أفلام ضد الحرب

زائد: إذا أعجبتك الحرب على الشاشة، فثمة خطأ في ما شاهدته

استمر المشهد الافتتاحي في فِلم «إنقاذ الجندي رايان» قرابة عشرين دقيقة، وبلغت كلفته نحو اثني عشر مليون دولار، وقد اعتمد ستيفن سبيلبرق في تصوير الفِلم على شهادات محاربين قدامى لوصف تلك اللحظات من إنزال نورماندي.

وعلى المستوى الشخصي، منحتني مشاهدة تلك اللقطات، وتحديدًا مشهد الجندي الذي بترت قدمه وهو يصرخ وينادي أمه، نظرة أقرب إلى إدراك مدى بشاعة الحروب؛ بما تخلفه من تجارب إنسانية تمزق الروح.

نايف العصيمي


تصميم: أحمد عيد
تصميم: أحمد عيد
  • يُعرض اليوم الخميس في صالات السينما السعودية فِلم الرعب «28 Years Later»، من إخراج داني بويل. في عودة طال انتظارها؛ بعد أكثر من عشرين عامًا على صدور الجزء الأول «28 Days Later». تدور أحداث الفِلم بعد مرور ثمانٍ وعشرين سنة على تفشي فيروس «الغضب» في بريطانيا، حيث يعيش الناجون في عزلة تامة على جزيرة صغيرة، متصلين بالبر الرئيسي عبر ممر ضيّق ومحميّ. ينطلق أب وابنه في رحلة محفوفة بالمخاطر إلى الضفة الأخرى، فيكتشفان أن الفيروس لم ينتهِ، بل تطوّر إلى سلالات جديدة.

  • أصدرت «تلفاز11» العرض التشويقي الرسمي لفِلم «الرزفة»، من إخراج عبدالله ماجد، ومن بطولة محمد شايف وأحمد الكعبي وحامد الشراري وفهد المطيري وزياد العمري. ومن المقرر عرضه في 3 يوليو. تدور أحداث الفِلم حول ثلاثة أصدقاء يقبعون خلف القضبان بعد فشل عملية سرقة، وفي أثناء محاولتهم الهروب من السجن، يجدون أنفسهم في كواليس فِلم يموله رجل أعمال سعودي ثري، تدور أحداثه في الأماكن نفسها التي حاولوا فيها السرقة. 

  • أعلنت الأكاديمية منح توم كروز جائزة أوسكار فخرية هذا العام، تكريمًا لـ«التزامه تجاه مجتمع صناعة الأفلام، وتجاه تجربة العرض السينمائي، ومجتمع فنون المجازفة.»

  • كشفت «بيكسار» عن المشاهد الأولى لفِلمها الجديد «GATTO»، المقرر عرضه في صيف 2027. وهو من إخراج إنريكو كاساروزا، مخرج «Luca». يتتبع الفِلم قصة قطّ أسود في مدينة فينيسيا، يملك شغفًا بالموسيقا، لكنه منبوذ من سكّان المدينة بسبب الخرافات المرتبطة بلونه.

  • يستعد المخرج روبرت إيقرز لكتابة نسخة جديدة من فِلم «A Christmas Carol» وإخراجها. في إعادة تصوّرٍ كلاسيكية لقصة تشارلز ديكنز الشهيرة. ويُعدّ الممثل ويليم دافو الخيار الأول لتجسيد شخصية «إيبنيزر سكروج».

عبد العزيز خالد


Dr. Strangelove or: How I Learned to Stop Worrying and Love the Bomb» (1964)»
Dr. Strangelove or: How I Learned to Stop Worrying and Love the Bomb» (1964)»

«Copter’s In» (01:22)

فِلم «Jacob’s Ladder»
فِلم «Jacob’s Ladder»

لا يُقدّم فِلم «Jacob’s Ladder» الصادر عام 1990 رعبًا تقليديًّا يمكن مواجهته، فالرعب هنا يأتي من داخل العقل، ومن فقدان السيطرة على الإدراك. تدور القصة حول «جيكوب سينقر»، جندي سابق خدم في فيتنام، ويعمل بعد الحرب موظف بريد في نيويورك. لكن حياته لم تعد طبيعية، فكل شيء حوله يبدو مقلقًا؛ يرى وجوهًا تتبدّل، وأشخاصًا يختفون فجأة، ويسمع أصواتًا تهمس له من العدم، ويشهد مشاهد لا يعرف إن كانت تحدث فعلًا أو أنها هلوسات.

يضعك الفِلم داخل تجربة ذهنية متفكّكة، يتداخل فيها حاضر «جيكوب» في نيويورك وماضيه في فيتنام. وفي وسط هذا الانهيار الإدراكي، صُممت موسيقا تخلق بيئة صوتية مشوّهة، تخاطب اللاوعي أكثر مما تخاطب الأذن، لتساهم في خلق شعور خانق بالتيه والقلق، كأنك تشارك «جيكوب» اضطرابه العقلي.

كيف تُصنع موسيقا عن عقل ينهار؟

السؤال الذي يبدو أن المؤلف موريس جار قد طرحه على نفسه قبل تأليف موسيقا الفِلم: كيف تكتب موسيقا لا تشبه الموسيقا؟ وكيف تعكس صوت الذهن حين يتفكّك؟ 

لم يبحث جار عن لحن يقود العاطفة، بل عن بيئة سمعية تقطّع إدراك المشاهد. فكانت الموسيقا عبارة عن فجوة بين المَشهد والمُشاهد. ولأن «جيكوب» لا يستطيع التمييز بين الواقع والهلوسة، فإن الموسيقا تلتزم بذلك أيضًا؛ لا بداية ولا نهاية واضحة، ولا جملة موسيقية مرتبة.

خرج موريس جار عن أسلوبه الأوركسترالي المعروف، فاستخدم أجهزة سنثسيزر رقمية مثل «Yamaha DX7»، التي خلق منها نغمات باردة. وأُضيفت مؤثرات مثل الـ«Reverb» والـ«Delay» لإدخال تشتّت في المجال السمعي، وجُرِّبت طبقات صوتية بتوليفات مثل الطنين والهمهمات المشوّشة والصرير. فالهدف هو إنتاج محيط صوتي خانق، يُسمَع أكثر مما يُتذكّر.

أبرز المقطوعات

تبدأ المقطوعة بنبضات إلكترونية منخفضة جدًا (Sub - bass) تولّد شعورًا بالانقباض والضغط الداخلي. استُخدِمت في مشهد هبوط المروحيات مطلع الفِلم، ترجمة لحالة الترقب والخطر. 

على أن عنوانها عاطفي، تظهر هذه المقطوعة في لحظة فقد وانكسار. تدخل فيها الموسيقا بهدوء، ثم تتبخّر دون أثر، لتؤكد أن «جيكوب» حين ينظر إلى صورة طفله، فهو يرى ما لن يعود. تتكون المقطوعة من صوت رتيب يشبه التنفّس، يتكرّر بهدوء خلف نغمة إلكترونية متكررة. 

استُخدِمت هذه المقطوعة في نهاية الفِلم، وتأتي بنغمة بيانو خافتة تنضم إليها همسات جوقة بعيدة. لا تبلغ المقطوعة ذروة، ولا تقود إلى انفراج، بل تسير بهدوء نحو توقّفها، لتُعبّر عن لحظة استسلام وقبول بالموت دون مقاومة.

عبد العزيز خالد


Giphy /  فِلم «Paths of Glory»
Giphy / فِلم «Paths of Glory»

اليوم نقول «أكشن» في هذا المشهد من فِلم «Paths of Glory» الصادر عام 1957، من إخراج ستانلي كوبريك.

تدور أحداث الفِلم في عام 1916، خلال الحرب العالمية الأولى، حيث يُظهر كوبريك قسوة النظام العسكري والظلم الطبقي من خلال قصة الكولونيل «داكس»، الذي يُكلَّف بقيادة هجوم «انتحاري» على موقع ألماني محصَّن. 

يفشل الهجوم لسوء التخطيط ونقص الموارد، لكن يقرّر الجنرالات معاقبة ثلاثة جنود أبرياء بتهمة «الجبن»؛ ليُقدَّموا كبش فداءٍ يحفظ سمعة القيادة. يحاول «داكس» الدفاع عن الجنود أمام المحكمة، لكنه يصطدم بجدار الفساد والاستبداد العسكري.


يأتي هذا المشهد بعد تنفيذ حكم الإعدام في الجنود الثلاثة، حيث يجتمع الجنود الفرنسيون في حانة، وهم مثقلون بالحزن. ويظهر «داكس» خارج الحانة غارقًا في الإحباط من عبثية ما جرى. ثم تُدخَل فتاة ألمانية أسيرة إلى مسرح الحانة، لتكون وسيلة لإمتاع الجنود، فيُقابلها الجمع بصخبٍ وسخرية، متوقعين عرضًا مرحًا، لكنها تبدأ غناء أغنية ألمانية شعبية: «The Faithful Hussar»، بصوت خافت ومرتبك. 

شيئًا فشيئًا، تنخفض أصوات الجنود، ويشرعون في الإنصات. ثم تذوب الوجوه؛ تدمع عيون بعضهم، ويردد آخرون اللحن مع الفتاة. ويستمع «داكس» إلى الغناء من خارج الحانة، فتظهر على وجهه لحظة من التأمل والارتياح، قبل أن يصله أمر بالعودة إلى الجبهة. ثم ينتهي المشهد باختفاء صوت الغناء والعودة إلى الموسيقا العسكرية.

يشكّل المشهد، الذي يختتم الفِلم، نقطة تأمل فلسفية. فبعد سلسلة من المشاهد التي كشفت وحشية المؤسسة العسكرية وازدراءها للإنسان الفرد، يأتي هذا المشهد أشبه بلحظة إنسانية هادئة. تتحدث كلمات الأغنية الألمانية عن حب جنديّ وولائه، وتجد صداها في قلوب الجنود المرهقة، فتلمس تجاربهم الشخصية في الحب والخسارة والخوف من الموت.

في البداية، عارض مُنتِج الفِلم وبطله كيرك دوقلاس هذه النهاية وطلب نهاية أنسب «تجاريًّا» للفِلم، لكن كوبريك رأى أن ينهي الفِلم بلحظة من الأمل، أو على الأقل بلمسة من الشعور الإنساني المُشترك، ليترك المُشاهد مع سؤال:كيف يمكن للبشر أن يصنعوا مثل هذه الفظائع، ثم تبكيهم أغنية؟

عبد العزيز خالد


فقرة حصريّة

آسفين على المقاطعة، هذه الفقرة خصصناها للمشتركين. لتقرأها وتستفيد بوصول
لا محدود للمحتوى، اشترك في ثمانية أو سجل دخولك لو كنت مشتركًا.

اشترك الآن

في عام 1973، أصدر الكاتب الألماني لوثار - قونتر بوخهايم روايته «Das Boot»، مستندًا إلى تجربته الشخصية أثناء عمله مراسلًا حربيًّا على متن غواصة ألمانية خلال الحرب العالمية الثانية. 

قدمت الرواية صورة واقعية ومؤثرة لحياة البحّارة تحت سطح البحر، تجمع بين الخوف من الموت ولحظات الملل والحنين إلى الحياة الطبيعية. ووَصفت الرواية تفاصيل دقيقة لحياة الغواصة، من ضجيج المحركات واهتزاز الهيكل إلى التوترات بين أفراد الطاقم، مانحة القُرّاء إحساسًا عميقًا بالحصار والاختناق في الغوّاصة.

ألهمت الرواية المخرج الألماني وولفقانق بيترسن، الذي رأى فيها مادة سينمائية قوية تجمع بين التوثيق والدراما النفسية. فحصل على حقوق الرواية وبدأ إنتاج فِلمه في عام 1979. 

واجه فريق الإنتاج تحديات كبيرة في الفِلم؛ إذ قرروا بناء نموذج ضخم وواقعي للغواصة داخل استوديو مزود بمنصة هيدروليكية تهتز وتميل بعنف لتحاكي حركة البحر في أثناء العواصف، لدرجة أنها كادت تنهار أكثر من مرة، وتسببت بعدة إصابات للممثلين وطاقم العمل.

استغرق الإنتاج نحو عامين، ما جعل الفِلم واحدًا من أكثر الأعمال تكلفة وتعقيدًا في السينما الألمانية آنذاك.

وبهذه المعلومات نستهلّ فقرة «دريت ولّا ما دريت» عن فِلم «Das Boot» الصادر عام 1981:

  • استخدم فريق الإنتاج مواد غذائية حقيقية داخل الديكور، تُركت لتتعفن مع الوقت، ما أضفى رائحة كريهة ومظهرًا واقعيًّا على مواقع التصوير.

  • طلب المخرج من الممثلين تجنب التعرّض للشمس، وعدم حلاقة شعرهم أو لحاهم، ليعكسوا الإرهاق والشحوب الناتج عن الحياة الطويلة تحت الماء. كما صُوّرت المشاهد وفق التسلسل الزمني للقصة ليظهر التغيير التدريجي في مظهرهم.

  • لم يُسجل الصوت في أثناء التصوير بسبب ضجيج الكاميرا، فأُعيد تسجيل الحوارات والمؤثرات الصوتية، مثل صفارات الإنذار وهدير المحركات، لاحقًا في استديو. 

  • مع أن الفِلم صُوّر بالألمانية، إلا أن معظم الممثلين الرئيسيين كانوا يجيدون الإنقليزية، وقاموا بدبلجة أصواتهم بأنفسهم في النسخة الإنقليزية.

  • في البداية، طُرحت أسماء نجوم أمريكيين مثل بول نيومان وروبرت ريدفورد لدور القبطان، عندما كان المشروع مشتركًا بين أمريكا وألمانيا، قبل أن يصبح إنتاجًا ألمانيًّا خالصًا.

  • استندت شخصية الكابتن ليمان - فيلنبروك (في الرواية والفِلم) إلى قائد غواصة ألماني حقيقي. وقد شارك مستشارًا لضمان دقة التفاصيل، واقتُبست بعض الأحداث من حياته.

  • صُنع صوت انهيار الغواصة في المشهد النهائي بضغط مسحوق الخبز داخل حوض ماء ضخم حتى انفجر، لمحاكاة صوت المعدن تحت ضغط الأعماق.

  • رُشِّح الفِلم لست جوائز أوسكار، وهو رقم قياسي لفِلم غير ناطق الإنقليزية آنذاك، وكان الفِلم الوحيد المرشح لجائزة أفضل مخرج دون أن يرشح لجائزة أفضل فِلم.

  • أثار مشهد رقص أحد أفراد الطاقم في الفِلم غضب كاتب الرواية بوخهايم، واصفًا المشهد بغير الواقعي، ما أدى إلى توتر العلاقة بينه وبين بيترسن، ثم انتقاده العلني للفِلم لاحقًا.

عبد العزيز خالد

النشرة السينمائية
النشرة السينمائية
أسبوعية، الخميس منثمانيةثمانية

مقالات ومراجعات سينمائية أبسط من فلسفة النقّاد وأعمق من سوالف اليوتيوبرز. وتوصيات موزونة لا تخضع لتحيّز الخوارزميات، مع جديد المنصات والسينما، وأخبار الصناعة محلّيًا وعالميًا.. في نشرة تبدأ بها عطلتك كل خميس.

+100 متابع في آخر 7 أيام