ماذا نحمل في حقيبة الطوارئ؟ 🧳

زائد: هل تود معرفة أحاديث أصدقائك الخاصة مع بوت الدردشة؟

هل يساورك الفضول أحيانًا لمعرفة ما الأسئلة التي يطرحها أصدقاؤك الحقيقيون والافتراضييون على بوتات الدردشة الذكية في خصوصية أجهزتهم؟

متا ستلبِّي هذا الفضول من خلال تطبيقها (Meta AI app)، الشبيه بـ«تشات جي بي تي» مع ميزة سوشال ميديائية: سيظهر لك تايم لاين بآخر مستجدات أحاديث أصدقائك، في دائرة فيسبوك، مع بوت الدردشة الفيسبوكي! 

يعني بالمختصر المفيد، نحن موعودون بسيل جديد من الغثاء 😑.

في عدد اليوم، نعيش مع مجد أبو دقة الثواني الثلاثة عشر للزلزال الذي ضرب اسطنبول، ونعرف منها ما أهم شيء تخبئه في حقيبة الطوارئ. وفي خيمة السكينة نتأمل الشؤون الصغيرة التي تساوي الحياة، وفي لمحات من الويب نعرف الإلهام وراء أغنية «مفتون قلبي في هوى الغزلان»، وكيف يبدو المقهى الذي تجتمع فيه بوتات الدردشة للعمل عن بعد على إنجاز مهامك. ☕️


حقيبة الحياة / Imran Creative
حقيبة الحياة / Imran Creative

ماذا نحمل في حقيبة الطوارئ؟ 🧳

مجد أبو دقة

بعد أسبوع عمل حافل، كنت أخطط السبت الماضي لقضاء يوم كسول جدًّا في البيت، رغم محاولات أمي إقناعي باغتنام ربيع إسطنبول والتنزّه فيها. لكني آثرت الدعة، وصببت فنجان قهوتي العربية في حدود الساعة الثانية عشرة والنصف ظهرًا وأنا أُمنّي نفسي بشربها، إلا أنّ قدر الله سبق، وضرب زلزال تجاوز الست درجات إسطنبول مدةً قاربت 13 ثانية.

قد تظهر الثواني الثلاثة عشر قصيرة جدًّا في وعينا، ولكنّ حدثًا كالزلازل يعيد للثانية قيمتها الحقيقية، فأنت تستطيع أن تفكر وتتحرك أو تنادي أو تجمد أو تأخذ قرارًا في هذه الثواني. وإن كنت ممن يربط الله على قلبه ساعة الفزع فستبدأ الحركة بعد ثبات الأرض، وهو الصواب في هذه الحالة. إذ يجدر-بعد توقّف الزلزال- الخروج من المباني خوفًا من الهزات الارتدادية، واطمئنانًا على سلامة البناء قبل العودة إليها، وهو ما قرر زوجي أن نفعله. وعلى عجل بدلنا ثيابنا وخرجنا من البيت بحقائب ثلاث.

في الدول التي تكثر فيها الزلازل تنتشر التوعية بإجراءات السلامة، ومن ذلك حقائب الطوارئ؛ حقيبةٌ ينصح ببقائها جاهزة في متناول اليد، قريبة من مدخل البيت مثلًا، وتحتوي في الأساس على: ماء - أطعمة معلبة أو مجففة - الأدوية الضرورية - بطاريات أو شاحن متنقل - بعض النقود - قطعة ملابس إضافية - صفارة - كشاف - صور من أهم الوثائق الرسمية.

هل فكرت مرةً ماذا ستحمل معك إذا اضطررت إلى مغادرة بيتك على عجل؟ في الحقيقة لطالما كانت عندي منذ بداية شبابي حقيبة مهمة في متناول اليد، حتى عندما كنت أسكن أكثر البلاد أمانًا وأبعدها عن هذا النوع من الكوارث الطبيعية. تضم هذه الحقيبة كل أوراقي الرسمية منذ ولادتي - على تفاوت درجات أهميتها؛ ففيها شهادة ميلادي ودفتر تطعيماتي وكل شهاداتي التعليمية - ولا تقتصر على الجامعية منها فحسب بل تشمل شهادات سنوات الثانوية كلها - وجوازات سفري، وغير ذلك من الأوراق التي احتجتها في حياتي أو قد أحتاجها. ففي تصوّري، لا وجود للاجئ الفلسطيني خارج أوراقه.

أُبقي حقيبتي تلك محفوظةً بعيدًا عن العبث قريبةً من يدي، ولهذا الحرص أهدافه وأسبابه. أما أهدافه فالحفاظ على هذه الأوراق من الضياع، وتنظيمها لوقت الحاجة، وفي الوقت نفسه سهولة حملها حالة الضرورة والطوارئ، وهذا طبع كل حريص.

ووراء هذا الحرص - الذي قد يظهر للوهلة الأولى مبالغًا فيه - أسباب ومخاوف تفوق عندي مخاوفي من الزلزال وغيره؛ فاستخراج الفلسطيني جوازًا أو وثيقة سفر أول مرة أمرٌ صعب حقيقةً، أما استخراجه «بدل فاقد» فيحتاج إلى معجزة، وأنا في ذلك لا أبالغ. كما أني لست بدعةً بين الفلسطينيين. لي صديقة تحتفظ عائلتها كلها بجوازات السفر في خزنة في البنك حالَ الحِلّ، أو في «حارص» بين الثياب لا يتحركون دونه حالَ السفر؛ والحارص حقيبة قماشية صغيرة تُلبَس تحت الثياب دون أن يظهر منها شيء. وذلك لأن فقدان الجواز عندما تكون أجنبيًا في بلد تسكنها يعني أن تتوقف جلّ معاملاتك الرسمية إن لم يكن كلها، ولك أن تتخيل ذلك.

أما حرصي على باقي أوراقي الرسمية وشهاداتي فذلك لأنّها مستخرجة من ثلاث دول لا إقامة لي سوى في إحداها، واستخراجها مرةً أخرى شاق إن لم يكن مستحيلًا.

بعد الزلزال كانت تلك الحقيبة القديمة هي واحدة من الحقائب التي خرجنا بها، ولزوجي واحدة مثلها. ولكن شعرنا بعد خروجنا بضرورة ترتيب هاتين الحقيبتين في واحدة مشتركة؛ فمنذ زواجنا ونحن نريد إعادة تنظيم الورق وتصنيفه، وإضافة ملف مشترك - ينصح به للمتزوجين - يضم الأوراق المشتركة، وملاحظات تسمح لكل منا الوصول إلى الحسابات المختلفة للآخر حال الحاجة أو حتى تدله على بعض التفاصيل والمعلومات. وكذلك تنبَّهنا إلى أننا لم نفكر في أخذ أي مقتنيات ثمينة، وهو ما قررنا إضافته إلى الحقيبة الجديدة.

في يوم السبت الماضي خرجنا من البيت بعد الزلزال بربع ساعة تقريبًا نحمل ثلاث حقائب؛ في حقيبة حملنا قطتنا، وفي حقيبتين يحمل كل منا حياته مُتمثلةً في تلك الأوراق. كانت الشوارع مليئة بالناس التي سبقتنا إلى الخروج أو لمّا تزل تخرج بعدنا، أتأملهم وهم يحملون حيواناتهم الأليفة وأطفالهم وهواتفهم بأيديهم. لم أرَ أحدًا منهم حزم حياته في حقيبة. فمن يسكن وطنه يخيفه الزلزال أكثر من ضياع جوازه، في حين يجسد هذا الاحتمال واحدًا من أكبر مخاوف حياتي.


شؤونٌ صغيرة

في إحدى زياراتي لمنزل أهلي، وبعد جَفاء طويل بيني وبين قطّتنا، اقتربت مني ونامت في حضني وهي «تخرخر» بعد أن أمِنَت أنَّ ابنتي -الطرف الثالث في علاقتنا- ليست في الجوار. لحظتها، خطرت على بالي كلمات نزار قباني: 

«شؤونٌ صغيرة، تمر بها أنت دون التفات، تساوي لديَّ حياتي.. جميع حياتي».

ونظرت بامتنان إلى هذه اللحظة التي اعتبرتها مكافأةً ليومي. لكنني في الوقت نفسه تساءلت عن عدد اللحظات المشابهة التي مررت بها دون التفات، والتي كانت تستحق التفاتًا وربما أكثر.

إشارات المرور التي تتوالى بضوئها الأخضر دون توقُّف في صدفة غريبة (خاصة حين أكون على عجلة للّحاق بموعد ما)، وجبة لذيذة أطبخها وترضي شعوري وذائقة من حولي، حضنٌ مفاجئ من ابنتي وأنا أصلّي، والكثير غيرها من اللحظات التي لم أستشعرها في حينها بقدر ما استشعرتها في وقت لاحق، أهدأ وأصفى.

لطالما سمعت وقرأت كثيرًا عن تمارين الامتنان، لكنني لم أنجذب إلى تجربتها يومًا بسبب سياقاتها المبتذلة غالبًا، والمبالغة في تقديسها وكأنها الحل السحريّ للعيش في حياة وردية. 

لكن، وبعد كثير من اللحظات التي خطرت على بالي ذاك اليوم، والتي كانت تستحق استشعارًا أعلى وأعمق، أدركت أن ثمة حلقة مفقودة في المنتصف بين الامتنان بصورته المبالغ بها وإغفال أعيننا عنه.

وإيقاظ هذه الحاسة يتطلَّب تمارين متزنة لكي تبقى متيقّظة دومًا، ومستعدة لاستقبال كل كبيرة وصغيرة، وتشبع عواطفنا أكثر، وتهدّئ نفسنا المتذمِّرة كلما ضجرت. بل وتسلِّيها وتبني معها حبًّا أكثر، تمامًا مثلما أكمل نزار قصيدته: 

«حوادث قد لا تثير اهتمامك.. أعمّر منها قصور.. وأحيا عليها شهور.. وأغزل منها حكايا كثيرة.. وألف سماء.. وألف جزيرة.» 🐈

🧶إعداد

أريج المصطفى



نشرةأهاسفرزلازل
نشرة أها!
نشرة أها!
يومية، من الأحد إلى الخميس منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+80 متابع في آخر 7 أيام