عدد خاص: توصيات صيفية للكبار والصغار ☀️📚



لم أكن يومًا من المتحمسين لفصل الصيف، لكني لم أعده عدوًّا، إلا أن التغييرات المناخيّة المتلاحقة حوّلت ليالي الصيف إلى كوابيس مستمرة. كل شيء يغلي تحت وطأة الحرارة والرطوبة والضوء الفائض، وهذا ما لا يقدر عليه كائن ليليّ مثلي. ومن دون الاعتماد على مكيف الهواء، يصبح الجو خانقًا، كأن أنفاس العالم جميعها تُسحب من رئتيَّ.
تصعب القراءة كما تصعب الكتابة في الصيف؛ كل شيء يتبخّر، كل كلمة تخرج متعرّجة، كما لو أنها فقدت توازنها على إسفلت ملتهب. تنزلق الأفكار من عقلي، وكأنها تنزلق من علبة سردين. نعم، تلك التي حدّثنا عنها «باردامو»، شخصية «فرديناند سيلين»، في روايته الأيقونية «رحلة إلى أقصى الليل»، وهو يصف الصيف في مستعمرة إفريقية: «علبة سردين صغيرة مفتوحة وملقاة وسط الطريق في قلب الظهيرة، تلقي من الأضواء المنعكسة المتباينة ما يأخذ في أعين المرء أهمية حدث ما.» وهكذا أفكاري في الصيف؛ تغرق في الضوء، تومض، ترتعش، حتى تنفجر إلى شظايا صغيرة.
هذا هو أثر الشمس في عالم «سيلين»؛ الشمس لا تَكشِف، بل تُعمي. تذيب الأشياء حتى تصبح الرغبات مشوّشة، ألوانًا تتخبط، رائحة صدأ ورطوبة في الرئة. وأنا، كأني أعيش نسخة مُخفّفة من كوابيسه، من دون مستعمرته الإفريقية، لكن بالاختناق نفسه، والرغبة نفسها بالهرب، لا إلى وجهة محددة، بل إلى أي مكان تقل فيه درجة الحرارة عن العشرين.
في هذا العدد الخاص، وبعد قراءات ملتهبة -وأغلبها لم تكن تستحق عناء الاختناق- اخترت لكم بمعية خزامى بعض القراءات التي قد ترافقكم في ليالي الصيف الطويلة وفي ترحالكم ولم ننسَ هذه المرة صغاركم.
إيمان العزوزي
هل ترغب بإكمال القراءة؟


سواء كنت صديقًا للكتب أو كنت ممن لا يشتريها إلا من معارض الكتاب، هذه النشرة ستجدد شغفك بالقراءة وترافقك في رحلتها. تصلك كلّ أربعاء بمراجعات كتب، توصيات، اقتباسات... إلخ.