هل تستحق المدارس الخاصة رسومها؟
مقارنة بين أداء الطلاب في المدارس الخاصة والحكومية بالأرقام


اليوم صارت المدارس الخاصة حديث المجالس، وكل ولي أمر يتساءل: هل أدخّل ولدي مدرسة حكومية؟ أم خاصة؟
وهذا السؤال ما جاء من فراغ، خصوصًا مع ارتفاع أعداد الطلاب في المدارس الخاصة، فقد وصلت إلى 15% في السعودية، وهي نسبة أعلى حتى من بعض الدول الأوربية.
لكن، هل فعلًا تقدم المدارس الخاصة تعليمًا أفضل؟ وهل الفرق بينها وبين المدارس الحكومية يستحق التكلفة؟
في هذه الحلقة، قررنا نترك الانطباعات ونتكلم بلغة الأرقام، وجمعنا بيانات لثلاث سنوات عن أداء الطلاب في القدرات والتحصيلي، وغطّينا الفروقات في التربية والتعليم والمهارات، عشان نجاوب عن سؤال واحد: هل المدارس الخاصة فعلًا تستاهل؟ وهل هذا التوجه صحي؟
كالعادة، مع محمد آل جابر وهادي فقيهي، في حلقة ثرية جدًّا بالإحسان.

هل المدارس كانت حكومية في الأصل؟ 🏫
ما نعرفه اليوم عن التعليم أنه «حق للجميع» وأن الدولة مسؤولة عنه. لكن لو عدنا بالزمن، لاكتشفنا أن التعليم المنظّم بدأ أساسًا بوصفه مشروعًا «نخبويًّا» وخاصًّا.
ففي العصور القديمة، كان التعليم حكرًا على أبناء النخبة: الأرستقراطيين والكهنة أو أبناء التجار الكبار. وفي مصر القديمة وبلاد الرافدين، كانت المدارس مرتبطة بالمعابد، ولا يدخلها إلا من كان من طبقة اجتماعية معينة. وحتى في أثينا وروما، كان التعليم خاصًّا وموجّهًا لمن يستطيع دفع المال.
لكن نقطة التحوّل كانت في أوربا خلال القرون الوسطى، بعد ظهور الكنيسة الكاثوليكية مؤسسةً قوية، فبدأت نشر التعليم الديني بوصفه جزءًا من مشروعها التبشيري. ورغم أنها كانت تديره، فإنه صار أقرب لفكرة «التعليم العام»، على الأقل لأبناء الطبقة الوسطى.
لاحقًا، ومع الثورة الصناعية، صارت الحكومات ترى التعليم أداةً لصناعة مواطنين مؤهّلين للعمل، وبدأت تظهر المدارس الحكومية المجانية في القرن التاسع عشر، خصوصًا في ألمانيا وإنقلترا. ولم تكن الفكرة حينها مثالية، بل كانت عملية: نحتاج إلى عمّال يستطيعون قراءة التعليمات، وفهم الوقت، والعمل بكفاءة.

«برق» محفظة تقنيّة ماليّة💸
الخدمات، البطاقات، والمنتجات ما عليها أي رسوم.
والكاش باك، على الحوالات الدولية وتحويل رواتب العمالة، وبطاقة فيزا ومدى!
محفظة .. تعطيك ما تأخذ منك!


مقارنة بين المدارس الحكومية والخاصة في اختبارات القدرات والتحصيلي
من هادي ✍🏼
حين نفكر في جودة المدارس، نجد كثيرًا من المقاييس تدخل في الحسبة: البيئة الصفّية وخبرة المعلمين ورضا أولياء الأمور ونتائج المخرجات… لكن أغلبها تصعب مقارنته. لذلك، اعتمدنا في هذا التحليل على نتائج اختباري القدرات والتحصيلي بوصفهما معيارًا واضحًا وثابتًا؛ يقدّم مؤشرات كميّة عن متوسط أداء الطلبة، ويسهّل مقارنة الأنظمة التعليمية المختلفة بغض النظر عن الموقع الجغرافي أو خصائص المدرسة.
فجمعت بيانات من نتائج الطلاب خلال ثلاث سنوات (من أغسطس، 2021 حتى يوليو، 2024) حسب ما توفر من تقارير «مؤشر ترتيب»، وبدأت الصورة تتضح.
أولًا: اختبار القدرات

في اختبار القدرات، نلحظ أن البنات في التعليم العالمي سجلن أعلى أداء بمتوسط 77.2، ثم طالبات التعليم الأهلي بمتوسط 73.5، في حين حصلت البنات في التعليم الحكومي على 68.3.
أما البنون، فسجلوا 77.7% في التعليم العالمي، و68.5 في التعليم الأهلي، و62.4 في التعليم الحكومي. والفروقات هنا واضحة؛ فقد تكررت الفجوة بين أنظمة التعليم عند الجنسين، لكنها أكبر بين البنين، إذ يتراجع أداؤهم في المدارس الحكومية والأهلية مقارنة بالعالمية.
ثانيًا: اختبار التحصيلي

في اختبار التحصيلي، استمر هذا النمط العام: حققت البنات في التعليم العالمي متوسطًا قدره 75.5، وهو الأعلى، متقدمات بذلك على متوسط التعليم الأهلي الذي بلغ 68.2 والحكومي الذي بلغ 67.5. أما البنون، فسجلوا 73.3 في التعليم العالمي، و61.4 في التعليم الأهلي، و59.5 في التعليم الحكومي.
والفارق بين البنين والبنات داخل نوع التعليم نفسه لافت. ومع أن الاختبار التحصيلي يقيس المعرفة المبنية على المنهج الدراسي، فإن البنات يتفوقن فيه أيضًا، حتى على زملائهن في المدرسة نفسها والمرحلة نفسها.
ثالثًا: مدارس الهيئة الملكية في السعودية

في خضم المقارنة بين التعليم الحكومي والخاص، ظهرت مدارس الهيئة الملكية، مثل الجبيل وينبع، بوصفها حالة لافتة تستحق التوقف. فهي مدارس تُصنّف على أنها حكومية، لكنها تعمل ضمن نموذج إداري مختلف، وتمتلك موارد وبنية تنظيمية مستقلة عن التعليم العام التقليدي. وعند النظر إلى نتائجها، نجد أن أداء طلابها كان أعلى من المدارس الحكومية الأخرى: ففي اختبار القدرات، سجّلوا 72.4 مقابل 66.5 في المدارس الحكومية. وفي اختبار التحصيلي، كانت النتيجة 67.7 مقابل 64.2.
وإذا دققنا في الأرقام، يظهر نمط ثابت: أي مدرسة تحقق درجات عالية في الامتحان التحصيلي، غالبًا ما تكون قوية في امتحان القدرات، والعكس صحيح. فمثلًا، مدارس الهيئة الملكية متفوقة على الحكومية في الاختبارين معًا، والتعليم العالمي متصدر في التحصيلي والقدرات للبنين والبنات بالدرجة نفسها تقريبًا. وحتى التعليم الأهلي، فمع أنه أقل من التعليم العالمي، إلا أنه يحافظ على ترتيب متقارب في الاختبارين. وهذا يوضح أن جودة البيئة التعليمية لا تنعكس في جانب واحد فقط، بل هي شاملة، سواء أكان المقياس «تحصيليًّا» أم «قدرات».
هل يستمر تأثير التعليم الخاص بعد الجامعة؟
من محمد ✍🏼
كثيرًا ما نسمع عن تفوّق طلاب التعليم الخاص، خصوصًا في المراحل المبكرة. فنتائجهم أعلى ومهاراتهم أوضح وثقتهم بأنفسهم أكبر.
لكن السؤال: ماذا يحدث لاحقًا؟
تشير الدراسات أن تفوّق خريجي التعليم الخاص غالبًا ما يختفي خلال أول سنتين في الجامعة؛ إذ يتقارب الأداء، وتتلاشى الفروق. وحتى في سوق العمل، لا يتجاوز الفارق في الرواتب 6% إلى 7% وغالبًا ما يكون مرتبطًا بالطبقة الاجتماعية أكثر من جودة التعليم نفسه.
واللافت أكثر أن كثيرًا من النوابغ الذين يلمعون في سن مبكرة تختفي أسماؤهم بعد سنوات، بينما من يأتون من خلفيات متوسطة وبدرجات أكاديمية عادية هم غالبًا من يواصلون التقدّم.
وقد يقول البعض: هذا طبيعي، لأن أغلب الناس أصلًا من الطبقة المتوسطة. لكن هناك زاوية أخرى كثيرًا ما نغفل عنها: الاستمرارية والجهد. فالنجاح لا يعتمد فقط على الذكاء أو الموهبة، بل على القدرة على المواصلة... على «الصّملة».
وهنا تكمن المفارقة: كثير من الأذكياء في بداياتهم يعتقدون أنهم ليسوا بحاجة إلى بذل جهد إضافي، وتعوّدوا على نظام المدرسة الذي يكافئك إن اخترت الجواب الصحيح. لكن الحياة لا تسير بالطريقة نفسها؛ فالنجاح فيها لا يأتي من تلوين الاختيار الصحيح، بل من الاستمرار... حتى لو صار الطريق ضبابيًّا، والدوافع قليلة.

كيف تتخيّل بيت العمر؟ 💭
مسكن متكامل ومريح، موقعه قريب من كل شي، وفيه كل شي 🏡✨
موقفك الخاص، مصلى، مقهى،بقالة، صالة رياضية، وترفيهية!
هذي هي تجربة السكن في صفا 🔗
التجربة اللي تسبق الحاضر وتنبض بالحياة 🖼️🥁


كلّ أربعاء يقدم محمد آل جابر وهادي فقيهي تحليلات وإجابات مبسطة للأسئلة الاقتصادية المحيرة، ومع كل حلقة تصلك رسالة بريدية بمصادر ومعلومات ووجهات نظر مختلفة لم يتسع لها وقت الحلقة.