توم كروز أكبر من «المهمة المستحيلة»

زائد: فِلم يجمع تسع شخصيات رئيسة في حبكة واحدة.

تصميم: وفاء العتيبي
تصميم: وفاء العتيبي

قبل ثلاثة أيام، صرّح توم كروز قائلًا: «سأواصل صناعة الأفلام حتى أبلغ المئة، ولن أتوقف عن أداء مشاهد الأكشن، ولن أتوقف عن التمثيل في أفلام الدراما والكوميديا.»

حقيقةً، لا يُختزل توم كروز في كونه نجم أكشن، بل مر بفترات قدّم فيها أدوارًا وشخصيات مختلفة عن هذه الصورة النمطية. فهو يؤدي أدواره بجدية وشغف دائمين، بغض النظر عن نوع الفِلم. 

هذا القدر من الالتزام هو ما جعله ممثلًا يحظى بإعجاب الجمهور وتفضيله؛ لأنه يمثّل حُبًّا في الصناعة، ويؤمن بها فنًّا يتجاوز الأداء إلى الالتزام. ولذا، دائمًا ما يكون حاضرًا في صالات السينما. كما أثبت شغفه بتفاعله مع حضور العروض الأولية لفِلمه الجديد.

عبد العزيز خالد


  • يُعرض اليوم الخميس في صالات السينما السعودية فِلم «Mission: Impossible - The Final Reckoning»، من بطولة توم كروز، وإخراج كريستوفر ماكويري. يعود العميل «إيثان هانت» في مهمة جديدة محفوفة بالمخاطر، يواجه فيها قوى خفية تهدد بزعزعة النظام العالمي.

  • كما يُعرض في اليوم نفسه فِلم «Lilo & Stitch»، من إنتاج ديزني، وإخراج كريس ساندرز ودين ديبلوا. يتناول الفِلم قصة الطفلة «ليلو» التي تعيش في هاواي، وتكتشف مخلوقًا فضائيًّا هاربًا من مطاردة كونية، فتتبناه وتُطلق عليه اسم «ستيتش»، ومن خلال علاقتها به، يستعرض الفِلم مفهوم العائلة والانتماء بأسلوب يجمع بين الكوميديا والدراما.

  • تجاوز فِلم «Sinners» للمخرج رايان كوقلر حاجز الـ300 مليون دولار عالميًّا، ليُصنَّف ضمن أنجح الأفلام «الأصلية» تحقيقًا للإيرادات خلال هذا العقد.

  • كشفت تقارير جديدة عن أسماء عدد من الممثلين المنضمين إلى طاقم فِلم «Narnia»، من إخراج قريتا قيرويق. تضم القائمة حتى الآن: ميريل ستريب وإيما ماكي وكاري موليقان ودانيال كريق. ويستند العمل إلى رواية «The Magician’s Nephew»، التي تُعدّ بمثابة «تمهيد» (Prequel) لعالم «نارنيا». 

  • سجّل فِلم «Eddington» للمخرج آري آستر بداية نقدية متفاوتة، حيث حصل على تقييم 66% على موقع «Rotten Tomatoes».

عبد العزيز خالد


The Color of Money» (1986)»
The Color of Money» (1986)»

Vanilla Sky» (2001)»
Vanilla Sky» (2001)»

يُعدّ عالم فِلم «Vanilla Sky» غريبًا، ليس لأنه خيالي أو بعيد عن الواقع، بل لأنه يبدو واقعيًّا في لحظة، ثم ينقلب فجأة إلى شيء يشبه الحلم. احتاج هذا التحوّل السريع والسلس بين ما هو حقيقي وما هو وهمي إلى موسيقا تعكس هذا التشتّت، وتساعد المشاهد على الشعور بالارتباك والغربة، تمامًا كما تشعر به شخصيات الفِلم.

عالم صوتي مليء بالتجارب

تولّت نانسي ويلسون، عازفة القيتار وعضوة فرقة «Heart»، تأليف الموسيقا الأصلية للفِلم. واستغرقت تسعة أشهر في العمل عليها، حيث استخدمت تقنيات غير تقليدية، مثل تسجيل الأصوات عبر الخراطيم والعزف بأقواس التشيلو على القيتار، لخلق أجواء صوتية تعكس التشوش والاضطراب الذي يعيشه البطل.

رؤية كاميرون كرو

يُعرف المخرج كاميرون كرو بشغفه بالموسيقا، حيث بدأ مسيرته المهنية كاتبًا في مجلة «Rolling Stone». وفي فِلم «Vanilla Sky» اختار كرو الأغاني بناءً على سؤال: «ما الأغاني التي قد تستمع إليها شخصيات الفِلم؟» ثم توسّع ليشمل مزاج الفِلم وموضوعاته ومشاهده.

أضاف كرو طبقات صوتية خفيّة في بعض المشاهد، مثل دمج تسجيلات صوتية لبراين ويلسون من جلسات ألبوم «Pet Sounds» مع أغنية «You Know You're Right» لفرقة «Nirvana»، التي لم تكن قد صدرت رسميًّا آنذاك. وقد حصل كرو على هذه الأغنية من كورتني لوف، أرملة كورت كوبين، لتُضاف بشكل خفي في الفِلم.

أبرز الأغاني في الفِلم

تُفتتح بها أولى لقطات الفِلم، وتعمل بمثابة مفتاح صوتي لعالم الفِلم. الأغنية مبنية على طبقات من السِنثات المتكررة والإيقاع الإلكتروني البارد، دون لحن مركزي واضح، وتخلق شعورًا بالتشويش والتيه. بالإضافة إلى صوت توم يورك المعالَج إلكترونيًّا، الذي يأتي في صورة صدى داخلي يوحي بالانفصال عن الواقع. يعبّر هذا التكوين الصوتي عن شيئين متداخلين: الوحدة النفسية التي يعيشها البطل، وغرابة الزمن والمكان في بنية الفِلم. 

أغنية أصلية كتبها مكارتني خصيصًا للفِلم، تتميّز ببنية لحنية دائرية من تنويعات وترية متصاعدة، دون بلوغ ذروة حاسمة. توازي رحلة البطل العاطفية المتأرجحة بين وعود السعادة وسقوط الإدراك. ويعكس تكرار الجملة اللحنية فكرة التكرار الذهني والذاكرة المشوشة، وهو ما يجعل الأغنية بمثابة امتداد صوتي لوعي الشخصية. وقد رُشّحت لجائزة أوسكار. 

تُستخدم في أشد المشاهد شاعرية؛ حين يسير «ديفيد» مع «صوفيا» في شارع خالٍ. الأغنية قائمة على بنية صوتية غائمة، تستخدم القيتار بالأقواس وتسجيلات صوتية مغلّفة بتأثيرات ضبابية. قد لا يُفهم الغناء فيها لغويًّا، لكنه يُستخدم لإضافة شعور غامض، ويحوّل المشهد إلى حلم.

عبد العزيز خالد


Gipgy / فِلم (1988) «Rain Man»
Gipgy / فِلم (1988) «Rain Man»

اليوم نقول «أكشن» في هذا المشهد من فِلم «Rain Man» الصادر عام 1988، من إخراج باري ليفنسون، وبطولة توم كروز وداستن هوفمان. 

يحكي الفِلم قصة «تشارلي بابيت» (توم كروز)؛ شاب أناني وجشع يعمل في تجارة السيارات. يكتشف «تشارلي» بعد وفاة والده أن الميراث البالغ ثلاثة ملايين دولار لم يُكتب له، بل ذهب بالكامل لأخ أكبر لم يكن يعلم بوجوده، يُدعى «ريموند» (داستن هوفمان)؛ يعيش في مؤسسة للرعاية، ويعاني من التوحد.

بدافع الطمع، يقرر «تشارلي» إخراج «ريموند» من المؤسسة، على أمل التفاوض على نصيبه من الميراث. لكنه يضطر إلى السفر معه عبر الولايات بسيارته، لأن ريموند يخاف ركوب الطائرة. وخلال الرحلة، يبدأ «تشارلي» التعرُّف على أخيه، ويدرك أن سلوكياته الغريبة ناتجة عن حالته، لا عن جهل أو عناد. فيتغيّر موقفه تدريجيًّا، ويبدأ النظر إليه بعين مختلفة.

يأتي هذا المشهد في منتصف الفِلم، داخل حمّام في «موتيل»، حين يتبيّن لـ«تشارلي» أن صديق طفولته الخيالي «رجل المطر» (Rain Man) لم يكن إلا «ريموند» نفسه. عندها يُخرج «ريموند» صورة قديمة تجمعه بـ«تشارلي» وهو طفل، فتوضّح الصورة هذا الجزء المشوّش من ذاكرة «تشارلي».

من خلال وجودهم في الحمّام، يكتشف «تشارلي» أيضًا سبب إبعاد «ريموند» إلى المؤسسة. ففي أحد الأيام، تركه والداه في رعاية «ريموند»، لكنه سقط في حوض استحمام ساخن، فظن الوالدان أن «ريموند» يشكّل خطرًا على «تشارلي»، فقرّرا إبعاده إلى مؤسسة رعاية. لكن الحقيقة أن «ريموند» كان يحاول حمايته، لا إيذاءه. وهنا يتغيّر فعلًا منظور «تشارلي» تجاه أخيه بالكامل.

يمثّل هذا المشهد نقطة تحوّل في علاقة الأخوين؛ إذ يتوقف «تشارلي» عن النظر إلى «ريموند» بوصفه عبئًا ويبدأ برؤيته أخًا، بل شخصًا أنقذه يومًا، وشكّل جزءًا من طفولته. ومن هنا ينطلق التغيير الحقيقي في شخصية «تشارلي»، ويتحوّل من شخص يسعى للمال إلى شخص يسعى للفهم والتواصل.

يُستخدم انعكاس المرآة في هذا المشهد بأسلوب بسيط، لكنه معبّر؛ إذ يقف كل من «تشارلي» و«ريموند» أمامها، كأن كلًّا منهما يواجه ماضيه أو ذاته.

قدّم داستن هوفمان أداءً دقيقًا في دور «ريموند»، بعدما استعد له من خلال مقابلات مع أشخاص مصابين بالتوحد؛ ليقدّم الشخصية باحترام وواقعية دون مبالغة. ونال بهذا الدور جائزة أوسكار عن أفضل ممثل. 

أما توم كروز، فترشّح لجائزة الـ«قولدن قلوب» عن أفضل ممثل في دور درامي، وحصل على إشادة نقدية كبيرة، وعُدّ أداؤه من أبرز محطات تطوّره بوصفه ممثلًا جادًّا في تلك المرحلة من مسيرته.

ساهم فِلم «Rain Man» في رفع الوعي بالتوحد، وعرّف الجمهور على بعض ملامح هذه الحالة، وحاز الفِلم أربع جوائز أوسكار في عام 1989.

عبد العزيز خالد


فقرة حصريّة

آسفين على المقاطعة، هذه الفقرة خصصناها للمشتركين. لتقرأها وتستفيد بوصول
لا محدود للمحتوى، اشترك في ثمانية أو سجل دخولك لو كنت مشتركًا.

اشترك الآن

في مَطلع عام 1971، أعلن استوديو «Warner Brothers» أن مشروع ستانلي كوبريك القادم سيكون اقتباسًا لرواية نمساوية صدرت عام 1926 بعنوان «قصة حلم» (Traumnovelle). تسرد الرواية حكاية رجل ينهار واقعه بعد أن تبوح له زوجته بأفكار عن رغباتها المكبوتة، فيدفعه ذلك إلى الغوص في عالم خيالي من الإغراءات وأزمة الهوية واللاوعي؛ تتداخل فيه الأحلام مع الواقع.

شدّت الرواية انتباه كوبريك منذ مطلع الستينيات بعد انتهائه من إخراج «Lolita»؛ إذ رأى فيها فرصة لاستكشاف البنية النفسية للعلاقات الحميمة. غير أن زوجته عارضت المشروع حينها؛ معتقدة أن معالجة موضوعات كهذه ستكون خطرة، في وقت كان لا يزال زواجهما في بدايته. لكن بقي النص حاضرًا في ذهن كوبريك لعقود، حتى أصبح أقرب إلى الهوس.

في التسعينيات، شرع كوبريك في الحد من انتشار الرواية، فاشترى أكبر عدد من نسخها وطلب تأجيل صدورها بترجمة إنقليزية إلى ما بعد صدور فِلمه؛ حتى لا يقارنها الجمهور مسبقًا بالفِلم. مع أن الرواية كانت قد اقتُبست مرتين قبل كوبريك: مرة في فِلم نمساوي يحمل اسم الرواية نفسه عام 1969، ومرة في فِلم إيطالي بعنوان «Nightmare in Venice» عام 1989.

وبهذه المعلومة نستهلّ فقرة «دريت ولّا ما دريت» عن فِلم «Eyes Wide Shut» الصادر عام 1999: 

  • بدأ تصوير «Eyes Wide Shut» تحديدًا في نوفمبر، عام 1996، واستمر حتى ديسمبر، عام 1997، أي سنة وشهرًا وخمسة أيام من التصوير. ثم عاد الفريق لتصوير لقطات إضافية في منتصف عام 1998، بمجموع بلغ 400 يوم تصوير. فكسَر الفِلم رقمًا قياسيًّا في موسوعة قينيس لأطول فترة تصوير مستمرة لفِلم سينمائي. وكان من المفترض أن يستغرق التصوير ستة أشهر فقط، لكن طبيعة كوبريك الدقيقة والمتطلّبة أدّت إلى تمديد الجدول الزمني.

  • قبل أن يُسند دور «الدكتور بيل» لتوم كروز، طُرحت عدة أسماء لتمثيل الدور، كان من بينهم جوني ديب وداستن هوفمان ووودي آلن وبيل موراي.

  • وقّع كلٌّ من توم كروز ونيكول كيدمان عقودًا مفتوحة المدة، وافقا من خلالها على العمل في الفِلم حتى نهايته، مهما طال وقت تصويره.

  • حين أُعلن أن توم كروز ونيكول كيدمان سيشاركان في بطولة الفِلم مع ستانلي كوبريك، قدّم فنسنت دونوفريو -الذي أدّى دور «برايفت بايل» في «Full Metal Jacket»- نصيحة علنية لهما، قال فيها: «استأجرا منزلًا أو شقة، لأنكما ستقضيان وقتًا طويلًا في إنقلترا.»

  • فرض كوبريك قيودًا غريبة على كيدمان وكروز؛ فمنعهما من مشاركة تفاصيل أدوارهما معًا، وطالب ببقائهما منفصلين حتى خارج أوقات التصوير. كما صوّر مشاهد لكيدمان بسريّة دون علم كروز. كانت هذه الطريقة جزءًا من محاولة كوبريك خلق عزلة شعورية تعزز من توتر العلاقة بين شخصيتي الزوجين على الشاشة.

  • تقاضى توم كروز عشرين مليون دولار مقابل دوره، أي أكثر من ميزانيات أول سبعة أفلام أخرجها كوبريك مجتمعة.

  • كان هذا الفِلم، صدفةً، بدايةً لسلسلة أفلام ظهر فيها توم كروز مقنّعًا أو متنكّرًا، بدءُا من «Eyes Wide Shut» إلى «Mission: Impossible 2» و«Vanilla Sky» و«Minority Report».

  • أصرّ كوبريك على تصوير الفِلم بالكامل في إنقلترا، فبُنيت شوارع نيويورك في استوديوهات «باينوود» بدقة. حتى إن كوبريك أرسل فريقًا من المصممين إلى مانهاتن لقياس عرض الأرصفة والمسافات بين صناديق بيع الصحف، بهدف محاكاتها حرفيًّا.

  • اُختير هارفي كيتل أولًا لأداء دور «فيكتور زيقلر»، لكن علاقته بكوبريك كانت سيئة منذ بداية التصوير. فوفقًا لكيتل، أعاد كوبريك تصوير مشهد بسيط يتمثل في عبوره من خلال باب لما يقرب من ثمانٍ وستين مرة، ما دفعه في النهاية إلى مغادرة المشروع قائلًا لكوبريك: «أنت مجنون.»

  • يمتلئ فِلم «Eyes Wide Shut» برموز ودلالات متشابكة، تمتد من أدق الحوارات واللوحات، وحتى أسماء الشخصيات والمحلات. وبلغت ذروتها في مشاهد الطقوس السرية التي أثارت نظريات مؤامرة تُناقش إلى اليوم؛ ربطت بين أشكال الأقنعة والرموز في الفِلم وبين جماعات سرّية للمشاهير في هوليوود.

  • من بين العناوين التي طُرحت أثناء تطوير «Eyes Wide Shut» كان «The Female Subject» و«Me and You»، قبل أن يستقر كوبريك على العنوان النهائي الذي يحمل تناقضًا لغويًّا يعكس حالة من الإدراك المشوش أو الإنكار المتعمد، متماشيًا مع موضوع الفِلم.

  • استأجر كوبريك الصحفي لاري سيلونا لكتابة مقال مزيف في «Eyes Wide Shut» عن وفاة «أماندا كوران» بجرعة زائدة في فندق، والمصادفة أن لاري كان أول من نشر خبر انتحار جيفري إبستين في زنزانته عام 2019. زاد هذا التداخل الغريب من نظريات المؤامرة التي ترى في الفِلم تلميحات لعالم خفي من الفساد والسرّية.

  • تُوفي كوبريك في شهر مارس، عام 1999، بعد ستة أيام فقط من عرضه النسخة الأولية من الفِلم على الاستوديو وطاقم العمل. وبعد صدور الفِلم في شهر يوليو، ظهرت شكوك حول سبب وفاة كوبريك؛ نتيجة محتوى الفِلم ورمزياته التي بدت وكأنها تلمّح بأن كوبريك يحاول قول شيء أعمق من موضوع الفِلم.

    عبد العزيز خالد

النشرةالسينمائية
النشرة السينمائية
النشرة السينمائية
أسبوعية، الخميس منثمانيةثمانية

مقالات ومراجعات سينمائية أبسط من فلسفة النقّاد وأعمق من سوالف اليوتيوبرز. وتوصيات موزونة لا تخضع لتحيّز الخوارزميات، مع جديد المنصات والسينما، وأخبار الصناعة محلّيًا وعالميًا.. في نشرة تبدأ بها عطلتك كل خميس.

+40 متابع في آخر 7 أيام