الرأسمالية لن تموت

نظام يصفه البعض بأنه أداة لاستغلال الشعوب، ويصفه آخرون بأنه أعظم محرك للتقدم. كيف ظهرت الرأسمالية؟ ومن هم الأشخاص والأحداث التي أسّست قواعدها؟ وهل هي حقًا قدر لا مفرّ منه في اقتصاد العالم؟


أكيد أنك سمعت كثير عن «الرأسمالية» وكيف أنها النظام اللي يحرّك اقتصاد أغلب دول العالم اليوم. بس غالبًا الفكرة اللي تجي في بالك أنها نظام جشع، أو أنها السبب في الفجوات الكبيرة بين الأغنياء والفقراء. لكن هل الصورة فعلًا كذا وبس؟

خلّني أقول لك إن الرأسمالية مو مجرد سوق مفتوحة أو شركات تبغى أرباح عالية؛ هي فلسفة تتحكم في طريقة إنتاج السلع، وتوزيع الثروة، وحتى في علاقات الناس ببعض. وفي الوقت نفسه، كانت وراء تطوّر كثير من التقنيات اللي نعيشها اليوم، وخَلّت دول تصعد وتصير قوى اقتصادية، في حين دول ثانية تراجع وضعها لأنها ما قدرت تواكب هذا النظام.

في حلقة اليوم، مع محمد آل جابر وهادي فقيهي، نغوص في عالم الرأسمالية: كيف بدأت؟ وأيش أسرار قوتها؟ وليش كثير من الناس ينتقدونها، مع أنها ما زالت مسيطرة على اقتصاد العالم؟ حلقة تعطيك الصورة الكبيرة، وتخلّيك تفهم النظام اللي يحكم جيوبنا.


قد يظن البعض أن مصطلح «الرأسمالية» (Capitalism) قديم قِدم التجارة، لكن الحقيقة أن الكلمة حديثة نسبيًّا. فأقدم استخدام موثّق لكلمة (capitalism) بالإنقليزية كان سنة 1854، بمعنى «حالة امتلاك رأس مال» (condition of having capital).

ثم تطور معناها لاحقًا ليشير إلى النظام السياسي أو الاقتصادي الذي يشجع وجود الرأسماليين. وهو معنى سُجّل لأول مرة عام 1872، وكان يستخدمه الاشتراكيون حينها بأسلوب تهكمي أو انتقادي. وفي عام 1877، ظهر معنى آخر أكثر تحديدًا للكلمة وهو «تركيز رأس المال في أيدي قلّة» أو «قوة رؤوس الأموال الكبيرة وتأثيرها».

ومع أن كلمة (capitalism) لم تكن شائعة قبل النصف الثاني من القرن التاسع عشر، إلا أن الفكرة التي تصفها كانت موجودة من قبل بزمن طويل. إذ تُعرّف الرأسمالية أحيانًا بأنها «الثروة التي تُنتِج مزيدًا من الثروة»، وأنها النظام الذي يوجّه هذه العملية؛ أي توجيه الإنتاج والتجارة عبر مبادرات خاصة حرة لتحقيق الربح من خلال توظيف أُجَراء من عامة الناس.

وهذا ما لخّصه الكاتب J.L. Garvin في مقالته (Capitalism) في موسوعة «بريتانيكا» عام 1929، حين قال: «ليس هناك تعريف مرضٍ تمامًا لهذا المصطلح، مع أن الشيء الذي يصفه أوضح من أن يحتاج إلى تعريف.»

أما أصل الكلمة اللغوي، فيعود إلى الكلمة اللاتينية (caput)، التي تعني «الرأس». ومنها اشتُقت كلمات كثيرة في اللغات الأوربية، مثل (capital) بمعنى «رأس المال» أو «العاصمة» بصفتها «رأس» الدولة أو أهم أجزائها.


«برق» محفظة تقنيّة ماليّة💸

الخدمات، البطاقات، والمنتجات ما عليها أي رسوم.

والكاش باك، على الحوالات الدولية وتحويل رواتب العمالة، وبطاقة فيزا ومدى!

محفظة .. تعطيك ما تأخذ منك!


تصميم: أحمد عيد
تصميم: أحمد عيد

هل نوزع الثروة… ولا نجيبها أول؟ 💰

من محمد ✍🏼

يتبادر مباشرة إلى أذهان أغلب الناس حينما يسمعون كلمة «رأسمالية» سؤال: كيف تتوزع الثروة بين الناس بعدل؟ لكن القليل منهم يتساءل: من الذي يخلق هذه الثروة أصلًا؟ وكيف تُولد الأموال؟

الذي يؤمن باقتصاد السوق والرأسمالية يدرك أن الثروة ليست لعبة محصلتها صفر، أيّ أنها ليست كعكة حجمها ثابت، يأخذ منها كل واحد قطعة وينتهي الأمر. على العكس من ذلك، الثروة أمر ديناميكي، تنشأ من الابتكار والإنتاج، وتحمل المخاطرة أو كما يسميها الاقتصاديون «خلق القيمة». ولهذا السبب، خلق الثروة لديهم أهم -أخلاقيًّا وعمليًّا- من مجرد إعادة توزيعها بدافع الشعور أو الأيديولوجيا، لأنه من دون خلق قيمة جديدة، حتى العدالة لا تجد ما توزعه!

في المقابل، من يركّز فقط على العدالة التوزيعية والإنصاف دون أن يسأل: من الذي يخلق القيمة أصلًا؟ غالبًا يقودنا -حتى لو بحسن نية- نحو اقتصاد يقع في فخ الركود، ويصبح ساكنًا لا يتحرك. وعندما تتحول العدالة إلى أداة صراع طبقي، ينقلب السعي للتقدّم إلى مشاعر حسد وامتعاض، ونعيش تكلفة فرصة ضائعة، لأننا نفوّت فرص الابتكار والنمو.

وهنا يظل السؤال الذي لا إجابة سهلة له: كيف نوازن بين خلق الثروة وعدالة توزيعها؟ وهل نستطيع الحفاظ على الحوافز دون أن نغفل العدالة الاجتماعية؟

ليش الأسعار مهمة جدًا في الاقتصاد؟

من هادي ✍🏼

في كل مرّة يضرب إصبع قدمي في زاوية باب أو طاولة، أتمنى لو كان بمقدوري الجلوس مع جهازي العصبي وإفهامه أن الأمر لا يستحق جرعة الألم الصاعقة وردّة الفعل المبالغ فيها على حدث لم يشكّل خطرًا على صحتي أو وجودي، ولكن جهازي العصبي لا يتفهّم. فباستخدام الألم يستطيع إبعاد أصابعي عن السكين قبل أن تُمنى بالبتر، ويأمرني بالابتعاد عن المكواة قبل أن يتحوّل جسمي إلى قطعة من الفحم.

اتضحت الفكرة، لا حاجة إلى المزيد من التصورات المرعبة والمقززة؛ الألم أداة يستخدمها الجسم ليحافظ على صحة صاحبه وحياته. لا أحد يتمنّى الألم أو يختاره طواعية (مع وجود استثناءات لهذه القاعدة)، وأشكّ في وجود شخص عاقل يتمنّى حياة يتوقف فيها عن الشعور بالألم.

في نقاشنا في حلقة اليوم عن الرأسمالية ونشأتها وتطوّرها، شرحنا إحدى أهمّ الأدوات التي يستخدمها النظام الرأسمالي لضمان سلاسة العملية الاقتصادية وديناميكيتها، وهي الأسعار التي تعمل في الاقتصاد بشكل وظيفي يشبه دور الألم في المنظومة العصبية داخل الجسم.

وكما أنّه لا يوجد أحد يتمنّى الألم، لا يوجد أحد يختار دفع سعر أعلى (إذا تساوت منفعة الخيارات). ومع ذلك، لا يمكن للرأسمالية والاقتصاد الحديث أن يعملا دون هذه الآلية التي تضمن استجابة الاقتصاد ككل لإعادة التوازن بين العرض والطلب.

فالارتفاع المفاجئ في سعر البيض في منطقة أو موسم معين ستقابله، في الغالب، استجابة من المورّدين بضخّ كميات أعلى من البيض في السوق (طمعًا في البيع بسعر عالٍ) حتى يتوازن العرض والطلب ويعود البيض إلى حالته الطبيعية غير المؤلمة. والمبدأ ذاته ينطبق على المساكن والفنادق والطائرات وعمليات التجميل ومزايين الإبل.

منحت الرأسمالية الأسعارَ سلطة لم تعرفها من قبل في التاريخ، وجعلت لها كلمة الفصل الأخيرة في تحديد من يستحقّ ماذا، وما يجب إنتاجه، وما يجب تجنبه. بهذه الفكرة البسيطة، إضافة إلى أدوات حرية التبادل التجاري ضمن الملكية الشخصية، استطاعت الرأسمالية أن تخرج مارد النمو والتقدم الاقتصادي من زجاجته. ولكنها بالوقت ذاته، جلبت عللًا يستحيل التخلّص منها دون التخلص من النظام بأكمله.

ماذا يحدث عندما يتوقف الجسد عن الإحساس بالألم؟ وماذا يحدث حين يعجز السوق عن تسعير فعل معين فلا يكترث أحد بتصحيحه؟ فكّر في مليارات عبوات المياه البلاستيكية التي نستهلكها ثم نرميها دون تفكير في مصيرها التالي.

حافز إنتاج هذه العبوات وتسويقها يفوق بشكل كبير حافز جمعها وإعادة تدويرها (إن لم يكن معدومًا أصلًا). وتحت هذا النظام، يتولّى السوق عملية الإنتاج والبيع بكفاءة وسلاسة لا مثيل لها. ولكن، لأنّ العبوة الفارغة متناهية القيمة (مقارنة بتكلفة التدوير)، لا يوجد في هذا السوق عنصر يكترث بهذه العملية رغم أثرها البيئي البالغ.

هل يمكن صناعة نظام اقتصادي يعالج كل العلل التي ندفعها ثمنًا للمزيد من النمو والاستهلاك؟ الحل سيبدأ من قدرتنا على تسعير ما نظنّه جديرًا بالاهتمام.


كيف تتخيّل بيت العمر؟ 💭

مسكن متكامل ومريح، موقعه قريب من كل شي، وفيه كل شي 🏡✨

موقفك الخاص، مصلى، مقهى،بقالة، صالة رياضية، وترفيهية!

هذي هي تجربة السكن في صفا 🔗

التجربة اللي تسبق الحاضر وتنبض بالحياة 🖼️🥁


بودكاست جادي
بودكاست جادي
أسبوعية، الأربعاء منثمانيةثمانية

كلّ أربعاء يقدم محمد آل جابر وهادي فقيهي تحليلات وإجابات مبسطة للأسئلة الاقتصادية المحيرة، ومع كل حلقة تصلك رسالة بريدية بمصادر ومعلومات ووجهات نظر مختلفة لم يتسع لها وقت الحلقة.

+40 متابع في آخر 7 أيام