كيف كسرت «حوجن» فقاعتي؟
زائد: البكتيريا تساعد بتخفيف صداعك

هل البكتيريا دائمًا مضرة؟ 🤔
ترتبط البكتيريا في أذهاننا بالأمراض التي تسببها، ولكن في الحقيقة لها منافع كثيرة. فعلى سبيل المثال، وجد باحثون في دراسة جديدة أن بإمكانهم استخدام البكتيريا لإعادة تدوير بقايا البلاستيك، مما ينتج مركب «باراسيتامول» (Paracetamol)، الذي يُستخدم مسكنًا وخافضًا للحرارة.
وبهذا ضرب الباحثون عصفورين بحجر: وجدوا طريقة صديقة للبيئة لإنتاج مركب يعتمد على الوقود الأحفوري، واكتشفوا وسيلة جديدة للتخلص من بقايا البلاستيك، وكلها كانت بمساعدة البكتيريا.
قد أكون أطلت عليكم بذكر منافعها، لكن الدرس الذي تعلمته هنا أن نتجنب سرعة الحكم على الأشياء، ففي كل شيء هناك النافع والضار. 😌
في عدد اليوم، وبالحديث عن الانطباعات الأولى، أشارككم كيف ساعدتني روايات مثل «حوجن» على تخطي الحكم المتعجل على من يختلف عني. وفي «شباك منور»، تتساءل شهد راشد عن معضلة تشغل بالنا جميعًا: ماهية السعادة وكيفية تحقيقها. ونودعكم في «لمحات من الويب» مع تأمل في ارتباط الإيموجي برسومات الإنسان الأولى في الكهوف، وحاجة مؤسساتنا التعليمية إلى الفلسفة. 🧠
خالد القحطاني

كيف كسرت «حوجن» فقاعتي؟
مكتبة والدي كانت ملاذي في أثناء نشأتي. أحببت تمرير أصابعي على أغلفة كتبه المنظمة بدقة وأنا أتأمل هيبتها. الكتب ذات الأغلفة المبدعة تحديدًا تجذبني؛ فأنا أعترف لك أنني اعتدت الحكم على الكتاب من غلافه. وتلك الأغلفة هي ما جعلتني أتجنب قراءة كتب أبي الأكاديمية في الرياضيات والإحصاء، وأغوتني إلى الانغماس في روايات أمي التي نظَّمتها على عدد من أرفف مكتبته، منها «روايات عبير» وجين أوستن وغيرها من الروائيات.
من خشيتهما عليّ أنا وإخوتي من العالم وشرِّه، أحاطنا والدي ووالدتي بفقاعة. وجدتني أقضي أغلب وقتي داخلها، ووجدت في الروايات مهربًا لي منها، حيث تحملني عوالمها وتحلق بي لأقصى بقاع الأرض، دون خوف مما قد يسكن خلف حواجزها. صحيح أن نية والديَّ من هذه الفقاعة حمايتنا وخوفهما علينا، ولكنها، من غير قصدٍ منهما، دفعتنا إلى نبذ كل ما لا نألفه؛ فأصبح كل من هو مختلفٌ عنا عدوًا ينتظر ويخطط لتهديد وزعزعة أمننا.
لذلك قررت التوقف عن قراءة ما هو موجود في المكتبة، وأردت أن أختار لنفسي ما أقرؤه. فالقراءة لم تعد تعني لي الشعور بالراحة، أو تعلم ما يتوافق مع مبادئي ويكررها، أو حتى الهرب من الواقع. بل أردت أن أقرأ ما يتحدَّاني ويقربني من الواقع الذي أعيشه، حيث أُجبَر على مواجهة بشاعته وجماله وتعقيده.
من أوائل الكتب التي اخترتها حينذاك، وقت إصدارها، كانت رواية «حوجن» للروائي السعودي إبراهيم عباس، والتي يكشف لنا فيها عالمًا آخرَ يسكنه الجن ويحكمه. في هذه الرواية، يعيش الجن حياةً مماثلة لحياتنا ورتابتها، ويخوضون مثلنا معاركهم اليومية، الصغير منهم والكبير. أتذكَّر أني وجدتها على كشك لبيع الكتب في أثناء سفري مع والدي، والتهمتها بشراهة في رحلة العودة.
قد يبدو لك اختياري «حوجن» مثالًا متطرفًا بطبيعته، ولكنه يشرح ما أقصده بوضوح. فقبل قراءتي «حوجن»، كل ما كنت أعرفه عن الجن هو ما تعلمته ممن حولي من أقارب وكتب، ودائمًا مصدره هذه الفقاعة. فالجن يمثلون الشر، بينما البشر يمثلون الخير. لذلك كان من الواضح أي حزب كنت أدعم.
لكن قراءة هذا الرواية تطلبت مني أن أترك كل الصور النمطية التي تشكِّل انطباعي عنهم وأتحداها قبل أن أفتح أول صفحة. كما تطلبت مني أن أفتح قلبي وعقلي لأسمع قصتهم منهم، وليس مما يُقال عنهم. ففي هذه الرواية، ولصدمتي، لم يرتبط الخير بالبشر، والشر بالجن. فهذه نظرة كسولة ومسطحة للعالم. ففي «حوجن»، كلا الحزبين، كما في الواقع، له عيوبه ومحاسنه، جامعًا الخير بالشر.
تذكَّرت ما تعلمته من هذه الرواية لدى اطلاعي على محاضرة الروائية البريطانية الفلسطينية إيزابيلا حماد «التعرف على الغريب» (Recognizing the Stranger)، حيث ذكرت لحظة «الأها» التي تعيشها شخصيات رواياتها. في هذه اللحظة، تمر الشخصيات في خضم الرواية بحدث يقلب حياتها رأسًا على عقب، ويجعلها تدرك بأن الحقيقة التي عاشتها قبلها كانت مزيفة تمامًا. مع ذلك، هذا الانقلاب منطقي، ويثبت لهم أنهم عاشوا في فقاعة تحميهم عن واقع عالمهم.
تعيش حماد هذه اللحظة ككاتبة مع شخصياتها، حيث تستخدم الكتابة وسيلةً لتحدِّي نفسها والتحرر من حدود الألفة التي أُجبرَت على أن تُحجَز فيها، ولأجل مواجهة وتحدي العوالم التي تعيش خارجها. فتُقرِّب كلًا من شخصياتها ونفسها من «الغريب» الذي كانت تخافه وتحذره مهما كانت ماهيته، مما يجعلها تدرك إنسانيته التي حُجِبَت عنها.
التاريخ لا يتذكر إلا القوي الذي يحكي الحكاية، منها هذه القصص المنتشرة والسائدة في فقاعاتنا، بينما يدعونا الأدب للتشكيك بهذا التاريخ وتحدِّيه. فالروايات تلوِّن الواقع بقصص وشخصيات القوي والضعيف، الخيِّر والشرير، وكل من يسكن بينهما. وهذا يحثنا على التخلص من نظرتنا الثنائية للعالم، وأحكامنا المسبقة التي نتعلمها عن البشر واختلاف انتماءاتهم. لذلك أبحث، مثل حماد وشخصياتها، عن لحظة «الأها» كلما قرأت الأدب، منصتًا إلى قصة «الغريب» الذي أخشاه، ساعيًا إلى أن تصهر الرواية الفروقات التي بيننا.

عملاؤك يستاهلون تجربة شراء سهلة وذكية.
توصيل لكل العالم، وتعامل بكل العملات، وربط مع مختلف التطبيقات، ومئات المزايا الأخرى التي تساعدك على توسيع نطاق تجارتك للعالمية. 🌎
سجّل في سلّة، وانقل تجارتك إلى المستوى الذي تستحقّه.


هل جلستَ يومًا تفكر في ماهيّة السعادة بالنسبة إليك؟ هل شعرت أنك وصلت إليها وربما فقدتها؟ أفكر كثيرًا في السعادة؛ شكلها وعلاماتها. يقول مُطاع صفدي في كتاب «ماذا يعني أن نفكر اليوم؟»:
«الناس في عصرنا يعيشون فقرًا مدقعًا من السعادة، لكن أسوأ ما يمكن أن يحدث للمرء هو أن يعبر في جوار السعادة دون أن يعرفها، أو أن يكون شخصٌ آخر متنعمًا في أحضانها دون أن يطلق عليها اسمها؛ إذ إن للسعادة أحوالها الغامضة التي قد لا تتطابق مع أسمائها، ولا تقعد في أمكنتها المعهودة من التصنيفات والتعيينات الشائعة عنها. ومنذ القديم دأب حكماء اليونان بخاصة على تجهيز وصفات، أو التبرع بالنصائح والإرشادات، للباحثين عن سبل العيش الرغيد.» ⁉️📖
يخبرنا مُطاع أن السعادة غامضة وغير متفق عليها حدّ أننا قد نعيشها ولا ندرك ذلك، ولطالما كان هذا هاجسي الذي أكتبه في دفاتري وأتفكر فيه طويلًا. ولكن أليس على كل منا أن يعرف ما يهمه؟ ما هي مبادئه وأولويات حياته؟ فنحن نمضي في الدنيا دون أن نعرف ماذا نريد ولماذا نريده. مؤخرًا بدأت بكتابة مجموعة أسئلة وإجاباتها حول كل جوانب حياتي، وكأني أتعرف إلى نفسي من جديد؛ تظهر إجابات أُفاجأ بها وأخرى متوقعة، ولكن هذه العملية تعينني مباشرة على تحديد ما هو مهم، وما يمكن التغاضي عنه لقلة أهميته، فيكون توجيه تركيزي وفق ما فيه رضا وخير لي. 📝🫰🏼
يقول البعض إن السعادة تنبع من الداخل؛ من منطلق ذهني سليم وطريقة تفكير متوازنة لا تبحث عن سعادتها الدائمة في متع لحظية عابرة وخارجية. هذا الانبعاث الداخلي لا يمكن لبعضنا الشعور به تلقائيًّا دون بذل جهد حقيقي للوصول إليه؛ بدفع عقولنا للتفكير باتجاهات مشرقة، بتخفيف سيطرتنا وقلقنا على ما ليس في تحكمنا، بالاحتفاء بما ننجزه ونحصل عليه وما ننعم به أيًّا كان مصدره، وليس ضرورة أن يكون إنجازًا نتفاخر به لأننا سعينا نحوه من منطلق المقارنة بالآخرين، بل يكفي تنعّمنا بنعم منحها الله لنا، نعدّها ضمانات يومية وننسى إمكانية زوالها. 🏆🥳
قررت العودة بالزمن عبر كتاب «السعادة» لأعرف كيف عرّفتها الأمم. ففي ملحمة جلجامش، على بوابات العالَم تقف ساقية الحانة التي تشجِّع اقتناص الملذات البسيطة: «إلى أن تأتي النهاية، استمتِع بحياتك، واقضِها في سعادة، لا يأس. الْتَهمْ طعامك، واجعل كل يوم من أيامك بهجة، واستحِمَّ وتطيَّب، وارتدِ ملابس زاهيةً برَّاقة، ودَعِ الموسيقى والرقص يملآن بيتك، وأَحِبَّ الطفل الذي يُمسك يدك.» أما الصينيون فقد تبنّوا الطاوية فترة ما قبل الميلاد، حيث يذكر الكتاب: «تسلِّط الطاوية الضوء على مبادئ، على غرار (الوو وي) مثلًا، وتُترجَم: انعدام الفعل، لكنها تعني التسليم ومطاوعة الأنماط الطبيعية للحياة مثلما يُسايِر البحَّارُ الماهر الرياحَ مثلًا. ولذلك نجد حثًّا بأن نكون طيِّعين كالجليد حين يبدأ في الذوبان؛ ومُصمَتِين مثل قطعة من الخشب غير المنحوت؛ لكن مُتقبِّلين مثل حفرة على التلال.» 🧊🚣🏼♂️
من آلاف السنين والبشر يخبروننا بما نردده اليوم ونظنه ثورة فكرية جديدة: أن نستمتع بالنعم الصغيرة وأن نلاحظها ونمتنّ لها، فإن لم نسعد بها فكيف سترضينا الأكبر منها؟ إن لم نفعل ستتسع رقعة الجشع والطمع نحو سعادات ربما لن نطولها، وإن طلناها ستبهت لأن العين تنظر إلى ما وراءها. يخبرنا الناس من حضارات وعصور سالفة أن التسليم مركب يقودنا إلى سعادة بسيطة لا تطلب منّا التكلف للشعور بها، بل الوعي بحضورها. تغيرت الأزمنة وبقي الإنسان لا يعرف كيف يسلّم ولا يستمتع بنعم الله التي تحيطه لأنه يبحث عن أشياء لن تسعده، بل تسعد غيره، متخليًا عن فردانيته وتميزه. 💌📜
🧶إعداد
شهد راشد

«في الوقت الذي يظنّ فيه كثيرون منا أن الكتابات القديمة انقرضت، ولم يعد لها من أثر، يجيء «الإيموجي» الذي نستخدمه في محادثاتنا اليوم ليخبرنا عكس ذلك؛ فهو كتابة صوريّة، كالكتابة الصورية القديمة. وكذلك يخبرنا أن ما ينفع الإنسان يظل، لا ينقطع، لكنه قد يتمظهر بمظهر جديد ويعود، كما عاد هو.» زين العابدين
لماذا دمى افتح يا سمسم حولاء؟
كيف خسرنا فن الهوامش.
لماذا نحتاج الفلسفة في مدارسنا؟
لما النصيحة المالية ما تجي على هواك.
أنزلك بعد ما أشطف الأرض.

لا تندم على هَوَس شراء الكتب!
السلطة الزائفة لقوائم معرض الكتاب.


نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.