لماذا تنهار العملات

كيف تُحدَّد قيمة العملة؟ ولماذا تربط بعض الدول عملتها بالدولار؟

تخيل تصحى يوم وتلقى الفلوس اللي في جيبك فقدت نص قيمتها. الورق نفسه، الرقم نفسه، لكن ما تشتري لك إلّا نص اللي كنت تشتريه أمس.

هذا السيناريو ما هو خيال؛ كثير من الناس حول العالم عاشوه فعلًا. وهذا يرجعنا لأسئلة بسيطة لكنها عميقة: كيف تُحدَّد قيمة العملة؟ وليه بعض العملات تنهار فجأة؟ ومن المتحكم في هذه السوق المحرّكة لعملات العالم كلها؟

وليش الريال السعودي محافظ على ثباته ومرتبط بالدولار الأمريكي، مع أن كثيرًا من الدول ترفض هذا الارتباط وتدخل السوق بمفردها، بكل ما فيها من مخاطرة؟ 

في حلقة اليوم من بودكاست جادي، مع محمد آل جابر وهادي فقيهي، ندخل سوق العملات من أوسع أبوابها، ونسأل الأسئلة اللي قليل أحد يجاوبها: وش علاقة العملة بالتضخم؟ وكيف عجز الميزانية ممكن يؤثر في قوتها؟ وليه أحيانًا تكون العملة انعكاسًا لثقة العالم بالدولة نفسها؟

حلقة تضع النقاط على الحروف، وتعطيك فهمًا أعمق لـ«الريال» اللي في محفظتك.


الخبز بـ100مليار؟ 🍞💸

الصورة من زيمبابوي 2008 وقت التضخم/  المصدر: Reddit
الصورة من زيمبابوي 2008 وقت التضخم/ المصدر: Reddit

تخيل أن تبدأ يومك متجهًا لشراء الخبز، فتذهب إلى المخبز وأنت تعلم يقينًا أن سعر الرغيف بالأمس كان خمسة دولارات، لكنك اليوم تجده بـ500 مليون! ثم في اليوم التالي، تجد الرغيف نفسه يُباع بمليارين! تخيل أن تصبح العملة عاجزة عن ملاحقة الأسعار، وأن تصبح الفاتورة اليومية مجرد أرقام فلكية تطبع على أوراق فقدت قيمتها.

هذا ما حصل بداية الألفينيّات، حين دخلت زيمبابوي نفقًا مظلمًا وبدأت حكومتها طباعة النقود بهستيرية، ففقدت الأسواق توازنها وتضخمت الأسعار بجنون. وأصبح الناس يحتاجون إلى مليارات لشراء الخبز؛ فيتجهون إلى السوق وهم يحملون أكياسًا ممتلئة بالأوراق النقدية، ثم يعودون برغيف واحد لا يكفي لوجبة.

وفي 2008، خرج التضخم عن السيطرة، وتجاوز معدله الشهري تسعة وسبعين مليارًا في المئة. فلجأ البنك المركزي إلى طباعة عملة من فئة 100 مليار، ثم 100 تريليون. لكن الورقة الواحدة كانت لا تكفي لشراء وجبة، ولا حتى عبوة ماء. فتوقف الناس عن العدّ، وصاروا يقيّمون السلع بعدد الأكياس اللازمة لشرائها لا بعدد الأوراق داخلها.

وحتى المتاجر لم تعد تكتب أسعار السلع؛ إذ كانت الأسعار تتغير حسب الساعة. فقد تدخل لشراء غدائك، ثم تخرج فتجد سعره قد تضاعف خمس مرات. وهكذا انهارت الثقة بالعملة، واعتُمد التعامل بالدولار الأمريكي أو بأي شيء قادر على حفظ قيمته.

ثم في عام 2009، رفعت الحكومة يدها معلنةً رسميًّا نهاية عملتها.


«برق» محفظة تقنيّة ماليّة💸

الخدمات، البطاقات، والمنتجات ما عليها أي رسوم.

والكاش باك، على الحوالات الدولية وتحويل رواتب العمالة، وبطاقة فيزا ومدى!

محفظة .. تعطيك ما تأخذ منك!


الضربات على الريال السعودي

تصميم: أحمد عيد
تصميم: أحمد عيد

من أحمد الهلالي ✍🏼

منذ عام 1986، رُبط الريال السعودي بالدولار الأمريكي؛ قرار بدا بسيطًا للوهلة الأولى، لكنه في الواقع انطوى على منطق اقتصادي واضح. واليوم يُطرح السؤال: هل لا يزال هذا الربط جيدًا؟

لنتفق على أن ما يجعل الربط بالدولار مغريًا هو الاستقرار. فالدولار عملة احتياطية عالمية، وكل عقود النفط تقريبًا مسعّرة به. ولهذا، الحفاظ على سعر صرف ثابت للدولار يعني استقرار إيرادات النفط، وتقليل تقلبات العملة، خصوصًا وقت دخول استثمارات أجنبية ضخمة أو خروجها.

لكن هذا الربط لا يأتِ من فراغ. فمن أجل تثبيت عملتك، لا بد أن تقنع السوق بقدرتك على حماية هذا الارتباط مهما حصل. وهذا ما فعلته السعودية في أكثر من مرة. ففي 1993 و1998 وحتى في 2007، واجهت السعودية مضاربات شرسة على الريال، ومع ذلك لم تفك الارتباط. واستخدمت مؤسسة النقد «ساما» أدوات ذكيّة -مثل التدخل في السوق الآجل ورفع متطلبات الاحتياطي على البنوك- وكبّدت المضاربين خسائر بدلًا من أن تضعف أمامهم.

ورغم كفاءة «ساما»، فإن السنوات الأخيرة جاءت بتساؤلات أعمق؛ لأنك حين تربط عملتك بعملة أخرى، فأنت بطريقة غير مباشرة تتبنى سياساتها النقدية. وهنا تكمن مشكلة الأثر العكسي لقوة الدولار: ارتفاع تكاليف التصدير وزيادة الواردات وانكماش الإنفاق.

وفي 2016، كانت هناك رهانات من «صناديق تحوّط» على أن السعودية ستفكّ هذا الارتباط أو تخفّض قيمة الريال. لكن، لماذا لم تفك السعودية هذا الربط؟ الجواب يكمن في الهيكل الاقتصادي، فالسعودية لا تملك قطاعًا تصديريًّا -غير النفط- بحجم يسمح لها الاستفادة من عملة أضعف.

وكما يوضح كتاب «The Saudi Arabian Monetary Agency, 1952 - 2016»، فإن تخفيض سعر الصرف لن يدعم التوظيف أو الصادرات غير النفطية، كما يحصل في دول مثل فيتنام أو إندونيسيا، لأن الطلب على النفط لا يتغير كثيرًا مع السعر، والطلب على الواردات في السعودية شبه ثابت. وحتى إذا ضعفت العملة، سيستمر الناس في شراء المنتجات المستوردة نفسها، لكن بتكلفة أعلى.

ما يمكننا فهمه هنا هو أن ربط الريال بالدولار خيار، لكنه خيار ذو تكلفة. والمشكلة الكبرى ليست في الربط نفسه، بل في غياب بديل حقيقي. فاقتصادنا اليوم يعتمد على النفط، لكن رؤيتنا تعتمد على التنوع. وإذا أردنا بناء اقتصاد مرن، لا بد أن نخلق قطاعات تصدّر، منتجات تنافس، خدمات تنمو... حينها، فقط حينها، يصبح الحديث عن «تعويم العملة» أو تغيير الربط منطقيًّا.


كيف تتخيّل بيت العمر؟ 💭

مسكن متكامل ومريح، موقعه قريب من كل شي، وفيه كل شي 🏡✨

موقفك الخاص، مصلى، مقهى،بقالة، صالة رياضية، وترفيهية!

هذي هي تجربة السكن في صفا 🔗

التجربة اللي تسبق الحاضر وتنبض بالحياة 🖼️🥁


بودكاست جادي
بودكاست جادي
أسبوعية، الأربعاء منثمانيةثمانية

كلّ أربعاء يقدم محمد آل جابر وهادي فقيهي تحليلات وإجابات مبسطة للأسئلة الاقتصادية المحيرة، ومع كل حلقة تصلك رسالة بريدية بمصادر ومعلومات ووجهات نظر مختلفة لم يتسع لها وقت الحلقة.

+20 متابع في آخر 7 أيام