعيفة. 

وتشير الأبحاث النفسية إلى أن سلوكيات هؤلاء غالبًا ما تحرّكها دوافع خارجية أكثر من كونها داخلية. فالأشخاص الذين يقودهم شغف إتقان المهمة أو الذين يتمتعون بتقدير ذاتي صحي أقل عرضةً للهوس بالمنافسة، بينما من يستمدون قيمتهم الذاتية من الفوز نفسه، أو من المكانة الاجتماعية والمكافآت المرتبطة به، هم الأكثر عرضةً للدخول في دائرة تنافس غير صحية.

يؤكد جون تاور، أستاذ علم النفس ومدرب كرة السلة، أن أي دعوات لإلغاء المنافسة تمامًا غير واقعية، وأن الحل يكمن في خلق بيئة تجمع بين المنافسة والتعاون. فمن المهم أن يختبر الطفل شعور الخسارة، لكن يُفضَّل أن يحدث ذلك في سياق يكون فيه شريكًا لا مجرد منافس، حيث يكون التعاون والإتقان جزءًا من التجربة.

يقترح كذلك ديفيد جونسون، الأستاذ الفخري لعلم النفس التربوي، طريقةً لتغيير ثقافة «الفوز بأي ثمن»، وذلك بتشجيع الطفل على مدح زملائه وتشجيعهم، ما يساعده على تقدير جهد الآخرين وتميُّزهم. بهذه الطريقة، تُغرس روح التعاون حتى وسط المنافسة، وعندما يخسر الطفل – وهو أمر لا مفر منه – سيجد من يشجعه. وعبر التركيز على الإتقان وتقليل التركيز على الفوز، ينمو كلٌّ من الطفل والفريق معًا.

بقيت في هذا النادي سنوات طويلة، لكنني لم أنجح في تكوين صداقات حقيقية هناك، على عكس كرة الشارع التي منحتني علاقات صادقة ما زالت مستمرةً حتى اليوم. ربما لأن الصديق الحقيقي لا يدهس قدمك باسم المنافسة، بل يمدّ يده ليساعدك على النهوض.


عملاؤك يستاهلون تجربة شراء سهلة وذكية.

توصيل لكل العالم، وتعامل بكل العملات، وربط مع مختلف التطبيقات، ومئات المزايا الأخرى التي تساعدك على توسيع نطاق تجارتك للعالمية. 🌎

سجّل في سلّة، وانقل تجارتك إلى المستوى الذي تستحقّه.


ذكرى وصول «نشرة أها!» العدد الخمسين 🎉
ذكرى وصول «نشرة أها!» العدد الخمسين 🎉

التقطت السلفي أعلاه في تاريخ الأول من مارس 2022 بمناسبة وصولنا إلى العدد الخمسين من نشرة أها! ولا، لم أتذكر الصورة وأشاركك إياها لأنَّ الأحد القادم سنصل العدد 900، بل لأنَّ خوارزمية صور الأيفون قررت أن تذكرني بها.

أشياء كثيرة تغيرت. مثلًا، رسمة الأرنب الذي يحمل في يده الساعة، التي رسمتها لي أختي ديمة وهي في المرحلة المتوسطة، واحتفظتُ بها ما يزيد عن عشرين سنة، فقدتها دون قصد. كنت قد وضعتها في جارور المكتب ونسيت إفراغ الجارور مما فيه قبل التخلص منه إلى «الوانيت» الذي يجول الشوارع بحثًا عن أثاث مستعمل.

ليست الرسمة وحدها التي فقدتها، بل كل ما كان معلقًا على جدران المحترف: بطاقات بريدية جمعتها من سفري إلى فرنسا وبلجيكا وتركيا، ونماذج من الشواهد الخشبية على قبور الجنود المجهولين في حقول الفلاندرز.

القصة أنني أحضرت فريق تنظيف، وطلبت منه تنظيف الجدران. الجدران نظيفة، ومنذ ذاك لم أعلق عليها شيئًا (ولم أعاود طلب تنظيفها 😬). ربما لم أعلق شيئًا لإحساسي بالذنب من فقدان رسمة أختي، رسمة لن أجد مثيلًا لها ما حييت، على خلاف البطاقات البريدية من المتاحف المتوفرة بنسخ عديدة.

لكن يتملكني شعور البداية من جديد، على أكثر من صعيد، لذا قد أعلق شيئًا عليها عن قريب.   

أستهل هذه الرسالة مني إليك بهذه القصة حتى لا تملَّ من الغرض منها. فالغرض من هذه المساحة الرد على تساؤلاتكم ومقترحاتكم وتعليقاتكم التي ترسلونها إلينا. كذلك، الغرض منها إلقاء الضوء بين الفينة والأخرى على جانب من جوانب العمل في نشرة أها! تحديدًا والنشرات البريدية عمومًا، مع توصيات شخصية بنشرات بريدية.

لن تكون الفقرة أسبوعية بالضرورة، ولن نلتزم بيوم محدد. واليوم أبدأ الفقرة بالإجابة عن سؤالك:

أين شباك منور مع شهد راشد؟ 

الأسبوع الماضي كان الأسبوع الأخير لشهد راشد في نشرة أها! بصفتها عضوًا دائمًا في فريق الكتابة والإعداد. فقد انتقلت شهد إلى خط إنتاج إبداعي آخر في «معيشة ثمانية». خطوة مهنية وإبداعية في محلها، لا سيما إذا وجدت الفرصة متاحة للخروج من منطقة الراحة والاعتياد، وتحدي قدراتك ومهاراتك في مهام ومسارات جديدة. والانتقال من ضفة إلى أخرى يتطلب أن تضع كلتا قدميك على ضفة واحدة، وإلا قد تفقد توازنك. 

فقرة «شباك منور» اكتسبت روحًا جديدة مع شهد، لا سيما أنَّ الفقرة اعتمدت بالكامل على ذائقتها الشخصية في القراءة، وانطباعاتها الوجدانية والتأملية عن النصوص التي تقرأها واللوحات التي تختارها. هي تمامًا مثل رسمة الأرنب، لا مثيل لها. 

لكن كما أنَّ الجدران تظلُّ موجودة، ستظلُّ الفقرة موجودة، وسيعلّق كاتبٌ آخر انطباعاته وذائقته عليها بأسلوبه وبصمته. 

وفيما يخص فقرة اللوحات التي عادةً كانت يوم الثلاثاء، وإجابةً على مقترح وصلنا من قارئٍ عزيز، ستتوسع إلى كل ما من شأنه أن يترك انطباعًا جميلًا لدينا ويلهمنا، فالجمال يتسع لكل شيء. 📬❤️

إعداد🧶

إيمان أسعد



نشرة أها!
نشرة أها!
يومية، من الأحد إلى الخميس منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+50 متابع في آخر 7 أيام