عن العائلة التي نختارها بإرادتنا
زائد: هل تعرف اسم الحشرة في مكتبك؟

رأى زميل لي حشرةً تشبه النملة في المكتب، ووجدها تحوم حول كرسي خشبي. فرجح من مكان وجودها وشكلها بأنها نملة الخشب.
لم أرد التسرع بتسميتها؛ فتصنيفها بشكل خاطئ قد يؤدي لاختيارنا وسائل وقاية في غير محلها لحماية المكتب ومقتنياتنا. فاقترحت استخدام تطبيق «آي ناتشرلست» (iNaturalist) في المرة القادمة التي تظهر فيها الحشرة في المكتب؛ لنتعرف عليها ونرحّب بها.
قد يبدو التعرف على كائن ضئيل كحشرة, خصوصًا بين زحمة المهام في المكتب، إضاعةً للوقت. لكن ملاحظة من يرافقنا من المخلوقات الحية بتأنٍّ ودقة، مهما كان حجمه، يساعدنا على التأقلم مع الأماكن الجديدة، وتعلم طرق للتكيف معها. 👨🏻💻
في عددنا اليوم، أكتب لك عن مفهومي للعائلة، وكيف وجدته في أشخاص لا تربطني بهم قرابة دم. وفي «خيمة السكينة» تتأمل إيمان أسعد قصةً قرأتها عن خسارة المنتخب النيجيري بعدما تلقت شباكه 99 هدفًا في كأس العالم. وفي «لمحات من الويب»، نودعك مع اقتباس من كانط عن استحقاقك للراحة في نهاية الأسبوع، وماذا يحدث عندما تبيع متحف حياتك. 🥲
خالد القحطاني

عن العائلة التي نختارها بإرادتنا
مشاهدة الأفلام على الطائرة من أفضل الأنشطة لي بلا منازع. ذلك أنَّ انتباهي المحدود بين كل مشتتات الرحلة، مثل تداخل أصوات الركاب وحركتهم المستمرة من مقاعدهم، يجعل القراءة أو أي نشاط ذهني مماثل يتطلب تركيزًا إضافيًا صعبًا، مما لا أقوى عليه صراحةً.
لا أقصد أن مشاهدة الأفلام لا تتطلب تركيزًا أو جهدًا، بل العكس تمامًا. لكن غايتي من مشاهدة فلم في هذه البيئة تشتيت نفسي عن حقيقة لا أحبذها: سأبقى قيد مقعد واحد خلال ساعات طويلة، ولن أتحرك إلا للضرورة خوفًا من إزعاج جاري أو إيقاظه من غفوته.
أتبع الطريقة نفسها في اختيار الأفلام في كل رحلة: أتصفحها جميعًا من الألف إلى الياء على الشاشة الصغيرة الموجودة أمام مقعدي، ثم أجمع ما يجذبني منها في قائمة «المفضلة»، وأخيرًا أرسو على أخفّها دمًا وأكثرها كوميديةً. أتجنب كل ما هو شاعري ويوقظ داخلي صوتًا لا أريد سماعه في هذه المساحة الضيقة، على ارتفاع آلاف الكيلومترات من سطح الأرض.
وقع اختياري على فلم «نوناز» (Nonnas)، المستوحى من قصة حقيقية. يحكي الفلم سيرة رجل فقد أمه، فيقرر أن يفتح مطعمًا تديره وتطهو فيه جدات إيطاليات إحياءً لذكراها، ولغة حبها التي عبرت عنها بطبخ أشهى الأطباق الإيطالية له ولعائلته.
لم أتوقع أن يؤثر فيَّ الفلم بهذه الطريقة، خصوصًا أنه من بطولة فنس فون الذي اعتدت منه التمثيل في أفلام خفيفة ولطيفة. لكن الفلم هدَّني عاطفيًّا، مشهدًا بعد مشهد، ولا أنكر أني بكيت في نهايته، وهو أمرٌ نادر لأني غالبًا أنام قبل وصولي خاتمة أي فلم.
لا أود أن أفسد عليك نهاية الفلم، ولا أن آخذ من وقتك في الحديث عن تأملاتي في الأفلام التي أشاهدها على الطائرة. لكن دعني أشاركك مشهدًا علق في ذهني لساعات وأيام بعد أن شاهدته. في نهاية يوم طويل في المطعم، مليء بالصعوبات والتحديات، وبعدما هدَّ التعب الجدات، وكسر الرجل قوانين المطعم وتمويله، اجتمعوا كلهم على طاولة. واتفقوا بعد تنهيدة جماعية طويلة أنَّ انتصارهم من الآن فصاعدًا لن يُقاس بنجاح مطعمهم، أو عدد زبائنه أو أرقام مبيعاته؛ فهم منتصرون أساسًا دون كل هذه المقاييس. فبداية فوزهم الحقيقي تمثلت في رفقتهم، في وجودهم ومساندتهم بعضهم بعضًا.
رغم مجيء كل من جلس على الطاولة من خلفية مختلفة، فقد أصبحوا في فترة قصيرة عائلة واحدة، همهم وقلبهم واحد، ويداوون جراحهم فيما بينهم. إذ أثبتوا من خلال تعاونهم على أداء مهام مشروعهم بشكل خاص، ومواساة بعضهم بعضًا على هموم حياتهم ومعاناتهم من الفقد بشكل عام، أن الدم ليس وحده أساس القرب، أو الدليل القاطع على قوة الرابطة الاجتماعية. بل تتطلَّب متانة العلاقة بين الناس ما يزيد عن رابط بيولوجي.
وأعتقد أن سبب استيقاظي حتى نهاية الفلم، وتعلقي بهذا المشهد تحديدًا، هو تفكيري المستمر بنعمة العائلة التي اخترتها لنفسي، وكيف أصبحت صخرة أستند عليها في احتياجاتي على مرِّ سنوات دراستي في أمريكا. فها هم «يفزعون» لي كلما احتجت إليهم، ويهبون لمساعدتي كلما ناشدتهم، في أبسط أمور الحياة وأشدها تعقيدًا، دون توقع أي مقابل، ودون أن يربطنا شيء غير إخلاصنا لبعضنا، وإيماننا التام بأننا سنجد الدعم الذي نحتاجه في وقت الحاجة.
من تلك المواقف ما حصل قبل سفري بأيام. فقد سُرِق جوالي واختفى دون أن أجد له أثرًا. وصحيح أنه عُسرٌ لا يُذكَر، إلا أنني وجدت كلًا من أصدقائي يعاونني بطريقته: أحدهم يعرض عليّ جواله لأستخدمه، وآخر يحاول معي تسجيل الدخول على حساباتي لأتأكد من عدم قرصنتها، وآخر يطمئنني بأنني سأُعوَّض بأحسن منه.
ما جعل سرقة الجوال أمرًا شاقًّا عليّ حينها، وجعل شيئًا بهذه السذاجة يشعرني بحلول نهاية العالم، فقداني له وقتما كنت ألمُّ «عفش» آخر سنتين من حياتي في شنطتين فقط. إلا أنهم اجتمعوا جميعًا في بيتي لكي يبهجوني، وينتشلوني من مستنقع إحباطي. ساعدوني في ترتيب ملابسي ومقتنياتي قطعةً قطعة، وشنطةً تلو شنطة، دون أي تذمر، والبسمة تعلو ملامحهم.
لا أملك كلامًا لم يقله أحدٌ قبلي في مدح الصداقة وجمالها، أو أهميتها لحياة المرء وتأثيرها على جودتها. ومهما حاولت، لن أوفيَ أصدقائي حقهم. إلا أنني أعرف أن نجاتي في هذه الحياة لن تكون ممكنة دون عائلتي بالدم، وعائلتي التي اخترتها بنفسي.

عملاؤك يستاهلون تجربة شراء سهلة وذكية.
توصيل لكل العالم، وتعامل بكل العملات، وربط مع مختلف التطبيقات، ومئات المزايا الأخرى التي تساعدك على توسيع نطاق تجارتك للعالمية. 🌎
سجّل في سلّة، وانقل تجارتك إلى المستوى الذي تستحقّه.


ليس خطأك إن سجلوا في مرماك 99 هدفًا!
أغلب الشعب النيجيري يتذكر هذه المباراة المصيرية في كرة القدم، سواء كان مولودًا حينها أم وُلِد بعدها: مباراة نيجيريا ضد الهند في تصفيات كأس العالم. يومها تلقت الشباك النيجيرية 99 هدفًا مقابل هدف وحيد سجله الفريق في المرمى الهندي.
لو سألت أي نيجيري، سيقول إنَّ لاعبي الفريق بذلوا أفضل أداءٍ ممكن، وطبقوا تعليمات المدرب، وأظهروا مهارات فائقة ضد الفريق الهندي الضعيف أساسًا. فكيف تمكَّنت إذن الهند من تسجيل كل تلك الأهداف
السحر الأسود!
استعان الفريق الهندي بالسحر في سبيل الفوز. بعض لاعبي الفريق النيجيري رأوا الكرة تتحول إما إلى أسد مرعب ينوي افتراسهم أو أفعى ضخمة على وشك الانقضاض عليهم. والبعض الآخر ظلَّ يرى الكرة تتحول إلى كرات وتاهوا بين الكرة الحقيقية وصورها المزيفة. من شدة الصدمة، توفي أحد لاعبي الفريق النيجيري في أرض الملعب إثر أزمة قلبية.
ثار النيجيريون بعد إعلان الحكم نهاية المباراة، واقتحموا الشوارع وأثاروا الشغب غضبًا من الظلم الذي تعرض له فريقهم، ولم تهدأ أعمال الشغب إلا مع حلول فجر اليوم التالي.
بعد هذه المباراة، عاقبت الفيفا الفريق الهندي لمخالفته القوانين، واستعانته بالسحر الأسود في خطة لعبه ضد نيجيريا.
يُعَد هذا الحدث من الأحداث التاريخية المهمة لدى الشعب النيجيري، وحدثًا يُروى على الدوام. لكن ثمة خطبٌ واحد يتعلق بهذا الحدث: لا وجود أصلًا لهذه المباراة! هي قصة صدقها الكثيرون، والبعض يجدها مثالًا على الهلوسة الجماعية. لكنها في وجدان الكثير من الناس قد وقعت، ولها وجود في ذاكرتهم.
أنا أيضًا صدقت قصة المباراة الغريبة للوهلة الأولى وأنا أقرأها ضمن أحداث نصٍّ أدبي في منصة «قرانتا» للكاتبة والفنانة النيجيرية إيلوقوسا أوزنده، وكنت أنوي الاستعانة بها مثالًا هنا في خيمة السكينة على قبول الخسارة مهما كانت فادحة، وألا نتحجج بخوارق الطبيعة وتسلُّط الأقدار. لكن المباراة لم تقع أساسًا، فما الفائدة النفسية منها إذن؟
الفائدة هي أنها تصلح «سالفة حلوة» تكسر الصمت في جمعة الأهل أو الأصدقاء، أو في جلسة تعارف. تصوَّر نفسك تسردها بمنتهى الاقتناع، «مع شوية بهارات»، مع منح الآخرين فرصة إبداء الآراء والانطباعات، لتختم سردك القصة بأنها لم تقع أساسًا.
أكاد أجزم أنك ستفتح الباب على «سوالف حلوة» أكثر تخفف القلق الذي يثقلنا جميعًا، وفي هذا شيء من السكينة. ⚽️😄
إعداد🧶
إيمان أسعد

«إن أكبر متعة حسيَّة لا يشوبها أي ملل، تمثُل في أن نأخذ قسطًا من الراحة بعد العمل. أما الميل إلى أخذ الراحة من غير أن نكون قد عملنا فهو يُدعَى كسلًا.» كانط
لما تبيع متحف حياتك.
ليه الناس تنام على مسلسل «قولدن قيرلز»؟
الدنيا شمسية في هوا!

لا تندم على هَوَس شراء الكتب.
متعة كرة القدم في كل مكان.


نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.