كيف دمرت هوليوود سمعة المكسيك؟ 🇲🇽
هذه النظرة العدائية للمكسيك لم تأتِ من فراغ؛ بل لها جذور تاريخية

كيف دمرت هوليوود سمعة المكسيك؟ 🇲🇽
سبق أن زار صديق لي المكسيك، وكان يحكي لي عن مدى جمالها وعن رغبته في تكرار التجربة، بل إنه نصحني بزيارتها. ولكن، رغم حديثه الجميل عنها، لم أستطع أن أتخيل سوى بلد ممتلئ بالكارتيلات والمخدرات واللصوص، بل تخيلت حتى أنه بمجرد هبوط الطائرة هناك سيتحول كل شيء إلى الأصفر، وسينتظرني خارج المطار الأخوان الأصلعان اللذان ظهرا في «بريكنق باد».
ومع أن المكسيك تُعدّ من أكبر خمسة عشر اقتصادًا في العالم، وهي من أكثر الدول استقبالًا للسياح، بل ضمن العشر الأوائل متفوقة على دول أوربية كبرى، لا تتبادر إلى ذهني أي صورة إيجابية عنها.
فمن أين جاء هذا الانطباع؟ الجواب كان واضحًا: هوليوود.
المكسيك في «أفلام الويسترن»: حيث وُلدت الكذبة
إذا رجعنا إلى بدايات السينما الأمريكية، خاصة في أفلام الغرب الأمريكي (الويسترن)، فسنجد أول تجسيد «ممنهج» للمكسيكيين؛ إذ يظهر المكسيكي دائمًا في هيئة اللص أو قاطع الطرق، وغالبًا ما يكون ضحية «الكاوبوي» الأمريكي الأبيض، الذي يمثّل العدالة والنظام.
هذه الصورة ترسخت لعقود، ولم تكن المشكلة في التكرار فحسب، بل في اختزال المكسيكي في قالب سلبي واحد فقط: خطر، قذر، ثمل، جبان، ولا يستحق الاحترام. وحتى حين يظهر صديقًا للبطل، يكون دوره هامشيًّا ومهينًا.
وأتذكر في فِلم «المكرهون الثمانية» لتارانتينو، مقولة ذُكرت في أثناء الحوار عن أحد قوانين المكان الذي اجتمعت فيه الشخصيات: «ممنوع دخول الكلاب والمكسيكيين». وحتى في فِلم «الجيد والسيئ والقبيح» لسيرجيو ليون، كان المكسيكي هو القبيح.
من اللص إلى الخادمة: النظرة نفسها، بشكل جديد
لم يتغير الكثير في العقود التالية. ففي معظم أفلام هوليوود، تظهر المرأة المكسيكية كـ«خادمة مخلصة» أو «امرأة مثيرة». وهو تجسيد اختُزل بشكل كبير في الممثلة سلمى حايك مثلًا. أما الرجل المكسيكي، فيظهر إمّا عامل نظافة أو مهرب مخدرات.
وفي أفلام مثل «Traffic» و«Sicario» تُقدَّم المكسيك على أنها جحيم على الأرض. وحتى إذا لم تُظهر مسرحًا للعنف، فهي مجرد صحراء صفراء، يعيش فيها أناس يتكلمون بلكنة مضحكة ويعانون من الفقر والتهميش. هذا التشويه البصري والمفاهيمي، من خلال العين الأمريكية، أثّر في نظرة الناس إلى المكسيك.
خلف هذه النظرة: صراع تاريخي قديم
هذه النظرة العدائية للمكسيك لم تأتِ من فراغ؛ بل لها جذور تاريخية. فقد خاضت أمريكا والمكسيك حربًا شهيرة في القرن التاسع عشر بسبب نزاع حدودي، وانتهت بسيطرة أمريكا على أكثر من نصف الأراضي المكسيكية الأصلية، بما فيها تكساس وكاليفورنيا ونيومكسيكو وأريزونا.
وبينما تحوّلت معركة «ألامو» في تكساس في الخيال الأمريكي إلى رمز للبطولة، صُوّر المكسيكيون على أنهم غزاة وقتلة، مع أن الأرض في الأصل كانت لهم.
وفي الحرب العالمية الأولى، ظهرت «رسالة زيمرمان» الشهيرة، حينما حاولت ألمانيا إقناع المكسيك باستعادة أراضيها المفقودة مقابل تحالف عسكري. وقيل لاحقًا إن أمريكا زوّرت تلك الرسالة لتُقنع الرأي العام الداخلي بدخول الحرب العالمية، وهو ما يمنحك تصورًا عن مدى قلق أمريكا من المكسيك، وكيف تستخدم هذا داخليًّا بصورة كبيرة.
وصولًا إلى عصرنا الحديث؛ إذ استخدم الرئيس ترمب مسألة الحدود الجنوبية مع المكسيك مادةً انتخابية، بل وصل به الأمر إلى حدّ تصوير المهاجرين غير الشرعيين من المكسيك بالمغتصبين واللصوص ومهربي المخدرات. فالمكسيكيون هم مادة إعلامية وسينمائية مهمة لأمريكا.
المكسيك الضعيفة تخدم المصالح الأمريكية
سياسيًّا، تُفضّل أمريكا دائمًا أن تبقى المكسيك ضعيفة، وغير مزدهرة، وخاضعة اقتصاديًّا. ويقال إن أمريكا تريد جارتين: كندا «اللطيفة» من الشمال (وتُظهرهم السينما على أنهم لطفاء فعلًا، هذا إن ظهروا أصلًا)، والمكسيك «المربوطة» من الجنوب.
وكلما حاولت المكسيك النهوض، سواء سياسيًّا أو اقتصاديًّا، واجهتها عوائق داخلية وخارجية، وأحيانًا بتدخلات غير مباشرة. فأتذكر حينما أعلنت المكسيك حربها على المخدرات في 2006، ودار صراع كبير بين الحكومة والكارتيلات، ليُكتشف لاحقًا أن أمريكا سمحت بوصول الأسلحة إلى الكارتيلات.
وقد عُرف هذا الأمر تحت اسم فضيحة عملية «دع السلاح يمرّ»، عندما سمحت أجهزة إنفاذ القانون الأمريكية بمرور الأسلحة بهدف تتبعها لاحقًا، ولم تنفجر الفضيحة إلا عندما قُتل جندي أمريكي بأحد تلك الأسلحة لاحقًا.
لماذا المكسيك دائمًا «صفراء» على الشاشة؟
بالطبع لا تستهدف الدعاية الأمريكية المكسيكي (الفرد)، بل المكسيك (الدولة) عمومًا؛ حتى إنها تجعلنا نرى المكسيك صفراء دائمًا...
وكانت بداية هذا الأسلوب في فِلم «Traffic»، إذ كانت تتمثل الفكرة في أن يميّز المُشاهد خطوط السرد مع اختلاف الأماكن، كما أن اللون الأصفر -حسب اعتقاد المخرج- أقرب إلى المكسيك.
لكن هذا الأسلوب تعرّض لنقد واسع؛ إذ عُدّ الهدف من هذا التصوير البصري هو تقديم شعور غير مريح عن المكان، يخلق شعورًا بعدم الأمان، والحرارة، والفقر، وبأنك في مكان «متخلّف»، ما يجعل المشاهد يشعر بالغربة والاشمئزاز من المكان تلقائيًّا، حتى لو لم تتطلب القصة ذلك. وقد استمر هذا الأسلوب بالطبع في أعمال أخرى، لعل أشهرها «بريكنق باد».
وحقيقة، من وجهة نظري بصفتي مشاهد، هذا «الصفار» لا يحمّسك لزيارة المكسيك.

.jpeg)

يُعرض اليوم الخميس في صالات السينما السعودية فِلم «The Fantastic Four» من إخراج مات شاكمان، وبطولة بيدرو باسكال وفانيسا كيربي. وتدور أحداث الفِلم في ستينيّات «عالم مارفل» البديل، حيث يواجه الفريق تهديدًا كونيًّا من «قالاكتوس» و«سيلفر سيرفر». واستهلّ الفِلم مشواره بتقييم 88% على موقع (Rotten Tomatoes).
ينطلق تصوير فِلم «Spider-Man: Brand New Day» في الأول من أغسطس، ويُعرض في صالات السينما بتاريخ 31 يوليو، 2026.
كُشف عن الملصق الدعائي الأول للمسلسل القادم لفينس قيليقان، مبتكِر «Breaking Bad». وهو عمل خيال علمي نفسي من بطولة ريا سيهورن، وسيُعرض على «Apple TV+». كما نشرت المنصة مؤقّتًا تنازليًّا على صفحتها على يوتيوب يُنتظر أن ينتهي خلال أقل من يومين.
أُصدر العرض الدعائي الجديد لفِلم بول توماس أندرسون القادم «One Battle After Another». ويُعرض في صالات السينما في 26 سبتمبر.
بدأ تصوير فِلم «Evil Dead Burn». ومن المقرر عرضه في 24 يوليو، 2026.

«Un Poco Loco» (2:18)


لكل إنسان موتتان: حين يُدفن في الأرض، وحين ينقطع ذِكر اسمه. على نحو ما، يمكن للإنسان أن يكون خالدًا.
تلخّص هذه العبارة، المنسوبة لإرنست همنقواي، الفكرةَ التي يتكئ عليها فِلم «Coco» الصادر عام 2017. فالموت في هذا العالم لا يبدأ بانقطاع النفس، بل بانقطاع الذِكر. ولا يكفي أن ترحل، بل أن تُنسى. تتحوّل الذاكرة في الفِلم إلى حبل النجاة الأخير الذي يربط من مات بمن بقي، ويجعل من كل تفصيلة بسيطة -صورة مُعلّقة على جدار أو نغمة قصيرة تُعزف على قيتار- فعل تذكّر ومقاومة ضد الاختفاء التام.
يتابع الفِلم قصة «ميقيل»، الطفل الذي نشأ في عائلة قاطعت الموسيقا منذ أجيال بعد أن هجر الجد الأكبر أسرته ليلاحق الشهرة. لكن لا يرى «ميقيل» الموسيقا بوصفها تمرّدًا، بل حقًّا ضائعًا في التعبير والانتماء. وفي ليلة «يوم الموتى»، يجد «ميقيل» نفسه في عالم الأموات، يخوض فيه رحلة بحث عن جذوره، وعن الحقيقة التي طُمست باسم التقاليد.
هنا تأخذ الموسيقا دورًا أكبر من كونها خلفية صوتية، لتتحوّل إلى لغة ثانية للفِلم، حيث تُكمل الحوارات، وتكشف العلاقات، وتحمل الذكريات. تعاملت بيكسار مع الألحان كمادة سردية لها قواعدها الخاصة، توازي أهمية السيناريو نفسه. ولهذا، لم يكن الهدف إنتاج مقطوعات تُناسب الذوق العالمي، بل بناء تجربة صوتية تعبّر عن المكسيك وروحها.
رحلة ميدانية بحثًا عن الصوت الحقيقي
استعان الملحّن مايكل جياكينو، بالمؤلفة المكسيكية - الأمريكية جرماين فرانكو، لجمع أصوات محلية حيّة من ولايات مختلفة في جولة ميدانية داخل المكسيك. وسجّلت فرانكو مع أكثر من خمسين موسيقيًّا، مستخدمة آلات شعبيّة مثل «القيتارون» و«الفيهويلّا» و«الماريمبا». بهدف تشكيل نسيج صوتي يخلق بيئة أصيلة يعيش فيها بطل القصة «ميقيل».
القيتار أولًا، لا الأوركسترا
اختار جياكينو أن يبدأ من داخل الفِلم، تحديدًا من صوت القيتار. فيقول: «حين جرّبت لحن "ميقيل" على القيتار، بدت كل نغمة صحيحة فجأة.» فلم يكن الصوت فنيًّا فقط، بل إنسانيًّا. تخلّى جياكينو عن البنية الموسيقية الأوركسترالية المعتادة في أفلام بيكسار، واعتمد على مقطوعات مرنة بآلات مفردة، جعلت التحوّلات العاطفية محسوسة في كل تغيّر بسيط في الإيقاع والنغمة.
ثلاث أغانٍ تختصر القلب المكسيكي
أغنية «Remember Me»
الأغنية الأشهر في الفِلم. وكتبها الثنائي الحائز على الأوسكار عن الأغنية، كريستين وروبرت لوبيز. وتظهر الأغنية بأربع نسخ في الفِلم، تختلف في التوزيع والسياق العاطفي. وتُقدَّم النسخة الاستعراضية، كأغنية شهيرة لـ«إرنستو دي لا كروز»، غنية بالإيقاع والتباهي، في حين يُستخدم في النسخة التي يُغنّيها «هيكتور» لابنته «كوكو» القيتار فقط، وبإيقاع بطيء يُشبه التنهيدة. ويكشف التناقض بين النسختين عمق الفِلم العاطفي.
أغنية «Un Poco Loco»
من أداء «ميقيل» و«هيكتور» في عالم الموتى. وتُقدَّم الأغنية بأسلوب «سون جاروتشو» الشعبي، مع إيقاعات راقصة وآلات تقليدية مثل الفيهويلّا. تُظهر ديناميكية الثنائي على المسرح، وتُستخدم لترسيخ العلاقة بين «ميقيل» و«هيكتور» أمام الجمهور في العالم الآخر. وتمزج الأغنية بين الكوميديا والإيقاع الحيّ، مع توزيع موسيقي يسمح بتداخل صوتي متبادل بين الشخصيتين.
أغنية «Proud Corazón»
تُقدَّم في خاتمة الفِلم بوصفها خلاصة موسيقية لحكاية «ميقيل» وعائلته، فتُعيد ربط الماضي بالحاضر عبر استعادة ألحان تقليدية بتوزيع معاصر. وتمنحها الجوقة الخلفية والعزف الجماعي طابعًا احتفاليًّا، دون أن تفقد بُعدها العاطفي. ويسمح التوزيع بتصاعد صوتي تدريجي يعكس تطوّر «ميقيل» من طفل يبحث عن ذاته إلى عازف يُكرّم تاريخه العائلي بصوت ناضج.
عبد العزيز خالد

.gif)
اليوم نقول «أكشن» في هذا المشهد من فِلم «El Infierno» الصادر عام 2010.
يحكي الفِلم قصة «بيني»، رجل مكسيكي يُرحَّل من الولايات المتحدة الأمريكية، ليعود إلى بلده الذي تغيّر تمامًا، فيجد بلدته الصغيرة غارقة في الفساد والمخدرات.
يكتشف «بيني» أن شقيقه قد قُتل بسبب ارتباطه بعصابة نافذة، ويجد نفسه مدفوعًا إلى المسار ذاته، رغم رغبته الأولى في بدء حياة نظيفة. ومع مرور الوقت، يتحوّل «بيني» من رجل بسيط يحاول أن يعيش بسلام، إلى قاتل محترف في خدمة النظام الفاسد، لينتهي به الأمر في مواجهة مع العالم الذي ابتلعه.
في هذا المشهد، نرى أجواءً احتفالية رسمية تُقام بمناسبة مئوية الاستقلال وثورة 1910، حيث يجتمع السياسيون والعسكريون ورجال العصابات في ساحة البلدة التي ازدانت بالأعلام واللافتات.
وفجأة، يخترق «بيني» الصفوف ويقترب من المنصة حاملًا سلاحًا رشاشًا، ليُطلق النار على خصومه، بدءًا بالقادة المحليين الذين تواطؤوا على الجريمة، ومرورًا ببعض الجنود، وصولًا إلى زعيم العصابة «دون خوسيه». ليسقط الجميع واحدًا تلو الآخر، وتتناثر دماؤهم فوق رموز الدولة، مثل العلم وصورة النسر المكسيكي.
وينتهي المشهد بعبارة «تحيا المكسيك.» لتشكّل لحظة ذروة للكوميديا السوداء في الفِلم، حيث تتحول العبارة التي تُستخدم عادةً في الاحتفالات الوطنية إلى «صرخة فارغة» وسط مشهد انهيار شامل.
ويأتي المشهد من سلسلة تراكمات نفسية وسردية قادت الشخصية إلى حافة اليأس، ودفعتها إلى تفريغ عنفها في لحظة توّجت بها مسارها التراجيدي. كما يُجسّد المشهد نهاية وهمٍ جماعيٍّ حول النظام والكرامة الوطنية.
واختيار توقيت الهجوم ليقع في أثناء احتفال رسمي بالاستقلال، يُعطي اللّقطة وزنًا رمزيًّا مكثفًا. فبينما تحتفل الدولة بمرور قرن على تحرّرها من الاستعمار، يغرق واقعها في الجريمة والفساد. وبذلك يصبح «بيني» أداةً لهدم الزيف، وإن لم يكن بطلًا أخلاقيًّا، بل مُجرم آخر لفظه النظام الذي صعد عبره.
يعتمد لويس إسترادا في هذا المشهد على حركة كاميرا سريعة تنقل ارتباك لحظة الهجوم، يتبعها تباطؤ عند إطلاق النار لتكثيف أثر العنف. ويتنقل التصوير بين لقطات ترصد الفوضى في الساحة، وأخرى قريبة تبرز ملامح الذعر والموت.
ويُوظَّف التحرير لربط هذا الانفجار العنيف بالواجهة الرسمية للاحتفال، حيث تتداخل الفوضى مع الرموز الوطنية -العلم والنسر- في تأكيد على أن الفساد لم يعد استثناءً، بل واقعًا متجذرًا في بُنية المكسيك.
عبد العزيز خالد

فقرة حصريّة
اشترك الآن


حين خطرت لروبرت رودريقز فكرة إنجاز أول فِلم روائي طويل له، لم يكن يمتلك شيئًا مما يُفترض أن يحتاجه صانع أفلام؛ لا ميزانية، ولا طاقم، ولا ممثلين محترفين. كان يملك فقط كاميرا، وسيناريو يدور في ذهنه، وطموحًا بأن يصنع فِلم أكشن مكسيكي.
وبلغت تكلفة الفِلم نحو سبعة آلاف دولار، ولأن التمويل لم يكن واردًا من أي جهة إنتاجية، قرر رودريقز أن يغطي ما تبقى من المبلغ بنفسه. فتقدّم إلى تجربة طبّية لاختبار دواء جديد لتخفيض الكولسترول، وقضى ثلاثين يومًا معزولًا داخل منشأة بحثية، يتقاضى فيها مئة دولار يوميًّا. وهناك، كتب الجزء الأكبر من السيناريو.
وبهذه المعلومة نستهلّ فقرة «دريت ولّا ما دريت» عن أكثر التجارب المستقلة تأثيرًا في التسعينيّات، فِلم «El Mariachi» الصادر عام 1992:
لم يستخدم رودريقز «Storyboard»، لأنه لم يكن لديه طاقم تصوير يُريه إياها. فكان يطلب من الممثلين «الجمود» في المشهد كل بضع ثوانٍ ليغيّر زاوية الكاميرا ويوهم المُشاهد باستخدام عدّة كاميرات.
تحمّل رودريقز كل المهام تقريبًا؛ إذ كتب النص، وأخرج الفِلم وصوّره وحرّره، وأشرف على المؤثرات البصرية. ولم يستطع المشاركة في التمثيل، لأنه لم يكن هناك من يُدير الكاميرا بدلًا منه.
شارك في التمثيل عدد من المارّة وسكان البلدة، وتلقى بعضهم حواراتهم قبل دقائق من التصوير.
لتصوير المشاهد الحركيّة، كان يجلس رودريقز على كرسي متحرّك يُدفع يدويًّا، ويستخدمه منصّة تصوير متحرّكة (Dolly).
في غياب معدات احترافية لتسجيل الصوت، كان يصوّر رودريقز المشهد أولًا دون صوت، ثم يطلب من الممثلين إعادة الحوارات فورًا أمام الميكروفون، بهدف مزامنة الصوت والصورة لاحقًا.
الممثل الذي أدى دور زعيم العصابة «بيتر ماركوارت» تعرّف عليه رودريقز في المختبر الطبي. ولم يكن يتحدث الإسبانية، فكان يُمسك أثناء التصوير ببطاقات صغيرة كُتبت فيها الحوارات، وينطقها وهو لا يعرف معناها.
صُوّرت مشاهد السجن داخل سجن حقيقي في أطراف مدينة أكوينا في المكسيك. واستعان رودريقز بمديرة السجن والحارس الحقيقي لأداء أدوارهما، توفيرًا لتكاليف التمثيل والملابس.
ظهر في أحد المشاهد رجل يقود شاحنة مرتديًّا نظارة وقبعة. هذا الشخص هو الممثل نفسه الذي يؤدي دور «المارياتشي»، ظهر متنكرًا ليلعب دورًا ثانويًّا آخر لتوفير الممثلين.
لتوفير نفقات النقل، صُوّرت معظم مشاهد الفِلم في شارعين متجاورين. حتى أن الفندق الذي «هرب» منه البطل يظهر خلفه بعد لحظات في مشهد آخر، وكأن الشخصية تدور في المكان نفسه.
بعدما أُنجز الفِلم، حاول رودريقز بيعه في سوق الفيديو، لكنه رُفض. فقرر إرساله إلى شركات توزيع أمريكية كنسخة تجريبية، لتتبنّاه لاحقًا شركة «كولومبيا». وأُعيد العمل على النسخة الأصلية، بإنتاج وترويج بلغت تكلفته نحو مليون دولار.
عبد العزيز خالد


مقالات ومراجعات سينمائية أبسط من فلسفة النقّاد وأعمق من سوالف اليوتيوبرز. وتوصيات موزونة لا تخضع لتحيّز الخوارزميات، مع جديد المنصات والسينما، وأخبار الصناعة محلّيًا وعالميًا.. في نشرة تبدأ بها عطلتك كل خميس.