الصين: من الشيوعية إلى الرأسمالية

الصين: ثمرة مشروع طويل صامت مصمِّم.


إذا سمعت كلمة «الصين»، وش أول شيء يجي في بالك؟ مصانع؟ تقليد؟ اقتصاد ضخم؟

الحقيقة، أن قصة الصين الاقتصادية ليست قصة المصطلحات بالأعلى، بل هي قصة تغيير قواعد اللعبة بالكامل؛ بلد كان يعيش في عزلة، وفجأة صار منافسًا لأكبر اقتصادات العالم، وبدأ يغيّر التوازنات من أمريكا إلى إفريقيا.

وش اللي صار؟ وكيف قدرت الصين تنتقل من الفقر إلى أنها تصنّع الجوال اللي في يدك، وتبني مدن في أيام، وتطلق مشاريع تخلّي العالم كله يعيد حساباته؟

في حلقة من أصعب الحلقات اللي سويناها، لكنها من أكثر الحلقات اللي نفتخر فيها، قررنا نحكي قصة اقتصاد الصين من الزاوية اللي تهمك، بعيدًا عن الضجيج الإعلامي، وبكل إحسان ممكن.

استعد لرحلة داخل واحدة من أعقد القصص الاقتصادية في العصر الحديث، مع محمد آل جابر وهادي فقيهي.

حلقة تستحق وقتك، وممكن تغيّر نظرتك عن «قوة الصين».


صعود الصين 🇨🇳 

في عالم يُعاد تشكيله أمام أعيننا، لا يمكن تجاهل صعود الصين، ولا يمكن التعامل مع الحدث على أنه عابر أو استثنائي في التاريخ. 

الرسم البياني أعلاه، الذي يُظهر تطور الصين عبر ثمانية مؤشرات للقوة منذ عام 1800، يختصر قصة عودة حضارة عريقة إلى الواجهة العالمية، بعد قرن من الانحدار والانكسار.


فاصل ⏸️

«برق» محفظة تقنيّة ماليّة💸

الخدمات، البطاقات، والمنتجات ما عليها أي رسوم.

والكاش باك، على الحوالات الدولية وتحويل رواتب العمالة، وبطاقة فيزا ومدى!

محفظة .. تعطيك ما تأخذ منك!


السياق المفقود في تاريخ الصين


من عام 1839 حتى 1949، عاشت الصين ما يُعرف تاريخيًّا بـ«قرن الإذلال»؛ مئة عام لم تكن مجرد فترة استعمار أو اضطراب سياسي، إنما كانت تجربة فقدان عميقة لهوية أمة كانت لقرون طويلة ترى نفسها مركز العالم ومرآته الحضارية.

كانت الصين قبل هذا القرن تقود العالم في الزراعة والصناعة اليدوية والفكر الكونفوشي، وتحكمها إمبراطورية تمتد بلا منازع. لم تكن ترى نفسها جزءًا من منظومة دولية متكافئة، بل كيانًا مستقلًّا، يعلو فوق مفاهيم «المساواة بين الأمم». لكنها فجأة وجدت نفسها في مواجهة عالم صناعي، سريع، مسلح، قادم من الغرب، لا يؤمن إلا بمنطق القوة.

بدأت هذه المرحلة مع حروب الأفيون، حيث فُرض على الصين فتح أسواقها تحت التهديد؛ رغبة في الإخضاع. ثم جاءت سلسلة من المعاهدات غير المتكافئة، وانتزعت مناطق استراتيجية من أراضيها، بدءًا من هونق كونق وصولًا إلى منشوريا، مرورًا بضعف داخلي مزّق البلاد إلى مناطق نفوذ أجنبي. 

خلال هذا القرن، ضعفت مؤسسات الدولة وتراجع الاقتصاد وتحوّلت البيروقراطية إلى عبء والجيش إلى ظل باهت، وتحولت الصين من إمبراطورية قائمة إلى «رجل مريض» في نظر العالم.

لكن التاريخ لا يسير في خط مستقيم، ومهما طال الانحدار، تظل الجذور أعمق من كل سقوط. مع إعلان الجمهورية الشعبية عام 1949، بدأت الصين مرحلة جديدة، أكثر هدوءًا لكنها أكثر عمقًا. كان المشروع واضحًا: استعادة الكرامة المهدورة، لا عبر الكلمات، إنما عبر العمل والبناء والانضباط طويل المدى. الهدف كان بناء مشروع حضاري بديل يُنتج الاستقرار من الداخل، لا من التحالفات الخارجية.

تسير الصين في القرن العشرين على قدميها بثقل الماضي وقيود المعاهدات الاستعمارية. كانت الصين مفككة، ونخبتها الفكرية مشتتة، وبُناها التحتية أقرب إلى العدم. الجهل والفقر والمرض كانوا ثلاثة أعداء داخليين يُعادلون الاستعمار في قوته التدميرية. لكن تحت هذا الركام، كانت هناك إرادة تتشكل؛ بطيئة، صامتة، لكنها مُصمِّمة، رغم فشلها في محطات كثيرة، ورغم المعاناة التي رافقت سياسات كبرى كالثورة الثقافية والقفزة الكبرى.

الزبدة 🧈 

بعد عقود من التجريب والانفتاح الحذِر والإصلاحات الهيكلية، وُلد ما يُعرف اليوم بـ«النموذج الصيني». لا هو رأسمالي بالكامل، ولا اشتراكي تقليدي؛ إنما صيغة هجينة تشبه عقلية الأمة التي تمهّد طريقها بنفسها. دولة مركزية بآليات سوق. حكم صارم لكنه مُنتج. اقتصاد حر لكنه مضبوط بأولويات سياسية وطنية.


كيف تتخيّل بيت العمر؟ 💭

مسكن متكامل ومريح، موقعه قريب من كل شي، وفيه كل شي 🏡✨

موقفك الخاص، مصلى، مقهى،بقالة، صالة رياضية، وترفيهية!

هذي هي تجربة السكن في صفا 🔗

التجربة اللي تسبق الحاضر وتنبض بالحياة 🖼️🥁


رحلة كولومبوس كانت باتجاه الصين، لا الهند!

في كتب التاريخ، يظهر كريستوفر كولومبوس دائمًا على أنه «الرجل الذي اكتشف أمريكا» وهو في طريقه إلى الهند. لكن الحقيقة الأعمق، والتي تخفى خلف ستائر سميكة من التبسيط التاريخي، هي أن كولومبوس لم يكن في رحلته يبحث عن الهند أصلًا، إنما كان يقصد الصين. تلك الإمبراطورية العظيمة التي سحرت عقول الأوربيين في العصور الوسطى، وأشعلت فيهم رغبة الوصول إلى كنوزها وتجارتها وثقافتها.

هنا، نحفر في هذه الحقيقة المنسية، مستندين إلى وثائق من القرن الخامس عشر، ومذكرات كولومبوس نفسه، وأثر كتابات ماركو بولو، لنكشف كيف أن وهمًا جغرافيًّا بسيطًا أدى إلى واحدة من أكبر التحولات في تاريخ البشرية.

أولًا: كيف بدأ الوهم؟ ماركو بولو والصين الأسطورية

قبل كولومبوس بـ200 سنة، كتب الرحالة الإيطالي ماركو بولو مذكراته عن رحلاته إلى الشرق الأقصى، حيث عاش في الصين سبعة عشر عامًا، في بلاط الإمبراطور قوبلاي خان، حفيد جنكيز خان. وصف ماركو بولو الصين بأنها أرض الذهب والطباعة والعملات الورقية والنظام البريدي المتقن. حضارة صناعية متقدمة تفوق أوربا بمراحل.

هذه الأوصاف وقعت كما السحر على مخيلة الأوربيين، وخاصة البحارة والتجار. ومن بين من تأثروا بها بشدة، كان كولومبوس نفسه، الذي قرأ النسخ اللاتينية من كتاب ماركو بولو، وعلّق على هوامشه بخط يده، وأخذ منها قناعة واحدة: «لو أبحرت غربًا، سأصل إلى الصين (كاثي) مباشرة».

ثانيًا: لماذا ظنّ كولومبوس أن الأرض أصغر مما هي؟

في ذلك الزمن، كانت هناك نظريتان متصارعتان:

  1. أن الأرض كروية (وأكد العلماء المسلمون واليونانيون ذلك منذ قرون).

  2. أن المحيط الأطلسي بين أوربا وآسيا أقصر بكثير من الواقع.

 تبنّى كولومبوس النظرية الثانية، واستند إلى حسابات خاطئة تقلل من محيط الأرض بمقدار الثلث تقريبًا. فبحسب تقديره، لا تتطلب الرحلة من أوربا إلى الصين عبر الغرب أكثر من أسابيع قليلة في البحر. لم يكن يدرك أن قارة ضخمة (الأمريكتين) تفصل بينهما.

ثالثًا: يوم أبحر بحثًا عن كاثي (الصين)...

في 3 أغسطس 1492، غادر كولومبوس إسبانيا بثلاث سفن، حالمًا بأن يصل إلى بلاط الإمبراطور الصيني، ويعقد معه اتفاقات تجارية، وربما حتى يفتح له بابًا للتبشير بالمسيحية. كان يحلم بـ«الذهب الصيني» و«الحرير» و«التوابل».

لكن حين وصل إلى جزر البهاماس، ثم كوبا، ثم هايتي، ظن أنه في ضواحي الصين. أطلق على السكان الأصليين اسم «الهنود»؛ لأنه كان يعتقد أنه وصل إلى جزر الهند الشرقية، لكنه ظل يستخدم في مذكراته تعبيرات مثل «كاثي» (Cathay) و«سيبانقو» (Cipango - اليابان).

رابعًا: ليش الناس إلى اليوم يقولون إنه كان يقصد الهند؟

السبب ببساطة؛ التبسيط التاريخي الذي حصل في الكتب المدرسية والإعلام الغربي. فكلمة «إنديز» (Indies) كانت تطلق في لغات أوربا حينها على كل أراضي الشرق الأقصى، من الهند الفعلية إلى الصين واليابان. ولذا؛ فالخلط بين الهند والصين لم يكن مستغربًا.

الزبدة 🧈

في خطابات كولومبوس ومذكراته، ومن طريقة تعامله مع الأرض والسكان، يظهر أنه كان يظن نفسه في المناطق المجاورة للصين، وليس في شبه القارة الهندية. والدليل الأكبر: أن كولومبوس لم يستخدم قط كلمة «India» بمفهومها الجغرافي الحالي.


نهضة الصين من قاعة صغيرة في شنقهاي

الحقيقة أن بداية الصين الحديثة -بوصفها قوة مالية عالمية- كانت في قاعة صغيرة ببورصة شنقهاي، يديرها سبعة شبّان لا يملكون السلطة ولا المال، لكن الرغبة حاضرة في بناء شيء أكبر من وظائفهم.

في عام 1990، لم تكن الصين تملك نظامًا ماليًّا حقيقيًّا. فبعد عقود من الانغلاق، ثم اضطرابات الانفتاح، كان النظام الاقتصادي يعيش حالة من التردد: هل تتبنى الصين آليات السوق؟ أم تتمسك بالسيطرة المركزية؟

في هذا السياق، قررت الحكومة «التجريب» بهدوء ودون ضجيج إعلامي. سُمِح لهؤلاء السبعة بإطلاق أول بورصة حديثة في الصين. كانت البورصة تعكس مختبرًا سياسيًّا واقتصاديًّا حساسًا للخطوة القادمة للصين أمام العالم. وكانوا يعلمون أن نجاح التجربة قد يفتح الباب لتغيير أوسع، وأن فشلها قد يُعيد كل شيء إلى نقطة الصفر

الإمكانات كانت محدودة؛ فلا بنوك استثمارية ولا نظام قانوني قوي ولا ثقافة تداول بين الناس. لكن خلال سنوات قليلة، أثبتت البورصة جدواها، وبدأت الشركات تتدفق والاستثمارات تنمو، وبدأ الناس يتعاملون مع السوق على أنها أداة شرعية لبناء الثروة.

كانت تلك اللحظة تحولية؛ فمن قاعة بسيطة بأدوات متواضعة، بدأت الصين تبني واحدة من أكثر الأسواق المالية تأثيرًا في العالم. واليوم، بورصة شنقهاي هي ثاني أكبر بورصة بعد نيويورك، وتُدرج فيها شركات تكنولوجيا وابتكار تنافس نظيراتها الأمريكية.

الزبدة 🧈

ما يجعل هذه القصة مثيرة ليس فقط نتيجتها، بل رمزيتها؛ سبعة موظفين وطنيين، بلا ضوء إعلامي، أطلقوا حجر الأساس لنظام مالي غيّر مسار الصين.


نتمنى ما توصل الحلقة إلى الصين.

CCP: الحزب الشيوعي الصيني🫣


بودكاست جادي
بودكاست جادي
أسبوعية، الأربعاء منثمانيةثمانية

كلّ أربعاء يقدم محمد آل جابر وهادي فقيهي تحليلات وإجابات مبسطة للأسئلة الاقتصادية المحيرة، ومع كل حلقة تصلك رسالة بريدية بمصادر ومعلومات ووجهات نظر مختلفة لم يتسع لها وقت الحلقة.

+20 متابع في آخر 7 أيام