فِلم «Weapons» مُبالَغ في تقديره
كاد الفِلم أن يصبح كلاسيكيًّا

أتذكر أول مرة شاهدت فيها «Memories of Murder» كنت مذهولًا بروعة الفلم لدرجة أنني شعرت أنه فلم «اقترب من الكمال السينمائي»، لكنني كنت على يقين أن هناك تحديات تواجهه؛ ليست في جودته التي لا خلاف عليها، بل في كونه فلمًا كوريًّا. فقد كنت أعتقد أن ذلك سيكون عائقًا أمام تقديره بما يكفي في العالم كله.
وهذه النظرة تكونت لديّ بسبب سيطرة هوليوود على ذلك التقدير، حتى إن كثيرًا من المخرجين من خارج أمريكا، إذا رغبوا في نيل التقدير، أخرجوا أفلامًا بداخل أمريكا وجعلوا أحداثها تدور هناك.
في 2019، عاد بونق جون هو وكسر هذا الاعتقاد عندي، ونال الأوسكار عن فلمه الكوري «باراسايت». وفي تجربته هذه ثمة درس مهم جدًا لكل صانع أفلام: بأسلوبك وبيئتك تستطيع الوصول إلى العالمية والتقدير العالي، والأهم من ذلك التميز النوعي فعلًا.
نايف نجر العصيمي

فِلم «Weapons» مُبالَغ في تقديره
ما الذي قد يجذبك إلى الذهاب لمشاهدة فِلم في السينما؟ هل هي المعلومات عن تجربته؟ أو قصته؟ أو الممثلون المشاركون فيه؟ هذا طبيعي جدًّا، لكن لم يكن هذا هو الحال بالنسبة إليّ مع فِلم «وبنز» (Weapons)، فقبل أن أقرر حضوره، كنت أعرف عنه أمرين جذبا انتباهي أكثر من أي إعلان تشويقي:
الأول، أن الفِلم كان من المقرر أن يُعرض في بداية عام 2026، لكن بعد تجربة عرض أوليّة إيجابية تقدّم عرضه إلى أغسطس 2025. والثاني -وهو ما أثار فضولي أكثر- أن تقارير صحفية متطابقة ذكرت أن جوردن بييل أقال فريق إدارته بالكامل بعد خسارتهم صفقة إنتاج الفِلم في مزايدة مع شركات أخرى في 2023، وأُشيع أنه كان أحد أكثر المشاريع التي أراد بييل الانخراط فيها خلال السنوات الأخيرة.
وتدور أحداث «وبنز» في بلدة صغيرة تُدعى «مايبروك»، حيث يختفي سبعة عشر طفلًا من الصف نفسه في ليلة واحدة، أو بالأدق يختفي فصل كامل باستثناء طالب واحد. ففي يوم من الأيام، عند الساعة الثانية وسبع عشرة دقيقة صباحًا، استيقظوا جميعهم في اللحظة نفسها، وخرجوا من منازلهم وأذرعهم ممدودة نحو الظلام، وكأن قوة غير مرئية جذبتهم، ليضع هذا الحدث البلدةَ في حالة من الهلع والأسئلة التي لا تجد إجابة واضحة.
صوت جديد مميّز
قبل الدخول في تفاصيل الفِلم نفسه، لا بد من الحديث عن المخرج زاك كريقر وعمله السابق «باربريان» (Barbarian) الصادر عام 2022. فقد كان واضحًا حينها أنه صاحب أسلوب مميز؛ يميل إلى المزج بين أكثر من تصنيف في الفِلم، ويحبّ تغيير شعور المشاهد بشكل متطرّف. فيبدأ «باربريان» بأسلوب رعب وغموض بحت، ثم ينقلب إلى الكوميديا، ثم الدراما. وهذا الأسلوب ليس غريبًا على كاتب قادم من خلفية كوميدية، وهو قريب في ذلك من شخصية جوردن بييل.
وفي «وبنز» كرّر كريقر فكرته في المزج بين التصنيفات، فإلى جانب الرعب نجد الجريمة والدراما والكوميديا. غير أن بداية الفِلم كانت مربكة؛ إذ يدخل مباشرة في حدث الاختفاء من خلال تعليق صوتي لطفلٍ يروي ما جرى، مع مشاهد بتحريرٍ وموسيقا تشبه الأفلام الدرامية.
بعد ذلك، يعتمد الفِلم على سلسلة مفاجآت متتالية (Jumpscares)، إلى حد أن بعضها كاد يجعلني أفقد اهتمامي بالفِلم. قبل أن ينتهي «فصله الأول» لتتضح طريقة تقسيم القصة إلى فصول تُروى من منظور خمس شخصيات مختلفة للأحداث نفسها، بأسلوب يذكّرني بفِلم «Before the Devil Knows You’re Dead».
سرّ سحر الفِلم
أبرز نقاط قوة الفِلم طريقة سرده؛ إذ كان لكل فصل تقريبًا طابع خاصّ في الأسلوب والتصنيف. ففي البداية بدا العمل مزيجًا من الرعب والجريمة، ثم تحول في بعض الفصول التالية إلى دراما ورعب، وفي منتصفه مال أكثر إلى الرعب الكوميدي، حتى أصبح أقرب إلى الكوميدي البحت، إلى درجة أنني نسيت للحظة أنه فِلم رعب.
ومع نهاية الفصل الأول، وبعد استيعاب الأسلوب، بدأت أتقبّل أكثر استعانة الفِلم بقوالب الرعب المألوفة في المفاجآت، فقد كان كريقر يعيد صياغتها في سياق أوسع وأكثر معنى. ومع أن موجة الرعب الحالية تميل إلى التعقيد والابتعاد عن التقاليد -وهو توجّه أفضّله شخصيًّا- أرى أن تعمّد كريقر استعادة هذه القوالب ثم زعزعتها قد خلق توازنًا جيدًا بين الأُلفة والتجديد.
فرصة ضائعة ومتعة آنية
أعتقد أن «وبنز» كان يملك فرصةَ أن يكون فِلم رعب كلاسيكيًّا، ومن النوع الذي تزداد متعته مع إعادة المشاهدة، لكنّي واثق أن تكرار مشاهدته سيكشف عيوبه أكثر، وسيتركك بأسئلة إضافية وبفضول أكبر حول عالمه.
وقصة الفِلم مثيرة لكنها «مُغلقة» أكثر مما ينبغي، ولم أستغرب تصريح المخرج برغبته إخراج فِلم آخر تدور أحداثه في العالم نفسه، لأنه في «وبنز» طرح سؤالًا محوريًّا وأعطى إجابته في منتصف الفِلم، ثم أعاد عرض الأحداث من منظور جديد يعتمد على تلك الإجابة، وكانت الإجابة «تشرح نفسها» أكثر من اللازم.
ومنحت هذه الطريقة الفِلم خاتمة واضحة، لكنها تركت أسئلة أخرى حول أغلب الشخصيات وعلاقتهم ببعض، ورغبةً أكبر في رؤية وقع الحادثة على المجتمع. لكن ما قد يجعلني أتغاضى عن ذلك هي طريقة السرد الممتعة، وأداء الممثلين. فلم يكن هناك أداء استثنائي، لكن قدّم الجميع ما عليه بكفاءة، وكانت الشخصيات نفسها رائعة.
أفكار أخيرة وخلاصة التجربة
يحمل «وبنز» تعليقات على الانفصال الاجتماعي في المجتمع الأمريكي، وعلى العنف الأسري والعنف في المدارس، ولا يشير عنوانه فقط إلى الأسلحة الملموسة التي نعرفها، بل إلى فكرة أعمق، تتكشف تدريجيًّا في الفِلم، حول كيف يمكن أن يتحول الأشخاص أنفسهم إلى أدوات تنفيذ لأفكار شخص آخر أو رغباته، وكأنهم «أسلحة» بيد من يوجّههم.
في سياق القصة، شعرت أن الكلمة تحمل بعدًا رمزيًّا عن «العنف الخفي»، وعن الطريقة التي يمكن بها استغلال الصدمات أو المشاعر بمثابة قوة موجّهة، تُستخدم ضد الفرد أو المجتمع بالفاعلية نفسها لأي سلاح مادي.
وأرى أن «وبنز» قدّم تجربة بصرية وسردية ممتعة تستحق المشاهدة على شاشة السينما، لكن قد يكون مبالغًا في تقديره؛ فهو ذكي في سرده، لكنه غير متعمق في شخصياته وقصته. كما أرى أن صدوره في وقت ركودٍ لأفلام الرعب بشكل خاص هو جزء من نجاحه، إذ لم تُعرض بالتزامن معه أفلام تُنافسه.

-.jpeg)

يُعرض اليوم الخميس في صالات السينما السعودية فِلم «Materialists» للمخرجة سيلين سونق، ومن بطولة داكوتا جونسون وكريس إيفانز وبيدرو باسكال. وتدور أحداثه حول وسيطة زواج تتقاطع حياتها المهنية والشخصية حين تعيش صراعًا بين علاقة تمنحها الاستقرار المادي مع رجل أعمال ناجح، وارتباط قديم يعيد إليها شغفها وصدقها العاطفي، لتجد نفسها أمام اختبار يكشف ما تريده فعلًا من الحب والحياة.
حظي فِلم الرعب الجديد «Good Boy» باهتمام لافت بعد عرضه النقدي الأول. وتدور أحداث الفِلم من منظور كلب يشاهد مالكه وهو يتعرض لمطاردة كيانات خارقة للطبيعة. وهذه الزاوية السردية غير المألوفة جعلت العمل يوصف بأنه «أحد أكثر أفلام الرعب المؤثرة عاطفيًّا لهذا العام». وقد حقق الفِلم حتى الآن تقييمًا مرتفعًا على موقع «Rotten Tomatoes» بنسبة 95%.
أعلنت نقابة كُتّاب أمريكا «WGA» طرد المخرج والكاتب الكوري بارك تشان ووك من عضويتها، بعد مخالفته قواعد الإضراب وكتابته مسلسله «The Sympathizer» أثناء إضراب الكتّاب الذي شهدته هوليوود العام الماضي.
أصدرت «A24» الإعلان التشويقي الرسمي لفِلم «Marty Supreme» من إخراج جوش سافدي، ومن بطولة تيموثي شالاماي. ومن المقرر عرض الفِلم في صالات السينما نهاية هذا العام.
تُجري شركة «.Warner Bros» محادثات أولية مع المخرج زاك كريقر لإنتاج فِلمٍ تمهيدي (Prequel) لأحداث «Weapons»، وسيركّز الفِلم على شخصية «العمة قلاديس».
يصدر فِلم «Superman» من إخراج جيمس قَن بنسخته الرقمية في 15 أغسطس.

«Winged Horse» (0:23)


منذ صدور الجزء الأول من سلسلة ألعاب الرعب النفسي «Silent Hill» عام 1999، برزت بوصفها إحدى أكثر التجارب تميّزًا في عالم ألعاب الفيديو، بفضل أجوائها الكابوسية التي تمزج بين الرعب النفسي والرمزية الغامضة. وتدور أحداثها في المدينة الضبابية «سايلنت هيل»، التي تُخفي تحت سكونها واجهة من الرعب الماورائي، حيث تتشابك كوابيس الشخصيات مع واقع المدينة الملعون.
وابتكر المؤلف أكيرا ياماوكا لهذا العالم هوية صوتية فريدة، قائمة على مزيج من الموسيقا الصناعية (Industrial) والموسيقا المحيطة (Ambient) والمؤثرات الصوتية المقلقة، حيث اعتمد على إيقاعات وضوضاء وأصوات غير مألوفة، كالتنفس المشوّه أو صرير المعادن، ليصنع إحساسًا بالعزلة والتهديد، وشعورًا بعدم الارتياح، يلاحق اللاعب حتى في لحظات الهدوء. وكانت موسيقاه انعكاسًا للحالة النفسية للشخصيات واللاعب، وتتحوّل في لحظات الخطر إلى إيقاعات صاخبة ومربكة، وفي لحظات الهدوء إلى أنغام بطيئة وكئيبة تُثقل الشعور بالوحدة.
من اللعبة إلى الفِلم
حين قرر المخرج الفرنسي كريستوف قانس أن ينقل تجربة اللعبة إلى السينما، كان مُدركًا أن الاحتفاظ بالهوية الصوتية لياماوكا ضروري لنجاح الفِلم المبني مباشرة على عالم اللعبة. لذا استعان بمؤلف موسيقا السلسلة ليعيد تقديم مقطوعاته من الجزء الأول إلى الثالث، لكن بتوزيع جديد يتناسب مع إيقاع السرد السينمائي.
وعلى عكس اعتماد الألعاب على مقطوعات قصيرة تتكرر وتتغيّر تفاعليًّا تبعًا لسلوك اللاعب وحالة المشهد، صُممت موسيقا الفِلم على هيئة مقطوعات أطول بتفاصيل أكثر، مع إعادة تسجيل بجودة أعلى، وإضافة لمسات أوركسترالية طفيفة لمنحها طابعًا سينمائيًّا. كما عُزّزت بعض المقطوعات بقيتار كهربائي وإيقاعات طبول أثقل، خاصة في مشاهد الحركة، مع بقاء الجو الصناعي والمحيطي محافظًا على روح اللعبة.
لم يكتف أكيرا ياماوكا بدور المؤلف في الفِلم، بل عمل أيضًا مصمّمًا صوتيًّا، يدمج المؤثرات البيئية مع الموسيقا لخلق تجربة سمعية متكاملة، وللحفاظ على الجو المألوف للعبة، وفي الوقت نفسه تلبية لمتطلبات العرض السينمائي.
مقطوعات أيقونية
مقطوعة «Winged Horse»
المقطوعة الأشهر من عالم اللعبة، وهي البوابة السمعية التي يدخل منها المشاهد إلى العالم الغامض. وتبدأ بنغمات قيتار ناعمة بصدى بعيد، سرعان ما يلتف حوله لحن بسيط غارق في الحزن. وتُعطي هذه النغمة إحساسًا بأنك على وشك عبور عتبة مكان لا يشبه أي مكان آخر.
مقطوعة «Promise (Reprise)»
تُعدّ إحدى أكثر المقطوعات عاطفية في الفِلم، حيث تظهر في لحظات محورية ترتبط بـ«روز» و«شارون». وبقيتار «دافئ» وخلفية إلكترونية هادئة تُعطي المقطوعة إحساسًا بالحنين، وتحمل ذكرى من الماضي. وتمنح هذه المقطوعة القصةَ قلبها النابض، وتربط المشاهد بعلاقة الأم بابنتها حتى وسط الفوضى والرعب.
مقطوعة «Maternal»
ترافق هذه المقطوعة لحظات الكشف والاعتراف في ذروة الفِلم، حيث تتقاطع الحقائق المؤلمة مع القرارات الحاسمة. وتبدأ المقطوعة بهدوء، ثم تتصاعد طبقاتها ببطء حتى تملأ المشهد بتوتر لا يمكن الهروب منه. وهنا تصبح الموسيقا مرآة للصراع الداخلي، تجمع بين الإحساس بالذنب والرغبة في التمسك بما تبقى من الأمل.
عبد العزيز خالد

.gif)
اليوم نقول «أكشن» مع هذا المشهد من فِلم «The Witch» الصادر عام 2015 من إخراج روبرت إقرز.
حيث تعيش عائلة إنقليزية من المزارعين في عزلة على أطراف غابة في القرن السابع عشر، بعد نفيهم من المستعمرة إثر خلافات الأب العقائدية مع الكنيسة. ووسط هذا الانقطاع عن المجتمع، تحاول الابنة الكبرى «توماسين» كسر رتابة الأيام عبر اللعب مع شقيقها الرضيع «صامويل» أمام حافة الغابة. فتضع كفّيها على عينيها، وتشرع في لعبة «الغمّيضة».
وفي لحظة خاطفة، ترفع «توماسين» يديها لتكتشف أن «صامويل» قد اختفى تمامًا، بلا أي أثر يدل على ما جرى. وتبقى الكاميرا ثابتة على وجهها، لتمنح المشاهد وقتًا كافيًا لالتقاط صدمتها، قبل أن يُقطع المشهد فجأة إلى لقطات مقربة ليدَين غامضتين تدهن جسد الطفل، في طقس شعائري يوحي بعالم خفي وشرٍّ يختبئ في عمق الغابة.
يتجاوز هذا المشهد كونه حدثًا صادمًا في القصة، ليحمل معاني أعمق. ويمكن قراءته رمزًا لفقدان البراءة لحظة احتكاكها بالمجهول، أو تمثيلًا لرعب المستوطنين الأوائل من الغابة بوصفها فضاءً غير مروّض يمثل الخطر والابتلاء الإلهي.
وأسلوب إقرز في الإخراج يبرز قوته في شدّ التوتر قبل «الانفجار». فاللقطة طويلة بلا قطع، ويرافقها صمت يبتلع المشهد تدريجيًّا، ليعزز من ثقل شعور الصدمة مما حدث. حتى تصميم الصوت يضيق «الخريطة السمعية» للمشاهد، فتختفي ضحكة الطفل فجأةً، ويبهت صوت الريح، حتى يسيطر الصمت على المشهد قبل لحظة الفقد.
تجربة المشهد هي اختبار حسّي للقلق الذي يولّده الغياب المفاجئ؛ فأنت لا ترى الخطر مباشرة، لكنك تدرك وجوده، وتشارك الشخصيات شعورها بالعجز والذهول طوال الفِلم. وفي هذا المشهد بالذات يحدد الفِلم، منذ لحظاته الأولى، نغمته كعالم مغلق بإيقاع بطيء، وتهديد غير مرئي يفرض سطوته من الخفاء، ويدفع الشخصيات، والمُشاهد، إلى منطقة لا عودة منها.
عبد العزيز خالد

فقرة حصريّة
اشترك الآن


شهدت السينما في منتصف السبعينيّات موجة من أفلام الرعب التي تمزج المعتقدات الدينية بالخيال، بعد أن أثبت «The Exorcist» أنّ الجمهور مستعد لمواجهة قصص تتجاوز حدود الواقع المألوف. ووسط هذه الموجة، وصل إلى المخرج ريتشارد دونر نص قصير يستند إلى تصوّر ديني لميلاد طفل يُعتقد أنّه نذير بقدوم عصر من الشرّ.
ولم تهدف فكرة الفِلم إلى إغراق المشاهدين بالمؤثرات والخوارق، بل إلى إثارة القلق من خلال أحداث تبدو في ظاهرها مصادفات عابرة، لكنها تحمل طبقة ثقيلة من الغموض. لذلك، أوكل دونر إلى كاتب السيناريو ديفيد سلتزر مهمّة صياغة القصة بأسلوب يُبقي المشاهد معلّقًا بين الشكّ والتصديق، لتصبح النتيجة حكاية عن أسرة عالقة في شبكة قدرٍ لا فكاك منه.
وبهذه المعلومة نستهل فقرة «دريت ولّا ما دريت» عن فِلم «The Omen» الصادر عام 1976:
لم تقتصر شهرة الفِلم على قصته وأجوائه المظلمة، بل امتدّت إلى ما وراء الكاميرا، حيث انتشرت بين الجمهور والصحافة روايات عن «لعنة» غامضة رافقت طاقم العمل. وغذّتها سلسلة من الحوادث المتفرقة التي بدا أنها تتحدى منطق المصادفة؛ حيث تعرّضت طائرتا بطل الفِلم قريقوري بيك وكاتب السيناريو ديفيد سلتزر لصواعق خلال رحلتين منفصلتين، ونجا مُنتج الفِلم هارفي بيرنارد من حادث سيارة بعد أيام من التصوير. أما الحادثة الأكثر إثارة للجدل فكانت وفاة فنان المؤثرات الخاصة جون ريتشاردسون في حادث سير مروّع مشابه لأحد مشاهد فِلم «The Omen»، وذلك في أثناء عمله على فِلم آخر.
انضم النجم قريقوري بيك، الذي كان شبه متقاعد آنذاك، إلى المشروع بدور السفير الأمريكي «روبرت ثورن»، في خطوة منحت العمل مصداقية كبيرة، إذ كان بيك يعيش صراعًا شخصيًّا بعد انتحار ابنه قبل عامين.
قَبِل قريقوري بيك أجرًا منخفضًا نسبيًّا (250 ألف دولار) مقابل 10% من أرباح شباك التذاكر. ومع تحقيق الفِلم أكثر من ستين مليون دولار في الولايات المتحدة، أصبح هذا الدور الأعلى أجرًا في مسيرته.
كانت عملية اختيار ممثل صغير لدور «داميان» صعبة لدرجة أن دونر فكّر في اختيار فتاة قبل لقائه بهارفي ستيفنز. فخلال اختبارات الأداء، طلب ريتشارد دونر من الأطفال المرشحين لدور «داميان» مهاجمته كما لو كانوا يهاجمون شخصية «كاثرين ثورن» في مشهد الكنيسة. وفي اختباره، صرخ هارفي ستيفنز بشكل مفاجئ، وخدش وجه دونر وركله في الفخذ، فأقنعه باختياره فورًا.
كُتبت شخصية «السيدة بايلوك» في الأصل بوصفها مربية ودودة، لكن قدّمت الممثلة بيلي وايتلو أداءً باردًا ومرعبًا في الاختبار، ما أقنع دونر بتغيير الشخصية، رغم اعتراض بعض طاقم العمل بحجة أن وضوح الشرّ قد يقلل من الغموض.
لم يرغب مؤلف الموسيقا التصويرية جيري قولدسميث في حضور حفل الأوسكار خوفًا من الخسارة، لكنه فاز بالجائزة الوحيدة في مسيرته عن هذا العمل، بفضل مقطوعة «Ave Satani».
كان الاسم الأصلي للفِلم «علامة الولادة» (The Birthmark)، في إشارة إلى العلامة المميزة التي وُلد بها الطفل في القصة، والتي تحمل دلالة مخيفة في سياق الأحداث. غير أن التصوير في أجنحة ولادة بإيطاليا أثار احتجاج بعض النساء الحوامل هناك، إذ اعتبرن أن العنوان يوحي بنذير شؤم أو فأل سيئ لحديثي الولادة. ولتفادي الجدل، استُبدل العنوان بـ«النذير» (The Omen)، وهو اسم حافظ على الطابع الغامض للفِلم.
صرّح الكاتب ديفيد سلتزر بأنه كتب القصة بدافع الحاجة المادية، وأنه اختار لندن موقعًا للتصوير لرغبته في السفر فقط.
النهاية الأصلية كانت تتضمن مقتل جميع أفراد أسرة «ثورن» الثلاثة، لكن رئيس الاستوديو آلان لاد عدّ ذلك خطأً، إذ «من المستحيل أن تقتل الشر»، كما قال. فمنح المخرج ريتشارد دونر تمويلًا إضافيًّا لتصوير نهاية أكثر انفتاحًا؛ تُبقي «داميان» حيًّا، وتترك باب الشر مفتوحًا.
عبد العزيز خالد


مقالات ومراجعات سينمائية أبسط من فلسفة النقّاد وأعمق من سوالف اليوتيوبرز. وتوصيات موزونة لا تخضع لتحيّز الخوارزميات، مع جديد المنصات والسينما، وأخبار الصناعة محلّيًا وعالميًا.. في نشرة تبدأ بها عطلتك كل خميس.